|
جرائم الشرف كمرآة للمجتمع!
امال طعمه
الحوار المتمدن-العدد: 4375 - 2014 / 2 / 24 - 23:09
المحور:
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
مع تزايد العنف الموجه الى شريحة معينة من المجتمع أو جنس بعينه (الأنثى)- ومع زيادة معدلات جرائم الشرف او ما يندرج تحتها ، تزداد الحاجة الى التفكير في طرق ووسائل ناجعة للخروج من مسلسل العنف ضد النساء والذي يبلغ أشده ويتمثل بصورة بشعة في جرائم يقال عنها جرائم شرف!ولا بد من اتخاذ اجراءات حقيقية لا تلميعية وهمية لنبذ العنف والحد منه! هنالك مؤسسات تعنى بالعنف داخل الأسرة ومساعدة الضحايا اللواتي يعترفن بأنها ضحايا ربما هن أقل بكثير من ماهو موجود على أرض الواقع! ولكن يبقى دور هذي المؤسسات محصور بمعالجة الضرر الناتج عن العنف أو حملات توعوية ضد العنف الموجه للنساء. أما قانونيا فيمكن وضع قوانين رادعة وعدم التمييز بين اي جريمة قتل وبين مايقال عنها جريمة شرف! ولكن هذه الفكرة قوبلت بالرفض نتيجة للضغوطات العشائرية على سبيل المثال في الأردن كان هنالك مساعي حكومية لتغيير المادة المختصة بالعذر المخفف(المادة 98 من قأنون العقوبات) ولكن لم تفلح ،لكن السؤال المطروح هل حقا هناك اقتناع بضرورة التغيير وليس الأمر ضغطا من جهات خارجية لتلميع الصورة!وحيث الأمر ليس من الأولويات الملحة على هذه الأجندة فقد طوي الموضوع حينها! بدلا من الصدام الذي يمكن تأجيله، وهذا أمر أخر!
لكن لنتأمل واقعنا للحظة ونرى مايحدث !
لماذا يندفع الشاب ليقتل أخته التي عاش معها سنين الطفولة وتعايشا داخل سقف واحد وأكلا من نفس الصحن! لمجرد سماعه وليس حتى مشاهدته - ولو أن حتى المشاهدة بالجرم المفترض أنها فعلته لا يعطيه الحق في قتلها- أنها كانت مع فلان او أنها تقيم علاقة جنسية مع أحدهم! إنها الطريقة التي تربى عليها والمشاهد التي يعكسها المجتمع في احاديثه، فكثير من الأباء يتحدثون عن هذه المواضيع وتهمهم ربما أكثر من التربية نفسها! ففكرة أن يكون لدى أحدهم ابنة قد وصمت بهذا العار تبعث على القلق والكوابيس! من هنا نجد كل جهودهم ترتكز على قمع الفتاة ظانين أن بفرض قيود على حياتها ومراقبتها سيخفف من احتمالية تلطيخ شرف العائلة الكريمة! (غير مفكرين بالحالة النفسية التي ستؤول إليها الفتاة بعد كل هذا التقييد)ويعطون شرف المهمة أي مهمة المراقبة للأخ والأخ الأصغر منها حتى! وكأنه أصبح فجأة أوسع إدراكا وأكثر تعقلا لمجرد أنه ولد ذكرا ! لذا يكون هذا الأخ متربصا لأخته وكأنها العدو، فيشترط عليها طريقة اللباس ومع تنامي ظاهرة الحجاب هذي الأيام يشترط عليها الحجاب ويهتم بتفاصيل يومها أين تذهب ؟مع من؟ متى عادت ؟؟؟من هن رفيقاتها؟ تصبح المشاعر الأخوية في طي النسيان،ويحل محلها مشاعر أخرى لا أعرف بأي مسمى أسميها؟مشاعر سلطوية ومشاعر حانقة!
ماذا يفعل أخ عندما يسمع أن أخته هناك في أحضان شاب من صنع الخيال؟ أول شي يتبادر الى ذهنه ليس التأكد من الفعل بل غسل العار! وهل يغسل العار بغير الدم المسال! سمعنا عن قصص كثيرة راح ضحيتها فتيات في عمر الورد جراء اتهامات باطلة ! وكان من الضروري محاسبة القاتل أشد حساب حتى يفكر ألف مرة أي شاب من بعده قبل أن يقدم على مثل هذه الفعلة الشنعاء! ولكن يخرج الأخ بعد بضعة شهور أو سنة بالعذر المخفف ! فهو كان يدافع عن شرف العائلة! وهل هنالك أهم من ذلك في هذي الحياة! فالنفس البشرية ليست بشيء يذكر أمام هذا المقدس الذي يدعى الشرف! وما هو إلا حالة من الوهم ابتدعتها نفوس مريضة وتفكير مجتمعي مغلوط!
هوالأخ او الأب من أطلق الرصاصة أو طعن بالسكين ولكن من هو القاتل حقا؟ أنه المجتمع الذي نعيش فيه ؟هل أنا او القارئ الكريم لنا دخل بذلك؟
نعم، بصورة غير مباشرة فنحن حين ندعم التطرف في التعامل مع الأنثى(حتى المرأة تقف احيانا ضد نفسها في مجتمعاتنا!) وكأنها كائن غريب، ليس له عقل أو كيان مستقل وحينما نصور (أو نوافق على هذا التصور) المرأة على أنها ملكية خاصة تارة للعائلة وتارة للزوج وتارة حتى للأبناء المتشبعين بالأفكار القبلية الذكورية! قد نكون غير متطرفين الى هذه الدرجة ولكن بالرجوع الى ممارساتنا على أرض الواقع نرى الأمر بوضوح نحن لم ننطلق نحو اتجاهات أخرى في طريقة التفكير! نحن بقينا على ما كان عليه أجدادنا ! عاشوا أحداثا مختلفة وكونوا أسسا للتعامل مع صعاب أيامهم حينها!(العقلية مازالت نفسها نوعا مع اختلاف الملبس والمسكن والتعليم ولكن الفكر ظل كما هو ) استبدلنا الدابة بالسَيارة لأن العصر اختلف ولأن هنالك أشياء تسَهل على الإنسان حياته فكما نستسيغ تجربة أمور جديدة تحاكي الواقع الذي نعيشه ويتغير باستمرار، فلماذا نسمح لأنفسنا وعقولنا بسجن ذواتنا داخل قفص الماضي أليس هذا تناقضا! فهل نحن نعيش نفس الظروف! لنظل على نفس النهج! المشهد التقليدي يطل بقوة في جميع مناحي الحياة رغم كل هذه التكنولوجيا الحديثة من حولنا ورغم كل هذه التغييرات التي نراها ، مازلنا متمسكين بعقلية من زمن أخر ونظن أنفسنا في عصر مضى وولى، من هنا كان التعامل مع الأمور المستجدة متخبطا بأفكار وموروثات الماضي !
نحن بحاجة الى تغيير العديد من المفاهيم وترسيخ قيم مجتمعية جديدة تناسب ما نحن عليه الأن من تغييرات شملتنا أو ستشملنا شئنا أم أبينا! عندما يحكم المجتمع على أبنائه حسب ما هم فعلا وليس حسب انتماءاتهم وعشائرهم حينها نصل الى أفق أخر ! حينما المجتمع يتبنى مفاهيم جديدة في التعامل مع المرأة على أساس المساواة فحينها نكون ألغينا الكثير من العنف الجسدي والنفسي!وأغلقنا بابا من التأرجح بين الماضي بموروثه والحاضر بمستجداته وما يلزم من تغيير نفسي وعقلي! فمثلا لا يتعامل الأخ مع أخته على أنها بحاجة الى وصاية وأنها مشروع شرف ملطخ! بل أنها إنسانه مثله ببساطة وتشترك معه بأشياء كثيرة ويجمعهما سقف واحد وذكريات مشتركة وتحلم مثله بالنجاح والاستقرار والحياة الهانئة يشتركون في نفس الأماني ويتطلعون نفس التطلعات نحو المستقبل!وكلاهما له الحق في شق طريقه وفق ما يرى!
فكيف سيتبنى المجتمع مثل هذه المفاهيم وهو لم يخرج بعد من زمن الخيمة والناقة!في تصوراته وليس في الواقع! حينما يتبنى المجتمع – مع تزايد العنف الغير المبرر- نظرة احتقار لمرتكبي جرائم الشرف حينها نكون وصلنا الى الهدف المنشود!
كيف يكون ذلك والمجتمع رفض وأبى التغيير الذي يجب أن يكون! فمجتمعنا القبلي رفض الغاء العذر المخفف لمرتكبي جرائم الشرف ومورست ضغوطات عشائرية لمنع المصادقة على هذ التغيير المنطقي! لتظل النتيجة كما هي اقتل كما تريد والحجة تقديس الشرف!
المجتمع ينظر بعين الرضا ويصفق لمرتكبي هذي الجرائم بل ويطالب بوجودها وديمومتها! لأنها تشكل انعكاسا لأسلوب تعامله مع المرأة وجسدها وكيانها فالمرأة ملك خاص لا يجوز لها التصرف بذاتها فهي تتبع الرجل وحين تحيد عن ما رسم لها الرجل يحق له التخلص منها بدعم من المحيطين بل ويحاط بنظرات الإعجاب والتقدير لأنه فعلا رجل! فقد غسل عاره واسترد كرامته المهدورة!
ولو أنه في الأونة الاخيرة يتضح عدم لجوء المحاكم الأردنية الى تبني العذر المخفف نظرا للتأكد من أن الضحايا هم عذراوات على الأغلب وربما مع تزايد الضغط من جمعيات تعنى بهذا الشأن بالإضافة الى تقرير منظمة حقوق الأنسان الصاعق والقائل بأن الأردن يحتل المركز الثأني في معدلات جرائم الشرف! وفقا لتصنيفاتهم.
وكذلك أصبح العذر المخفف يشمل المرأة أيضا على أساس أن المرأة كثيرا ما تقتل زوجها بحجة الخيانة!
مازال الطريق طويلا أمام المرأة ،فهناك أيضا قوانين تمنح المغتصب امتيازا! فمن الممكن أن يتزوج المغتصب الضحية حتى ينفذ بجلده ومن دون تكاليف! حقا إن الأمر مثير للسخرية! فكأنما القانون يشجع الاغتصاب ويمنح مرتكبيه جوائز بدلا من العقاب!
لو كان المجتمع ينظر بغير النظرة الى المرأة لكان مثل هذه القوانين في خبر كان! لو يثور المجتمع من داخله ليغير الظلم بيده وليس بتوصيات خارجية ! لو أن النظرة الى المرأة تكون على أنها أنسانة وليست مشروع تلطيخ شرف! وأنها ليست بملكية خاصة! وأنها أنسان مثلها مثل الرجل قد تخطئ مثلما يخطئ الرجل ولايحاسب أو على الأقل لايحاسب بمثل هذه القسوة! لو أن النظر الى المرأة يرتفع الى أعلى وليس فقط الى ما بين رجليها وهل لديها غشاء بكارة؟ لو أن المرأة تفيق من سباتها العميق لتقول أنها مثلها مثل الرجل لديها عقل ! وأن كل الموروث السخيف الذي تتناقلونه عن المرأة مكانه فقط القمامة! لو أن المرأة نفسها لا تصفق لمجرم أباح لنفسه قتل فتاة من أجل الشرف الموهوم لو أنها تنزله من عليائة وتضعه في مكانه ! لو أن الأنثى لا تنظر الى نفسها كما يريد الذكر أن تنظر! لو أن المرأة لا تصدق كل ما يقال عنها من أكاذيب لتطبعها في خيالها وتدرسها لبناتها فتظل المراة حبيسة وهم المجتمع بفوقية الرجل!
حينها سيكون الحديث عن جرائم الشرف وكل هذا العنف فقط ذكرى من التاريخ . عندما لا يرى المجتمع انعكاسا لصورته وقيَمه في جريمة شرف! حينها نقدر أن نخلص ذواتنا من عقدة الشرف كما نتخيله وكل العقد الوهمية،هل لهذا الأمل موعد قريب أم أنه صعب المنال!
روابط قد تهمكم:
http://www.mosd.gov.jo/?option=com_content&view=article&id=770&catid=11%3A11&Itemid=2 http://www.alanbat.net/post-47690.htm http://www.sigi-jordan.org http://www.ncfa.org.jo
#امال_طعمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خربشات قلب ..لرفيق الدرب
-
اغتيال الحرية!
-
زي السحر
-
تأملات الوداع
-
الفالنتاين
-
من هذه الحياة (4).. ذاك الثوب الأبيض
-
الكتابة بين الحقيقة والخيال
-
بعضا من الورود!
-
لحظة انتحار
-
العداد
-
مشاعر أم
-
اضواء ...على وضع المرأة
-
اضواء.. على تحرر المرأة
-
من هذه الحياة(3)اوهام رجل..
-
ترهات فيسبوكية
-
من هذه الحياة(2).. وجاء الموعد
-
نحن والسر الفيروزي!!
-
قميص أسود
-
من هذه الحياة(1).. بانتظار الخبر السعيد
-
تمرد تحت المطر
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
دراسة نقدية لمسألة العنف القائم على النوع الاجتماعي بالمغرب
...
/ أحمد الخراز
المزيد.....
|