|
هكذا صنعوا الأنبياء !
صلاح يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 4382 - 2014 / 3 / 3 - 04:07
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يبدو أن اختراع اللواء عبد العاطي لجهاز يكشف ويعالج الإيدز وفيروس سي أصبح مناسبة للفكاهة والتندر، لكن من جهة أخرى نظر البعض لحالة الإسفاف والاستخفاف بالعقول بمنطق الكوميديا السوداء، فالشعب المصري يحب جيشه الوطني حد التقديس، وما مظاهر تقديس " المشير " السيسي إلا وجه آخر لمنطق الشعوب الشرقية في صناعة الأنبياء والطغاة !
فالمسيحيين قدسوا المسيح لدرجة أنهم نسبوا له الألوهية، أما محمد فقد نصب من نفسه نبياً وصديقاً لله وشريكا له في التشريع ( ما حرم الله ورسوله / قرآن )، ولأن الناس البسطاء الذين يمتلكون عقولاً ما ورائية لا يفكرون بمنطق علمي، فإنهم ولحاجتهم إلى رمز قيادي، فإنهم ينسبون له الخوارق والمعجزات التي ترقى به إلى مراتب فوق بشرية وهو ما يحدث مع الشعب المصري والمشير السيسي وما حدث من قبل مع صدام والقذافي وهتلر وستالين وموسوليني وغيرهم .. فالحاشية وشلة المطبلاتية جاهزون لنسج حكايات خيالية تؤكد إلهام القائد وفرادته وتميزه عن سائر الناس، ولا نستغرب كيف صاغ الرواه المسلمون حكايات محمدية تؤكد نبوته، رغم أن الإيمان في حد ذاته لا يحتاج إلى أي أدلة !، فكيف تتم صناعة الأنبياء والآلهة ؟؟؟
لابد من التأكيد بداية، أن العقل الطفولي البدائي، تذهله الظواهر الطبيعية، كمشهد الشمس وحركتها وغيابها ( ظاهرياً )، ومشهد القمر، والنجوم التي اعتقد محمد أنها مجرد ( مصابيح ) تزين السماء، كما أذهل العقل البدائي مشهد الشهب والنيازك فاعتقد أنها رجوماً للشياطين، كما أن العقل البدائي الطفولي لم يجد تفسيراً لتردد فصول السنة أو حتى لحدوث ظاهرتي النهار والليل، فاعتقد محمد أنهما معجزتان للإله ( يولج النهار في الليل ويولج الليل في النهار )، وفي الحقيقة فإن البشرية لم تعرف أن دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس هو السبب في حدوث تلك الظواهر إلا بعد اكتشاف العبقري الفذ كوبرنيكوس ومن بعده جاليليو أما قبل ذلك فكان الإنسان يقف حائراً مذهولاً أمام تلك الظواهر، فكان اختراع الإله والقوة الخارقة المسؤولة عن حدوث تلك الأشياء لدرجة أن محمد قال لأبو ذر الغفاري أن الشمس عندما تغيب فإنها ( تسجد بين يدي ربها تحت العرش ) !
وبعد ثورة 30 يونيو المصرية، التي أتت تعبيراً عن الرفض الشعبي لحكم الإخوان، برز شيء في الإعلام المصري أخذ ينحى منحى التقديس للقوات المسلحة، لدرجة أن تلك القوات قد استغلت تلك الشعبية في إطلاق إشاعة الجهاز الخرافي الذي يكشف فيروس سي ويعالج الإيدز بالكفتة، بل إن أحدهم قد نشر فيديو يؤكد أن الجيش قد اخترع مادة يمكنها تمهيد الطرقات الصحراوية في دقائق !!!
العقل الطفولي البدائي يمكن مواجهته بالعقل العلمي، وما يحدث أن التربية الإسلامية ترسخ العقل الخرافي الماورائي، فنجد أن الإسلاميين حريصون جداً على افتتاح رياض الأطفال والمدارس الخاصة لتعليم العقيدة الإسلامية وعذاب القبر وناكر ونكير، ووحش الجبل، والوالغول، وأن الله هو المسؤول عن حدوث كل ظواهر الكون ! هذا العقل لا يخطر بباله نقد المألوف والثقافة السائدة، بل نجد أن المتعلمين وحملة الشهادات العليا يجلسون في صفوف المصلين يوم الجمعة لكي يأخذو الحكمة من رجل جاهل غير مثقف متعصب يعلمهم العنصرية ( اللهم انصر المسلمين / اللهم اشفي مرضى المسلمين .. )، وأغلب الظن أن أمة المسلمين سيظلون يعانون التخلف والفقر والجهل وانتشار الأمراض ( بالإضافة إلى الإرهاب ) إلى أن ينتشر فكر إنساني علمي ديمقراطي يؤدي إلى إحداث قطيعة مع كتابات ابن تيمية وسيد قطب وكل دهاقنة التكفير والتعصب والعنصرية والكراهية.
وعود إلى الموضوع، نشير إلى أن صحابة محمد قد انفضوا عنه عندما أخبرهم بأسطورة الإسراء والمعراج، ( انظر تاريخ الإسلام للحافظ شمس الدين الذهبي )، وأنه لم يبق معه إلا أبو بكر وعمر وعلي بن أبي طالب، ثم عادوا وتظاهروا بتصديقه، أما بعد الصحابة الأوائل، فقد تبارى وتنافس مؤرخو الإسلام في سرد تفاصيل رحلة الإسراء وكيف أن ( النبي ) محمد قد اجتمع بالأنبياء كلهم عند سدرة المنتهى وصلى بهم جماعة، أي أن محمداً هو رئيس الأنبياء وإمامهم !!
بنفس الطريقة التي صنع بها الأنبياء، تمت صناعة الطغاة كما أسلفنا، والمتأمل للمجتمع الإسلامي لا يجد عناء يذكر في ملاحظة منطق " الكرامات " للشهداء والصالحين، فإذا اتفق الناس في قرية ما على أن الشيخ فلان مبروك، عندئذ تكون طاقة من السماء قد فتحت لهذا الشخص، فيبدأ الناس بالتوجه له لكي يتوسط لهم عن الإله من أجل الشفاء والعلاج بالرقية أو الحجاب أو السحر أو العمل. هذه المعتقدات هي ما يحكم مجتمع المسلمين، وهؤلاء لا يمكنهم الاندماج الحضاري مع الأمم المتقدمة، لهذا نجد أغلبية المهاجرين في بلاد الغرب يعملون بالدعارة وتجارة المخدرات، وأنهم من الرواد الدائمون للسجون، وهم أنفسهم دعاة تطبيق الشريعة في الدول الغربية العلمانية.
وبالتالي نجد أن الديماغوجي الذي يتلاعب بمشاعر الناس واحتياجاتهم المعيشية يتمتع بشعبية عريضة في المجتمع الإسلامي، أما المفكر الذي يكتشف أخطاء الثقافة السائدة، فهو مكروه ومنبوذ في المجتمع، فقط لنلاحظ الهجوم والتكفير ضد طه حسين وفرج فودة والقمني من جهة وتقديس عبد الناصر من جهة أخرى. الجيش المصري لم يخترع أجهزة للكشف عن الفيروسات والإيدر لا يعالج بالكفتة، والمسلمين بعيدون كل البعد عن منطق الابتكار والاكتشاف والاختراع، فقد هم يبدعون في تفخيخ السيارت بين الأبرياء، يبدعون في قطع الأيدي والأرجل من خلاف، يبدعون في رجم امرأة تمتلك حساباً على مواقع التواصل، أما العلم فقد تركناه منذ صدقنا أن محمد طار على بغلة بيضاء إلى السماء السابعة !
#صلاح_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شكرا طلعت خيري .. شكرا - داعش - !
-
جولة عاجلة في دهاليز الإسلام !
-
ما أحوجنا إلى القرامطة !
-
عن فساد التعليم العربي الإسلامي !
-
جذور الإرهاب الإسلامي
-
الأسباب الحقيقية للتكفير !
-
هل الفيلم المسيء .. مسيء حقاً ؟!
-
ما بعد حمزة كاشغري !
-
إسلاميات ( 2 )
-
في ذكرى مصرع الكاتب الكردي سردشت عثمان
-
إسلاميات ( 1 )
-
بشرية القرآن !
-
بانوراما إسلامية
-
دعوة إلى حظر عقيدة الإسلام
-
رأساً على عقب !
-
رد على كتاب - حوار مع صديقي الملحد - لمصطفى محمود
-
هل يندثر المسلمون ؟؟!
-
يا عمال العالم صلوا على صلعم !!
-
الإسلاميون والغرب والربيع العربي !!
-
الإسلام والحريات الشخصية
المزيد.....
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|