|
إلى الخلف درْ
رائدة زقوت
الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 21:57
المحور:
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
كنت قبل أيام أقرأ رواية ( ابنة الحظ ) للكاتبة " إيزابيل اللندي" - لمن لم يقرأ الرِّواية - هي قصة فتاة من القرن الثامن عشر تخوض الكثير من المغامرات حتى تصل لمبتغاها، ليس هذا بالتأكيد ما أردت أن أشير إليه عبر هذا المقال، وليست قصة الفتاة هي ما تركز في ذهني أو ما سيطر على مشاعري وأنا أقرأها! كانت الصور التي تتحدث عنها الكاتبة ترتسم في ذهني متزامنة وبطريقة لا إرادية مع صورة المرأة في عصرنا، مقارنة بين المرأة العربية في عصر الانفتاح والتطور وصورة المرأة الغربية في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر، لن يجد أي قارئ صعوبة في التقاط الكثير من نقاط التطابق بين هذه وتلك رغم الفجوة الزمنية الهائلة، ورغم التطورات الكبيرة جداً التي طرأت على كل مناحي الحياة والتي اتخذت طابع الانتشار السريع ووصلت لمنطقتنا العربية بفعل العولمة. تركز الرواية على نظرة المجتمع للمرأة وكيف تعامل على أنها مخلوق بدرجة أقل كفاءة من الرجل من حيث المهام والمسؤوليات رغم أن بعض النساء في الرواية على قلة عددهن استطعن إثبات وجودهن لسبب أو لآخر وفرضن رؤيتهن للأمور وطرق إدارتها، رغم أن نسبة هؤلاء النسوة لم تكن لتتجاوز 5% أو أقل، تلك نسبة يكتشفها القارئ من خلال السرد. ثم يأتي شرف العائلة المناط – تحديدا – بالمرأة التي عليها أن تحافظ عليه عبر صون نفسها، والقبول بالزواج ممن تختاره العائلة، ويكون في الغالب من عائلة عريقة، ومقتدراً مالياً ليتوافق مع مستوى عائلة الفتاة، ولا حاجة لرأي الفتاة أو ما تريده هي من الزواج، رغم أن الرجال دون استثناء كانوا يلهثون تباعاً خلف العاهرات وبيوت الدعارة التي حظيت بغير قليل من السرد، حتى أنها كانت تنشأ بالتزامن مع إنشاء القرى والمدن، وخاصة في الفترة التي نشأت وظهرت للعلن بعض الولايات الأمريكية. هذه النقطة تحديداً أو هذا التطابق لا يحتاج لخبير ليعرف أننا ما زلنا نعيش تفاصيله يومياً، وأن المرأة العربية ما زالت سر شرف العائلات وعلى عاتقها وحدها تقع مسؤولية حفظ هذا الشرف دون التفات لما يقوم به رجال العائلة دون حسيب أو رقيب على سلوكهم، وخاصة إذا انتفى عنصر الرقيب الداخلي، حيث يصبح الذكر الحاكم بأمره المسيطر! والمتتبع لمسار المرأة والانحطاط الذي باتت تعامل به في ظل " ربيع " غائم مأزوم يكتشف أنها أصبحت تعيد إنتاج بيوت الدعارة يحركها رجل يدعي الأخلاق والمروءة ليتكسب حتى لو اضطر للادعاء بأنه يطبق شريعة ما أو خدمة جليلة لأطراف النزاع، وحتى لا يذهب الظن بأحد إلى أنني أتقصد أحداً بعينه، أشمل جميع أطراف النزاع ممن ثاروا أو ممن هم في سدة الحكم وعليهم حفظ حقوق الرعية! ثم نأتي على الطبقية والعائلات النبيلة التي تساهم المرأة في ترسيخ تطبيقها قبل أن يطبقها الرجل للأسف الشديد، (البرستيج العائلي) واختلاط الأنساب للحفاظ على طبقية بغيضة ما زالت تمد رأسها لنا من كل حدب وصوب، ما أن نمخر عباب تلك الطبقة أو نتابع أخبارهم عبر وسائل الإعلام المنتشرة الآن والتي تتبرع مشكورة بكشف مدى طبقيتنا! زواج فلانة الفلاني ابنة فلان الفلاني للسيد فلان الفلاني نجل فلان الفلاني، ولك أن تضع الأسماء التي ترغب بها والتي تظهر تمترسنا خلف زواج المال والشهرة بصورة تتطابق تماماً مع تلك التي كانت تحدث في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر! لنكتشف أننا بتنا تدريجياً نتحول لمجتمعات من طبقتين لا ثالث لهما خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها معظم الدول العربية إن استثنينا دول النفط وإن لم تختلف كثيراً عن باقي الدول العربية من حيث الطبقية. ما حدث أن المرأة هناك في زمن " ابنة الحظ " بدأت تأخذ وضعها وتسير في خطى واثقة صوب انتزاع حقوقها بكل عزم وتصميم، لا تقبل أن تتقاعس أو أن تردها النساء الخانعات المستكينات عن هدفها المنشود صوب إنسانيتها. والمرأة العربية التي طمحت وحلمت وشاركت بكل قوتها في دعم الرجل العربي للخروج من الاضطهاد والمطالبة بحقوقهم المسلوبة في وطن عربي تتحول الدولة فيه لأملاك شخصية للحكام، ما أن تغيرت الحكومات حتى جاءت جماعات ممن تسلقوا على ظهور الشعوب الثائرة ليعيدوا عقارب الساعة للقرن الخامس عشر في دفع جديد لمفهوم (إلى الخلف در)!!
#رائدة_زقوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شرعنة الحرام
-
انحدار
-
رأس العصفورة
-
هل سنشهد تناغم ثالوثي للنكوص ؟؟
-
بين زمن ولادة بنت المستكفي وزمننا : دعوة للتأمل
-
مسافة سفر / قصة قصيرة
-
اللفافة السوداء
-
البلهاء
-
مُعقد ....قصة قصيرة
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
دراسة نقدية لمسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي بالمغرب
...
/ أحمد الخراز
المزيد.....
|