|
خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(8/8 ألأخير)
سنان أحمد حقّي
الحوار المتمدن-العدد: 4374 - 2014 / 2 / 23 - 09:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وإنتاج أجيال كما في البذور المحسّنة والأنواع الزراعيّة والحيوانيّة المختلفة فلم يقتصر الأمر على الخيول بل تجاوزها إلى الأبقار وغيرها وأصبح ممكنا ومتاحا إنتاج طماطة وخضار وحبوب متنوعة إمّا تحتوي على نسبة أكبر من البروتين أو أن تكون قشرتها أكثر متانة لمقاومة ظروف النقل أو لمقاومتها الكبرى للآفات الزراعيّة أو إستهلاكها القليل للماء وهكذا وبنفس الأسس أمكن أيضا إنتاج أبقار محسّنة يكون عطاؤها من الحليب أكثر أو نسبة الدهون أكثر أو البروتين أو أن يكون وزنها أكبر لتعطي كميّة من اللحوم زيادة عن المعتاد وهلمجرا..وهي حقائق علميّة لا غبار عليها ابدا. وما دامت الأحياء جميعا تنطبق عليها نفس المفاهيم العلميّة فلماذا يستثني الإنسان نفسه؟ ففي البشر خصائص كثيرة متباينة في البنية واللياقة البدنيّة وفي المهارات والمواهب وكذلك في القدرات العقليّة والذكاء وغير ذلك. ففي عصرنا هذا تطوّر البحث العلمي كثيرا فيما يختصّ بالوراثة والحقيقة أنها لا تعني الوراثة أي المواريث في الأموال والتركات كما توحي الكلمة بل تعني التضريب وتحسين النسل والنوع وقد شهد العقدان الأخيران من القرن العشرين تقدّما سريعا في مجال البحث في علوم المورثات وتم رسم الخارطة الوراثيّة للجينات ( الخارطة الجينيّة) والمتعلّقة بالإنسان وباستعمال مبادئ الهندسة الوراثية أصبح ممكنا الخوض في تحسين الجنس البشري وتضريب الإنسان للوصول إلى إنسان يتمتّع بخواص محسّنة أو جديدة وغير خافٍ ما تتطلّبه العمليّة من وسائل حيويّة متطوّرة قد تصل لاستخدام علوم حديثة وتكنولوجيا متقدّمة وربما يستخدمون بعض الإشعاعات أو الليزر أو مواد عضويّة مختلفة بهدف توفير صفات جديدة وطفرات مهمة من شأنها تحسين النوع الإنساني او تجنّب بعض الأمراض الوراثية أو الصفات غير المرغوبة . ولكن الإنسان فيما مضى لم تكن متوفّرة لديه كل هذه الوسائل العلميّة أولا وثانيا أنها حتّى في عصرنا الحالي نجدها محفوفة بمخاطر جسيمة قد تُنتج لنا أجيالا لا يُكتب لها النجاح فيتسبب العلم بحصول إخفاقات خطيرة لا إنجازات ولكن القدماء لم يُفكّروا بهذه الطريقة بل أخذوا بما هو متوفّر وسائد في نظام الحياة وهو التضريب والتزاوج الإعتيادي ولكي يحفظوا منظومة الصفات التي يتحصّلون عليها ويستطيعون تطويرها فإن لهذه الأغراض تم إيجاد علم الأنساب والذي كان من شانه أن يجنبهم التعرّض لسلبيات ما يجري البحث فيه الآن كما بيّنّا وما يتّجه له العلم هذا اليوم في الأحياء وفي البشر أيضا كانوا يعملونه نفسه منذ عصر فجر السلالات بطريقتهم الخاصّة وبحساباتهم التي إمتحنتها الحقب والأزمان وصحّحتها التجارب . ولا أدري أننا هذا اليوم في الوقت الذي نتّخذ العلم منهجا ووسيلة ونؤمن بمعطياته ونُسمّي هذا المنهج بالمنهج العلمي ونخلع مصطلحات جديدة على العلوم التي تُعنى بالصفات والمورثات والهندسة الوراثيّة وعلم الخليّة والكروموسومات وكل ما يتعلّق بهذا ؛ لا أدري لماذا نقف موقفا سلبيا من علم الأنساب وهو أصل كل هذه العلوم وأساسها وسندها ؟ أم هو مجرّد تنكّر للتراث العلمي الماضي وجحودٌ فيه؟ وإلاّ فما الفرق بين هذا وذاك على أن القدماء فعلوا ما فعلوا دون تعريض البشر إلى تجارب قد تؤدّي إلى إخفاقات محتملة كما يُزمعون هذا اليوم. هذا هوالأساس والمبادئ التي تتعلّق بعلم الأنساب والتي لا تتناقض مع العلوم الحديثة في المورثات وتحسين النوع ومبادئ الهندسة الوراثيّة والتي بكل غرور نعتقد نحن أبناء هذا العصر، اننا بدأناها منذ عهد مندل فقط. إن مواصلة العمل بهذا العلم النظيف ونقصد بذلك غير المحفوف بالتلوث أو الإضرار بالبيئة أو الأخطاء الجسيمة أو التناقضات الأخلاقيّة والدينيّة ضرورة ملحّة جدا لأن الحياة تفرض يوما بعد يوم علينا التفكير يتحسين النوع البشري بهدف تحسين التعامل مع التقدّم الذي يُصاحب جميع جوانبها ويُملي علينا توفير قدرات أرقى من جميع الجوانب هكذا نستطيع أن نفهم علم الأنساب على حقيقته ولا نستهجنه أو نهاجمه باعتباره مبررلعوامل التمييز بين الشعوب أو الأفراد بل هو علم قديم وجديد في آن واحد ولا يجدر بنا تجنّب الحقائق ودفن رؤوسنا في الرمال، هذا فضلا عن أن علم الإنساب علم أخلاقي جدا وليس هناك أي خرق أو تعارض مع الأديان ولا الأخلاق العامّة ولا الموروث منها أيضا. ونظن ان توريث الخصائص المختلفة للإنسان هي أفضل من جميع الجوانب من عمليّة إكتساب تلك الخصائص بالتعلّم والتدرّب فهي أوفر في الجهد والمال والوقت، كما أنه يتّضح لنا بوضوح أنه ليس كل قديم بالي كما يتبيّن لنا أن هناك سبل لاكتساب المعرفة سوى التي نعرفها لغايته وأن علم الأنساب ليست له علاقة بالنوايا العنصريّة وأسس التمييز إذ أنه متاح لجميع الناس متى ما أرادوا تشكيل مصاهرات لتضريب أنواع محسّنة من البشر والناس وهو لا يقوم على أي أساس من التمييزبين الناس بقدر إعتماد الوعي في الإنتخاب الطبيعي الحرّ للنطف كما في النباتات كما ذكرنا وكما في الحيوانات أيضا ، وبالتالي فهو علمٌ كأي علم له قواعده المتوارثة وله فرص كبيرة للإجتهاد وهو يوفّر إمكانيات كبيرة جدا لتفادي كثير من الأمراض وخصوصا الأمراض الوراثيّة والوعي والعلم به شأنه شأن العلم بالعلوم الطبيعيّة الأخرى مثل الفيزياء والكيمياء والرياضيات وبالمناسبة فإن لعلم الإحصاء دور كبير في التعامل مع هكذا علوم وفنون واسعة . ومن جانب آخر وبهدف الإطلاع على جانب من آرائنا في النظام السياسي لغالبية الدول التي إدّعت المسار الإشتراكي بودنا أيضا لو يعود القارئ الكريم أيضا إلى مقالنا السابق الموسوم: رأسماليّة الدولة هي أسوأ الطرق إلى لإشتراكيّة..! والمنشور على صفحات الحوار المتمدن وعلى الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=307984 خواطر في الأنظمة السياسية ( خلاصة) يتبيّن لنا من جولتنا السياسية السريعة هذه أن لكل من الأنظمة السياسية مناقب ومثالب ولكن التوجه بقوّة بما لا يلقي الضوء الكافي على كل منها ولا سيما النظام الملكي الوراثي الدستوري ليس موضوعيا حيث نجد بعض الإيجابيات للنظام الوراثي وفي حال فهم أصحاب الإتجاه هذا معانيه ومغازيه كما أسلفنا ووضحنا ويمكن أن نوجز بعضا منها فيما يلي: ــ 1. له جذور تاريخيّة أي ماديّة وواقعيّة يمكن تطويرها وإعادة إنتاجها فكريا وسياسيا على أسس مسار التاريخ ومنطقه 2. يُتيح هذا النظام تفسيراوتعليلا لمعنى ومضمون النظام الملكي الوراثي 3. يُعطي تفسيرا وويُتيح تحقيق مسار واقعي لتطوير خصائص الناس والأفراد بما يُلائم مسيرة التطور الإجتماعي على أسس الإنتخاب الطبيعي وتوجيه الصراع من أجل البقاء إلى مسار لاتناحري. 4. يكون منطقيا ومقبولا أن نقول أن الملك أو الأمير هو أمل الأمة بسبب فرصة تحقيق مزايا أفضل للإشخاص والأفراد لعموم المجتمع عبر العمليات التي جاء وصفها 5. في حال عدم تبني نفس الوعي المطروح لا يبقى مبرر ولا مسوّغ لأي نظام وراثي ملكي لأنه نظام يقف وراء أنظمة الإدارة وليس له أن يكون إداريا مباشرا ومن خلاله يمكن أن نسير باتجاه فهم كون الملك يملك ولا يحكم أو كيف أنه ليس له أن يتدخّل بالسياسة 6. مع كل ما تقدم يتبين لنا أن الفوارق بين الأفراد إجتماعيا ليس مردّها بالضرورة فقط الفوارق الإقتصاديّة بل يتبين لنا أن هناك فوارق خَلقيّة وخصائص وطبائع متوارثة من شأنها أن تعمّق الفوارق بين الأفراد والشرائح الإجتماعيّة قد يكون نمط الإنتاج فيها ليس له أثر مباشر أو واضح 7. يحقّق قدرا أكبر من الإستقرار والأمن ويدفع إلى مسار لا تناحري في التطور الإجتماعي 8. لا يتناقض مع الموروث الديني كثيرا لا يتناقض مع النظريات الحديثة في التطوّر الإجتماعي كالماركسيّة وقوانين الإقتصاد والفلسفة الجدليّة وقوانين دارون باعتباره من إنتاج الفكر العلمي 9. يُتيح الوصول إلى أفراد أكثر عمقا ووعيا وملائمةً في خصائص تتطلبها المراحل التاريخية اللاحقة ردود وتعاليق: في البدء أود أن انوّه إلى أنني لم أفارق عقيدتي بالنظرية الماركسيّة من خلال مقالي هذا وما أزال أعتقد أنها أفضل نظريّة ظهرت لحد الآن يمكن بواسطها تفسير مسار التاريخ الإجتماعي على نفس الأسس العلميّة في الطبيعة وما زلت أؤمن بالفلسفة الماديّة الدايلكتيكية والتاريخية الدايلكتيكية كما يتعمّق إعتقادي أيضا بالإقتصاد الماركسي الذي أبدع نظرية فائض القيمة وأنني ما زلتُ أعتقد أيضا بصحة فرضيات التطور الإجتماعي اللاحق وان مجتمعا تضمحل فيه الفوارق الماديّة بين الطبقات ما زال ممكنا ولكن كل هذه النظريات والأفكار المتقدمة ما تزال تحتاج باستمرار إلى التحديث والمراجعة كما أشار إلى ذلك مبدعوها أنفسهم وكذلك بسبب كونها تستند وتقوم على أسس علمية أي تخضع إلى نفس المفاهيم التي تم إستنباطها من آليّة التطوّر في الطبيعة والتي تجد لها تطبيقات في المجتمع ولذلك لا مناص من أن نبحث عن تطبيقات لها في الأفراد أيضا لتكتمل حلقة مسار التطوّر والتقدّم وان التناقض بين أفكار مختلف فلاسفة العصر الحديث يمكن أن يجد له حلولا أو افاقا للحلول وأن النظريّة الماركسيّة شأنها شان مختلف العلوم والمعارف تحتاج إلى تحديث وتطويرومواصلة رصد المتغيرات التي تطرأ على المفاهيم الكليّة كما أنني وجدت أن أبرز ما أثّر على تطبيقات هذه النظريّة الرائدة هو عدم بلورة نظام سياسي يلائم مبادئ الإشتراكيّة التي تبشّر بها كما وضّحت في عدة مناسبات ومن جانب آخر أحب أن أوضّح أن الفلسفة تبحث في المفاهيم العامّة والكليّة وأن أي تحديث في فكر العلوم المختلفة لا ينبغي النظر إليه كمبرر لرفض كافة جوانب منطوقها العام لأن أي تغيّر أو تحديث في العلوم المختلفة لا يمكن أن يتناقض مع المفاهيم الكليّة إلاّ في حال وجود تطبيقات له في أركان المعرفة المختلفة وحينذاك فقط يمكن أن نعتبره تغييرا أو تحديثا جذريا واحب أن أردّ على أستاذنا الكبير فؤاد النمري فأقول: إن تناولي موضوع الأنظمة السياسية في خواطري هذه ليس المقصود بها نقد التجربة السوفييتية برمتها فهذا كما تعلمون يتطلب جهدا أكبر من هذا بكثير كما أنني أعي تمام الوعي أن الزعماء الأوائل كانوا على قدر من الشعور بالمسؤوليّة وعلى إستعداد للتضحية وقد قدّم لينين كثيرا من الأعمال الخلاّقة والمبدعة والتطبيقات المتنوعة والبدائل المرنة خصوصا في العمل السياسي لأنه كان قائدا جماهيريا حقيقيا وأن ستالين أيضا لا يستطيع أحد أن يطعن بنزاهته وكيف كان متفانيا ودؤوبا ومتعففا في ادائه السياسي والقيادي وأن مرحلته كانت حافلة بالتحديات الكبرى وأهمها خوض غمار حرب عالميّة في وقت كانت الدولة الإشتراكية في مقتبل عمرها مما لم يفسح المجال أمامه لمواصلة التجربة الوليدة واضطرّ الشعب السوفييتي أن يقدم عشرين مليونا من أرواح أبنائه على سبيل صد خطر النازيّة ومن بعد ذلك العودة إلى مواصلة البناء الجديد والتجربة الوليدة ولكن هذا لا يمنع من أن نذكر بعض السلبيات التي حصلت في التجربة السوفييتيّة ولا نخص قائدا محددا ولا إسما بل نشير إلى ما يدخل مضمون موضوعنا السياسي وهو موضوع كما تبيّن لكم الآن يلقي الضوء على أصناف الأنظمة بصورة عامّة ، كما أن الفرديّة التي نشير إليها لا تنحصر في التجربة السوفييتية بل رأيناها في رومانيا وحتى في يوغسلافيا التي خرجت في حينها من المنظومة الإشتراكية وواصلنا ملاحظتها في البلدان العربية والأفريقية وفي كوريا وغيرها إذ وجدنا جنوح كثير من دعاة الإشتراكيّة إلى إقامة أنظمة إستبداديّة فرديّة رغم عدم وجود نمو مناسب للطبقة العاملة ولا وعي البروليتارية الذي لابد منه في أي تجربة بهذا الحجم وقد لاحظنا كيف اصبح قادة يدّعون بناء الإشتراكيّة وتحقيق الآمال الشعبيّة وكيف تحوّلوا إلى دعاة إلى توريث الحكم والنظام إلى أنظمة وراثيّة يُفهم من وراءها التوجه إلى الملكيّة وفي البلاد العربيّة رأينا في مصر والعراق واليمن وليبيا وسوريا وغيرها مدى واقعيّة وحقيقة جنوح قادة الأنظمة إلى التوريث وبلا شروط ومتطلبات إتخاذ الملوك كما نعلم فلو ضربنا بعض الأمثلة لا على الحصر ونظرنا إلى منغوليا مثلا فهل هناك طبقة عاملة؟ أو طلائع بروليتاريّة؟ فالمجتمع إلى اليوم كما أعتقد هو مجتمع رعي ولربما لم يصل إلى المجتمع الزراعي بعد فأي معنى لدكتاتورية البروليتاريا في مثل هذا المجتمع؟ إنني أسلّط الضوء على حقائق جديدة منها ما حقّقته علوم المواريث وأثر ذلك على السعي من أجل إنسان جديد يستطيع حمل مسؤولية بناء مجتمع جديد يتطلب وعيا كبيرا وليس فقط نزع ملكية وسائل الإنتاج ولو كانت وسائل الإنتاج قد تم خصصتها فإن عودةً إلى الوراء تحقّقت وكان من الممكن أيضا أن تتحق عودة إلى عصر الإقطاع لو تم خصّصة المزارع الجماعيّة مثلا إن حصر النظام السوفييتي بستالين أو لينين لا يعني أنه نظام سليم فقد تبين لنا أن مجرّد تبدّل الأشخاص فإنه أصبح ممكنا أن يُساء تشغيل هذا النظام وأن تسلق كثير من الأفراد قمة السلطة ممن هم لا يمثلون الفكر الجديد لم يكن يتطلب كثيرا من التخفّي والنفاق والتزييف. إن فكرة بناء مجتمع إشتراكي هي فكرة جذّابة ولكن نظاما يُلائم ويناسب بناءها لم يحدث وجوده وكل ما حدث في بناء الحزب الذي يقود السلطة إنهار والعبرة بالنتائج فلو كان نظاما صالحا لما آلت الأمور إلى إنهيار دراماتيكي أمّا كون السلطة كان ينتخبها مندوبون من كافة التنظيمات فهذا هو مبدأ الديمقراطية الليبرالية وليس شيئا جديدا ولا يوفّر عناية مهمة لترسيخ ملكية وسائل الإنتاج إلى العمال والفلاحين بل أن أبسط التغييرات السياسية قد تقود إلى سلب تلك الحقوق كما حصل فعلا، لو كانت البرجوازية قد حقّقت تحولات المجتمع بطريقة مماثلة كانت الحياة عادت بسهولة إلى عصر ملاكي الأرض ولكنها عملت على ترسيخ الرأسماليّة في الحياة العامّة مما لم يدع مجالا للعودة إلى الوراء وشيئا من هذا القبيل كان يجب أن تحدثه البروليتاريا لترسخ الحياة الجديدة وتحولات المجتمع إلى الإشتراكية وملكية العمال لوسائل الإنتاج بحيث يصبح من المتعذر العودة إلى عهد الإستغلال الرأسمالي، وهذا لم تستطع تحقيقه السلطة الإشتراكية وقد أشرت في مقالي الموسوم( راسمالية الدولة هي أسوأ طريق إلى الإشتراكية) كيف أن فلاحي العراق الآن لا يستطيع أحد أن يسلبهم الأراضي التي حصلوا عليها بسبب قانون الإصلاح الزراعي ولكن العمال الذين يُفترض أنهم أصبحوا مالكي وسائل الإنتاج لم يستطيعوا الوقوف بوجه الخصّصة التي سلبتهم معاملهم أو حولتها الدولة نفسها إلى خردة وكل هذا يعود إلى النظام السياسي وإلى الإجراءات السياسية ونوع القيادة وخصائصها وليس إلى النظرية الإجتماعية الإقتصادية بحد ذاتها وأمّا بالنسبة لتعقيب الأستاذ طلال الربيعي فأودّ أن أشكره أولا على المقالات التي أهداني إياها بهدف زيادة إطلاعي ومعرفتي وأقول كما بيّنت سالفا ، إن الفلسفة معنيّةٌ بالمفاهيم الكليّة وأية ملاحظات يأخذها الباحثون في اي علم أو مبحث ليس لها حظ كبير في تغيير المفاهيم الكليّة المشار إليها ما لم يتحقق حصول تطبيقات لها في مختلف ميادين المعرفة لكي ترقى إلى صفّ المفاهيم الكليّة وهذا غالبا يأخذ وقتا يناسب أهمية التغيير كما أن علماء الفروع العلمية المختلفة ليس بمقدورهم إنجاز طرح مفهوم جديد لأنه من شأن الفلاسفة وليس العلماء وهذا بسبب كون العلوم كما ذكرنا إحدى تطبيقات الفكر الفلسفي . ومن ناحية أخرى أود أن أعيد تعقيبي للأستاذ الربيعي شاكرا له نصائحه: حضرة الأستاذ العزيز طلال الربيعي المحترم أعلم أن هناك آلاف مؤلّفة من المقالات تُكتب هنا وهناك وبلغات متعددة وعلى مستويات مختلفة ، ولكن هذا ليس المقصود بل المقصود ما عكسته تلك المقالات والدراسات على منطوق النظريّة الماركسيّة ومبادئها الأساسيّة والتي ما زال عدد كبير يدور في فلك المفاهيم التي نظّر بها وقدّمها أصحاب الإرث الكلاسيكي هل مازال تناول دراسة المنطق الجدلي على الحال الذي وضعه هيغل وطوّعه ماركس؟ هل ما زالت دراسات أنجلز وتوفعاته مقبولة؟ هل أن هناك أولويّة للمادة على الفكر أم أنه تبادل تأثير وليس هناك في الأمر أية أولويّة إن المنطق العلمي ( منطق العلوم ) يطرح تصورات ترقى إلى تحديث تلك المفاهيم وما يرتبط بها من تطبيفات إجتماعيّة أو تاريخيّة ، إن مقالي المتواضع هذا لا يتناول كل تلك التساؤلات والأفكاربسبب المجال الضيق الذي أتناوله وهو الأنظمة السياسيّة وستجدون أن لنا مبررات طرحتها وقائع التحولات التي جرت في مجتمع الدولة السوفييتية بسبب إنتهاج مغالطات باسم الإشتراكية ولكنها لا تمت بأي شكل إلى الإشتراكية بصلة خذ الخصصة مثلا وقد ذكرت هذا سابقا في مقال ستجدونه في ذيل مقالي هذا ألم تكن وسائل الإنتاج قد تم تمليكها إلى العمال إبان الثورة البلشفيّة؟ فكيف تم بيعها؟ ومن له الصلاحية بذلك؟ وهل عادت عوائد البيع للعمال الذين تملكوها؟ ثم ما ذا كان يمكن أن تؤول له الأمور لو تم إنجاح فكرة المزارع الجماعيّة ومن بعد التحولات تمت خصّصتها فهل كان الإقطاع سيعود وملاكي الأرض سيظهرون مرةً أخرى ويعود الإستغلال الطبقي والظلم الإجتماعي من جديد؟ أنني أطرح هذه الإجراءات باعتبارها حصلت وتحصل بقرارات رسميّة وبواسطة نظام سياسي لم يحترم ملكية العمال لوسائل الإنتاج وليس هذا هو هدف المقال المتواضع بل هدفنا هو تحليل الأنظمة السياسية التي قامت على مدى التاريخ وبيان مواكبتها لمنطق التطور التاريخي أم لا وليس مقالنا مقالا أكاديميا صرفا بل هو كما ترون موسوما بعبارة (خواطر) وأعود لأتساءل عن الأسس والمفاهيم الأوليّة عن مبادئ العلاقة الجدلية بين المادة والطاقة وهل ما زالت الفلسفة ماديّة فعلا تماما كما طرحها ماركس وفيورباخ وبليخانوف وأنجلز ومن جاء من بعدهم أن السيل الجارف من المقالات والأبحاث العلمية قد أثبتت ضرورة إجراء تحديث لتلك المفاهيم وأين هو هذا التحديث إن كان صادقا ولازما؟ وفي المجال الفلسفي وليس في مجال العلوم الصرفة فهذا أمر حاصل ونتابعه كل يوم ولكن تأثير ذلك على المفاهيم الكليّة هو المطلوب . إن أي بحث أو مقال رصين يمكن أن يوجب تحديثا على مجمل منطوق الماركسية بل حتى البيان الشيوعي أيضا ولا نرى من يجرؤ على تعليق الجرس لغايته هذه وليس المقصود وجهات النظر والتفاصيل العابرة وإنما المفاهيم العامّة هي المستهدفة ، أي ما هو شكل التطوّر اللاحق للفعاليات الإجتماعية الإقتصاديّة على كوكبنا وفي كل المجالات نحن ناس علميون ونتفاعل مع مختلف مفردات الحصيلة العلمية ونريد أن نعلم هل حقا أن الإنقسام الطبقي سيزول؟ هل حقا أن الطبقة العاملة هي المؤهلة لقيادة المجتمع ولها أمر تحقيق الإشتراكيّة؟ كل يوم نفكّر بكل شئ مجددا ولا ضير من ذلك فليس هناك بنظر العلم والتقنيات الحديثة أية أمور مستبعدة ولو كانت المقالات والأبحاث رصينة ما فيه الكفاية فإن الماركسيين من واجبهم أن يجروا كل ما يلزم لتحديث مسارهم كل يوم حسب معطيات العلوم المختلفة ولكن هذا الهدف لم يحصل لحد الآن الحديث يطول وأنا آسفُ عن الإطالة والمقال لا يتناول كل ذلك بل يتناول الأنظمة السياسية فقط والتي لا نرى أن تطوّرا مناسبا قد جرى عليها وعلى أنظمة الحكم بل أن ما جرى كان مجرد تشكيلات فوقيّة لا تجاري ما كان متوقعا من تحولات إجتماعية إقتصاديّة للأسف وأنا أشكر لكم مروركم وتعقيبكم وأتشرّف بملاحظاتكم المختلفة واودّ ان أضيف ان ما يطرحه المتخصصون من معلومات حديثة ونقد لم نجد له صدى على مستويات البحث الفلسفي ومستوى النظرية الماديّة الدايلكتيكية وهذا هو ما يهمنا هنا . بيد ان ما نطرحه من خواطر متواضعة تمتلك اسباب منطقية وعمليّة تهدف إحداث تغييرات مقبولة لاسيما في الأنظمة السياسية ، إنني يا أستاذنا الربيعي لا أرفض أن أطّلع على أي نوع من المعرفة ولكن ما أرفضه هو إطلاقكم للصفات والنعوت السريعة ولو كنتم على ثقة بما تعتقدونه حقائق فلسفية كان الأجدر بكم أن تعرضوا للقارئ وجهة نظركم أو تطرحوا ما تجدونه مخالفا لآرائنا المتواضعة وهذا يكفيكم شرّ النعوت والأوصاف ، وأرجو مخلصا أن لا تكلّفوا نفسكم أية زيادة في التعليق والتعقيب فكلنا هنا نضع بأنفسنا هوياتنا ونبصم عليها وذلك يكفينا جميعا امّا الأستاذ الزيرجاوي فلم أجد لديه شيئا او تعقيبا على مقالنا سوى نعته لنا ورميه إيانا بالجهل وبعض المماحكات بينه وبين الأستاذ الكبير فؤاد النمري وهذا يخرج عن علاقتي بالموضوع واعود إلى أستاذنا النمري المحترم لأقول أنني لم أوجّه أي ملاحظة شخصيّة لأي من القادة الرئيسيين بصفاتهم الشخصيّة بل من خلال نظام عام جرى العمل به وان النتائج لم تكن مشجّعة مما يدل على أنه لم يكن هناك نظام يناسب النظرية الفكرية الماركسية مما عاد بكل تلك الإخفاقات وانا أعلم أن النظام يأتي بالقادة والرؤساء طبعا مما يدعوني إلى التفكير بأسباب حصول ذلك إن كان النظام السياسي سليما . نحن موضوعيون اي ان عملنا الفكري يُشبه إلى حد بعيد عمل العالم في مختبره فليس له أن يتدخّل في تفضيل بعض المعطيات على بعض أو إنتقاء البعض وإهمال سواها ولا حتى تقييمها من حيث الأهليّة وأن مهمته العلمية تدعوه لاحترامها جميعا وأنه عند العمل لا يُدخل رغباته أو قناعاته في سير العمليات العلمية بل يترك الواقع يتصرّف ويتفاعل بكل حريّة وأن ما يتحصّل عليه من نتائج فإنه يقبل بها كما هي ولا يحذف بعضها ولا يُضيف وهذا هو ما نسميه الواقع الموضوعي وهو ما يقع خارج وعينا ومستقل عن إرادتنا إن النظام السوفييتي كان نظاما من الأبنية الفوقيّة وبالتالي كان محاكاةً للديمقراطيّة والليبراليّة ولكن بسلطة تستطيع توجيهه ولا يوجد تعليل علمي لآلياته كما في الأنظمة التي عرضنا بعضها آنفا وبالتالي فإنه لم يأتِ بجديد. إنني أحترم وجهة نظر أستاذنا الكبير النمري ولكن الإنهيار الواسع الذي رافق قوى اليسار والإشتراكية يستدعي مواجهة الإخفاقات التي حصلت بروح العمل العلمي والإيمان بأن النصر لا شك سيكون حليف قوى التقدم التي تلبي متطلبات التطور التاريخي وكل ما علينا هو أن نبحث في كل الجوانب ولا نستثني جانبا لكي نتخطّى فكر الذين يرون أن أي خطأ يعني إنتهاء الفكر التقدمي بأجمعه ،فالتاريخ سيواصل سيره على هدى الفكر التقدمي ومفاهيمه ولا شك . والسلام عليكم ورحمته وبركاته .
#سنان_أحمد_حقّي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(7/8)
-
خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(6/8)
-
خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(5/8)
-
خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(4/8)
-
خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..!(3l8)
-
خواطر حول الأنظمة السياسيّة ..! (2/8)
-
خواطر حول الأنظمة السياسيّة (1 /8)
-
عباس البغدادي.. العملاق!
-
أسوا ما يمكن..!
-
مهام المستقلين الوطنية ومحنهم..!
-
قراءة في لغة فاطمة الفلاحي.
-
بغداد..!
-
حزن .. !
-
المستقلون بين الإحتواء والتسقيط..!
-
ضوء على خدمة العلماء والأساتذة الكبار..!
-
الحركة الخامسة من السمفونيّة السادسة لتشايكوفسكي
-
ثلاثة مقاطع شعرية..!
-
قطّتي ، مغمضةُ العينين..!
-
أفارسيٌّ أم عربيٌّ ؟ أم هو خليج البصرة!
-
شكاوى المواطنين وتصريف مياه الفضلات ..!
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|