|
يمن جديد!!
زين اليوسف
مُدوِّنة عربية
(Zeina Al-omar)
الحوار المتمدن-العدد: 4380 - 2014 / 3 / 1 - 00:28
المحور:
كتابات ساخرة
هل هو بالفعل كذلك؟؟..أعتقد أن أغلبنا حصل على إجابة ذلك السؤال منذ أكثر من ثلاثة أعوام و البعض الآخر -و الذي ظل مُتسلحاً بأوهامه حتى آخر نفسٍ تُطلقه قبل الموت- أتت له صفعة الإفاقة و بمنتهى القوة في حفل ختام مؤتمر الحوار الغير وطني..ذلك الوضوح الذي سيجعلنا أو على الأقل سيجعل من ما زال لديه بعض الكرامة المختبئة هنا أو هناك يكف لسانه عن استخدام عبارة "يمن جديد"..فاليمن قدره أن لا يصبح جديداً مهما سالت من أجله من دماء ملوثةٍ منذ القدم إما بوهمٍ مذهبي أو ديني أو بفكرةٍ حزبية أو سياسية.
في اليمن -الذي يُراد مِنا أن نصدق أنه جديد- نجد أننا ما زلنا نرى ذات الوجوه التي واظب البعض مِنَّا على السجود لها نهاراً بينما اكتفى البعض الآخر بلعنها ليلاً..ذات الوجوه القبيحة التي صدَّق البعض أنها تستحق أن تُمنح صكوك الغفران و أنها لو منحت إياها فإنها ستتطهر من عقودٍ امتهنت فيها هتك عرض هذا الشعب بانتظامٍ و إصرار لا تحسدان عليه.
المثير للحزن ليس أن يفقد هذا الشعب شرفه لمدةٍ طويلةٍ نسبياً فأغلبنا يفقد شرفه الفكري أو الجسدي في لحظةٍ أو في أخرى..و لكن المثير له هو أنه مُنتشيٌ كثيراً بذلك الفقد..فأجده في صحافته كما في إعلامه كما في مواقع تواصله الاجتماعي كما حتى في ثرثرته العلنية في مجالس اجترار قاته -و التي ينقلها لنا فخوراً بفحواها بطريقةٍ أو بأخرى- يشعر بالنشوة!!..النشوة لذلك الفقد و اللذة للطريقة التي تم بها ذلك الفقد..و كأني بهم يتحدثون عن علاقةٍ جسدية بين عاشقين و ليس عن روحٍ يُسلب منها -و بكل ثقة- الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية.
أغلب اليمنيين و منذ ثلاثة أعوام و هم منقسمون إلى فئتين و ثالثتهما نحن..الفئة الأولى و هي التي لا تستطيع أن تتخيل حياتها دون حذاءٍ تلعقه بلسانٍ أُنهك و هو يشد بصاحبه الرِحال من حذاءٍ إلى الآخر و من مقيلٍ للقات إلى آخرٍ مجاورٍ له..فقط لكي يُشعر صاحبه أنه ما زالت لديه القدرة على تسجيل موقفٍ ما حتى لو كان ذلك الموقف يشبه الموقف الذي تتبعه بائعة الهوى تجاه من يدفع لها مقابل ليلته معها أكثر..مواطنون صحفيون إعلاميون و حتى من يُقال عنهم -و لا أجدهم للحظة كذلك- أنهم الفئة المثقفة في هذا الوطن التعيس تتدلى ألسنتهم من أفواههم أكثر كلما رأوا فرصةً متاحة للعق ذلك الحذاء أو سواه..فأصبحت ألسنتهم كألسنة الكلاب في يومٍ شديد الحرارة..دائماً متدلية دائماً على أهبة الاستعداد لنقطة مطر..و المطر هنا هو مزيدٌ من العبودية و مزيدٌ من الانحناء حتى يُقصم ظهر الروح.
و الفئة الثانية هي فئةٌ تتعامل مع محيطها الخارجي بمنطقٍ براغماتي بحت..و لكنها ليست البراغماتية الذكية التي أنتجت أقوى قوة اقتصادية و سياسية في العالم و لكن بمنطقٍ براغماتي أحمق ذليل كمنطق الضباع مع الأسود..فيتذللون و ينحنون و كلهم أملٌ أنهم يوماً ما سيصلون..و هكذا المجرم يصبح لديهم بطلاً..لا بأس فلنتغنى به الآن قليلاً يا رفاق و غداً سنصل و نحاكمه..اليوم يُعرون أجسادهم ليطأها الواحد تلو الآخر..لا بأس غداً نصل و نلملم أشلاء أجسادنا و نعيد ترقيع عذريتها..و كما منحناهم صفحاتٍ بيضاء سنجد يوماً من يفعل ذات الشيء معنا..و لكنهم أبداً لا يصلون و سيظلون كالضباع في القاع لا يميزهم شيء إلا صوت عواء الضبع بكل ما يحمل من جنونٍ و هيستيريا و ترصدٍ لأمرٍ لا يجيء من تلقاء نفسه أبداً بل يُنتزع.
أما الثالثة فهي الفئة التي امتهنت الصمت في الواقع لتخط ما تعتقده على صفحة تواصل اجتماعي لا يرافقها -و هي تفعل ذلك- إلا إيمانٌ بسيط بأنه من الممكن أن تكون من الفئة الناجية من محرقة الكرامة قبل العقل و التي يتسابق للوصول إليها الجميع في هذه البقعة من الأرض و التي تُدعى اعتباطاً ببلاد الحكمة..فئةٌ تمارس أصعب أمرٍ في زمن الانحناء و هو البقاء وحيدةً في المنتصف لتتلقى جمراتٍ يرجمها بها كُلاً من الفئتين السابقتين..فلا يمكنها أن تردد "أنا لا أنتمي إليهم" بل يجب أن تردد "أنا أنحني لهم"..و هكذا تظل تقاتل طوال يومها فقط لكي لا تنحني حتى لو كان يعني هذا أن تموت واقفةً و لو على ظلها.
يمن جديد!!..لا أجده كذلك و لم أجده كذلك يوماً..فكيف لشعبٍ ارتضى أغلبه الصمت في كل ليلة أن ينتفض فجأة؟؟..لماذا احترفوا الصمت؟؟..لعله التعود..التعود الذي يقتل الألم..التعود الذي معه لا تصبح للأمور مرارتها الأولى..فأصبح هذا الشعب هو فتاة الهوى و القواد في ذات الوقت..فلم يكف يوماً عن استخدام نفسه كسلعةٍ يبيعها لمن يدفع له أكثر و لمن قد يستفيد منه هو أكثر..و كل ذلك في سبيل الحصول على بعض النشوة و المتعة ليشعر أنه ما زال على قيد الحياة.
لا أعرف من هو ملتقط هذه الصورة و لو كنت أعرفه لكنت قبلت الكاميرا التي حملها فالتقطت عُرَّينا كما التقطت عُهرنا و سعادتنا بكليهما..التقطت كيف أننا ارتضينا أن نمارس بيع أجسادنا بالتناوب بين كيانين ظللنا لعقودٍ طوال و نحن نشتكي قهراً و ألماً و تعباً من التنقل بأجسادنا بينهما..و عندما تعبنا من تعرقهما فوق أجسادنا و ثقل و قذارة أنفاسهما كففنا عن التنقل و قررنا أن نجمعهما بجنسٍ ثلاثي فوقنا فأهلكنا أنفسنا..أما هم ففي قمة نشوتهم بنا يضحكون.
يمن جديد!!..هنيئاً لكم به و تُعساً له بكم..فالسرير الذي سيجمعكم بهم فوقه إما سيلفظكم اشمئزازاً أجمعين أو سيبتهل للرب أن يفكك أوصاله سريعاً رحمةً به..لأن ما يحدث و سيحدث فوقه سيكون فوق طاقة احتماله..فحتى الجماد يملك روحاً لا تُطيق أن تُنتهك.
#زين_اليوسف (هاشتاغ)
Zeina_Al-omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رغبةٌ و اشتهاء و بينهما نحن
-
الأرباب الصِغار
-
طفل البسكويت و طفل العامود
-
إغتصاب هدى
-
صور
-
مَدِّد يا هادي و لا تُبالي
-
شجرة بمنزلة نبيَّ
-
رداد يمتهن النساء*
-
الجمهور عايز كده
-
و جُعلتَ لي مسجداً
-
النوم على صدر الحُسين
-
فتاة لليلة واحدة
-
لهو رباني -قصة-
-
الشهر الذي اُنزل فيه النفاق
-
شيخ الخصيان – 5
-
شيخ الخصيان - 4
-
شيخ الخصيان – 3
-
شيخ الخصيان – 2
-
شيخ الخصيان - 1
-
بنت الشيخ
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|