أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي شبيب ورد - دكتاتورية المعدان














المزيد.....

دكتاتورية المعدان


علي شبيب ورد

الحوار المتمدن-العدد: 1245 - 2005 / 7 / 1 - 13:18
المحور: كتابات ساخرة
    


يمكن لنا أن نضع الشعب العراقي – بفعل عهود القهر - ضمن مرتبة الشعوب المتخلفة دستوريا . وهو كشعب شرقي ، يخضع لآليات هيمنة القيم والتقاليد الروحية أكثر من القيم والتقاليد المادية . وتتحكم بمصيره وتتلاعب بمقدراته رموز تمثل شتى مكونات ذاكرته الجمعية والتي غالبا ما تعمل على تغييب دوره في صنع القرار الذي يخدم مصالحه . لتحوّله في النهاية إلى متلقي سلبي مغلوب على أمره . فطوطمية القبيلة والطائفة والقومية لها فعل مؤثر فيه لينقاد اليها طائعا كالأعمى ، دون أن يدري أن اللاعبين الكبار في هذه الطوطمية ، سيدفعون به إلى هوة الفاقة والحرمان ، إذا لم يرفع عنه الغشاوة ويتخلّص من الإنقياد الأعمى لأيديلوجيا - التماثيل - الشمولية والقمعية في آن واحد . إن مثل هكذا إنقياد مؤسف يجعل الباب مفتوحا أمام القادة الطوطميون لأداء دورهم التعتيمي والتراجعي في حياة الأغلبية من الشعب ، تلك المخدوعة دوما باليافطات والأقنعة التي يختفي وراءها ويحتمي بها هؤلاء القادة – تلاميذ الطغاة – ويقطع الطريق أمام القادة المتحضّرين والمعرفيين من أجل أداء دورهم التنويري والتقدمي تجاه الشعب . إن تجارب الشعوب عامة والشرقية خاصة اثبتت وتثبت أن مناخات وطقوس الولاء للرموز الطوطمية بشتى مرجعياتها ساهمت وتسهم في إرباك التوازن بين طرفي المعادلة في حياة الشعوب ( التقاليد الروحية والتقاليد المادية ) وتدفع بالمجتمع إلى مواجهة تضاريس ضارية نحو التقدم والرقي . وتجعل من دساتيره ضيقة الافق وعسيرة على التطبيق وغير قابلة للتوافق والمتغيرات المحتملة في المستقبل ، وعادة ما تكون ناقصة وغير ناضجة وتستبطن ملامح موت أغلب بنودها بمرور الزمن . لأنها شرّعت لا من منطلقات علمية وإنسانية عامة ، بل من منطلقات غير علمية وذات توجهات طائفية أو قبلية أو قومية بحتة . لقد جبلت شعوب الشرق على الإنقياد لرموز التخلف ومحاربة رموز التقدم والتحضر . وهي على الدوام تضع مصدّات وحقول ألغام ومناطق حرام تحول دون إعادة قراءة ذاكراتها الجمعية . وتجعل من نصوص الذاكرة الجمعية مسلّمات ثابتة لا تمس ولا يمكن التفكير بتحريك أو بتطويع جمودها المقيت ، رغم خوائها ولا جدواها بفعل متغيرات الزمن . ومن أخطر وأسوأ هذه المسلّمات هو الولاء لأكثر التقاليد تخلّفا في القبيلة والطائفة والقومية . والذي يفضي إلى شيوع مبدأ المحاصصة القبلية والطائفية والقومية في التصدي للمعضلات التي تواجه المجتمع ، وتحديدا خلال الإنعطافات الكبيرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . فينبري لتمثيل القبيلة والطائفة والقومية ذوي النفوذ فيها لممارسة دورا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في حياة المجتمع . فبقراءة إسترجاعية لسفر العراق وإبّان الإنعطافات والمتغيرات الحادة وخلال فترة الفوضى واختلاط الأوراق في تلك الإنعطافات نلاحظ شيوع ثقافات التخلف المصدّرة من القبيلة والطائفة والقومية على أغلب المدن العراقية . وتسود الشارع العراقي مظاهر السلب والقتل والتطرف والتمترس العدواني بين مختلف الفئات الإجتماعية . وتهيمن لغة البندقية والقمع على لغة الحوار والمناخ الديمقراطي . وتبرز إلى الساحة السياسية ( كانتونات ) تستمد وجودها وانتشارها من حالة الفوضى والضبابية وتعمل جاهدة على تكريس مظاهر التطرف بدعم مبرمج من وراء الحدود . فيتحكم في حياة المجتمع أكثر وأسوأ التقاليد همجية وبربرية وضراوة . وتصهل القبائل في المدن . وتتحول المدن إلى متاريس للإحتراب والتطاحن العدائي الذي يشيع في شوارعها الخراب والحرائق واليباب . فيقود المجتمع أشد أبناء القبيلة والطائفة والقومية قسوة وغلاّ وظلامية وتخلفا . مزيحا عن طريقه أبناء المدينة الأكثر تحضّرا وانغماسا في التمدن . ونحن بالطبع لا نقصد التقاليد والقيم النبيلة بل تلك التي تحول المدن إلى ميادين قتال ودياجير ضغائن . ولا نعني إلاّ أولئك النعراتيون والهمجيون والعتاة وقطاع الطرق ومنتهزو الفرص من الرّعاع . لانعني إبن الريف الوديع والطيب ، بل الأرعن المتعجرف المتصحّر عقليا وروحيا . ولانعني بالقبلية والمدنية جغرافيا بل فكريا . فالظلاميون ودعاة العنف هؤلاء متواجدون في الريف والمدينة على حد سواء . إنّنا نعني ( المعدان ) طلاب المنافع الشخصية الذين يدوسون على حقول الخضرة والضوء لتحقيق مراميهم السود وبسادية لا تطاق . وبقراءة فاحصة لما جرى ويجري الآن في العراق يثير الأسى في النفوس ، ويلفت النظر . إن هيمنة هؤلاء المعدان على الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، وتفشي ثقافتهم القائمة على القمع وإشاعة الخراب والتصحّر ، وفرضهم لشرعية وجودهم بشتى اليافطات والأقنعة والمسمّيات ، وبهذا المد الشرس والعنيف . أدى ويؤدى إلى تهميش دور دعاة المدنية والتحضر . ويوسع من رقعة الخراب في البلاد . ويتحول العلماء والمفكرون والمثقفون إلى ضحايا ، يتلاعب بمقدراتهم وبمصير بلدهم هؤلاء الرعاع ( ذوو الأقنعة ) والسّباقون إلى إعلاء روابي ( التحزّب ) بلغة البندقية وبحافر القبلية وبقناع الطائفية وبيافطة القومية . وهذا يتطلّب من ضحايا المعدان التوحد الجاد والعملي تحت يافطة النماء والألق والأمل ، للتصدي إلى محاولات هؤلاء المفضوحة من اجل إبعادهم عن اداء دورهم المعرفي في الحياة العامة . وما جرى في كيفية تشكيل لجنة كتابة الدستور دليل واضح على هيمنة ثقافة القبيلة والطائفة والقومية وإقصاء ملحوظ للمفكرين والإختصاصيين وذوي الكفاءة . إنها دعوة مخلصة لوحدة كلمة وعمل ضحايا المعدان ضد نوايا المتخلّفين من أجل تغييبهم ، وتحويل البلاد إلى صحراء تصول فيها الضواري لتشيع شريعة الغاب . بمعنى أن تتفشى( دكتاتورية المعدان ) الهمج ودعاة الجهل والظلام والحرائق والتراب .



#علي_شبيب_ورد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسئلة الشعر المخيفة
- نحت الشعر في سماوات الحجر
- محرّضات ثراء النص الشعري
- لي أيضا عربة
- أيّها العاشق السومري .. من ألقى بك في الجب ؟؟؟؟
- محاولة في إيقاظ طفولة الشاعر ناجي رحيم
- شـارع الحـبـوبـي
- خرق الظلمة بألوان الفرح والحب
- بيت الترباس
- الفاصولياء من صدام الى الجعفري والله أكبر
- أمـنـيـة
- ( 2 -2 ) إستثمار مرجعيات المكان الأسطوري في إثراء الفضاء الش ...
- 2-1 -استثمار مرجعيات المكان الأسطورية في إثراء الفضاء الشعري
- جدوى بلاغة المخيلة وكفاءة الشفرة في اسطرة النص 2-2
- (جدوى بلاغة المخيلة وكفاءة الشفرة في أسطرة النص ( 1-2
- المنجز المغاير قبل وبعد الآن
- أفانين منتجي عراقيل التمدن
- المثقفون في كونية الرؤى وفرادة الاشتغال
- !!الثعالب تدرّب الفرائس على الموت حتما
- محسن الخفاجي الفقير والصحاف الوزير


المزيد.....




- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...
- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي شبيب ورد - دكتاتورية المعدان