|
أية مصلحة للأمريكيين في تحالفهم مع الإسلاميين ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1244 - 2005 / 6 / 30 - 07:46
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الأخوة في موقع " الحوار المتمدن" اسمحوا لي أن أثير انتباهكم إلى أن موقكم يُساء استغلاله لأغراض هي أبعد ما تكون عن الحوار وعن التمدن . فاليوم نشرتم على موقعكم خبرا لا يلتزم بالحياد ولا الموضوعية . ولمن يدخل إلى الموقع المشار إليه في الخبر ، سيقف على حقائق عدة تناقض طروحات الانفصاليين ، كما تتنافى مع مضمون الخبر نفسه . من ذلك أن الصور المبثوتة لا تقدم سوى حالة واحدة ممن زعم الخبر أنهم العشرات الذين أصيبوا بالجروح ، فضلا عن كون المتظاهرين لا يخفون وجوههم عن كامرات المصورين مما ينفي عنهم صفة الخوف و"الاحتلال". ولو أن الأمر فعلا يتعلق بحالة الاضطهاد والاحتلال ما وجدنا متظاهرا واحدا يجرؤ على الكشف عن هويته . إن القوات المحتلة عادة لا تواجه المتظاهرين إلا بالذخيرة الحية والدبابات ، بينما في الحالة التي تعرضها الصور لا نرى سوى رجال الشرطة ليس في ايديهم بنادق الكلاشينكوف ولا حتى القنابل المسيلة للدموع . إن الاحتجاجات التي تعرفها المناطق الجنوبية من المغرب لا تختلف عن تلك التي تعرفها العاصمة نفسها أو المدن الشمالية . لقد غدت الوقفات الاحتجاجية أمرا معتادا في المغرب يقوم بها المواطنون خارج أي تأطير ودون أن تكون لها أبعاد سياسية .وهذا يرجع إلى هامش من الحرية يضمن للمواطن اختيار أسلوب الاحتجاج عن وضع أو مشكل يريد حله : الماء ، النقل ، الشغل الخ . كما أن الحديث عن "انتفاضة"فيه من المغالطة ، وأمامنا مثالين : أولهما انتفاضة الشعب الفلسطيني الذي واجه كل أنواع القمع وشراسته ولم ينهزم ولم يفر امام طائرات الأباتشي . ثانيهما أن الذين تصدوا للصحافيين الإسبان في مطار العيون هم صحراويون أبا عن جد ، والذين ردوا على "انتفاضة" أولئك المنتفضين ، بانتفاضات أضخم وأعظم هم صحراوين متشبثون بمغربيتهم .وأقول للذين يجهلون كثيرا من الحقائق أن البوليزاريو صار حليف الجماعات الإسلامية الإرهابية وشاركها مؤخرا الهجوم على القوات الموريتانية . فقبل أن تساندوا البوليزاريو في "التحرر" ساندوا من هم محتجزون وأسرى بين ايديهم لما يزيد عن عقدين. إن اليسارية والعلمانية والديمقراطية، من حيث هي قيم ومبادئ لا تسمح بالتحالف مع الشيطان
أية مصلحة للأمريكيين في تحالفهم مع الإسلاميين ؟ لا عداوة قائمة بل مصالح دائمة : تتوالى الأخبار عن لقاءات علنية وحوارات سرية بين حركات الإسلام السياسي والإدارة الأمريكية ، على امتداد الوطن العربي . ومن شأن توارد الأخبار وتواترها أن يُشْكِل الأمرَ على المواطن العادي الذي دأب على سماع كل زعيق ونهيق يُشيْطِن أمريكا ويتظاهر ببغضها . فهل فعلا تمثل أمريكا الشيطان الأكبر والعدو البغيض بالنسبة للحركات الإسلامية ؟ 1 ـ أمريكا الحليف الاستراتيجي للإسلاميين : أثبتت العقود الأخيرة أن بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعات الإسلام السياسي تحالفات وثيقة ، منها ما هو مكشوف وعلني ، ومنها ما هو خفي سرعان ما تتضح خيوطه وملابساته . أ ـ التحالفات العلنية : وأبرزها تلك التي تشكلت على خلفية الصراع ضد الشيوعية والاشتراكية الذي اتخذ أبعادا عسكرية ، دينية ، إعلامية ، ثقافية وسياسية . وستنخرط الجماعات الإسلامية ، بل سيرتبط وجودها ودعمها بما تقدمه من إسهامات في الحرب ضد الشيوعية والاشتراكية . وفي هذا الإطار ستلتقي مصالح الأنظمة السياسية العربية مع مصالح الأمريكيين في دعم التنظيمات الإسلامية لإنجاز مهمتين خطيرتين : المهمة الأولى ، وهي أيديولوجية وتتمحور حول إنتاج وترويج أيديولوجية نقيض للشيوعية والاشتراكية . إذ استندت أيديولوجية الإسلاميين على معاداة الاشتراكية والشيوعية على خلفية دينية وعقائدية ، بحيث ستصبح المقررات الدراسية ووسائل الإعلام الرسمية ومنابر الجمعة ، مجالات مفتوحة لبث فتاوى التكفير والتحريض ضد الأفراد أو التنظيمات التي تتشبع بالفكر الاشتراكي والشيوعي وتتطلع إلى مجتمع تتجسد فيه القيم والبرامج التي يتمثلها رواد هذا الفكر ومنظروه . وبهذا ستفلح الولايات المتحدة والأنظمة العربية في تشكيل "ملشيات" من أبناء الشعب ، تُعفي هذه الأنظمة من تلطيخ يدها بدم الاشتراكيين والشيوعيين . فسادَ الترهيبُ والاختطاف والاغتيال . وحينما اقتضت مصلحة أمريكا نقل المواجهة مع الخطر الأحمر من مستواها الأيديولوجي إلى المستوى العسكري ، لم يكن وقود تلك المواجهة سوى ضحايا هذا التحالف " الشيطاني" ، من شباب أفلحت التنظيمات الإسلامية في تجنيده على خلفية " الجهاد المقدس" ضد الكفار وأعداء الدين لطردهم من بلاد الإسلام . وكانت أفغانستان ساحة إحياء "الفريضة الغائبة" ، ليس لصالح الإسلام والمسلمين ، بل لفائدة أمريكا التي كانت الرابح الأول والأخير من معركة احترق فيها الدم والمال العربيين . وبهذا قدمت الجماعات الإسلامية للأمريكيين أعظم خدمة لم يقدمها لهم الحلف الأطلسي نفسه الذي تقوده أمريكا . ب ـ التحالفات الخفية : وتشمل مستويين : المستوى الأول : ويهم الأنظمة السياسية التي فقدت صلاحيتها ، من منظور أمريكي ،كما كان الحال بالنسبة لنظام شاه إيران . ودللت الوقائع وشهادات بعض المسئولين في نظام الثورة الخمينية ، وأبرزهم بني صدر ، أول رئيس للجمهورية الإيرانية ، على أوجه التنسيق ومستوياته بين الخميني والأمريكيين قبل الثورة ، كما كانت فضيحة "إيران غيت" دليلا قاطعا على نوعية هذا التحالف وأهميته . المستوى الثاني : ويهدف إلى ابتزاز الأنظمة العربية تحت يافطة الإصلاح ، بحيث لا تميز أمريكا بين الأنظمة السائرة على نهج الإصلاح وتلك التي ترفضه . ولنا في النظام المغربي والنظام السعودي خير نموذج للبرهنة على هذا الخلط وذلك التحالف . إذ في الوقت الذي تتزايد الضغوط على المغرب ، وهو البلد السباق إلى فتح هامش للإصلاحات وضمان مشاركة واسعة للإسلاميين في الحياة السياسية والانتخابية ، نجد الولايات المتحدة تقدم أكبر دعم سياسي للنظام في السعودية رغم المحاكمات الصورية والأحكام القاسية في حق دعاة الإصلاح . ومن المفارقات الفظيعة التي يمكن الإشارة إليها في هذا الإطار ، تدخّـل عدد من المنظمات الحقوقية الأمريكية في الشؤون الداخلية للمغرب ، وكان آخرها قرار تلك المنظمات بزيارة معتقلي السلفية الجهادية للوقوف على أوضاعهم السجنية . إذ الأمر لا يتعلق بتاتا بالدوافع الإنسانية لمثل هذه "الزيارة" ، لأنه لو كان كذلك لكانت الأوضاع السجنية والإنسانية لمعتقلي غوانتانامو وأبو غريب هاجس هذه المنظمات ومثار قلقها على حقوق الإنسان عموما وحقوق السجناء على وجه الخصوص . إذن ما هي خلفيات كل هذا ؟ 2 ـ التقارير والتوقعات تحدد المواقف والتوجهات : دلت التقارير الاستخباراتية التي أصدرتها دوائر حكومية ، أمريكية أو بريطانية ، أن الإسلاميين في المغرب سيفوزون بالانتخابات المقبلة ، إذا كانت نزيهة وشفافة . ومن ثم تعمل الإدارة الأمريكية على تقوية اتصلاتها مع التنظيمات الإسلامية في كل البلاد العربية . لأن الأمر ، بالنسبة للأمريكيين ، بات في حكم المؤكد ، أن قاعدة الإسلاميين آخذة في الاتساع ، وسيحظون بالدعم الشعبي ، سواء في حالة إجراء انتخابات حرة وديمقراطية ، أو في حالة قيام حركات احتجاجية وانتفاضات ضد الأنظمة القائمة . وبالتالي فإن قطف ثمار الإصلاح من طرف الأنظمة الحاكمة أو الأحزاب غير الإسلامية ، قد فات أوانه بسبب مستويات الفساد وغور اليأس . ذلك أن خطأ الأنظمة العربية يكمن في كونها ترفض الإصلاح ، وإذا ما أقدمت عليه فإما مجبرة أو بعد فوات الأوان . وقد يتساءل أحدنا : أية مصلحة للأمريكيين في إصلاح يستفيد منه الإسلاميون ؟ فالأمريكيون يستفيدون من أحد أمرين : الأول أن البراغماتية عقيدة يتبناها الأمريكيون كما الإسلاميون ، ولن تضعهم في حالة مواجهة على المستوى المنظور . الثاني : في أسوء الاحتمالات لن تمثل الشعوب العربية مصدر خطر على مصالح أمريكا ، لأن الصراعات الداخلية ستعيد المجتمعات العربية ، بعد تفكيكها ، إلى عناصرها البدائية الدينية والاثنية والمذهبية والعشائرية، الأمر الذي سيوفر أسباب إعادة إنتاج العنف ، ليس ضد القوى الأجنبية ، ولكن ضد أطراف المجتمع الذي صار مفككا ، وحالة العراق تجسد هذه العودة البدائية والهمجية للقوى الدينية والمذهبية التي تعتبر مقاتلة العدو القريب مقدَّمة على مقاتلة العدو البعيد . ومن ثم لن يشكل العرب قوة مهدِّدة لمصالح أمريكا ، مما سيكفي الأمريكيين شر القتال .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فتاوى التكفير أشد خطرا وفتكا بالمجتمع من عبوات التفجير
-
الإنسان العربي أبعد ما يكون عن الحوار والتسامح والتحالف
-
هل سيتحول المغرب إلى مطرح للنفايات الوهابية ؟
-
نادية ياسين لم تفعل غير الجهر بما خطه الوالد المرشد
-
المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 2
-
المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 1
-
خلفيات إضراب معتقلي السلفية الجهادية عن الطعام
-
معتقلو السلفية الجهادية من تكفير منظمات حقوق الإنسان إلى الا
...
-
المجتمعات العربية وظاهرة الاغتيال الثقافي
-
الأزمة السياسية في إيران تؤكد أن الديمقراطية لا تكون إلا كون
...
-
عبد الكبير العلوي المدغري والشرخ الغائر بين الروائي المتحرر
...
-
الإرهاب يتقوى وخطره يزداد
-
منتدى المستقبل- أو الغريب الذي تحالف ضده أبناء العم
-
العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة 2
-
العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة -1
-
الإرهاب إن لم يكن له وطن فله دين
-
هل أدركت السعودية أن وضعية المرأة تحكمها الأعراف والتقاليد و
...
-
عمر خالد وخلفيات الانتقال بالمرأة من صانعة الفتنة إلى صانعة
...
-
هل السعودية جادة في أن تصير مقبرة للإرهابيين بعد أن كانت حاض
...
-
ليس في الإسلام ما يحرم على المرأة إمامة المصلين رجالا ونساء
المزيد.....
-
-حالة تدمير شامل-.. مشتبه به -يحوّل مركبته إلى سلاح- في محاو
...
-
الداخلية الإماراتية: القبض على الجناة في حادثة مقتل المواطن
...
-
مسؤول إسرائيلي لـCNN: نتنياهو يعقد مشاورات بشأن وقف إطلاق ال
...
-
مشاهد توثق قصف -حزب الله- الضخم لإسرائيل.. هجوم صاروخي غير م
...
-
مصر.. الإعلان عن حصيلة كبرى للمخالفات المرورية في يوم واحد
-
هنغاريا.. مسيرة ضد تصعيد النزاع بأوكرانيا
-
مصر والكويت يطالبان بالوقف الفوري للنار في غزة ولبنان
-
بوشكوف يستنكر تصريحات وزير خارجية فرنسا بشأن دعم باريس المطل
...
-
-التايمز-: الفساد المستشري في أوكرانيا يحول دون بناء تحصينات
...
-
القوات الروسية تلقي القبض على مرتزق بريطاني في كورسك (فيديو)
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|