|
الأرباب الصِغار
زين اليوسف
مُدوِّنة عربية
(Zeina Al-omar)
الحوار المتمدن-العدد: 4378 - 2014 / 2 / 27 - 07:10
المحور:
كتابات ساخرة
"سيكون مصيرك النار إن لم تتوقفي عما تكتبين و عما تروجين له من أفكار"!!..هذه الرسالة تصلني كثيراً..يختلف الأشخاص و الأسلوب و تختلف الأخطاء الإملائية و لكن المضمون في الأغلب يكون واحداً..المضمون الذي يريد أن يُخبرني عن غفلتي و الذي يحمل بين حروفه المعوجةِ نفسياً تهديداً بأن جهنم تنتظرني بكل وَلَهٍ لا لشيء و لكن فقط لأني أنظر للأمور بطريقةٍ مختلفةٍ كثيراً عن كاتب الرسالة.
حسناً لا بأس سأذهب إلى النار..لا أنكر أني حزينةٌ لهذا المصير الذي لم أتوقعه يوماً و لكن لحظة ماذا أفعل!!..يبدو أن الأمور اختلطت عليَّ قليلاً بسبب الصدمة و بدأ عقلي المسكين يصدق تلك العبارة كحقيقةً ستقع بلا أدنى شك..لهذا فلأتوقف قليلاً عن الكتابة و لأجبر أصابعي على الهدوء كثيراً و لأُعيد ترجمة ذلك النوع من الرسائل بطريقةٍ مختلفةٍ قليلاً.
يُقال أن الله سبحانه خلق لنا الجنة و النار كنوعٍ من أنواع النتيجة النهائية لما فعلناه في أثناء تواجدنا القصير نسبياً في الحياة الدنيا..و لا يسألني أحدكم:"لماذا سيكون الله بهذه القسوة مع الخاطئين؟؟"..لأن إجابتي حينها ستكون:"لا أعلم لماذا يصورونه بهذا الشكل القبيح"!!..على أية حال الجنة و النار قد لا تكون واقعاً بقدر ما هي مقياس اقترابك من الصواب أو الخطأ في حياتك الأولى..لهذا حاول البشر من مختلف الأديان منذ بدء الخليقة الوصول إلى أقرب نقطةٍ للجنة..لأن الأمر في عقول الأغلبية هو إثبات لصحة "الحياة" السابقة و ليس جزاءً لما فعلناه فيها.
و لكن الله لم يمنح مفاتيح أبوابهما العديدة لإنسان..لماذا؟؟..لأنه يعلم أننا كبشر نملك ذلك الشعور الأناني الذي لن أستغرب لو وصل حد القيام بإخلائها من مستحقيها فقط لأن المكان أضيق من أن يتسع لشخصين!!..و بجانب ذلك الشعور المقيت هناك حقيقة أن الإنسان يطمح دائماً لأن يحصل على نوعٍ من أنواع السلطة باختلاف أنوعها..فذلك النوع من السلطة يجعله يشعر بأنه تمكن من مقاربة ما يشعر به الله فوق عرشه أثناء تحكمه بنا و بمصائرنا و بقدرنا.
الله سبحانه يمتلك مزايا كثيرة..و لكن من أجملها بالنسبة لي أمران..أولهما أنه لم و لن يفكر مثلي بالارتباط يوماً..هكذا سيتخلص من تبعات أن يرى طفلاً يحاول ابتزازه بطريقةٍ ما طوال الوقت فقط لكي يستولي على سلطاته التي استأثر بها لنفسه..لهذا لم يرتبط الله ليجلب لنا في الدنيا أرباباً صغاراً يمارسون على البشرية ما يشبه التدريب الأولي على أبجديات الربوبية.
و ثانيهما أنه لن يضعف في يومٍ ما و يصيبه الخرف أو التعب ليمنح كل سلطاته في لحظة ضعفٍ لبشري ليسيرها نيابةً عنه ليذهب هو إلى التقاعد..فالله يعلم علم اليقين أنه لو فعلها يوماً ما فلن يبقى في جهنم موضعاً لقدم..و سيكون دخول الجنة إما بطريقتين لا ثالثة لهما..الأولى أن تدفع قيمتها بالجسد و الثانية أن تدفع قيمتها بالعقل.
الكثيرون سيرون أن أسلوبي في الحديث عن الله وقحٌ جداً و لا يُطاق..و لكن الغريب أننا لا نشعر بذات الشعور بالغضب و الاشمئزاز مع من يمارس في حياتنا دور الإله الصغير أو الوصي عنه المتحدث باسمه!!..لا نشعر بالغضب تجاه من ينتهك الرب يومياً بكلمةٍ تفوق جميع ما يزعمه الآخرون في كلماتي وقاحةً و كُفراً..كلمةٌ تخبر الآخرين و لو ضمنياً أن الرب قد أصابه الخرف و أنه آن الأوان ليتولى الأرباب الصغار مقاليد الحكم نيابةً عنه.
عندما أقرأ هذه الرسائل لا أنكر أنه تفلت مني آهةٌ و ضحكة في نفس الوقت..الآهة لأنه مجتمع هش ضعيف مثير للشفقة..جزء منه -و لنقل بتواضعٍ زائف أنه قد يكون شخص واحد منه- يُصاب بالصدمة التي لا يملك أن يُعبر عنها إلا بالسُعار اللفظي..و السبب؟؟..فتاةٌ مستلقيةٌ بكل هدوء على سريرها تستمع إلى هبة القواس و هي تُحرك أناملها سريعاً على شاشة كمبيوترها المحمول لتكتب كلماتها بكل انسيابية و دون تفكيرٍ طويل في تنميقها "فكرياً" أو لأكون صادقةً أكثر دون أن تكلف نفسها عناء ارتداء أقنعةٍ نعشق ارتدائها فقط ليمنحنا شخصٌ ما برسالةٍ ما مقعداً في جنةٍ لا يملكها.
و الضحكة لأن هناك من يؤمن حقاً أن الله سبحانه ينتظر منه الإذن لكي يحدد مصير روحي إلى أين ستذهب!!..السلطة مُسكرةٌ كالخمر..مقولةٌ مشهورةٌ جداً..لهذا من يمتلكها -أي السلطة- في الأغلب لا يستطيع أن يوجهها بطريقةٍ سوية..بل يعمل على التخبط بها و السير بها مُتطوحاً..و لكنه لا يعلم أنه كذلك و لو كان يعلم لألقاها بعيداً عنه تجنباً على الأقل لسخرية الآخرين منه..لهذا أرى في الأرباب الصغار و سُكرهم في حضرة الرب جرأةً غريبةً معه و تجاهه..جرأةٌ تليق فعلاً بمن نعتقد أنهم "ربما" سيكونون يوماً حطباً لجهنم عوضاً عنَّا.
#زين_اليوسف (هاشتاغ)
Zeina_Al-omar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طفل البسكويت و طفل العامود
-
إغتصاب هدى
-
صور
-
مَدِّد يا هادي و لا تُبالي
-
شجرة بمنزلة نبيَّ
-
رداد يمتهن النساء*
-
الجمهور عايز كده
-
و جُعلتَ لي مسجداً
-
النوم على صدر الحُسين
-
فتاة لليلة واحدة
-
لهو رباني -قصة-
-
الشهر الذي اُنزل فيه النفاق
-
شيخ الخصيان – 5
-
شيخ الخصيان - 4
-
شيخ الخصيان – 3
-
شيخ الخصيان – 2
-
شيخ الخصيان - 1
-
بنت الشيخ
-
باسندوة ماشفش حاجة
-
لماذا زين جوزيف؟؟
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|