المرأة من منظور فلسفي (ابن رشد - Averoès)

اغلالو ياسين

الحوار المتمدن-العدد: 4387 - 2014 / 3 / 8 - 20:50
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

يشكل الثامن مارس من كل عام محطة سنوية للوقوف على حصيلة المكتسبات للنضال الفعال و المتواصل للمرأة داخل المنابر المجتمعية للشعوب عبر أنحاء العالم، حيث ترتفع الحناجر النسائية عبر المنابر الكونية مرددة شعارات تندد بالقرارات الحكومية. كما أن اليوم العالمي للمرأة يعد مناسبة للوقوف على الإنجازات النسائية، ولحظة مواتية لقياس حجم المجهودات التي بدلها النساء في التأكيد على مطالبهن المشروعة والدفع في اتجاه رفع الضرر والحيف المضروب عليهن بمختلف بقاع العالم. ويمكن اعتبار اليوم العالمي للمرأة مناسبة لتوحيد كلمتهن، خاصة وأن فئات واسعة من النساء على امتداد مساحة الكرة الأرضية يعيشنا تحت سياط العنف والضرب والاغتصاب والتشويه والاعتداءات المختلفة التي تطال الجانب النفسي منها والجسدي.
بهذه المناسبة وقع الاختيارعلى الفيلسوف والفقيه العربي ابن رشد، الذي دافع عن حقوق المرأة المشروعة والعقلانية ورصد لنا وضعية المرأة في عصره، إذ النساء والرجال نوع واحد في الغاية الإنسانية كما يقول فيلسوفنا، لكنه تم حرمان المرأة من تنمية كفاياتها، لتشترك مع الرجل في الأعمال الإنسانية التي بقيت حكرا عليه وحده. إذ يقول: "وإنما زالت كفاية النساء في مدن زمننا لأنهن اتخذن للنسل دون غيره وللقيام بأزواجهن، وكذا الإنجاب والرضاعة والتربية، فكان ذالك مبطلا لأفعالهن الأخرى". لم يقل لنا ابن رشد ان المرأة ناقصة دين وعقل، بل نظرتنا الاختزالية إلى المرأة عموما والشرقية خصوصا منعها من تنمية كفاياتها لتتقلد المناصب وتشارك في الأعمال الإنسانية. تحيا المرأة العربية هذا الوضع في وقت يعالج خلاله ابن رشد على لسان أفلاطون مسألة: ما إذا كان من الواجب أن تشارك النساء الرجال في حفظ المدينة وتدبيرها، فيكون منهن جنديات ومسيرات ورئيسات. ليبدي رأيه قائلا: "إن النساء من جهة أنهن والرجال نوع واحد في الغاية الإنسانية فإنهن بالضرورة يشتركن وإياهم في الأفعال الإنسانية...فمن البين إذن ان النساء يقمن في هذه المدينة بالأعمال نفسها التي يقوم بها الرجال، إلا أنه بما أنهن أضعف منهم فقد ينبغي أن يكلفن من الأعمال بأقلها مشقة". بين من هذا القول ومن الناحية "المبدئية" كما يقول الجابري، يجب ألا نكثر الحديث والنقاش ونستمر في إسالة المداد حول دور المرأة، بل يجب القطع مع التصور الكلاسيكي للنساء واختزال أدوارهن وفتح الباب أمامهن، والاعتراف بجدارتهن وأهميتهن في تقدم المجتمع . وها هو ابن رشد يؤكد على قدرة المرأة وأحقيتها في تسيير وتدبير المدينة، وتكليفها بالأعمال الأقل مشقة في زمنه، لكن اليوم مع الثورة التكنولوجية أصبحت الأعمال الشاقة من نصيب الآلة، لهذا يجب القطع مع أي تمييز تجاه المرأة والاعتراف بأحقيتها في تدبير الحياة على المستوى العالمي. وهذا ما أكده ابن رشد حينما كتب يقول : "إننا نرى نساء يشاركن الرجال في الصنائع، إلا أنهن في هذا أقل منهم قوة، وإن كان معظم النساء أشد حذقا من الرجال في بعض الصنائع...وأما إشتراكهن في صناعة الحرب وغيرها فذالك بين من حال ساكني البراري وأهل الثغور. ومثل هذا ما جبلت عليه بعض النساء من الذكاء وحسن الاستعداد، فلا يمتنع أن يكون لذلك بينهن حكيمات أو صاحبات رياسة". لقد كان موقف ابن رشد فقيه قرطبة واضحا من قضية المرأة بصفة عامة، ويرفعها الى جانب الرجل في كل شيئ. وأحيانا يرفعها عليه كما يرتفع الرجل عليها في القيام ببعض الأشياء، امام هذا الموقف العلمي الطلائعي والعادل لفيلسوف قرطبة، يظهر انه لا نهضة ولا تحديث عربي إسلامي إلا برفع المرأة وإعطاء النساء موقعهن الأصلي داخل المجتمع وتدبيره الى جانب الرجل. والقطع مع الممارسات والمواقف التي تساير التخلف والرجعية تجاه قضية المرأة، التي وللأسف تكرسها وتروج لها في زمننا هذا بعض الأطراف التي تنتسب وتدعي انها تنطق باسم الشرع، وهي عنه بعيدة. كما أننا ننبه الى بعض "النوابت" من النساء بوصفهن "ضحايا" واللواتي يقفن عائقا أمام تحرر المرأة، لمسايرتهن وتكريسهن للمواقف الرجعية.

#اغلالو_ياسين (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات