|
القرآنيون .. والوقوف في مفترق الطرق
صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 1246 - 2005 / 7 / 2 - 11:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يلفظهم الاسلاميون ، ويعدونهم خارجين عن الملة ، كفروا بدين محمد ، لانكارهم للسنة المحمدية - أحد جناحي العقيدة الاسلامية ، في رأي المذهب السني أكبر المذاهب ..، ويفصلون من وظائفهم ، خاصة الدينية ، مثلما حدث مع دكتور أحمد صبحي منصور – أحد الأساتذة بجامعة الأزهر - والذي فصل منها منذ سنوات .. ، ويلاحقونهم بقضايا الارتداد عن العقيدة والاساءة اليها والسعي لاحداث الفتنة مثلما طورد الدكتور منصور نفسه ..، حتي اضطر للرحيل عن مصر الي أمريكا حيث يعيش الآن...... ، ونجحوا في الزج ببعضهم في السجون ، مثل " أمين يوسف علي " - المدير بمحافظة القاهرة - بتهمة تزعم تنظيم القرآنيين بالمطرية بالقاهرة ، ومعه مجموعةأخري أبرزها " الشيخ علي المندوه السيسي " ، حيث حكم علي كل منهما بالسجن لمدة 3 سنوات والنفاذ ..علها قد انتهت في أكتوبر 2004 كما حكم علي باقي أفراد المجموعة بأحكام متفاوتة ، سنة سجن مع الايقاف ، ثم أعيدت المحاكمة لمن كانوا خارج السجن فحكم علي زوجة( أمين يوسف علي) بسنة مع النفاذ – بدلا من الحكم السابق – سنة مع الايقاف - .. .. ، هذا عن موقف الاسلاميين ورجال الأزهر والحكومة والقضاء من القرآنيين ...، أما موقف العلمانيين واليسار في مصر ، فهو يختلف عن ذلك , فالبعض يعدهم اسلاميين مستنيرين ، ويحتفون بهم وبمؤلفاتهم ، ويقربونهم ..، والتنويريون يعتبرونهم جناحا من أجنحة التنوير ، وان اعتبروا ما يقدمونه من فكر ودعوة تنويرا جزئيا لا بأس به ، وهو مفيد ، هام ، مطلوب ...، والبعض يظنهم تنويريين ينورون من داخل عباءة الظلام والاظلاميين ويمثلون الانتماء للظلام مجرد تمثيل بينما هم يسعون لتبديده بالنور ..! فتري : ما هي حقيقتهم ؟! وهل هم تنويريون حقا ومساهمون في عملية التنوير ؟! نرد علي ذلك من واقع اقترابنا من القرآنيين في الفترة التي التقيناهم فيها بالسجن السياسي بسجن مزرعة طرة بالقاهرة ، ومن ناحية أخري من معرفتنا بالدكتور أحمد صبحي منصور ، أشهر القرآنيين والأب الروحي لهم حسبما استنتجنا - وان كانت معرفتنا به كانت قصيرة وعابرة ..، الا أن " أمين يوسف علي " الذي زاملنا بالسجن كزعيم لتنظيم القرآ نيين بالمطرية , لانظنه بأقل تفقها في هذا الأمر من غيره ، اذ كان خطيبا يمارس الخطابة بمساجد وزارة الأوقاف ، كواحد من خطبائها المعتمدين ..
لقد اكتشفت بأنهم لا يمثلون تمسكهم بالقرآن ( وكنت أظنه مجرد تمثيل ) كركن ركين من أركان العقيدة بغرض التخلص من الركن الآخر الذي هو: السنة ... كلا ، وانما هم جادون ، وكل مافي الأمر أنهم يهدمون السنة التي لا يعترفون بها البته ، ويكادوا يأخذوا الهدم ليدشنوا به الركن الآخر الذي يعترفون به وحده وهو القرآن .. وهنا نود القول أن القرآن والسنة كلاهما يعضد الآخر سواء في الدفاع عن العقيدة أو عند الرغبة في النيل منها ..!!! ، فالجاد في اعتناقه للعقيدة الاسلامية وفي الدفاع عنها يفقد نفسه سندا هاما اذا أنكر السنة المحمدية ... وكذلك الراغب في النيل من العقيدة يفقد نفسه سندا قويا اضافيا علي الأقل ... ، اذا أنكر أهمية السنة واعتبر القرآن وحده كافيا.. ولعلنا سنبين ذلك أكثر فيما بعد... ثانيا : ان المعايب الكثيرة التي يستشهد بها القرآنيون لتفنيد السنة وتفريغها من محتواها ..، الكثير منها يستوقف المستمع اليهم أو القاريء لهم ..، ولكن الأكثر ليس كذلك ، وانما يبدو سطحيا ولا يقوم علي حجة حقيقية ... ، ثالثا : للوهلة الأولي وقبل الاستماع للقرآنيين يمكن لأي شخص متوسط الالمام بالقرآن الذ ي لا يعترف القرآنيون بغيره ، ان يستخرج لهم العديد من الآيات الواضحة والصريحة المؤكدة للسنة والدالة علي أنها مكمل للقرآن في التشريع ووضع أسس العقيدة مثل" وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ..الخ " والكلام كما نري واضح .. أي أن طاعة الرسول وما يقوله فرض اسلامي وليس وحسب طاعة ما جاء بالقرآن .. وانما أطيعوا الرسول أيضا فيما يقوله لكم وما يوصيكم به - طبعا بالاضافة لما جاء بالقرآن ، لأن ما جاء بالقرآن معروف - ويقول القرآن أيضا " ما أتاكم به الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " والكلام واضح ومفهوم جدا ، ومعناه أن مصدر التشريع وتعاليم العقيدة ليس وحسب بالقرآن وانما أيضا بما يقوله الرسول.. أي أن العقيدة لها جناحان وليس جناحا واحدا ، وبالاضافة الي أن هناك العديد من الآيات التي تؤكد نفس المعني بطريقة أو بأخري ، فهناك قول شهير لمحمد " ألا أنني قد أوتيت الكتاب ومثله معه " - أي الكتاب والسلوك والوصايا – الأحاديث - ...، ولكننا آثرنا الاستشهاد بأوضح الآيات التي لا تحتاج الي تأويل أو يلزمها تفسير من أحد ، ولا شأن لنا بالجدل السفسطائي والنقاشات البيزنطية والتبارير المسماة بالتفاسير والتي لا حصر لها ، وكأن الكلام الواضح والصريح هو مجرد حلم قابل لأن يفسره ألف شخص ، كل حسبما يري ، وتبقي اجتهادات تفسير الحلم سارية هكذا الي ما شاء الله ..وبالطبع فان القرآن قد أمر بالصلاة كفريضة.. ولكن كم عدد المرات في اليوم ؟! ، وماذا يقول الناس في الصلاة؟! وأشياء كثيرة متعلقة بالصلاة تحتاج الي تحديد وتفصيل لم يأت بالقرآن فمن ذا الذي يستوفيها ؟! الجواب طبعا: السنة .. والا فكل مسلم سوف يصلي وقتما يشاء وعدد المرات والركعات التي يشاء .!! وهذا طبعا كلام غير معقول .. اذن لابد من السنة .. ونفس الشي الذي ينطبق علي الصلاة ينطبق علي بقية أركان العقيدة ، لابد من السنة لتحدد حدود كل ركن وتشرحه وتوضحه .. .. هذا من حيث امكانية تفنيد دعاوي القرآنيين حول نبذ السنة واعتبار القرآن وحده دستور العقيدة الاسلامية ومصدر التشريع ، تفنيدا للوهلة الأولي وبدون الحاجة الي بذل جهد وبدون الحاجة الي قدر كبير من التفقه الاسلامي لدحض دعواهم ... ثم نعرج بعد ذلك الي شيء من الأمثلة مثل : ادعاؤهم بأن الصوم في شعبان وليس في شهر رمضان ... ، في الوقت الذي يوجد فيه نص قرآني صريح - وهم القرآنيون .. - بأن الصوم في شهر رمضان وليس شهر شعبان " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، ... فمن شهد منكم الشهر فليصمه " وحيث كنا نزامل أيضا غلاة المتشددين من الجماعات الاسلامية ومعظمهم محكوم عليه في جرائم قتل وعنف وارهاب ، ... ، وكان زميلنا السجين ( القرآني ) هذا يصر علي الافطار في شهر رمضان والصوم في شهر شعبان ، والسعي للجدل مع هؤلاء علي ما في ذلك من خطورة .. وداخل السجن !! .... ، وكذلك الحال بالنسبة لفريضة الحج .. حيث يعتبر القرآنيون أن الكعبة صنم والدوران حولها هو طقس من طقوس الوثنيين في الجاهلية ، وذاك من أهم ما استنكرته أجهزة الأمن ولامت عليه زعيم التنظيم الأستاذ : أمين يوسف ..، كثيرا ابان القبض عليه تمهيدا للمحاكمة - كما حكي لي بنفسه – في حين أن القرآن ينص ( وهم القرآنيون .. ) في أكثر من آية علي الحج وعلي الشعائر الخاصة به .." وحج بيت الله - الكعبة – لمن استطاع اليه سبيلا " ، وآيات أخري كثيرة تؤكد علي فريضة الحج اللهم الا اذا كنا سنقبل الدخول في لعبة التفسير والتأويل، تلك اللعبة التي لا تنتهي ، بينما الكتاب نفسه يقول عن نفسه أنه كتاب مبين ، أم أن كلمة مبين .. هي الأخري تحتاج الي تفسير ؟! ..... ومن هنا نري أن حجج القرآنيين هي ضعيفة وللوهلة الأولي ولا تحتاج الي فقهاء لتفنيدها ، ولا تقوي علي اقناع سوي البسطاء , وبالتحديد تلك النوعية من البسطاء الذين يتأثرون بكل حديث أيا كان ، مادام صاحبه لديه طلاقة ولباقة وثبات وثقة بالنفس (!) .. .. .. ، أما ما يقومون بتعريته من مساخر ومهازل ومخازي موجودة بالسيرة وبالتراث ، والسنة عموما فهم بلا شك علي حق فيه ، وجديرين بالاستماع اليهم فيه ولكن : سعيهم لحذف السنة والغائها ليس – وكما قلنا من قبل - ليس من صالح أتباع الاسلام والمدافعين عنه ولا من صالح المناوئين له ...! كيف ؟ : لأن القرآن الذي يعترف به فقط القرآنيون به الكثير والكثير مما اذا حدث خلاف فقهي حوله ، فلن يحسم الخلاف سوي السنة .. – الأحاديث ، السيرة ، الأثر – فالسنة قادرة علي تأكيد أو نفي ، وحسم ما يختلف حوله من القرآن .. اذن وجود السنة ضروري للا سلاميين .... ، وبالنسبة لمناوئي الاسلام ، وجود السنة أيضا لا يقل أهمية ، وان تهلل البعض وطرب مما يقوله القرآنيون ، ظنا منهم أن القرآنيين يعفونهم من مهمة تعرية وتفنيد واسقاط أحد جناحين لعقيدة يسعون لكشفها ، أو يساعدونهم في ذلك علي الأقل .. ولكن الحقيقة هي أن القرآن والسنة كلاهما عبء علي الآخر يساعد في كشفه وتعريته في نظر من يتفهمون ذلك ، بنفس القدر الذي يعتبر كل منهما سندا للآخر يثبته ويؤكده في نظر من يتفهمون ذلك ... وبالغاء السنة كما يطالب القرآنيون فان مناوئي الاسلام علمانيون ومفكرون تنويريون سوف يفقدون سندا لهم اذا جادلوا أحد الاسلاميين وناوشوه بشيء مما بالقرآن ، وما أكثر ما به ..، واستطاع ذاك الاسلامي ولاسيما ان كان فقيها ، أن " يملص " ، يبرر ، يناور ، يسوف ، ويفلت منه بدون أن يقدر العلماني - أو التنويري - علي احكام قبضته الجدلية عليه .. فانه سوف يدرك كيف أنه فقد السنة كحائط كان بامكانه أن يدفعه نحوه مؤكدا ومحددا ما جاء بالقرآن ، فلا يدع له مخرجا أو منفذا ينفذ منه .... وهكذا نري أن القرآنيين يقفون في مفترق الطرق حيث يتعرضون للاصطدام من كل الاتجاهات ... وهذا ما تعرض له الدكتور " منصور " من انتقاد مر من بعض رواد رواق مركز بن خلدون الذي كان يديره بنفسه في احدي الندوات ، كان من بين حضورها الفنان محمد نوح ، وهو فنان مثقف ، كما أبلغني صديق مشترك لنا – أنا والدكتور منصور - هو من المترددين علي ندوات الرواق .. ووجهوا للدكتور" صبحي منصور" هذا الاتهام : " الوقوف في مفترق الطرق " ، وبتشبيه شعبي مصري طريف.. ، يعطي نفس المعني ... صلاح الدين محسن
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حريات لا يحميها القانون المصري
-
نداء الي كتاب العالم المحبين للسلام
-
كيف يكون الاصلاح .. بدون دماء ، بدون د مار ؟؟
-
رأيت حلم - نزار قباني - الذي لم يتحقق
-
رد علي مقال الأستاذ: أحمد الخميسي
-
لا أحب البيعة
-
عمر بن الخطاب يزور - جوانتانامو -
-
مطلوب تمثال ل: شميرام – البطلة العراقية الشهيدة
المزيد.....
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|