أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - زين اليوسف - فيلم ظل الضمير -التحرش الجنسي في اليمن-















المزيد.....

فيلم ظل الضمير -التحرش الجنسي في اليمن-


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4386 - 2014 / 3 / 7 - 11:49
المحور: مقابلات و حوارات
    


أن تتحدث عن التحرش الجنسي في اليمن هو أمرٌ ليس بالسهل خاصةً إذا كانت المتحدثة فتاة يمنية..فحينها سيبدأ موسم توزيع التُهم..فمن اتهامها بالمبالغة في رصد تلك الظاهرة إلى التشكيك في نوايا الشخص المتحدث يظل المجتمع يمارس الذهاب و الإياب دون توقفٍ حقيقي حتى و لو كان ذلك التوقف لمجرد الاعتراف بوجود المشكلة قبل أن يأتينا الاعتراف بها من الخارج!!.

ففي الشهر الماضي قام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لحقوق الإنسان في اليمن بالإعلان عن نتيجة مسابقته للأفلام الوثائقية القصيرة لأفضل الأفلام التي تتحدث عن حقوق الإنسان في اليمن..الأفلام الثلاثة الفائزة ناقشت قضايا جريئةً جداً و هي التحرش الجنسي في اليمن و التعذيب و الإخفاء القسري في السجون اليمنية و حياة المهمشين في اليمن.

فيلم "ظل الضمير" الفيلم الفائز بالمركز الأول في المسابقة كان موضوعه عن واقع التحرش الجنسي الذي يُمارس ضد المرأة في المجتمع اليمني..تلك القضية التي ما زالت تعاني من تجاهلٍ إعلامي اجتماعي و قانوني بالرغم من الإحصائيات التي تنذر بكارثةٍ قد تتطور إلى ما هو أسوء كالاغتصاب -و الذي بدأ في الظهور كظاهرةٍ وليدة تتحسس خُطاها- في حالة تجاهل المُشرع لها..المخرجة عبير سلاَّم و من خلال فيلمها و الذي تبلغ مدته أقل من 10 دقائق لخصت العديد من الأمور..فأظهرت المعاناة النفسية التي تعاني في ظل وجودها الضحية كما أظهرت واقعاً مغايراً يثير السخرية يعيش في ظله المتحرش في ظل غياب قانونٍ جنائي و حتى قانونٍ أخلاقي و إلهي يحفظ للمرأة كرامتها الإنسانية في المجتمع اليمني.

و مع عبير كان الحوار التالي...

-عبير سأبدأ من التكريم..حدثيني عن التكريم و ماذا يعني لك؟؟
التكريم عنى لي الكثير بل و أعتبره من أفضل الأمور التي حدثت لي بعد أن كنت قد إقتربت من مرحلة التخلي عن فكرة مواصلة العمل في مجال الأفلام لأسباب عديدة -لا مجال لذكرها هنا- تتسبب بإحباط أي مخرجةٍ شابة..و لكن التكريم من قبل الأمم المتحدة و احتلالي للمرتبة الأولى في مسابقةٍ تنافس فيها العديد من الأفلام يجعلني أشعر بالفخر لما قدمته بالرغم من عدم توقعي نيل تلك المرتبة.

-ما أكثر عبارة أو فكرة دارت في خاطرك أثناء التكريم؟؟
خلال التكريم قلت لنفسي جملة واحدة "هذه هي البداية..بداية الطريق نحو بوابة النجاح".

-هل كنت خائفة من ردة فعل الآخرين تجاه موضوع فيلمك خاصةً و أنه كلما تحدثت إحداهن عن ظاهرة التحرش وجهت لها التهم المعروفة و هي محاولة تشويه صورة ذكور اليمن أو المبالغة في حجم الظاهرة؟؟
في الحقيقة ردة الفعل كنت أعرفها مسبقاً بل كنت أجدها ترتسم بوضوح في وجه كل من سألني عن موضوع فيلمي..تلك الملامح التي تتراوح بين عدم الرضا عن موضوع الفيلم أو الدهشة أو ممارسة ثقافة "العيب" تجاهي و التي تُحرم على الفتاة التحدث في مثل هذه المواضيع بشكلٍ علني..و لكن في الجهة المقابلة كان هناك أشخاص ردة فعلهم طبيعية بل و مشجعة و هم من الفئة المثقفة و لن أكتفي بالقول المتعلمة..فهم يدركون حجم المشكلة و مدى انتشارها في المجتمع اليمني.

-يعتبر الحديث عن التحرش من الأمور التي يرفض المجتمع اليمني حتى التلميح لوجودها في محيطه فلماذا اخترتِ بالذات هذا الموضوع الذي لن يتجاوب الكثيرون معه لرفضهم أساساً الاعتراف بوجوده؟؟
كناشطة اجتماعية إن لم أستطع أن أتحدث عن قضية مهمة و خطيرة مثل قضية التحرش التي تتعرض له الكثير من الفتيات في بلادنا فسأشعر بعبثية وجودي..القضية حساسة و مهمة و ليست محاولة مني للبحث عن الشهرة و التي كان بإمكاني الحصول عليها بطرقٍ أكثر سهولة و بقضايا ربما تعتبر هامشية..أحب أن أكون مناصرة لحقوق المرأة بشكلٍ فاعل و حقيقي و ليس بترديد عبارات مللنا من سماعها كنساء..و لا يسعني أيضاً أن أنتظر أن تأتي الفتيات بأنفسهن للحديث عن ما يعانينه كوننا تربينا على ثقافة الصمت..لهذا بدأت بفسي و تحدثت لكسر حاجز الصمت الذي لم أكن أنا الأولى في محاولة كسره على أية حال فقد سبقني إلى ذلك الأمر ناشطات كثيرات..أنا أؤمن أنه إن لم أناصر أنا قضايايَّ الخاصة و أدافع عن نفسي كأنثى فلن يأتي رجل ليقوم بهذا الدور نيابةً عني..و إن اختلفت معي المرأة الآن سيأتي يوم و ستدرك أهمية ما فعلته و سأفعله لها و لي و لأطفالنا.

-هنا سأتوقف و سأسألك ما هو التحرش بالنسبة لعبير؟؟
التحرش ظاهرة مؤذية و مصطلح لا أطيقه و يثيرني شخصياً لأنه يمثل بالنسبة لي أقصى حدود امتهان المرأة في هذا المجتمع..و من المؤلم أننا أصبحنا نتعامل مع التحرش كأمرٍ اعتيادي!!..لهذا و من خلال فيلمي القصير أردت أن أحاول تسليط الضوء على تلك المشكلة لعلنا نبدأ جدياً في البحث عن حل لها من جذورها.

-عبير في الفيلم كان هناك 3 وجهات نظر أحب التوقف معها كلاً على حدة من حيث رؤيتك كمخرجة..أولى وجهات النظر تلك هي وجهة نظر الناشطة اليمنية غيداء العبسي التي اعتبرت التحرش جريمة و لكن في اليمن -كما أغلب الدول العربية- يُنظر للتحرش على أنه وسيلة للتقرب من الجنس الآخر فأنت كمخرجة أين تقفين من هاتين الفكرتين؟؟
التحرش ألم أعاني منه شخصياً بشكلٍ يومي و لكني بهذا الفيلم صنعت شيئاً قد يكون وسيلة تعبير بسيطة قمت من خلالها بتعرية المتحرش و مجابهة حججه و مبرراته..بالتأكيد أقف مع وجهة نظر الناشطة غيداء العبسي و التي أتفق معها على أن التحرش هو جريمة يجب أن يعاقب عليها القانون..فهناك فرق بين أن يتسبب شخص ما بإيذاء إنسانٍ آخر و بين أن تكون لديه الرغبة في التقرب منه بشكلٍ عاطفي أو حتى إنساني..الشخص عندما يرغب في التقرب من الآخرين يفعل ذلك دون أن تكون لديه رغبة بإيذائهم أو حتى خدشهم..فكيف لشخص يريد التقرب من شخص آخر أن يبدأ ذلك التقرب بإيذائه بطريقةٍ غايةٍ في البشاعة و فيها قدرٌ لا بأس به من الإجبار!!.

-هل تجدين -كما طرحتي في الفيلم- أننا أمام ظاهرة يجب أن نعتبرها من الأولويات لمناقشتها أم أننا أمام مشكلة لو تجاهلناها ستندثر مع الوقت؟؟
أولاً نحن أمام ظاهرة وليست مشكلة..لأن الظاهرة حجمها أكبر من المشكلة التي من الممكن أن تُحل بمرور الوقت..و هذه الظاهرة تعتبر من الأولويات لأن الشخص عندما يحصر تفكيره بالتحرش فقط فهو يهدر أكثر من نصف وقته في إيذاء الآخرين الذين بعكسه يريدون أن يستثمروا وقتهم في الإنتاج و العمل لبناء وطنهم..لهذا فقط عندما نتحدث عن التحرش و بقوة لربما يخجل البعض عندما تكون أصابع الاتهام موجهة إليهم عوضاً عن توجيهها للمرأة و التي بالرغم من أنها الضحية إلا أنها من يتلقى الاتهامات باختلاف أنواعها سواءاً تجاه طريقة لبسها أو حتى بسبب خروجها لأداء مهامها أو لاحتكاكها بالمجتمع و ممارستها لحياتها الاجتماعية..ظاهرة التحرش أصبحت سلوك يُغرس في الذكور منذ نعومة أظافرهم بل أصبح التحرش سلوك مرادف لكلمات مثل "الشطارة" و الرجولة..و لا أعتقد أنها ظاهرة ستندثر بسهولة لأنها أصبحت عادة تجري في دماء الكثيرين و الطبع غلب التطبع..لذلك هذه القضية تعتبر من الأولويات المهمة جداً لأنها تتحدث عن بناء الإنسان الذي إن كان بناءه مختلاً فبالتأكيد سيكون المجتمع مختلٌ كذلك أخلاقياً ثقافياً سياسياً و اقتصادياً.

-لماذا اخترت عبارة "ظل الضمير" كعنوان لفيلمك؟؟
إنه ظل ضمير كل متحرش..فهذا أنت أيها المتحرش و ذلك هو ضميرك ينعكس بظله و لن يظهر ظلك بشكلٍ جميلٍ أو حسن و لكنه سيكون ظلٌ بشع..لأن ظل ضميرك لن يظهر عكس ما يقوم به ضميرك المُحرض لك على أذية كل امرأة تجدها في طريقك.

-وجهة نظر مثيرة طرحها المتحرش في الفيلم و هي أن النقاب لا يحمي الأنثى من التحرش..فالمتحرش الذي تحدث في الفيلم قالها بكل صراحة أنه يفضل التحرش بالمنقبات أكثر من المحجبات لأنهن -حسب رأيه- أقل ثقةٍ بأنفسهن و ردة فعلهن بالتالي ستكون أضعف تجاه ردعه..هل تجدين أن وجهة النظر هذه قد تكون حقيقة لا ندركها؟؟
بالنسبة لي و بعد أن استمعت لوجهة نظر ذلك المتحرش في النساء المنقبات أرى أن النقاب جدار يحجب المرأة من أن تُبدي ردة فعلٍ قوية تجاه التحرش أو أي تصرفٍ ظالم لها..فالمنقبات في اليمن أغلبهن يرتدين النقاب لأن الأهل قاموا بإجبارهن على ذلك أو إتباعاً لعاداتٍ و تقاليد موروثة..فإذا كانت الأنثى لم تستطع رفض ارتداء النقاب فهذا يدل على سيطرة الذكور و ضعفها تجاه هذه السيطرة..و هذا الضعف هو ما يستغله المتحرش.

-لكن هكذا أنتِ تحكمين على كل منقبة أنها ضعيفة الشخصية و تشجع على التحرش بها متجاهلةً أن النقاب قد يكون خيارها الشخصي دون أي ضغوطٍ خارجية فهل هذا يعني أنها اختارت أن يتم التحرش بها؟؟
لست بحديثي هذا أحرض على نزع النقاب و لكني أتحدث من منظور علمي واقعي و إحصائي بحثي بحت..قلة من المنقبات هن كذلك عن قناعة أنا أتحدث عن المنقبات عن غير قناعة و اللواتي يُنفذن ما يُطلب منها دون تفكير أو مقاومة مما يصنع منهن كائناتٍ ضعيفة لا تستطيع أن تجابه المجتمع و لا المتحرش..المُنقبة دون قناعة هي من اختارت أن تكون كائن ضعيف لا يستطيع أن يبدي أي ردة فعل و أن أبدتها فستسلط عليها الأضواء و يُقال عنها أنها إنسانة غير خلوقة..هي اختارت أن تنجرف وراء الفكرة المجتمعية التي صُممت لها..هي اختارت أن تصمت و لذلك تحول التحرش من مشكلة إلى ظاهرة تقع هي و أمها و إبنتها و كل امرأة ضحيةً لها..أنا لا أبرر للمتحرش و لكني في ذات الوقت أدين صمت المرأة و ضعف شخصيتها.

-ضحية التحرش في الفيلم -و التي أجدها تتحدث نيابة عن 98% من فتيات صنعاء طبقاً للإحصائيات- تحدثت عن أن المجتمع أغلبه يقوم بالتبرير للمتحرش و لكن في ذات الوقت نحن نحيا في مجتمع متدين و أكثر ما يوجد به هو منابر المساجد فكيف نفسر ذلك التناقض بين التدين الظاهري و التبرير و التواطؤ الضمني من المجتمع لحماية المتحرش؟؟
في الواقع المجتمع اليمني متناقض جداً..فأنا فلا أرى المتدين يستمد أخلاقه من دينه الإسلامي هو فقط يُطلق على نفسه متدين فقط لأنه يصلي و يصوم و لكن فعلياً ليس هناك وجود أو تأثير للدين الإسلامي على الأخلاق و التي من المفترض أن نراها على أرض الواقع..و كما أسردت سلفاً الذكور في المجتمع اليمني تتم تربيتهم على أن الرجولة هي قهر من هو أضعف منك طالما أنه لا يستطيع أن يبدي أي مقاومة تجاهك..فأنت رجل و يمكنك أن تفعل ما تريد و عندما تفعله ستجد أن أغلب الذكور سيقفون بجانبك لأنهم مثلك ينظرون إلى المرأة نظرة دونية و لهم الحق في أن يفعلوا بها ما يريدون و لا يمكن لأي شخص أن يمنعهم..و الدين لن يحل المشكلة طالما أن هناك تكاتف و تعاون جماعي من قبل المجتمع مع المتحرش.

-المتحرش الذي تحدث في الفيلم متزوج و لكن هذا لم يمنعه من التحرش فهل نعتبر هذا المتحرش هو واقع موجود أم عينة نادرة و أن أغلبية المتحرشين هم من الشباب الغير متزوج و هنا نستطيع أن نمارس التبرير تجاههم و نقول أن من يتحرش يفعلها بسبب عدم قدرته على الزواج؟؟
في الحقيقة عندما بدأت الإعداد للفيلم قمت بمقابلة العديد من المتحرشين لأرى ما إذا كانوا سيقبلون الظهور في الفيلم..و أثناء مقابلتهم اتضح لي بأن جميعهم متزوجون و ليس ذلك فحسب بل أن لديهم أطفال..و هناك في ذات الوقت من هو عازب و لا يقوم بالتحرش..المسألة ليست مسألة تأخر سن الزواج و لكن طريقة التربية التي تصور لهم أن التحرش أمر طبيعي فجميع المتحرشين الذين قابلتهم كانوا يشتركون في النظرة الدونية للمرأة و تبريرهم للتحرش بها.

-عدة محاور أو لنقل عدة مبررات تم طرحها في الفيلم من قبل المتحرش..قلة الوازع الديني..تأخر سن الزواج بسبب غلاء المهور..لباس الفتاة..الواقع المحبط للشباب في اليمن و مبررات كثيرة غيرها و لكن التساؤل الذي أنتهى الفيلم و لم أحصل على إجابة عليه هو لماذا وجدت نوعاً من الاستماتة في خلق التبريرات للمتحرش بالإضافة إلى أن المتحرش يصر على أنه من حقه معاقبة الفتاة بسبب تلك المبررات؟؟
المتحرش يصر على أنه يحق له معاقبة الفتاة فقط لأنها كائن ضعيف لا يستطيع أن يبدي ردة فعل تجاه التحرش به..المتحرش يصر على معاقبتها لأنها بصمتها تظهر للآخرين موافقة ضمنية على التحرش بها..المتحرش لن يردعه الصمت لهذا نجد أن أكثر ما يملكه المتحرش هو المبررات التي جزءٌ كبيرٌ منها خلقه صمت المرأة..و لكن أيضاً للأسف في اللحظة التي تقرر فيها الضحية أن تُبدي ردة فعل تجاه التحرش الذي تتعرض له يعرضها ذلك للمزيد من التحرش..لأن المتحرش يكون على ثقةٍ تامة من أنه لا يوجد قانون أو حتى مجتمع سيقومان بحمايتها فلا يوجد ما يردعه بعيداً عنها فيمارس جريمته بكل أريحية.

-القانون بشكله الحالي لن يحمي النساء من التحرش فقيمة شرف الأنثى اليمنية -كما ذكرت ضحية التحرش في الفيلم- هو 1000 ريال يمني..فهل تجدين أن القانون يجب أن يتغير لعقوبة أشد أم أن العقوبة الجنائية لن تؤثر مهما كانت قاسية طالما أن هناك تكاتف مجتمعي مع المتحرش؟؟
هذه الظاهرة تحتاج إلى وقت لحلها و لن يتم ذلك الحل بين ليلةٍ و ضحاها..علينا في بادئ الأمر أن نحاول إيجاد قانون صارم يُجَّرم المتحرش..ثم الأمر الأصعب و هو أن تكون هناك توعية فعَّالة و أن تقوم منظمات المجتمع المدني و الناشطين بخلق توعية دائمة لزرع الوعي تجاه هذه الظاهرة لدى المرأة و إقناعها بأنها الضحية و توعية الرجل بأن هذا السلوك هو سلوك لا إنساني.

-أغلب المتحرشين يرددون أنه لو كان هناك قانون فهم سيتوقفون فوراً عن التحرش أي أنهم بمعنى آخر يتعاملون مع أنفسهم على أنهم حيوانات منفلتة غريزياً و يجب أن يكون هناك قانون بشري لكي يلجمهم..فهل القانون الجنائي وحده يكفي لكي نتمكن من الحد من تلك الجريمة أم أن القانون لا يكفي؟؟
من خلال مقابلتي مع المتحرش في الفيلم وجدت أنه يردد كثيراً أن الله ابتلاه بتلك "العادة" و هو كائن بلا حول و لا قوة و المرأة هي السبب فيما يقوم به..و هو هنا يعترف بأنه أصبح حيوان و يجب أن يكون هناك قانون صارم لكي يلجمه..و لكني لا أرى أن القانون لوحده سيكفي فيجب -كما ذكرت سابقاً- أن توجد توعية مجتمعية حول تبعات التحرش..فتوعية + قانون = نتيجة أفضل لمناهضة العنف ضد المرأة بشكلٍ عام و لمناهضة ظاهرة التحرش بشكلٍ خاص.

-المتحرش و الضحية تم تغيير أصواتهم و تمويه وجوههم و لكني سأفترض أن الجزء الأصعب كان هو إقناعهم بالكلام فهل واجهتك صعوبة في هذا الأمر؟؟..و لنبدأ بالمتحرش...
كانت مهمة صعبة بالفعل و لكن كان من السهل إقناع المتحرش بالحديث مع التمويه..بل أنه كان يتحدث بلا أدنى خجل و بمقدار كبير من الشعور بالرضى عن الذات و كأنه ينجز يومياً بتحرشه المستمر أمراً عظيماً..و المضحك في ذات الوقت أنه وافق أن يتحدث بعد أن أصر على التمويه..أي أن كل هذا الفخر لا شيء أمام أن يعرف الآخرون حقيقته التي فعلياً يشعر بالخجل منها.

-و الضحية؟؟
في الحقيقة الضحية تحدثت بكل قوة عن المعاناة التي تعانيها بشكلٍ يومي..لم أواجه حقيقةً أي صعوبة معها و لكن ما يؤلمني حقاً أن الضحية كان من المفترض أن تتحدث أمام الجميع عن ما تعانيه لتأخذ حقوقها كاملة لكن اضطررنا للتمويه لأننا في مجتمع يدين الضحية بذات مقدار الحماس الذي يظهره أثناء تشجيعه للمتحرش..أنا لا ألومها بل أقدر ذلك حتماً فاللوم سيقع عليها وحدها من قبل المجتمع و الأسرة.

-شخصية المتحرش متناقضة جداً لدرجة أنه أصبح عاجز حتى عن التبرير حتى لنفسه..في البداية قال أنه مرض و ابتلاء ثم قال لست بمريض المجتمع هو الذي يعاني من المرض..ثم عاد ليقول التحرش هو إشباع لرغبةٍ نفسية أحتاجها ثم أعترف بأن زوجته توفر له كل حقوقيه الزوجية و بشكلٍ كامل..ثم قال أنه سيقتل من يتحرش بأمه أو أخته ثم عاد و قال أنه يجد متعة غير طبيعية في التحرش و ملاحقة من تصده..أين الخلل النفسي في شخصية المتحرش بشكلٍ عام؟؟
المتحرش يبحث عن أي مبرر فقط ليواصل التحرش الذي هو فعلياً أصبح هدف لحياته..ذلك التناقض في كلام المتحرش ما هو إلا نتيجة طبيعية لقيامه بخلع قناعه و ارتدائه..فتارةً هو يرتدي قناع الرجل السوي الشهم ذو النخوة و تارةً أخرى يخلع ذلك القناع فيصبح الشخص الذي يحق له إذلال أي امرأة و أن يفعل بها كل ما يريد.

-عبير كونك أنثى هل ساعدك هذا في طرح القضية و فهم أبعادها أكثر أم أنك تجدين أنه لو كان المخرج رجلاً فأنه كان سيطرح تلك لقضية بشكل حيادي أكثر و لا أعني أنك لم تكوني محايدة و لكن لنقل عاطفية من وجهة نظر البعض؟؟
لست أعلم لو كان المخرج رجلاً هل كان سيستطيع أن يلمس ما بداخلنا أم لا..قضية التحرش مُغيبة تماماً و لم أسمع عن رجلٍ يتحدث عنها مدافعاً و مناصراً للمرأة..و لا ألومه كثيراً فلماذا سيناصرها طالما أنها لم تقم بذلك بنفسها!!..و لكني بالرغم من ذلك أجد نفسي استطعت أن أوصل بعض ما تعانيه الفتيات الصامتات لهذا أعتبر هذا الفيلم إهداء لكل فتاة لم تستطع أن تصرخ "كفى" لعله يشجعها على التحدث.

-عبير ما التالي؟؟..ما القضية أو القضايا التي تشعرين أن لديك رغبة شديدة لطرحها؟؟
هناك العديد من القضايا التي أود أن أتطرق إليها مستقبلاً..فقط أنتظر أن أحصل على الدعم المالي الكافي لأتمكن من مواصلة العمل في هذا المجال..لهذا سأدع القادم مفاجأةً لكم.

-عبير كلمة أخيرة؟؟
لا أستطيع أن أستوعب كيف أصبح المجتمع اليمني -و لن أعمم هنا بل أتحدث عن الأغلبية منه- بهذه الأخلاق و لا كيف أصبحت المرأة فيه تستجيب لتلك الدونية التي تُعامل بها بأفضل طريقةٍ علمها إياها هذا المجتمع و هي الصمت.

و هنا انتهى حواري مع المخرجة عبير سلاَّم و التي أجدها قدمت الكثير في فيلمها القصير..و لعل هذا الفيلم الذي قام من خلال مشاهده السريعة بتوثيق جزءٍ لا يُذكر من واقع ظاهرة التحرش في المجتمع اليمني يكون البداية لمنح الفتيات في اليمن الشجاعة لقول كلمة "كفى" للتحرش أو لإعلانهن عن ما يتعرضن له من عملية إبادة منظمة لكرامتهن الإنسانية..فأي جيل إنساني سينشأ في هذا المجتمع إذا كانت من ستقوم على تربيته هي أنثى فقدت شرفها و كرامتها مع أغلب ذكور اليمن!!.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فراس و الكلاب
- انفصال
- ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 3
- ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 2
- ملحد..شيعي..مِثلي بنكهة يمنية - 1
- طفلة زنا للبيع
- يمن جديد!!
- رغبةٌ و اشتهاء و بينهما نحن
- الأرباب الصِغار
- طفل البسكويت و طفل العامود
- إغتصاب هدى
- صور
- مَدِّد يا هادي و لا تُبالي
- شجرة بمنزلة نبيَّ
- رداد يمتهن النساء*
- الجمهور عايز كده
- و جُعلتَ لي مسجداً
- النوم على صدر الحُسين
- فتاة لليلة واحدة
- لهو رباني -قصة-


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - زين اليوسف - فيلم ظل الضمير -التحرش الجنسي في اليمن-