أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - مها الحجيلان - هل سنعود إلى عصر الظلام؟















المزيد.....

هل سنعود إلى عصر الظلام؟


مها الحجيلان

الحوار المتمدن-العدد: 1246 - 2005 / 7 / 2 - 11:14
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


لفتت انتباهي تصريحات مستشار الأمير عبد الله الأستاذ عادل الجبير في مؤتمره الفردي الأخير في الولايات المتحدة حول ما أصبح اسمه الآن بـ «أحداث الاثنين». لقد كان الجبير واضحاً في إظهار رأي الحكومة السعودية في عدم تعاطفها مع هؤلاء الإرهابين وأنّها سوف تردعهم بكل قوّة. وقد اتّسمت تعليقاته على الصحفيين بالدبلوماسية والواقعيّة، وكانت إجابته على سؤالٍ حول مغزى الإرهابيين من تفجيراتهم الأخيرة ذات دلالةٍ مُهمّة حيث قال «إنهم يريدون أن يعيدوننا إلى عصور الظلام .. ».



أتفق مع الأستاذ الجبير بأن المتطرفين يريدون و بشراسة كاسرة إعادتنا إلى دائرة مغلقة يسكنها الظلام كما أثبتت ذلك تفجيرات يوم الاثنين الحادي عشر من ربيع الأول. إنه من الواضح أنهم لايريدون للحضارة أن تُوجد، لأن من أهم شروط الحضارة التمازج الثقافي بين الشعوب والاستفادة من منجزات الحضارات الأخرى. إنّهم يريدون البقاء لوحدهم دون سواهم في رقعة محدودة من الأرض، ولو كانت الرقعة هي بيوتهم الخاصة فقط لهان الأمر ولكنّهم يريدون أن تكون كلُّ بلادنا حكراً عليهم.



ويبدو أن هدفهم في إعادتنا إلى عصور الظلام وجعلنا محاصرين في مكاننا قد حقّق بعض أهدافه، فبعد أحداث سبتمبر أصبح السعودي شخصاً غير مرغوب فيه في أمريكا وفي بعض البلدان الأوروبية الأخرى، وصار محل شك واتّهام لأنّ خمسة عشر إرهابياً من ضمن التسعة عشر الذين شاركوا في تفجيرات نيويورك وواشنطن هم سعوديون، كما أن أكثر من مائتين من سجناء غوانتنامو هم سعوديون، وأكثر عناصر الخلايا النائمة التي أُكتشفت في المغرب هم سعوديون؛ إضافة إلى أن بعض قواد الحركات الشيشانية هم سعوديون، كما أن هناك عدداً من السعوديين أصدروا بيانات وفتاوي تؤيد الإرهاب وتدعمه. ومن هنا فإن سُمعة السعودي لدى العالم قد ارتبطت بالإرهاب بشكل عام، وعلى الرغم من أن هذا هو تعميم غير صحيح إلا أنه وجد له مكانا على أرض الواقع. ونتيجة لذلك فقد وجد السعوديون في الغرب مضايقات كثيرة بسبب هذا الشعور لدى الآخرين، وربما احتاج الأمر إلى وقت طويل حتى يُثبت الفرد أنه لا يؤيد الإرهابيين.

ونتيجة لذلك فقد انخفض عدد السعوديين الذاهبين إلى أمريكا بنسبة 96% للأشهر الثلاثة الأولى بعد سبتمبر ثم صار 71% بعد ذلك، كما انخفض عدد السياح في الصيف الماضي إلى 90% نتيجة للتخوف من سوء المعاملة التي ستواجههم في المطارات ولدى الأجهزة الأمنية. وليس الأمر مقصوراً على أمريكا بل هناك دول أخرى كفرنسا وهولندا وبريطانيا واستراليا وألمانيا وبلجيكا والسويد وأسبانيا وإيطاليا وكذلك باكستان وغيرها من الدول التي صارت تتعامل مع السعوديين على أنهم مشبُوهين!



فعلى سبيل المثال، بعض العائلات السعودية في الغرب كانت معتادة على ارتداء الملابس التقليدية خصوصاً في المناسبات الدينية والاجتماعية ولكن الآن لا يجروء أحدٌ على ذلك دون التفكير بذلك مرتين!

ولاشك أن على السعودي أن يُفكر ملياً بقضاء عطلة الصيف في الولايات المتحدة لأنه في الغالب لن يجد استقبالا لطيفاً في المطار وربما كذلك من الناس.

ويمكن التمثيل على ما يجده السعودي من مضايقات وتُهم بانتمائه إلى الإرهاب -وهو بريء- بإحدى القصص التي تناقلتها بعض الصحف والمجلات العربية؛ وهي قصّة تاجر سعودي اسمه "أسامة" حضر إلى الولايات المتحدة مع عائلته بفيزا سياحية وشرع في المتاجرة في السيارات في واشنطن دي سي. مكث أسامة وعائلته فترة تجاوزت المدة المسموح بها بواسطة الفيزا السياحية. ولابد من الإشارة هنا إلى أن تجاوز المدة المفروضة لم يكن أمر ينتبه له الزائر للولايات المتحدة خصوصاً إن كان ذلك الزائر سعودي الجنسية، فهو في الماضي ممن كان على القائمة الخضراء.. قائمة الأصدقاء! ولكن أحداث سبتمبر أعادت صياغة العالم من جديد وفُرضت قوانين جديدة يمكن وصف بعضها بأنه «حازم بشكل يحدّ كثيراً من الحريّة». تم القبض على أسامة وسجنه هو و زوجته عدة أشهر وقام الجيران بتقاسم أطفالهما والعناية بهم أملاً أن يتم الإفراج عن أهلهم قريباً. مرّ أسامة وعائلته بظروف قاسية ومهينة في السجن قد يعود لاسمه فيها الشيء الكثير. بعد تلك المعاناة تم ترحيله وحينما وصل إلى مدينة جدة وقع على الأرض مغشياً عليه من الفرحة!

هذه القصة ربما تصف الواقع المؤلم لبعض السعوديين في الخارج. فلم نعد نشعر بتلك الحميميّة أو حتى ذلك الترحيب الذي عهدناه في السابق كوننا زواراً من ثقافة أخرى وبلد مختلف؛ لم نعد مُشوّقين بل صرنا مثيرين للخوف والشك!

مثل هذه القصص وغيرها من خبرات التفتيش في المطار و الاستجواب في مراكز الهجرة لا تشجع السعوديين على الخروج خارج الدائرة نحو التعرف على «الآخر»؛ لأنّ ما يعانيه السعوديون من تفرقة ضدّهم في معظم بلدان العالم تجعل فرصهم محدودة في السفر إلى الخارج والاختلاط بالثقافات الأخرى و تبادل المعرفة فيما بينهم و بين غيرهم.



للأسف الحال لا ينتهي هنا بل زاد فصلاً مُؤلماً آخرا بعد أحداث يوم الاثنين المفجعة. وأثبتت تلك الأحداث الدامية أن هناك إرهابيين حقيقيين يعيشون بيننا وليسوا مجرد متعاطفين مع ابن لادن وزمرته. إن الخروج أو ما يمكن وصفه بالهروب المُتسارع من قبل الأجانب (الغربيين بالذات) من الرياض بشكل خاص ومن السعودية بشكل عام بعد تلك الأحداث- يؤكد أننا نسير نحو العزلة. إن بقاءنا وحيدين لا يُساعد على فتح نافذة الاختلاط مع الآخر ولا التعرّف على المُختلف وما لديه من منجزات حضاريّة مفيدة. فلا نحن قادرون على الخروج إلى الغرب بيسر ولا هم يأتون هنا إلينا بطمأنينة.



أستطيع القول إنه أن استمر الحال على ما هو عليه فليس ثمّة مخرج من مصير أحادي يضعنا مباشرة في «عصور الظلام» الذي تحدث عنها السيد الجبير. ما يحصل الآن هو وصفةٌ مُتقنةٌ لتحضير العُزلة المُطبِقة على الشعب السعودي لكي ننطوي على أنفسنا وحينها لن نرى إلا انعكاساً لصورنا على ذاتها؛ وهذا من شأنه الإضرار بأحوالنا الثقافية والسياسية والاقتصادية بالتأكيد. وتجدر الإشارة إلى أنّ الأحادية ونبذ الآخر هي من أهم أسس الفكر المتطرف، الذي يتجاوز كراهية الآخر لدرجة الشروع في قتله.



وممّا يجدر ذكره أنّ محاربة الإرهاب ليست فقط من واجبات الدولة بل يجب علينا نحن المواطنون أن نعترف بأنّ لنا نصيباً كبيراً في المشاركة في هذه المعركة «المصيريّة». لا يمكن لفئة متطرفة قليلة لا تمثل العامّة تحديد مصير هذه العامة، ومن المؤكّد أنّ فرد الشارع العادي قادر على مُراقبة ذلك الشارع ومتابعة مشاكله ثم المُساهمة مع المسؤولين في علاج ما يطرأ من متغيرات غير سويّة؛ فالميزان لا يتوازن إلا بكفتيه وكما قال أرسطو «الدولة لا تقوم إلا بشعبها».



#مها_الحجيلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ساهم النظام النمطي للأسرة السعودية في صناعة الإرهاب؟


المزيد.....




- إيطاليا: اجتماع لمجموعة السبع يخيم عليه الصراع بالشرق الأوسط ...
- إيران ترد على ادعاءات ضلوعها بمقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- بغداد.. إحباط بيع طفلة من قبل والدتها مقابل 80 ألف دولار
- حريق ضخم يلتهم مجمعاً سكنياً في مانيلا ويشرد أكثر من 2000 عا ...
- جروح حواف الورق أكثر ألمًا من السكين.. والسبب؟
- الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 250 صاروخا على إسرائيل يوم ...
- اللحظات الأولى بعد تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL قرب مطار ا ...
- الشرطة الجورجية تغلق الشوارع المؤدية إلى البرلمان في تبليسي ...
- مسؤول طبي شمال غزة: مستشفى -كمال عدوان- محاصر منذ 40 يوم ونن ...
- إسرائيل تستولي على 52 ألف دونم بالضفة منذ بدء حرب غزة


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - مها الحجيلان - هل سنعود إلى عصر الظلام؟