|
-جبل صهيون- حلمنا لكنه كابوس الفلسطينيين
هيلل كوهين
الحوار المتمدن-العدد: 4375 - 2014 / 2 / 24 - 09:03
المحور:
القضية الفلسطينية
*اعتراف الفلسطينيين بدولة يهودية معناه الاعتراف في أن لليهود حقاً في السيادة على البلاد، اعتراف بحق المسيرة التي حولت العرب من اغلبية في البلاد الى أقلية فيها، مصادقة على المسيرة التي حولت اغلبية الفلسطينيين الى لاجئين وتأكيد مكانة الفلسطينيين من مواطني اسرائيل كأجانب في بلادهم.. هذا اعتراف بهزيمة تاريخية وقبول الحكم بالظلم الذين هم ضحيته. هذا طلب فظ، عديم الرحمة وصعب الاحتمال. محطة اخرى في حملة الاهانات التي يعيشها عرب فلسطين*
فكرة اقامة دولة يهودية في أرض اسرائيل مهما كان التعريف الدقيق لـ "دولة يهودية" سحرت لب الكثير من اليهود في العصر الحديث. ليس في ذلك أي عجب. فضائقة اليهود في شرق اوروبا والتي وصلت الى الاعتداءات والهجمات الدموية، مقاومة محافل وطنية ودينية في وسط اوروبا وغربها لانخراط اليهود في حياة المجتمع والاقتصاد، التفرقة التي عاناها اليهود في المغرب وفي بلدان اسلامية اخرى، محبة صهيون التي افعمت القلوب، كل هذه تراكمت لتصبح تطلعا للعديد من اليهود (وان كانوا في بداية الطريق شكلوا أقلية في اوساط عموم الشعب اليهودي) لاقامة سيادة يهودية في أرض اسرائيل، البلاد التي قرأوا عنها في التوراة، في سفر الانبياء وفي الكتب ولبنائها صلوا كل يوم. فالنظرة التي تركز فقط على الشعب اليهودي واحتياجاته لا يمكنها ألا تفهم هذا التطلع. إن لم تكن تبررها. غير أن النظرة العربية الفلسطينية الى الواقع لا تتركز اليوم، ولم تتركز في الماضي على احتياجات اليهود. ومثل كل جماعة انسانية، فان عرب فلسطين ايضا نظروا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الى احتياجاتهم، الى تطلعاتهم. ومثل جماعات انسانية اخرى سألوا أنفسهم هم ايضا، مع بداية عصر القومية، ماذا ستكون آثار التحولات التاريخية العظيمة التي وقعت في ذات الوقت وبقوة أكبر في أعقاب الحرب العالمية الاولى على مصيرهم. ومثل جماعات سكانية عديدة اخرى، طالبوا هم ايضا بحق تقرير المصير. عمليا، مطلبهم الاساس كان الا يكونوا تحت حكم اجنبي. والمطلب الناشيء عن ذلك كان ان تعترف الاسرة الدولية بفلسطين في تعبيرهم، أرض اسرائيل في تعبيرنا (مهما كانت حدودها: من غربي نهر الاردن ام من ضفتيه، الوحدة مع سوريا حتى نهر الفرات أم دولة منفصلة) كبلاد سكانها في ذاك الوقت، اي، عرب البلاد. وردّت الاسرة الدولية مطلبهم. قسم من الامم آمنت بانها بذلك تفعل عدلا تاريخيا. وبالنسبة لاخرين في الغرب، فان اقامة "وطن قومي" لليهود في بلاد اسرائيل كان الحل الافضل لمشكلة يهود اوروبا، والثمن الذي كان يفترض ان يدفعه عرب فلسطين التحول الى اقلية في بلادهم، اذا ما حظيوا بالبقاء فيها اعتبر كثمن معقول. منذ بداية الهجرات الصهيونية وحتى اليوم يواصل عرب فلسطين الادعاء: هذه بلادنا. فيها نحن نسكن بحق. ليس لنا دور في اضطهاد اليهود في اوروبا وفي بلادنا يحظى اليهود بمساواة شبه كاملة. ليس علينا أن ندفع ثمن اللاسامية الاوروبية. وبالفعل، فمنذ نهاية العصر العثماني دعا ممثلوهم في البرلمان في اسطنبول الى منع استمرار الهجرة اليهودية. وتحت الانتداب البريطاني ثار عرب فلسطين المرة تلو الاخرى ضد الحكم البريطاني الذي أتاح (جزئيا) ترسخ الحاضرة اليهودية في البلاد. في سنوات 1947 1948 كافح عرب فلسطين ضد اقامة دولة يهودية في فلسطين، وحتى 1993 رفض ممثلوهم الرسميون الاعتراف بدولة اسرائيل. وفي كل تلك المفترقات التاريخية وقفت القوى العظمى الى جانب المطلب الصهيوني. الادعاء العربي كان ادعاء ينطوي على العدل: فليس عادلا ابقاء سكان البلاد تحت سيادة مهاجرين جاءوا من بعيد، حتى لو كان على لسانهم مطلب تاريخي قديم. آخرون اضافوا الى ذلك ادعاء دينيا: بنو اسرائيل فقدوا حقهم في البلاد مع الخراب الثاني، والحق فيها انتقل الى طائفة المؤمنين التي قبلت رسالة النبي محمد. في اتفاقات اوسلو اعترفت القيادة الفلسطينية بدولة اسرائيل. ولكن من ناحية الفلسطينيين لم يكن في ذلك اعترافا بحق اليهود في اقامة سيادة على قسم من بلادهم، بل اعتراف بواقع سياسي توجد فيه الدولة. والاعلان عن الاعتراف بدولة يهودية، المطالب به منهم الان، معناه الاعتراف في أن لليهود حقاً في السيادة على البلاد، اعتراف بحق المسيرة التي حولت العرب من اغلبية في البلاد الى أقلية فيها، منح مصادقة على المسيرة التي حولت اغلبية الفلسطينيين الذين عاشوا في اراضي دولة اسرائيل الى لاجئين وتأكيد مكانة الفلسطينيين من مواطني اسرائيل كأجانب في بلادهم. اعطاء مثل هذا الاعتراف هو اعتراف بهزيمة تاريخية وقبول الحكم بالظلم الذين هم ضحيته. يخيل لي انه من زاوية النظر الفلسطينية (كان يفضل لو ان فلسطينيا كان سيكتب أفكاره واحاسيسه، ولكني استجبت لطلب عمل ذلك) فان هذا طلب فظ، عديم الرحمة وصعب الاحتمال. محطة اخرى في حملة الاهانات التي يعيشها عرب فلسطين.
#هيلل_كوهين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|