صلاح اميدي
الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 19:38
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
قبل ايام اخرج جثمان شقيقتين في عمر الزهور 16 و 18 (حليمة و شلير ) من احد المستنقعات المائية في سيد صادق- السليمانية و بعد الكشف, دفن جثتيهما في عجالة وسرية من قبل الاقارب . ومن التحريات الاولية يبدو ان هناك الكثير على ما يبعث على الشك في الموضوع وان موتهما هو نتيجة عملية قتل مدبرة , حيث تبين ايضا ان الشقيقتين قد رفعتا شكوى قضائية ضد احد اعمامهن قبل الحادث ليس ببعيد .
و من المخيب انه ليست هناك بوادر على ان هذه الجرائم المقترفة باسم الشرف على انها في انخفاض , بل الحقيقة قد تبدو معكوسة .
الشرف في المجتمع المتمدن هو العلو و النبل والتصرف الحكيم والافعال الانسانية , والشريف هو العالي ( فلان اخذ مرتبة الشرف ) ,اما في المجتمع الذكوري المتخلف فهو مربوط بجسد المراة ..
وفي حين انخفضت قيمة الشرف المعنوية بشكل ملحوظ لدى معظم الامم , لا تزال تؤمن بعض المجتمعات الشرق اوسطية كالعرب والاكراد والفرس والاتراك والافغان والباكستنيون بالمعتقدات النمطية( التفكير الذي يتبعه الشخص أوالأشخاص اعتمادا على الأفكار الجاهزة (يمكن إرجاعها إلى عادات وتقاليد وموروثات ثقافية ودينية))..
و ثمة من يخلط جرائم غسل العار و يوازيها بجرائم العنف ضد المراة .. طبعا هناك تشابك ولكن في نفس الوقت اختلافات بين الاثنين و من اهمها ان الاولى تقترف من قبل الاقارب اما الثانية فتقع كحالات متشتتة قد تقترف من قبل الاقارب او الزوج او اناس غرباء , وكذلك فان الاولى تحمل رضا و توقيع المجتمع اما الثانية فقد تعتبر كجريمة من ذوي اهل الضحايا و المجتمع في بعض الاحيان , والاولى في مجملها تحصل في مجتمات اسلامية اما الثانية فتحصل في جميع المجتمات .
اذن ماهي الاسباب الرئيسية و الدوافع الى اقتراف هذه الجرائم ؟
اولا:الاجتماعية:
- المجتمع الذكوري البطرياركي : تحدث هذه الجرائم في المجتمع الهرمي , يكون فيه الاب اوالاخ الكبير رئيسا للعائلة الصغيرة وفي المجتمع الذي يرجع فيه النسب للأب عادة . ويكون هذا مسؤولا عن تصرفات افرادها و يعتبر المساس بسمعة احد افرادها ( و خاصة الاناث) اخلالا مباشرا بسلطته داخل العائلة الاكبر من الاعمام و الخوال والخ و التي هي بدورها جزء من العشيرة و هكذا.. و يرى في نفسه مسؤولا عن تصليح صورته امام الاخرين..
-عدم مساوات الرجل و المرأة: اذا اقترف الرجل او الابن نفس الخطا , لا يعتبر هذا تقليلا من الشرف و لا يقوم الاب او الاخ الاكبر بغسل عاره!! . في المجتمعات التي تحصل فيها القتل باسم الشرف ليس للمراة مكانة جيدة في المجتمع . وليس مستغربا ايضا ان في هذه المجتمعات نفسها , مثل الهند و اليمن تحصل قتل المولودات الاناث و تشويه الاعضاء التناسلية بشكل رهيب , وختان الاناث ليس الا صورة بسيطة منها .
في جميع المجتمعات الاسلامية هناك تهميش لدور المراة بالرغم من ادعاء رجال الدين و الاسلام السياسي على ان القران والسيرة تدل على احترام الرجل للمراة ..فالمهم هو ما يجري على ارض الواقع و ليس ما مكتوب منها في الجانب النظري.. وصدى الاعمال اقوى بكثير من وقع الكلمات..
ان علاج هذه الظاهرة يجب ان يكون تحت منهج متعدد التخصصات ابتداءا من المدارس الابتدائية ثم المتوسطة و الثانوية بادخال مواد تساعد الطالب على فهم جسمه- ها , على الاقل , و بدون ارباك , مرورا بفهم المراهقة وما يترتب على العلاقات العاطفية في ذلك المجتمع للوقاية من الوقوع في مخاطر قد لا تخطر بذهن المراهقة او المراهق . وتعريف الشباب بمنظورالمجتمع تجاه العلاقات العاطفية وازالة ظاهرة (الممنوع -التابو) عن تعليم علوم الوضائف التناسلية للجنسين للطلبة بطرق سليمة , ثم ياتي دور الدورات التثقيفية عن طريق الباحثين الاجتماعيين في تثقيف الاباء والامهات كيفية التعامل مع بناتهم و ابنائهم خاصة في سن المراهقة و توضيح مخاطر الكبت الجنسي.
ثانيا : الدينية :
يجب التنويه هنا اولا بان اكثرمن 70 % ضحايا القتل بحجة غسل العار هم عذارى و لم تثبت فعلهم بشهود , حسب الاحصائيات التي اجريت في الاردن في 2006 , اي ان اكثر من 70% من الحالات هي على شاكلة رفض الفتاة لشروط الابوين اوالاخ في رفض الحجاب مثلا او اللبس الغير المستور بحسب رايهم او مصاحبة الفتيان او العيش على النمط الغربي في حالات القتل عند الغتربين في الغرب او عن طريق معرفة الاهل و جود علاقة غرامية تربطها بفتى و الى اخره . بالرغم من انه ليس هناك ما يسمى بغسل العار لا في القران ولا في السيرة و لا توجد قاعدة فقهية تبرر القتل باسم العار , فان الاسلام يحكم بالرجم حتى الموت للمحصن (المتزوج) الذي يثبت عليه او عليها جريمة الزنا اما عن طريق اعتراف الفاعل-ه طواعية او عن طريق شهادة اربعة شهود , أذ يحرم الشرع اتهام أنثى بالزنا ما لم يثبت بشهود أربعة رأوها تزني وبالجرم المشهود أي يجب أن تتم رؤية فعل الزنا بالعين وليس أن يقام الحد(العقوبة) لمجرد الشك .اما الغير متزوج فالحكم هو الجلد مئة جلدة....
المشكلة هنا ان اكثر من 95% من حالات القتل لاترى اية محكمة و قوانين هذه الدول لا تصر في ان يحال كل حالة تحت هذا المسمى الى القضاء ....
ومن الامورالمزعجة حقا هي ما تراه من رجال الدين المعاصرين .. مؤخرا وفي مناسبة عيد الحب , كان احد خطباء جامع في كوردستان -مدينة دهوك- يوصي في خطبته بان يرد المسلم على اي شخص يهنئه بعيد الحب ببطاقة تبريك , بان يرد عليه بتمزيق البطاقة و رميها في وجهه والبصق عليه, لانه اي عيد الحب , يعتبر عبادة وثنية !!... وافتى شيخ سعودي انه عيد بدعي لا أساس له في الشريعة, ولأنه يدعو إلى اشتغال القلب بالأمور التافهة المخالفة لهدي السلف الصالح !!!!
تصور هذا اليوم المقدس اجتماعيا عند المجتمع المتدن , غييره هذين الجاهلين الى عبادة وثنية ..هذه هي عقلية رجال الدين الذين يزرعون القيم و الاعراف المتخلفة و المشوهة و الرجعية في ذهن ورؤوس العامة من الشعب..
.
ثالثا : النفسية و النفس- اجتماعية :
ان كانت هذه الجريمة تشكل نوعا من الشواذ من الناحية البيولوجية بان يقوم الاب بقتل البنت التي تحمل في جسدها اكبر عدد من صفاته الوراثية , فان علم النفس يعطي بعض التفسيرات لهذه الظاهرة الرهيبة . و حسب علماء النفس فان المجتمعات التي تحدث فيها هذه الظاهرة تعاني من حالة مرضية شديدة من عدم الشعور بالامان تسميها " قلق فقدان المكانة الاجتماعية" ...في هذه المجتمعات هناك ضغط متواصل على الفرد للتمسك بالقيم الاجتماعية (خوفا من فقدانها , وبالتالي يصبح منبوذا من المجتمع الذي هو فيه). . و حسب نظرية "الهوية الاجتماعية" فان الفرد يرى نفسه عضوا في جماعة اجتماعية اكبر تمثله وتقيه عند الضرورة و انه يرى نفسه و شخصيته في هذه الجماعة , وان اي مساس بصورته في داخل الجماعة (مثلا جماعة الدين - الاسلام او لنقل العشيرة) سوف يجعله يفقد هذه المكانة .
رابعا : القانونية:
ففي هذه البلاد قد يخفض العقوبة الى 2-3 سنوات لمن اقترف جريمة قتل تحت مسمى غسل العار, فبذلك يساهم عدم وجود الرادع القوي و بالتزامن مع القيم الاجتماعية المشوهة الى ابقاء و ازدياد هذه الظاهرة .
إن الحملات يجب أولا أن تتوجه نحو الضغط على الحكومات من قبل المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني لالغاء المواد القانونية الواردة في قانون العقوبات في كل الدول التي تبررما ييسمى بجريمة الشرف
.(ليس هناك شرف في القتل ) يجب ان يكون خطاب و رسالة القضاء للمجتمع .
خامسا: البيولوجية :
حسب قوانين البيولوجيا و علم الوراثة التطورالدارويني: فان هذه الظاهرة تمثل نوعا من الشواذ في السلوك النوعي وليس للعوامل البيولوجية تفسير لاسباب اقتراف الابوين جريمة قتل الاولاد . فالجنس البشري حسب هذه النظرية يجب ان يكون اخر صنف من الحيوان يلجا الى قتل صغيرته التي ترعرعت و كبرت تحت حمايته . بل يجب ان يحدث العكس - اي ان الابوين يجب ان يضحيا بحياتهما من اجل اولادههم استجابة و تطبيقا للغرائز الاولية لجميع الانواع . اذن من منظور التطور البيولوجي , تمثل هذه الظاهرة احدى العيوب اوالنواقص التي يجب ان تحسب ضد هذه النظرية في قصرها على القابلية على التفسير .
#صلاح_اميدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟