|
حوار العيون الحلقة الرابعة
الرفيق طه
الحوار المتمدن-العدد: 4373 - 2014 / 2 / 22 - 08:59
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
اعلن هاتف السيد الاربعيني اذان صلاة العصر ، طلب الاستىًذان من السيدة للذهاب للمسجد . و بينما وقفت تحدثه بصوت غير مسموع ، كان حديثهما عبارة عن اوامر من السيدة للرجل ، هذا يظهر من حركاتهما ، كان اعوان الفندق يهيوًون ماىًدة هناك داخل القاعة . استاًذن الرجل الاربعيني من احمد و خرج . دعت السيدة ضيفها للماىًدة التي تم تهييوًها . رافق احمد مضيفته الى ان اشارت له على مكان جلوسه ، شكرها و اخذ مكانه على الماىًدة ، جلست الى جانبه . كانت القاعة قد خلت من الكل الا احمد و السيدة المنقبة . على الماىًدة كل ما يمكن ان تشتهيه الانفس من اطعمة خفيفة و سلطات و مشروبات مختلفة الشكل و الالوان . تتوسط كل ذلك قارورة الشامبانيا . بداً الحديث بين احمد و السيدة محتشما كشخصين لم يسبق لهما ان تعارفا من قبل . لكن المثير ان السيدة هي المبادرة .احمد في حالة ارتباك ، بينما يشعر بالاحترام و التقدير الذي لاقاه من مضيفته و كل اعوان الفندق ، و انبهاره بالمكان و حسن المعاملة ، يزعجه جهله لكل هوًلاء الذين يحيطون بالسيدة و ماذا وراء هذا كله . رغم ذلك حافظ على هدوءه المعهود و تظاهر بتعامل عادي مع كل ما يجري . نزعت السيدة الخمار عن وجهها ، و ابتسمت . كانت ابتسامة عريضة و بصوت انثوي رخيم حتى ظهرت اغلب اسنانها . قالت لاحمد اراك غير مرتاح . اجاب : لا لا. بالعكس . نظر اليها بحذر شديد تشوبه الحشمة الزاىًدة . الوجه الذي اخفاه الخمار كان ملاىًكيا . بياض ثلجي و كاًن الشمس لم تراه من قبل ، يتكسر بحمرة الخدين . سواد الحاجبين واهذاب العينين ترصع الوجه. زرقة العينين تجعل الناظر فيها يغرق في نهر هادىء . اما الاسنان ليست الا جواهر بيضاء بين شفتين منتفختين بعض الشيء و حمرتهما طبيعية و كانها سطرت بريشة فنان . نظر احمد في وجه السيدة و اعاد النظر دون ان يدري لماذا . يتساءل في دواخله لمن تشبه السيدة . بادرت السيدة مرة اخرى بالكلام ، اقدم لك نفسي . اسمي حسناء ، انا الرىًيسة المديرة العامة للفندق . امتلك نسبة ثلاثة و سبعون من الماىًة من اسهم هذه الشركة . و اعتبر نفسك في بيتك . قال احمد تشرفت بمعرفتك سيدتي . هذا التوضيح من السيدة خفف عنه عبىًا ثقيلا كان يحمله ، لكن ملامح السيدة تثير فضوله و شغفه . يقلب في ذاكرته عمن تشبه السيدة التي امامه . هل هي امراًة يعرفها ام شبيهتها ام ان حسناء احدى السيدات المشهورات في السنيما او التلفزيون . قدم نفسه لها . احمد ، رجل اعمال و لدي مهام ادارية في شركات دولية مهمة . اجابته حسناء و الفرح يسطع منها ، انا سعيدة بك و بمعرفتك يا احمد اجابها بارك الله فيك يا حسناء فتحت قارورة الشامبانيا و ساًلته ان كان يشرب ، اجابها طبعا . صبت في كاسين نسبة الثلث من كل كاس . وضعت القارورة و وقفت تنزع عنها البرقع . عادت لمكانها . كان البرقع اللعين يخفي تحته احدى حسناوات العالم . سيدة كاملة متكاملة . الابتسامة و طريقة الاكل و الكلام و حركات اليدين تنضاف للبذلة التي ترتديها تظهر ان حسناء امراة راقية . جلست بتنورتها السوداء و قالت : "الله كم ان الحرية مريحة" . ابتسم احمد و قهقه قليلا و قال لها و من فرض عليك السجن الثوب . قالت انه سجن حقيقي ، و قصته طويلة . كلما طال الحديث بينهما كلما اقترب احمد من تحديد ملامح حسناء و لمن تشبه . عادت به الذاكرة الى ايام الدراسة بالاعدادي ، و احدى التلميذات التي كانت تدرس معه في نفس القسم . كانت طفلة مدللة . لم يقدر على التريث و ربما القليل من الشامبانيا شجعه على السوًال . هل كانت لك اخت تدرس في اعدادية دار السلام في الثمانينيات . اجابته : ليست لي اخت و لا اخ ، انا وحيدة والدي ، لكني انا درست بهذه الاعدادية . قال احمد انت حسناء بنت فلان ؟؟ ( اشارة الى اسمها العاىًلي ) . قالت نعم انا . كانت طفلة مدللة . جد جميلة . ملابسها مميزة في القسم و المدرسة . تجلس في الطاوولة الامامية و من خلفها احمد . كانت التلميذة الوحيدة التي لا يجلس بجانبها احد . كانوا يقولون عنها انها ابنة الوزير . بقيت فريدة في الطاوولة الى ان التحقت بالقسم بنت احد كبار الموظفين الذي عاد من الخارج بعد انتهاء مهمته . كانت هذه الموًسسة خاصة بابناء كبار موظفي الدولة و ذوي الاسماء الشريفة ، يتم انتقاوًهم من كل المدارس للالتحاق بهذه الاعدادية . اعدادية لها نظام خاص . كانت التلميذة حسناء محروسة اشد الحراسة من طرف المدرسين و موظفي الادارة و حراس الاعدادية .لا تفارقها مراقبتهم حتى يتسلمها ساىًق السيارة . هذا الذي ترافقه شابة تجلس مع حسناء في الكراسي الخلفية للسيارة و تحمل لها محفظتهاو مظلتها . كان كل التلاميذ يلاحظون هذا و يراقبونه دون ان يعيروه اي اهتمام . و كانت حسناء التلميذة النظيفة المهذبة ، قليلة الكلام جميلة الوجه و اللباس ، رشيقة بريىًة الملامح ، زرقاء العينين و شعرها يميل الى البني . لا تلعب مع اقرانها في الساحة ، بل كانت لها لعبة اليكترونية يحتفظ لها بها المدرس حتى وقت الاستراحة لتسلمها له فيما بعد . كان الصمت و الهدوء من شيمها . لم تكتمل السنة الرابعة اعدادي حتى غابت حسناء عن القسم و المدرسة . قيل انذاك انها ذهبت الى امريكا مع ابيها الذي عين في مهمة ما . رغم ان احمد يشعر بالاثارة و الاعجاب بالانيسة الجميلة حسناء ، الا ان الحراسة المشددة عليها لم تسمح له بالتواصل معها و لو بشيء . و رغم ذلك احتفظت ذاكرته بالوان ملابسها الجميلة و بتسريحة شعرها المميزة و جمال وجهها اللامع و باقلامها الخاصة و حتى دفاترها كانت من نوعية مختلفة . و الاجمل هو براءتها . قالت حسناء تذكرت حين كنت تجلس في الطاوولة خلف طاوولتي . اتذكرك تنزع مقابض شعري من خلفي و اشعر بذلك دون ان تثير احساسي بذلك . و كنت تعيد لي المقبض في اليوم الموالي تضعه في مكانه حتى و ان كان غير منسجم مع تسريحتي و لباسي . كان ذلك يثير تساوًلات امي ، لكنها لم تكن ترضى ان تسال عن اشياء بسيطة . ضحك احمد و هو يتذكر مشاكسته . رغم انه كان من ابناء العاىًلات المعروفة في المدينة و رغم انه من المحظوظين الذين يدرسون بهذه الاعدادية . الا انه كان داىًما يميل الى المشاكسة ، بل كان يرفض ان يرافقه الساىًق الى باب القسم او الى ان يسلمه للحارس العام . كان يشعر بضيق شديد و يشفق على حسناء من الوضع الذي تعيش فيه . تبادل الاثنان الذكريات التي مازالت محفورة في ذاكرتهما بتلك الاعدادية . لم يعد احمد يشعر بالوحشة في القاعة الفسيحة . اخبرته حسناء انها تحتفظ له بتذكار قد يكون نساه . سلسلة من الفضة يتوسطها قلبان ملتصقان كتب على اليساري احمد و اليميني حسناء . ابتسم احمد و اثار ذلك اعجابه و شعر بلهفة لروًية التذكار . اعاد شريط احداثه . فقد اشتراه من مدينة اسطياف في الجنوب اثناء العطلة الصيفية ، و لما كان من الصعب عليه محادثة ابنة الوزير فقد وضعه لها على الطاوولة . اختطفته حسناء و احتفظت به لمدة سبعة عشر سنة . سافرت حسناء الى الولايات المتحدة الامريكية صحبة والدها الذي عين هناك في مهمة دبلوماسية بواشنطن. هناك اكملت دراستها الثانوية و الجامعية . و بقيت تحتفظ بالتذكار دون ان يكون لها امل في ملاقاة صاحبه . تابعت دراستها العليا بامتياز . قدمت رسالة الدكتراه في تسيير المقاولات . حصلت على الدكتوراه من احدى جامعات نيويورك بميزة ممتاز ، بل كانت في المقدمة و بمعدل لم يسبق تحقيقه في تلك الجامعة . طوال تلك المدة و حسناء فريدة ، لم ترتبط باي شخص . كانت تعاشر الرجال و النساء في حدود علاقة الدراسة و فقط . طلاب هذه الجامعة من الامراء و ابناء ملوك و كبار رجال المال و الاعمال في العالم . كانت حسناء تحظى بحب و احترام الجميع . طالبة لا تظهر عليها اية علامات الانتماء للشرق عامة و المغرب خاصة . تعيش كالامريكيات ، خاصة انها تتقن اللغة النجليزية وتثقن الموضة بشكلها غير المثير . كانت من طالبات عصرها في المجتمع الامريكي . في اليوم الذي ستقدم فيه رسالة الدكتوراه لاحظت ان ذلك لن يتم في حرم الجامعة ، و لكن باحد الفنادق الفخمة بنيويورك . لم تعر الامر اهتماما . اعتقدت ان هذا اختيار ادارة الجامعة فقط . لم تكن تنتظر رحابة المكان و لا ما تم تقديمه للحضور من مشروبات و حلويات مغربية ، خاصة ضيوفها المدعووين . و الحفاوة الخاصة التي تلقاها والديها وسط الحضور بتمييز مكان جلوسهما . و بعد ان اعلن الفريق المشرف على الرسالة نجاح حسناء و حصولها على اًعلى ميزة في تاريخ هذه الجامعة المميزة دوليا ، تفاجاًت حسناء باعلان غريب ، مفاده ان الذي تحمل تكاليف القاعة و الاستقبال بهذه الفندق المشهور هو احد زملاءها في الجامعة . تقدم الزميل للمنصة و قدم نفسه بعد تحية حسناء و الفريق المشرف و خاطب حسناء امام الملا . من هنا اتقدم للدكتورة حسناء طالبا يدها للزواج . لم يكن للدكتورة حسناء وقتا للتردد، و اعلنت قبولها . صفق الجميع و كان الحفل حفلان . حفل الدكتوراه و حفل خطوبة . تزوجت حسناء براشد . انه احد امراء المشرق . كان يعاملها في الجامعة معاملة خاصة ، و لكنها لم يخطر في بالها الزواج منه . بعد سبعة اشهر من الزواج ظهرت علي راشد اعراض مرض لم يمهله سوى اربعة شهور ليوارى الثرى . ثمرة هذا الزواج ابنا يسمى اسعد . رن هاتف حسناء و هي تحكي لاحمد بلهفة متناهية ، و تذرف دموعا تجففها بليونة ، تستعيد شريطا من ايامها و الرشاقة لا تفارق وجهها الجميل . انه الرجل الاربعيني الذي عاد من مشواره و يخبرها انه رهن اشارتها . امرته بالانتظار بعض الوقت . وضعت يدها على ركبة احمد و امعنت في النظر اليه و قالت " سنلتقي في موعد اخر لاحكي لك اصعب ايامي يا عزيزي " . الرفيق طه 21/02/2014.......23:35
#الرفيق_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الالحاد السياسي
-
حوار العيون الحلقة الثالثة
-
حوار العيون الحلقة الثانية
-
حوار العيون
-
لقاء صامت
-
اعتبار العدل و الاحسان جزء من الحراك المغربي خسارة للرهان .
...
-
اعتبار العدل و الاحسان جزء من الحراك المغربي خسارة للرهان .
...
-
مصر بعد سوريا و العراق ... امريكا تدمر المنطقة 2 ( ذرائع الت
...
-
مصر بعد العراق و سوريا .. امريكا تدمر المنطقة 1
-
تسييس العفو و اعفاء السياسة ملاحظات اولية في العفو عن البيدو
...
-
مصر بين شرعية النص و شرعية الميدان. الجزء الاول
-
مصر: الاخوان ، الجيش و المعارضة اي سيناريو
-
البيان في علاقة 20 فبراير بالعدل و الاحسان
-
فاتح ماي/ ايارللعمال اية علاقة ببن كران ؟
-
اليسار و اشكالية النضال الدمفراطي ( مساهمة في ندوة psu 7/8/1
...
المزيد.....
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
-
المملكة المتحدة.. القبض على رجل مسن بتهمة قتل واغتصاب امرأة
...
المزيد.....
-
العنف الموجه ضد النساء جريمة الشرف نموذجا
/ وسام جلاحج
-
المعالجة القانونية والإعلامية لجرائم قتل النساء على خلفية ما
...
/ محمد كريزم
-
العنف الاسري ، العنف ضد الاطفال ، امراءة من الشرق – المرأة ا
...
/ فاطمة الفلاحي
-
نموذج قاتل الطفلة نايا.. من هو السبب ..؟
/ مصطفى حقي
المزيد.....
|