جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4375 - 2014 / 2 / 24 - 16:16
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
خطر التسميات
من اين انت؟ انا من العراق / انا من سوريا – اذن انت عربي
من اين انت؟ انا من تركيا – اذن انت تركي
من اين انت؟ انا من ايران – اذن انت فارسي
يتفادى الكردي الجواب على السؤال الوجودي الذي يمحو وجوده و لغته. ماذا يعني اذا غابت كلمة كردي في الجواب؟ الغياب و عدم الوجود و لكن على الاقل كلمة ايران هي كلمة عامة من اصل ايراني مشترك لا تشير الى لغة واحدة من اللغات الايرانية فقط و الاكراد هم من الاقوام الايرانية. و لكن العراقي لا يشير ايضا الى قومية معينة فماهي مشكلتك اذن؟
مشكلتي يا عزيزي هي وجودي.
متى يحس الانسان بوجوده؟ يحس الانسان بوجوده عندما يكون عاطلا عن العمل. عندما ينتظر في محطة القطارات لساعات بسبب التأخير. عندما تتركه حبيبته و يشعر بفراغ. عندما يتوفى الحبيب والقريب. لذا لا تفهم الناس ما معنى الوجود لانها ملتهية باشياء كثيرة اخرى و لا تحس باللغة التي تستعملها و تداعياتها و هي غير واعية بطريقة تفكيرها. الوجود يعني الوقت و عدم الالتهاء كما قال الفيلسوف الالماني الكبيرهايدغر.
مشكلتي يا صديقي هي:
اولا ليست فقط تجاهلي كليا و سرقة وطني بل فرض هوية اخرى عليّ فوقها. ماذا يبادر الى ذهنك عندما تسمع كلمة تركيا؟
ثانيا احيانا لا تعكس الاسماء القوميات و لا تلغيها مثل العراق و ايران و لكن العقل البشري اليوم يربطها حالا بقومية معينة بسبب انتهاك اللغة ليصبح العراقي مرادف للعربي و الايراني مرادف للفارسي و اذا كنت كرديا من العراق فتسمع مايلي:
- من اكراد العراق
- من اخواننا الاكراد
- عراقي و لكن كردي.
هناك دائما حدود و قيود لك. هل سمعت في يوم من الايام عراقي و لكن عربي؟ هل التقيت بعربي يتكلم الكردية؟ لا يحتاج العربي ان يتعب نفسه بلغة دون المستوى. طبعا هناك اليوم بعض الاستثناءات بفضل وجود نصف كيان كردي.
ثالثا احيانا لا تعكس الاسماء حتى القومية العربية بل شعوب اخرى مثل سوريا و السريانية و لكنك تستعجل بتعريبها والحاق صفة عربية بها لتتحول الى الجمهورية العربية السورية و جمهورية مصر العربية فاين الاقباط هنا؟ اما الاسماء الاخرى مثل الاردن و لبنان و اليمن و ليبيا و المغرب و الجزائر و تونس... فان جميعها اصبحت مرادفة للعربية حتى دون اضافة صفة عربية عليها لتلغي وجود قوميات كثيرة و كبيرة فاين الامازيغ؟ أليس اغتصاب اللغة و انتهاكها باي شكل كان هو اغتصاب للفكر و الوجود لان اللغة هي الوجه الاخر للفكر؟ ليس هناك تفكير دون لغة و هنا يكمن خطر التسميات.
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟