أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - البلاغة الفكرية و صدق التوثيق في -طعم العسل-














المزيد.....

البلاغة الفكرية و صدق التوثيق في -طعم العسل-


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4380 - 2014 / 3 / 1 - 13:47
المحور: الادب والفن
    


احتفى برنامج "تقاطعات" في الدورة السادسة لمهرجان الخليج السينمائي بعرض "27" فلماً من مختلف أنحاء العالم، فهذا البرنامج "يهدف إلى تقديم موضوعات جريئة لمخرجين سينمائيين موهوبين يتميزون بأساليبهم الفذة " و فلم "طعم العسل" للمخرج الكردي السوري مانو خليل هو نمط الأفلام الجريئة التي تمتلك سوية فنية عالية، إضافة إلى خطاب فكري مقنع، و هذا هو دأبه في غالبية أفلامه الروائية و الوثائقية، الطويلة والقصيرة على حد سواء. و يكفي أن أشير هنا إلى فلمه ذائع الصيت " ديفيدتولهيلدان" الذي يدور حول شخصيةالشابدافيدرويللر, ابنرئيسالمحكمةالفدراليةالسويسريةالسابق الذي ترك حياته الرغيدة في سويسرا قبل سبع سنوات و التحق بالمقاتلين الكرد في كردستان تركيا واضعاً حياته في خدمة الشعب الكردي، مُعيداً إلى الأذهان قصص العديد من المناضلين و الثوريين الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تحقيق حرية الآخرين و ضمان كرامتهم الإنسانية. و قد نجحت الحكومة التركية في منع عرض هذا الفلم بعض الوقت، لكنها لم تستطع نفيه نهائياً من المهرجانات السينمائية العديدة التي تناصر قضايا الشعوب. أما فلم "طعم العسل" فيتمحور حول الفكرة ذاتها، فالقضية الكردية هي شغله الشاغل في البلدان الأربعة التي تضم القومية الكردية و هي تركيا، إيران، العراق و سورية، مسقط رأس المخرج و مكان نشأته و ترعرعه، لكنه اختار هذه المرة شخصية "درامية" من أكراد تركيا حيث يفقد النحّال إبراهيم كيزر في أتون الحرب الدائرة في كردستان منذ أكثر من ثلاثين سنة كل شيئ تقريباً، فهو لم يخسر نحله و أملاكه حسب، بعد أن كان واحداً من أكبر منتجي العسل في تركيا، بل فقد زوجته و أطفاله و أصبح مُطارداً في الجبال، إلى أن ابتسم له الحظ فوجد نفسه لاجئاً في سويسرا حيث يبدأ تربية النحل من جديد، و لكن في جبال الألب هذه المرة، بعد أن يمر بسلسلة من المتاعب و المعوقات الناجمة عن تصغير سنّه حين كان يعيش في تركيا بغية التهرّب من أداء الخدمة الإلزامية. و على الرغم من قصة الفلم على السيرة الذاتية لمربي النحل إبراهيم كيزر إلاّ جوهرها يقوم على ولده علي الذي التحق بالمقاتلين الكرد عام 1996 و كان يخشى عليه من مواجهة مصيره المحتوم، فكل يوم يقلب الصحف مركزاً على صور المقاتلين الذين لقوا حتفهم في المضارب الكردستانية. و بينما هو منهمك في تربية خلايا النحل التي يمتلكها في جبال الألب، و بين مهمات عمله الجديد في معمل تعليب السكاكر شاهد صوره ولده في صفحة الشهداء الذين ضحوا من أجل القضية الكردية فينخرط في بكاء حار، و لكن الحياة يجب أن تمضي إلى الأمام فهذا هو ديدنها و سُنّتها منذ الأزل وسوف تستمر إلى الأبد. فلا غرابة أن نراه بعد بضعة أيام متكيفاً في حياته الجديدة من دون ابنه (علي) الذي رحلت روحه إلى السماء. كان كيزر يتمنى أن يشيّعه في الأقل، و يواريه الثرى، ويبكي عند قبره، لكن هذه الرغبة مستحيلة في البلدان المستبدة التي تقارع الآخر، و تقصيه حتى و إن كان شريكها في الوطن و الحياة اليومية بأفراحها و أتراحها. إن ما يلفت الانتباه في هذا الفلم هو موضوع الاندماج لمواطن كردي كبير سناً، لكننا نراه منهمكاً في علاقاته الاجتماعية مع ماكس و أنيتا و يعاملهما معاملة الأب لولديه، و يساعدهما في تربية النحل معلِّماً إياهما أسرار هذه المهنة التي يعتبرونها سويسرا "هواية"، و لهذا فقد هيأوا له فرصة العمل في معمل للسكاكر إلى أن أثبت لهم بالأدلة القاطعة بأنه من مواليد 1946، و ليس 1953 كما هو مثبت في أوراقه الرسمية. إن اندماجه في المجتمع السويسري لا يعني أنه راضٍ عن حياته كلياً، فقد وصف نفسه ذات مرة بأنه يعيش وحيداً مثل "غراب"، و يسكن في غرفة صغيرة تصل إليها أصوات المخمورين في الحانة التي تقع تحته مباشرة، حيث يشم رائحة الدخان و المشروبات الكحولية، غير أن حبه للناس هو الذي يدفعه إلى تكوين علاقات اجتماعية قد لا يفلح بعض الشباب في تأسيسها. يعتقد كيزر أن الثقة و الصدق و الإخلاص هي من أبرز ميّزات المواطن السويسري، و أنه يسعى دائماً أن يكون مخلصاً مع أصدقائه جميعاً، سواء أكانوا كرداً أم سويسريين أم من أية جنسية أخرى، و فضلاً عن ذلك فهو يمتلك عدداً كبيراً من الأولاد والبنات الذين يزورهم بين أوان و آخر مُبدداً جدار العزلة الجزئية المفروضة عليه، فثمة حنين طاغ إلى وطنه، و مضارب طفولته و صباه، لكنه لم يستطع العودة بسبب نشاطه المناهض لسياسة الحكومة التركية القامعة لحقوق القوميات الأخرى، و السالبة لحرياتهم الشخصية و العامة. قد يتبادر إلى ذهن القارئ سؤال منطقي مفاده: "أن طعم العسل حلوٌ، لكننا كمتلقين شعرنا بمرارة الموت، و فراق الأهل و الأحبة، و الحنين إلى الوطن!" و هذا صحيح، لكن حلاوة العسل تكمن في الإصرار على مواصلة الحياة الكريمة، و التضحية من أجلها، خصوصاً إذا كان الإنسان فيها مُصادراً و مُستَلَباً. كما أن (إبراهيم كيزر)، الشخص الرئيس في الفلم، كان يتمنى أن تكون عائلته مثل خلية النحل المنظمة التي تعمل بدأب لا نظير و هو يعتبرها أكثر ذكاء من الإنسان نفسه. و في الختام لا بد من الإشارة إلى مصداقية هذا الفلم و حر مخرجه على أن يصل به إلى مستوى الوثيقة التي لايرقى إليها الشك و التضليل.



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لهؤلاء الذين لا يبوحون بالحكايات
- توثيق الثورات العربية بعيون عربستانية
- سينما الخيال العلمي: من رصانة العلم إلى دهشة القوى الخارقة ل ...
- بلاد الثلوج. . . تُحفة كاواباتا الأدبية
- الدكتور لؤلؤة يترجم -غنائيات- شكسبير ويعزّزها بشروح مستفيضة
- المناهج البحثية عند الدكتور علي الوردي
- رؤىً مستقبلية للنظام الصحي في العراق
- الأفلام المجسّمة وتعزيز الوهم البصري العميق
- بؤر المهمشين والخارجين على القانون والحالمين بمستقبل أفضل في ...
- الآمال الكبيرة لكيوان مجيدي
- قراءة نقدية في فلم -رمضان في الأطراف- لفتحي الجوادي
- البنية المجازية في فلم -فتاة عُرضة للخطأ- لكونراد كلارك
- السينما العالمية من منظور ناقد عربي (3-3)
- دليل السينما العربية والعالمية 2013 (2-3)
- قراءة نقدية لدليل السينما العربية والعالمية 2013 لمحمد رضا ( ...
- العدالة الانتقالية وآليات تطبيقها
- سطوة الواقع وسحر الخيال العلمي المجنّح
- معرض استعادي في -بيت السلام- للفنان شاكر حسن آل سعيد
- د. علي علاوي يستقرئ العلاقة بين مفهومي الأخلاق والسياسة
- السيد مضر الحلو وقراءته الجديدة للتراث


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - البلاغة الفكرية و صدق التوثيق في -طعم العسل-