|
الكبرياء تليق برجل
بشرى الهلالي
الحوار المتمدن-العدد: 4383 - 2014 / 3 / 4 - 19:58
المحور:
الادب والفن
- لا تدعني وحدي... أشعر بالخوف - اعطيتك حبة منوم.. ستنامين بهدوء
...بعيون مجهدة ومشاعر تتأرجح بين الحقيقة والخيال، كانت تراقبه وهو يلملم أطراف الغطاء حول جسدها برقة.. طالما راقت لها أصابعه، رقيقة كأثنى، حميمة كحضن أب، كانت تشعر بأنها تملك العالم عندما تسافر أصابعها في تضاريس يده، تستمتع بالتجول بين أصابعه كطفل يعبث بكف أمه لحظة الرضاعة، تعشقه وهو يزيل خصلة عن وجهها أو يلامس خدها فتتدفق في مسامات جسدها ينابيع حب.. رسائل كان يبعثها قلبه العاشق. هما ذات اليدين اللتان تركتا آثارا موجعة على جسدها قبل ساعات، كيف يمكن للعاشق أن يكون جلادا؟ - هل تحتاجين شيئا آخر، سأكون في الصالة في حالة شعرت بالتعب. - أحتاج للحديث معك - أنت متعبة، والحديث سيفتح مواضع الجرح. - تعلم إني لاأحب التفاصيل.. ولا أطيق العتب والحوار عندما تكون الرؤية واضحة.. لاشئ يستحق - بعض الأشياء تستحق.. أنا أستحق - وهل أسأت إليك الى هذا الحد؟ - تعلمين ذلك.. تجاوزت حدودك - أنت من بدأ.. كان دفاعا غبيا عن النفس.. عاقبتني بقسوة - لا يكفي.. شئ ما تحطم في داخلي.. - اعتذرت أكثر من مرة.. كانت كلمات.. مجرد كلمات لم أقصدها - الكلمة كالرصاصة .. لايمكن استرداها.. ألست من قال لي هذا مرة - رصاصة طائشة.. ليس شرطا أن تصيب - بعضها يقتل دون قصد
...هل هو نفس الرجل الذي أحببت؟ وجهه يحمل نفس الملامح لكن جبلا جليديا يحجب الهواء عن مساماتها فيستحيل وجهه غريبا... هو يعلم إن قنوات التنفس ستضع الشمع الأحمر إن لم أتنفسه.. مجرى الدمع لا يسعف الرئة.. - كفاك بكاءا.. لا شئ يستحق.. ألست من يدعي بأن الحياة لن تتوقف على إنسان.. وإننا يمكن أن نعيش إن تعاملنا مع الأشياء ببساطة.. - فرق بين العيش والحياة.. ما كنت أدرك إنك الحياة - أنا أيضا أحببتك.. يصعب علي أن لا تكوني في حياتي - لا تخرجني منها إذن.. دائما هنالك بداية مع كل صباح - ليس دائما.. تتشابه الصباحات أحيانا فتغدو كجسد فارقته الحياة - من أين أتتك كل هذه القسوة؟ ألا يستحق الفرح فرصة أخرى؟ - لا مساومة على الكبرياء.. أحببتك به ولن أستطيع أن أحبك دونه - وكبريائي أنا؟ - المرأة تبقى إمرأة.. كان حبي لك كافيا - ربما لم يكن كذلك.. فلو أحببتني حقا لعلمت إن الحب يلغي المسافات عندما تمتزج روحين.. - الحب كالمخدر .. و أنا لم أكن مدمنا مرة.. - لكني أدمنتك.. ولم أخش شيئا.. واجهت حتى نفسي لأكون معك - لاتبدأي المساومة.. كنت نبيلا معك - هل لي بكأس ماء.. أكاد أختنق - تركته بالقرب من سريرك
... تعلم ذلك.. كانت تراقبه وهو يضع كأس الماء على الطاولة القريبة ليكون في متناول يدها.. لكنها كانت ترغب بأن يسقيها الماء بيده.. وهو يدرك ماتريد لكنه لن يفعل.. يخشى ضعفه لحظة الاقتراب منها.. - إن كنت ستضع النهاية، فلا تترك خلفك أسرى.. - لم أخض حربا معك يوما.. كنت حلمي الجميل الذي ماتوقعت أن ألتقيه.. كنت أكبر حتى من توقعاتي.. لكن اليوم - أنا إنسانة.. أحببتك بكل مافيك.. إنسان.. فأحبني كإنسانة.. لست إله.. - خطئي إني ظننت، بإنك لن تخطئي يوما.. - إنك تخسرني.. قد يحتمل الجريح الألم طويلا، فإن فقد الأمل بالشفاء قد يلجأ الى البتر.. - الخسارات مسألة نسبية.. تعتمد على قدرتنا على التعايش معها - لم تعد تحبني.. غريب أن يصمت الحب فجأة وهو الذي ماتوقف عن الصراخ مذ عرفتك - ........
... كان يجول بنظره في ركن من أركان الغرفة.. كأنه لا يرى حقيقة الأشياء.. كل ماحوله فراغ.. لم يجرؤ على النظر اليها وهو يتبادل معها كلمات أدركت إنها الأخيرة.. فعندما يصرخ كبرياء الرجل ترجح كفته على كل ماعداه.. سيطوي سنواتهما معا ويركنها في حقيبة ذاكرته مخلفا لها روح خاوية وكدمات تبعثرت على خريطة جسدها.. - الجسد يشفى.. لكن الروح .. أبدا.. - ستعيشين.. لاجدوى من الانتحار حبا.. - اذهب إذن.. لم أعد أعرفك.. فما جدوى بقاؤك
.... لم يكن عليه أن يستدير ليدرك الباب.. كان قريبا منها.. مستعدا لوضع قدمه خارجها حالما ينتهي هذا الحوار الذي يرهقه.. خرج دون أن يلتفت اليها وكعادته ترك الباب مفتوحا.. تفجرت براكين الألم ثانية في روحها لتمتد فتلتهم جسدها المتعب.. مررت يدها على صدرها تستكشف مواضع ألم ما عرفتها من قبل.. عيناها مسمرتان على فتحة الباب التي غطتها صورة ظهره وقد حجبت عنها ملامح وجهه التي تمنت أن تراها ولو لآخر مرة.. شعرت بحرارة دمعة ساخنة تغادر مآقيها لتجد لها موضعا بين زحام الحزن على وسادتها.. تمتمت دون وعي.. - لا تذهب.. أحتاجك في الصالة التي كانت تضج بالفرح .. جلس هو يراقب حلقات الدخان تتسابق نحو سقف الغرفة.. يحيطه صمت قاتل لن يكتم حنينه لقدميها تعبران المكان دون أن تثيرا ضجة.. همس في سره.. - أحتاجك أيضا.. ولكن... 4-3-2014
#بشرى_الهلالي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم .. هو أنت
-
بعد انتهاء الزفة.. من هو العريس المخدوع؟
-
فضحنا الفيس بوك
-
فضيحة دستور مصر.. و القادم من فضائحنا
-
ويل لنا ان كان ماقاله محمد (حقيقة)
-
يافشلتنا
-
(حيّ على الجهاد).. على طريقة غاندي
-
تعلموا من اوباما
-
قمة (قمة ام حسين)
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|