|
هل الله ملزم بالاخلاق؟
أحمد القبانجي
الحوار المتمدن-العدد: 4377 - 2014 / 2 / 26 - 11:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
50-قالوا وقلنا:..... . قالت الاشاعرة واهل السنة:ان الله غير ملزم بالاخلاق لانه هو مصدر الاخلاق وان الحسن ماحسنه الشرع وامر به والقبيح ماقبحه الشرع وامر به, والقران يقول:( لايسأل عما يفعل وهم يسألون) وهذا يعني ان القانون الاخلاقي يقيد حرية الله ومشيئته المطلقة وهومحال. وقالت المعتزلة والشيعة:ان الامور الحسنة والقبيحة موجودة بذاتها في العالم والعقل يمكنه اكتشافها وعليه فان الله لا يمكن ان يخالفها ويأمر بالظلم او يفعله لان ذلك قبيح عقلا والله لا يفعل القبيح وهذا يعني انه ملزم بالاخلاق اي انه هو الذي الزم نفسه بقانون العدالة ومن ذلك قول القران(وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) لانه من الظلم.
أقول:علماء الاسلام مختلفون في هذه المسألة كما رأينا,والنصوص في القران والسنة متضاربة ومنها مايؤيد الرأي الاول ومنها مايؤيد الثاني والقران حمال وجوه كما قال الامام علي.نأتي الى مدرسة العرفان لنرى ماذا تقول.
1- يعتقد جميع العرفاء(ولا أخص المسلمين منهم) بأن الله المطلق-اي تلك القوة العظيمة التي خلقت الكون او صدر عنها العالم- لا يمكن لاي عقل فهمها وفهم صفاتها فهو غيب الغيوب كما يقولون,وعليه لا نعرف انه عادل او غير عادل واساسا هو خارج دائرة الاخلاق والعدالة لانها شأن بشري ,اما الله الشخصي وهو نور الله المطلق وشعاع منه يدركة الانسان في قلبه وباطنه ويمثل ذاته الحقيقية فهو منحاز دوما لصاحبه الذي يسكن فيه ويحبه جدا لانه يمثل جسده وبيته الذي يشرق منه على العالم ولهذا نرى المؤمن يرى كل شئ يصيبه فانه يقع في صالحة حتى في حال النزاع بين المؤمنين او بين الزوجين يرى كل طرف ان الله يقف الى جانبه ويؤيده وهو صحيح ولكن ذلك لا يعني انه يؤيده حتى لو ظلم الاخرين واعتدى عليهم بل يكتفي بتنبيه صاحبه الى الطريق الصح ويحذره من سلوك طريق الخطأ.وهذا يعني ان هذا الله الشخصي ايضا غير ملزم بالاخلاق بل يأمر صاحبه بالعدل والاحسان وينهاه عن الفحشاء والمنكر والانسان هو الملزم بالاخلاق.
2- المبنى الاخر من مباني العرفان والذي يتفق عليه جميع عرفاء الشرق والغرب هو وجود عالمين:عالم الغيب والشهادة او عالم الملك والملكوت او عالم الشعور واللاشعور حسب علماء النفس,وهذا يعني ان كل فعل يفعله الانسان من خير او شر لا يفنى ابدا بل يذهب الى عالم اللاشعور او عالم ملكوت الشخص وهو عالم الباطن ويستقر فيه ويؤثر على حياته المستقبلية.
3- المبنى الثالث من مباني العرفان وهو متفق عليه ايضا,وجود قوانين اخلاقية في العالم على غرار القوانين الطبيعية كما ورد عن الامام علي او عن العرفاء:قامت السماوات والارض على العدل,وكما ان علماء الاسلام عجزوا عن اكتشاف القوانين الطبيعية ونسبوا كل شئ -وتبعا للقران-الى الله من تحليق الطيور ورفع السفن على الماء وهبوب الرياح وهطول الامطار الى سقوط الشهب والنيازك وغيرها فكذلك عجزوا لحد الان عن اكتشاف القوانين الاخلاقية التي يؤكد العرفاء وجودها في العالم ,وهي التي بدورها تعاقب المسئ على سيئاته وتثيب المحسن على احسانه في هذه الدنيا.فعندما يفعل شخص المنكر كأن يسرق او يغش مثلا فان هذا العمل يخلف اثرا سيئا في نفسه وروحه او نكتة سوداء ومظلمة في شخصيته كما في النصوص الدينية وهذه الثغرة في جدار نفسه تجعله مستعدا للاصابة بالمثل اي ان يتعرض للسرقة او الغش من شخص اخر فلولا وجود هذه الثغرة لما استطاع السارق فيما بعد سرقة شئ منه,اي ان الانسان بهذا العمل يظلم نفسه اولا ويطعنها بهذا الفعل اللااخلاقي ويعرض نفسه لعقوبة مماثلة وهو قول المثل:بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين.او قول المسيح:لا تدينوا لئلا تدانوا,او قول القران:وما ظلمناهم ولكن انفسهم كانوا يظلمون.وكذلك نفهم قول القران:ان الله سريع الحساب.اي ان الفعل الحسن او السئ يخلف اثره فورا على نفس الانسان وباطنه لا ان الله ينتظر الاف السنين ثم يعاقب هذا المسئ في النار ومع ذلك يقول سريع الحساب.. ويتبين مما تقدم انه لا الله المطلق ولا الله الشخصي ملزم بالاخلاق بل الانسان نفسه ملزم بالاخلاق ويتواصل في حياته مع القانون الاخلاقي في العالم كما يعيش مع القوانين الطبيعية ويتواصل معها..وعليه فلا يظن العلمانيون واصدقاؤنا الوجدانيون اننا عندما نفينا وجود الجنة والنار في الاخرة اننا ننفي وجود ثواب وعقاب في هذا العالم.ولا تحسبن الله او القانون الاخلاقي غافلا عما يفعل الظالمون. وبهذا البيان تنحل الكثير من المسائل المهمة في الفكر الديني ومنها مسألة الحسن والقبح بين الاشاعرة والمعتزلة ومسألة الشرور في العالم ومسألة عقاب المسيئين وكيف يجتمع مع حبه لهم اذ تبين ان الله لا يتدخل في هذه الامور بعد ان خلق قوانين اخلاقية تحكمه حالها حال القوانين الطبيعية.وكذلك ان الله المطلق لم ينزل احكاما وشريعة على النبي حتى يقال لماذا هذه الشريعة والاحكام ظالمة بل ان النبي نفسه وبوحي من وجدانه والهه الشخصي شرع لقومه من الاحكام مايراه صالحا لهم وليس ناظرا الى الاقوام او الازمنة الاخرى فليست هذه الاحكام حجة علينا لان وجداننا او الهنا الشخصي يقول بغير ذلك وبما يتناسب مع العصر الذي نعيش فيه.
هذا ماأستطيع بيانه وباختصار شديد في هذه المسألة.....وشكرا لكم..
#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العقلانية والقداسة
-
العبثية والغائية في الخلق
-
معجزات الانبياء في ميزان العقل
-
التمسك بالقران والسنة
-
التحريف الهرمنيوطيقي للقران
-
القصاص
-
المهدي المنتظر
-
المبشرون بالجنة
-
الفرقة الناجية
-
بين الشريعة والقانون
-
اجماع الامة
-
هل اليقين فضيلة؟
-
مصداقية القران
-
المتعة,,حلال ام حرام؟
-
الرب يستعرض عضلاته
-
ايهما الاصل ,الاسلام ام الانسان؟
-
الشريعة,,نعمة ام نقمة ؟
-
اللقطاء
-
هل النبي محمد صادق؟
-
الجنة والنار
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|