داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،
(Dawood Salman Al Shewely)
الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 20:18
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
ليس دفاعا عن المرأة ( مناقشة حديث نبوي )
داود سلمان الشويلي
(( إن النساء نواقص الإيمان نواقص الحظوظ نواقص العقول))
الحديث الذي ستتطرق له هذه الدراسة ، حديث متنازع عليه ، بين ان يكون حديث نبوي ، وبين ان يكون للامام علي بن ابي طالب ، او من منقولاته.
ذكر الحديث في اكثر من مصدر ، فقد ذكر في (صحيح البخاري - ج 1 - ص 78) كما يلي نصه :
((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى فمر على النساء فقال يا معشر النساء تصدقن فانى أريتكن أكثر أهل النار فقلن وبم يا رسول الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين اذهب للب الرجل الحازم من إحداكن قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله قال أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل قلن بلى قال فذلك من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلن بلى قال فذلك من نقصان دينها )).
وذكر (صحيح مسلم - ج 1 - ص 61) النص التالي للحديث:
((عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فانى رأيتكن أكثر أهل النار فقالت امرأة منهن جزلة وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين قال اما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي ما تصلى وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين )).
وورد عند الزيدية كذلك كحديث نبوي. راجع ( شرح الأزهار - الإمام أحمد المرتضى - ج 1 حاشية ص150).
فيما جاء في ( نهج البلاغة - ج 1 - ص 129):
(( ومن خطبة له عليه السلام بعد حرب الجمل في ذم النساء معاشر الناس إن النساء نواقص الإيمان نواقص الحظوظ نواقص العقول . فأما نقصان إيمانهن فقعودهن عن الصلاة والصيام في أيام حيضهن . وأما نقصان حظوظهن فمواريثهن على الانصاف من مواريث الرجال . وأما نقصان عقولهن فشهادة امرأتين كشهادة الرجل الواحد . فاتقوا شرار النساء . وكونوا من خيارهن على حذر ولا تطيعوهن في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر )).
ربما جاء ذكر الحديث النبوي في خطبة الامام ، رواية عن النبي ،لا كحديث اصيل له كما اراد ان يقول السيد محمد حسين فضل الله في اجابة له لمن سأله عن مضمونه فقال :(هذا النص منقول عن الإمام علي في نهج البلاغة ، وكنت أناقش هذا النص على أساس أنه في ظاهره لا يمكن أن يلتقي بما نعرفه من المفهوم الإسلامي الذي تعلمناه من الإمام علي "ع ").
و كذلك ما اقره السيد جعفر مرتضى في كتابه (خلفيات كتاب مأساة الزهراء ع - ج 5 ص 31 )، بقوله (حديث الإمام علي "عليه السلام ").
وان كان الحديث للنبي او للامام علي ، او من منقولاته ، فان مضمونه ومن ثم معانيه ودلالاته ، تحط من المرأة ، أي امرأة .
فالنبي يخاطب (النساء / جمع امرأة) في حديثه ذاك ، وهذه اللفظة عامة وغير مخصصة لنساء المسلمين ، اذن، الحديث يشمل النساء كافة ، مسلمات وغير مسلمات ، عربيات وغير عربيات ، وفي أي زمان ومكان، فكل النساء – حسب هذا الحديث – ناقصات عقل ودين وحظ.
نتساءل: هل حقيقة ان هذا الحديث قد صدر عن النبي ؟ ام انه من الموضوعات لاسباب كثيرة ؟
الجواب نجده في تحليل قدمه سماحة الامام الشيخ حسين المؤيد للحديث ، وهو تحليل علمي موضوعي ، وقد خرج سماحته بنتيجة مفادها "ضرب هذا الحديث بعرض الحائط".
***
ففي جواب لسماحته لمقدم برنامج ( أطراف الحديث على قناة الشرقية) الذي سأل عن هذا حديث ، قال:
(( حديث " النساء ناقصات عقل و دين " اذا وضع على طاولة التمحيص و التدقيق فانه لا يثبت و لا يكون واجداً لشروط الاعتبار و الحجية حتى لو كان له بحسب الظاهر سند معتبر , لان متنه مخالف لحقائق الشرع و العقل و الواقع .
و لبيان ذلك نأتي لدراسة متن الحديث وَ هو يصف النساء بالنقص في جانبي العقل و الدين و لندرس هذين الجانبين .
أما في جانب العقل , هل النساء ناقصات عقل ؟ و هل ينسجم هذا الوصف مع قطعي القرآن و العقل و الواقع ؟
الجواب بالسلب . فهذا الوصف لا ينسجم بحال مع قطعي القرآن الكريم و لا مع قطعي العقل و لا مع الواقع .
أما عدم انسجامه مع قطعي القرآن الكريم فلأنه يتصادم مع قوله تعالى " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " و هذه الآية الكريمة واضحة في أن الانسان بما هو انسان و بغض النظر عن كونه ذكراً أو أنثى قد خلق على أحسن خلق في الإعتدال و التركيب من حيث الشكل و من حيث العقل و النفس و من الواضح أن عقل النساء اذا كان ناقصاً لم يكن خلقهن على أحسن تقويم اذ ينثلم جانب الاعتدال في العقل , بينما الآية الكريمة و التي جائت جواباً لقسم تصرح و تؤكد على الإعتدال في خلق الإنسان و على أنه أحسن درجات الإعتدال .
و كذلك قوله تعالى " يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم . الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك " فهذه الآية الكريمة أيضاً تصرّح بان الانسان بما هو انسان و بغض النظر عن كونه ذكراً أو انثى قد خلقه الله تعالى سوياً معتدلاً و هذا يعني نفي النقص في خلق الإنسان , و هو لا ينسجم مع وصف النساء بنقص العقل اذ نقص العقل لا يتماشى مع وصف خلق الإنسان بالسوي المعتدل .
و هكذا يتضح ان المضمون القرآني القطعي يدل دلالة واضحة على ان الانسان ذكراً و انثى خلق سوياً و على أحسن وجوه الخلق في الإعتدال , و هذا المضمون يصطدم مع وصف عقل المرأة بالناقص , فيكون متن الحديث منافياً لقطعي القرآن و يسقط عن الأعتبار .
و أما مخالفة متن الحديث لقطعي العقل , فلأن أسس التفكير العقلي و إطاره واحد في الذكر و الانثى . فالعقل اما أن يكون عقلاً نظرياً , و اما أن يكون عقلاً عملياً . و العقل النظري هو الذي يدرك ما هو كائن , و العقل العملي هو الذي يدرك ما ينبغي أن يكون . و المادة الأصلية لمدركات العقل النظري واحدة في الذكر و الانثى فالمعقولات الاولية للعقل البشري و التي هي الأساس في توالد الأفكار و تكوين الإستنتاجات واحدة في الذكر و الانثى و هذه الحقيقة قطعية في الفلسفة و نظرية المعرفة فلا تفاوت بين الذكر و الأنثى في إدراك المعقولات الأولية فما هو أولي في الذكر موجود في الأنثى ايضاً سواء بسواء و عليه لا تفاوت بين الذكر و الانثى في المصدر الرئيسي للمعرفة . و كذلك الأمر في المعقولات الثانوية , فان ادراك العقل لهذه المعقولات لا يتفاوت بين الذكر و الانثى , و أما التوالد الفكري فما يبتني على المعرفة الإكتسابية يخضع للجهد الذي يبذله الانسان في تنمية المعارف و لا يرتبط بالذكورية و الانثوية , و ما يبتني على التوالد الفكري فالقوة العقلية ايضاً واحدة في الذكر و الانثى , و عقل الانثى يشكل الأقيسة المنطقية كعقل الرجل سواء بسواء . اذن النقص في العقل الذي لا يعود الى الإكتساب المعرفي غير موجود في الانثى اطلاقاً لكونها مع الذكر سواء في أسس التفكير العقلي وآلياته .
أما العقل العملي فمدركات العقل العملي واحدة في الذكر و الانثى و هي مدركات مودعة في العقل البشري بما هو عقل بشري فلا تفاوت بين الذكر و الانثى في ادراك الحسن و القبح العقليين.
اذن قوة الادراك التي تشكل أساس التفكير البشري و اطاره سواء في جانب الادراك النظري أو في جانب الادراك العملي متساوية و واحدة في الذكر و الانثى , و أما تنمية المعرفة فهو يرجع الى أمر إكتسابي و ليس الى أمر ذاتي . و هذا يعني أن وصف عقل المرأة بالنقصان يصطدم مع قطعيات العقل , فعقل المرأة في ما يرجع الى الكمال الذاتي للعقل هو على حد عقل الرجل و لا نقصان فيه .
اذن متن الحديث ينافي قطعي العقل . و أما مخالفته للواقع , فانّ الواقع يشهد انّ المرأة لا تختلف عن الرجل في سلامة التفكير ذاتا و الانسان ابن بيئته فحينما تكون المرأة في بيئة تساعدها على النمو المعرفي و الثقافي فإنها تتصف حينئذ برجاحة العقل , و قد تتفوق على الذكر , و حينما لا تتهيأ للانسان مثل هذه البيئة فان الذكر يصاب بضعف التفكير و قصوره .
و الشواهد عصية على الإحصاء في هذا المجال لكن خذ مثلاً امرأة فرعون فهل يعقل أن تكون امرأة فرعون بايمانها و تصديقها الاعتقادي ناقصة عقل بالمقايسة الى فرعون نفسه ؟
وَ خذ بلقيس ملكة سبأ التي فاقت برجاحة عقلها عقل مستشاريها من الرجال و قد ظهر تفوقها العقلي و برزت رجاحة عقلها في عدة أمور و مواقف :-
لجوؤها الى الشورى و عدم استبدادها في أخذ القرار , و هذا يدلل دون أدنى شك على رجاحة عقلها و سلامة تفكيرها و سمو نظرها و حسن معرفتها و تقديرها .
قوة تفكيرها في مناقشة الرأي الذي عرض عليها فقد قيل لها " نحن أولوا قوة و أولوا بأس شديد " فكان جوابها " ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها و جعلوا أعزة أهلها أذلة و كذلك يفعلون و اني مرسلة اليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون " فكان عمق تفكيرها و قوة رأيها و تقديرها للأمور أجود من الآخرين و فيهم ذوي الوزن الثقيل من الذكور .
ذكاؤها في جوابها لسليمان حينما نكروا لها عرشها و سألها سليمان " أهكذا عرشك " قالت " كأنه هو " و في هذا الجواب قدر كبير من الذكاء و جودة الذهن .
فهمها العالي الذي أوصلها الى الإيمان و أخرجها من الكفر بعيداً عن العناد و اللجاجة والإنفعالية في التفكير , قالت : " ربي اني ظلمت نفسي و أسلمت مع سليمان لله رب العالمين " .
فهل يمكن أن توصف بلقيس بانها ناقصة عقل , و هل ينطبق عليها هذا الوصف أم على مستشاريها من الرجال في مقام المقايسة ؟
ثم إن متن الحديث ذكر بياناً لوجه نقصان عقل المرأة هو ان شهادتها بنصف شهادة الرجل , و البعض ذكر أن هذا الأمر جيء به كوجه من وجوه نقصان عقل المرأة , و ذكر آخرون انه هو الوجه الذي علل به نقصان عقل المرأة . و على كلا التقديرين هل يدل ذلك على نقصان عقل المرأة ؟
اذا دققنا في القضية سنصل الى أن هذا الأمر لا علاقة له بنقصان عقل المرأة ابداً .
إن الشهادة و التي هي عبارة عن الاخبار عن حس فيها جانبان :-
الاول :- يرتبط بتحمل الشهادة .
الثاني :- يرتبط بأداء الشهادة .
و لنأت الى الجانب الذي يرتبط بتحمل الشهادة , فحيث أن الشهادة اخبار عن حس , فهذا يعني أن المطلوب في تحملها هو الإدراك الحسي , و هو ما يكون بالحواس , و من الواضح الذي لا يختلف فيه اثنان انّ حواس المرأة كحواس الرجل سواء بسواء فليست باصرة المرأة من حيث هي إمرأة بأضعف من باصرة الرجل من حيث هو رجل , و ليست سامعة المرأة من حيث هي إمرأة بأضعف من سامعة الرجل من حيث هو رجل . و كذلك لا تفاوت في التصورات العقلية الأولية بين ذهن الرجل و ذهن المرأة حيث أن انطباع صور الأشياء في الذهن من خلال الحواس هو على حد واحد في الرجل و المرأة . اذن في مقام تحمل الشهادة لا تفاوت في الإدراك الحسي للوقائع .
و أما جانب أداء الشهادة فهو لا يرتبط بالتحليل العقلي للوقائع لان المطلوب في باب الشهادة ليس تحليل الشاهد للقضية المترافع عليها , و انما المطلوب هو الاخبار عما أدركه بالحس , أي الاخبار عن التصور العقلي الأولي للذهن و هو واحد في الذكر و الانثى كما تقدم.
و أما عنصر الذاكرة و الحفظ كعملية من عمليات الذهن البشري فهل كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل يقوم على أساس ان قوة الحفظ و الذاكرة في عقل المرأة أضعف منها في عقل الرجل ؟
الصحيح أنه لا يقوم على ذلك , و الدليل عليه ما يلي :-
أن كون شهادة المرأة نصف شهادة الرجل لو كان يبتني على ذلك فكيف يطلب ضم شهادة امرأة اليها اذ المفروض انها مثلها في قوة الذاكرة و الحفظ , و بعبارة أخرى سيكون المطلوب هو ضم من فيه نقص الى من فيه نقص , فهل يمكن لمن هو في ذات درجة النقص العقلي أن يكمل من هو على ذات الدرجة من النقص . اذ المفروض أن قوة الذاكرة في النساء متماثلة في درجة النقص .
اذا كان يقوم اشتراط التعدد في شهادة النساء على أساس ان احدى الشاهدتين تذكر الأخرى فيما لو نسيت فلماذا لا يكون الرجل الذي يشهد مع المرأة مذكراً لها ما دام ان الكل يشهد على الواقعة نفسها و ان الشهادة هي محض أخبار حسّي لا تدخل فيه عوامل أخرى تقوم على التحليل العقلي و ما دام يفترض الصدق و العدالة في كل الشهود ؟
ان المقرر في القضاء هو عدم اشتراط جمع الشهود مع بعض عند أداء الشهادة , و انما يمكن للقاضي أن يسمع شهادة الشهود على إنفراد و هذا يعني ان التعدد في شهادة النساء لا يقوم على أساس التذكير لنقصان في قوة ذاكرة المرأة .
أن الذاكرة قد ترتبط بعوامل تؤثر فيها قوة و ضعفاً فمن عامل الزمن الى عامل السن الى الظروف التي يعيشها الشاهد .
فلماذا لا تؤخذ هذه العوامل بنظر الاعتبار في الرجل ؟
و لو كان التعدد في شهادة النساء مبنياً على قضية قوة الذاكرة للزم الأمر أخذ هذه العوامل في الرجل , اذ في مقام التفاضل قد تكون ذاكرة الأنثى الشابة التي تعيش في ظروف حياة طبيعية أقوى من ذاكرة رجل مسن أو رجل يعيش في ظروف قد تجعل باله مشغولاً و مستهلكاً فيها . إن أخذ هذه النقاط بنظر الاعتبار يجعل بناء التعدد في شهادة النساء على قضية ضعف الذاكرة أمراً بعيداً ان لم يكن خاطئاً .
انّ النتيجة التي نريد الوصول اليها هي أن اشتراط التعدد في شهادة النساء و قيام شهادتين للنساء مقام شهادة للرجل لا يرتبط بنقصان العقل . و هذا يعني أن في متن الحديث الذي يربط بين ذلك و نقصان العقل خللاً يفتح ثغرة تسقطه عن الإعتبار .
و لك أن تسأل :- أوليس هذا الربط منتزعاً من القرآن الكريم و يدل عليه قوله تعالى { و استشهدوا شهيدين من رجالكم فان لم يكونا رجلين فرجل و أمرأتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الأخرى } ؟
و الجواب :-
أولاً :- انّ الآية الكريمة لم تربط ذلك بنقصان عقل المرأة بينما متن الحديث يصرح بهذا الربط و معنى ذلك أنّ هذا الربط الذي يصرح به متن الحديث لا علاقة له بالآية الكريمة و لا يصح إنتزاعه منها .
ثانياً :- أن ربط قيام شهادة امرأتين مقام شهادة الرجل لا يصح اساساً ربطه بعقل المرأة و لا اشارة فيه الى ذلك لا من قريب و لا من بعيد فمن جهة دلت آيات القرآن الكريم و المرتبطة بخلق الإنسان على خلقه سوياً لا خلل فيه و لا نقص ذكراً كان أو أنثى كما تقدم , و من جهة ان مثل هذه الأحكام لا تتصل بقضايا ذاتية بالمعنى الفلسفي , فكما انّ القصاص في القتلى يقوم على أساس ان الانثى بالانثى و ليس الرجل بالانثى , و كما أن دية المرأة هي على النصف من دية الرجل دون أن ترتبط هذه الأحكام بكون المرأة أقل قدراً من الرجل أو منزلة أو إنسانية و في الكرامة الانسانية بل و في القيمة الانسانية , و قد دلت على ذلك بصراحة ووضوح آيات عديدة في االقرآن الكريم , كذلك شهادة المرأة و كونها نصف شهادة الرجل لا ترتبط بعقل المرأة إطلاقاً و قد دل على ذلك العقل و النقل .
و أما في جانب الدين فقد علل متن الحديث نقصان النساء في دينهن بقعودهن أيام حيضهن عن الصلاة و الصيام .
و في هذه أوجه من الخلل :-
1- ان قعود المرأة عن صلاتها و صومها أيام حيضها لم يكن الا بامر من الله تعالى , فكيف يشرّع الله تعالى للمرأة ما يعيبها عليه عند إمتثالها له , و كيف يعيبها على ما شرعه عز و جل لها و التزامها به ؟
2- إن النقص في الدين لا يكون الا من حيث التقصير في الطاعة , و هي لم تقصر في طاعته عز وجل , بل انها امتثلت أمره تعالى بقعودها هذا فكيف يعد ذلك نقصاناً في دينها ؟
3- كيف يفهم نقصان الدين ؟ فحين تقول عن شخص بان دينه ناقص , فانت اما أن تقصد تقصيره في التزامه الديني من حيث امتثال احكام الله تعالى , أو قصوره عن أهلية توجيه الامر اليه . و هذا القصور إما ناشئ منه هو و بسبب منه أو ناشئ من أمر خارج عن إرادته و إختياره . فان كان تقصيراً في الامتثال فالتقصير في الامتثال منقصة في الدين لكنه لا ينطبق على المرأة الحائض لانها لم تقصر في طاعة الله تعالى بل إمتثلت امره عز و جل بقعودها عن الصلاة و الصوم أثناء حيضها . و ان كان قصوراً ناشئاً بسبب من الشخص نفسه فهذا قد يكون منقصة في الدين أيضاً لكنه لا ينطبق على المرأة الحائض أيضاً لانها لم تتسبب في قعودها عن الصلاة و الصيام . و ان كان قصوراً لسبب خارج عن ارادة الانسان فهو لا يعد نقصاً في الدين , و منه قعود المرأة الحائض عن الصلاة و الصوم , فان قصورها عن أهلية توجيه الأمر بالصلاة و الصوم اليها انما هو بسبب أمر خارج عن ارادتها و اختيارها , فلا يمكن أن يعد نقصاً في دينها .
4- ان قعود المرأة عن الصلاة و الصيام أثناء حيضها لو كان نقصاً في دينها , للزم أن يكون الرجل ناقص الدين اذا كان معذوراً عن اداء الصيام لعجز أو مرض و قد يكون كذلك طيلة عمره , و للزم أن يكون الرجل المصاب بغيبوبة تعيقه عن أداء الصلوات ناقص الدين . و للزم أن يكون كل سبب يؤدي الى عجز الرجل عن إمتثال حكم من أحكام الله تعالى موجباً لنقص دينه , فلماذا يفترض في المرأة ما لا يفترض في الرجل ؟
و هل يمكن أن يكون فاقد الطهورين أفضل حالاً من المرأة الحائض ؟ فان فاقد الطهورين اما لا تصح منه الصلاة فيسقط عنه الأداء و يجب عليه القضاء , و على قول آخر يسقط القضاء عنه ايضاً , و اما انه تجب عليه الصلاة و يسقط شرط الطهارة , و على كل هذه التقادير كيف يكون فاقد الطهورين أفضل حالاً من المرأة الحائض التي سقطت عنها الصلاة بأمر من الله تعالى .
و هكذا نصل الى أن وصف المرأة بنقصان الدين لقعودها عن الصلاة و الصيام أثناء حيضها أمر لا يستقيم مع أي منطق سليم عقلي أو شرعي .
و هذا يعني أن متن الحديث لا يتصف بالحجية بناءً على الثغرات الموجودة فيه , و اذا كان قد صدر عن رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم فلا يمكن أن يكون محمولاً على الجد و انما يمكن أن يكون قد صدر على سبيل المزاح و أن رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم لم يكن يقصد منه بيان مفهوم ديني اجتماعي و انما قصد منه التندر و المزاح كشيء اقتضته طبيعة المناسبة حيث انه صلى الله عليه و على آله و سلم قاله و هو يمر على النساء في يوم عيد و هو يوم فرح و إنشراح . و قد يقوّي هذا المعنى – أي انه ذكره على سبيل التندر و المزاح – قوله ما رأيت من ناقصات عقل و دين أذهب بلب الرجل الحازم من احداكن , فهو عليه الصلاة و السلام لا يشير بذلك الى مفهوم ديني و انما الى ما يدهش من تأثير النساء السحري على الرجال , فذكر عليه الصلاة و السلام نقصان العقل و الدين على سبيل التندر و مقتضيات المزح , و لذا علله بأمور لا تصلح أن تذكر كعلل جادة , و لكن يمكن أن تذكر كعلل يقتضيها مقام المزاح و التندر . و من هنا لا يبنى على هذا الحديث مفهوم اسلامي عن المرأة و لم يصدر هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة و السلام كنبي و مشرّع , و انما صدر منه في حديث شخصي كسائر الاحاديث الشخصية التي لا علاقة لها بالتشريع و لا ببيان المفاهيم الدينية )).
واخيرا يقول سماحته : ((حديث ضعيف ويصطدم مع حقائق الشرع ويضرب به عرض الجدار وهو دخيل على الاسلام.)).
بهذا التحليل الموضوعي الصادر من داخل المنظومة الاسلامية دون ان يخرجه من الاصول الالهية والذي حرصت على نقله كاملا ، هل يمكننا ان ندعي ان المرأة تعيش بعقل ناقص،وانها مخلوق اعوج ؟
فإن كان النبي قد قال هذا الحديث فهو مردود عليه حسب مناقشة الشيخ المؤيد ، والا فهو حديث موضوع.
#داود_سلمان_الشويلي (هاشتاغ)
Dawood_Salman_Al_Shewely#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟