أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - جورج منصور - المرأة الكردستانية.. ضحية المجتمع الذكوري والتقاليد البالية















المزيد.....

المرأة الكردستانية.. ضحية المجتمع الذكوري والتقاليد البالية


جورج منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4388 - 2014 / 3 / 9 - 18:28
المحور: ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
    


في اليوم العالمي للمرأة، في عيدها السنوي، وفي اليوم الذي تجري فيه الاحتفالات, على صعيد الإقليم والعراق والمنطقة والعالم, بيوم نضالها المجيد للخلاص من القيود التي فرضت عليها طيلة قرون، اليوم الذي يذكر شعوب العالم، وخاصة ذكوره، بالتضحيات الغالية والكبيرة التي قدمتها المرأة على طريق الخلاص من قيودها وفي سبيل حريتها وانعتاقها من رقبة التقاليد والعادات المجحفة ومن هيمنة الرجل على حياتها وحريتها وإرادتها، في هذا اليوم بالذات، في الثامن من أذار 2014، الذي يفترض أن يكون يوماً للبهجة والأفراح والمزيد من الحقوق المتساوية مع الرجل، استوقفني, وانا اقرأ اخبار العراق, خبرا منشورا في (أوان الاخبارية), مفاده, ان مديرية شرطة قضاء كلار التابع لمحافظة السليمانية, اعلنت هذا اليوم, ان إمرأة تعاني من مشاكل عائلية احرقت نفسها, ونقلت على اثرها الى مستشفى بالمحافظة. وجاء في الخبر, ان مديرة شرطة مناهضة العنف في قضاء كلار (لميعة محمد) اكدت, إن الضحية, التي تسكن في حي الشهداء بقضاء كلار, كانت قد اشتكت لدى الشرطة قبل ايام من معاملة قاسية لبعض اقاربها.
يحدث هذا, في الوقت الذي لعبت فيه المرأة الكردستانية ولم تزل, دورا مهما في النضال المتفاني الذي خاضه الشعب الكردي من اجل الانعتاق والوقوف بحزم ضد السياسات القاتلة والمقيتة التي كانت تمارسها الانظمة العراقية المتعاقبه بحقه. وتحملت الكثير من المصاعب والويلات, وفقدت الكثير من حقوقها وحريتها وارادتها, فدخلت المعتقلات والسجون وذاقت مرارة المنافي والتهجير القسري.
كما شاركت الرجل في المعارك ضد النظام الدكتاتوري, وتعرضت الى الحملات العسكرية والقصف الجوي, وساهمت في التظاهرات السلمية, وذاقت الكثير من الويلات في حملات الابادة الجماعية والهجرة والمجمعات القسرية وفرضت عليها الرقابة الامنية والعسكرية, وجرى التجاوز على حريتها وكرامتها على ايدي اعداء شرسين. واجبرت العيش في اوضاع قاسية وعانت الأمرين, في سبيل البقاء على قيد الحياة والنضال من اجل ابنائها واخوتها وكيان عائلتها ومجتمعها.
وبعد التخلص من النظام الدكتاتوري في بغداد, توفرت للمرأة الكردستانية ظروفا افضل للنهوض والمشاركة في الحياة العامة وفي المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني, واصبحت عضوا في مجلسي النواب العراقي والكردستاني وفي المؤسسات الحكومية ودوائر الدولة.
إلا ان هذا الدور الذي تلعبه المرأة الكردستانية لم يزل محدودا ولا يتناسق مع كونها تشكل الاكثرية في المجتمع الكردستاني, وتنوع إمكانياتها وتطور قدراتها خلال السنوات العشرين الاخيرة. وان دورها لا يتناغم مع اهمية إعادة التوازن بين الرجل والمرأة في المجتمع الكردستاني, لمحاولة التقليل من ذكورية المجتمع وخشونته تجاه المرأة. ولا ينسجم مع التطورات العاصفة الجارية في المجتمعات المتحضرة, ولا يتوافق مع العهد الدولي وشرعة ولوائح حقوق الانسان الاقليمية والدولية وتلك الخاصة بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل.
واليوم, وبعد التطورات الكبيرة التي شهدها الاقليم والتي تستحوذ على اهتمام العالم والرأي العام الاقليمي والدولي, تشكل ظاهرة قتل النساء, تحت اعذار واهية ومسميات متخلفة "غسل العار", إساءة كبيرة لسمعة المجتمع الكردستاني, الذي يسعى لبناء حياة مدنية جديدة ويمارس الديمقراطية, سواء أكان لدى المجتمع الدولي أم الرأي العام العالمي.
وعلى الرغم من إدانة المسؤولين في الإقليم لهذه الظاهرة واتخاذهم إجراءات عديدة للحد منها, إلا ان هذه الظاهرة التي تنم عن الجهل وغياب الوعي ما تزال ظاهرة للعيان. وهي في المحصلة النهائية تعبير عن تخلف حقيقي لدى الرجال الذين يمارسونها عمدا وبدم بارد, وتعبير واقعي عن مجتمع ذكوري يفرض القواعد والتقاليد والمعايير التي يريدها.
كما ان هذه الظاهرة تجسد ضعف الوعي بحقوق الانسان, بإعتبار ان اي قضية من هذا النوع يفترض ان يحكم بها القضاء بعيدا عن الانتقام الشخصي من المرأة بحجة غسل العار. فغالبا ما تكون الضحية بعيدة عن الاتهامات الموجهة اليها في مجتمع يصدق الشائعة والاتهامات المغرضة على ارضية بالية وتقاليد إجتماعية متخلفة وغيرة مفتعلة ومدانة من كل الاديان والشرائع السماوية.
إن هذه الظاهرة البعيدة تماما عن الاعراف والقيم والمفاهيم الانسانية, تسيء لمكانة الاقليم في المحافل الاقليمية والدولية وتلحق الاضرار به وتعيق الجهود الرامية الى إنعاش الوضع الديمقراطي وبناء المؤسسات المدنية, وتعتبر تدخلا سافرا في شؤون القضاء والحد من صلاحياته والإساءة الى سمعته.
كما برزت الى السطح في السنوات الاخيرة ظاهرة مرتبطة هي الاخرى, بعمليات القتل بذريعة "غسل العار", وهي ظاهرة انتحار شابات بعمر الورود, خشية من القتل المتعمد احيانا, او من التعذيب على يد احد افراد العائلة, بسبب إشاعة أو وشاية غير مؤكدة أو لإرتباط الفتاة بعلاقة مع شاب معين بدون علم العائلة او موافقتها مثلا.
وتتعدد الدوافع وراء اقتراف مثل هذه الجرائم, منها قلة الوعي وغياب التنوير الديني والاجتماعي وعدم الإلمام بالمشكلات الاجتماعية أو لعدم وجود رادع شديد مؤثر يواجهه القاتل لمجرد الشكوك أو الاقاويل المغرضة. إضافة الى النظرة الدونية التي ما تزال تغلف عقول بعض الرجال وتتحكم بمخيلتهم, وعدم اكتراثهم بالسلطات القضائية والقوانين المرعية, والاستفادة من سلطاتهم ونفوذهم وعلاقاتهم الشخصية للتخلص من المحاسبة والعقاب.
وفي الوقت الذي تتحمل حكومة الاقليم المسؤولية الاولى في الحد من هذه الظواهر, وقد اصدرت القوانين الرادعة بهذا الخصوص, وشكلت لجنة عليا لمناهضة العنف ضد المرأة, ومجلسا أعلى للمرأة, وكان البرلمان الكردستاني قد اصدر القانون رقم 8 لسنة 2011 للحد من العنف الاسري, واهتمت كذلك بتحسين المناهج الدراسية, إلا ان مسؤولية تنشئة الاجيال على مبادئ واسس المجتمع المدني تقع ايضا على عاتق المؤسسات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والطليعة المثقفة, من خلال نشر الوعي المدني والحقوقي. كما يتطلب من المؤسسات الدينية ان تلعب دورا إيجابيا ومسؤولا في عملية التنوير الديني والاجتماعي.
لقد تركت الظروف الشاذة وعقود الدكتاتورية والسياسات القمعية واستخدام القسوة وحملات الانفال ومآسي حلبجة والهجرة والتهجير القسري, بصماتها الثقيلة على المجتمع الكردستاني, وشوهت الكثير من القيم الانسانية النبيلة. إلا ان الانفتاح على المرأة سياسيا واجتماعيا وثقافيا وتحفيزها للدخول في معترك الحياة السياسية والعمل في الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني, وتعزيز دور المنظمات النسوية والشبابية, سيكون له الاثر الواضح في رفع الوعي الاجتماعي والحد من الظواهر القاتلة في مجتمع يسعى نحو آفاق ارحب واجمل.
لقد علمتنا التجارب, ان التقاليد والعادات والاعراف الاجتماعية البالية لا تختفي بسرعة من حياة المجتمع, لكن التخطيط الصحيح وإتخاذ الاساليب الواقعية والحازمة والاصرار على معالجتها ومشاركة منظمات المجتمع المدني الفعالة هي المدخل الانجع للحد منها وإنهائها.



#جورج_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقوق الاجتماعية والدينية لأتباع الديانات والمذاهب في العرا ...
- جهد أكاديمي وبحثي كبير للدكتور كاظم حبيب
- تحية الى الدكتور كاظم حبيب في عيد ميلاده الخامس والسبعين
- لمحات من عراق القرن العشرين
- دور منظمات المجتمع المدني في العملية الانتخابية
- مستلزمات النهوض بحركة منظمات المجتمع المدني
- منظمات المجتمع المدني وأهمية التمويل الحكومي والدولي لنشاطات ...
- العلمانية واحدة من أهم خصائص المجتمع المدني الديمقراطي الحدي ...
- المبادئ الأساسية لأي مصالحة وطنية في العراق
- أهمية منح -جائزة التمدن- لمنظمات وشخصيات في إقليم كردستان؟
- تعددية المنظمات والمجتمع المدني
- المجتمع المدني ومبدأ الحوار
- ألمرأة الكردستانية.. نضال متفان من اجل التحرر..
- القتل -غسلا للعار- هو العار نفسه!
- ألمجتمع المدني وحقوق القوميات في العراق
- أهمية استحداث وزارة للمجتمع المدني في حكومة الاقليم؟
- وحدتنا ضمانة للمشاركة الفعالة في تعزيز فيدرالية كردستان العر ...
- تهنئة الى الرئيس العراقي الاستاذ الفاضل جلال الطالباني
- صدام حسين و موسوعة ألعذاب
- كندا ألعاصية على ألعراقيين


المزيد.....




- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...


المزيد.....

- العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا / وسام جلاحج
- المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما ... / محمد كريزم
- العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا ... / فاطمة الفلاحي
- نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟ / مصطفى حقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف - جورج منصور - المرأة الكردستانية.. ضحية المجتمع الذكوري والتقاليد البالية