أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي مسلم - رحيل المصابيح














المزيد.....

رحيل المصابيح


علي مسلم

الحوار المتمدن-العدد: 4372 - 2014 / 2 / 21 - 23:13
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


حين يعم المساء على دروب قريتنا كما العادة كل يوم ويعود القرويون مهرولين من حقولهم نحو جوف أسوار البيوت المتعبة ويرحل المصباح المنهك مع الشمس في إجازة دون خجل أو فضيحة هاجرا زيته العتيق وفتيله الناشف من كل ألوان واشكال الرطوبة ، تاركا وجه حبيبتي الصبوح مع العتمة والخوف وفقدان الأمان لتتلمس بأناملها وحواسها كل ما يمت إلى الحياة من صلة وتواصل . حين يزورنا الليل كعادته وسط استسلام الصمت لأصوات الطيور الحديدية الشرسة حين تأتي في غفلة منا فارضةً آلاماً وأوجاعاً بدل السكينة والهدوء دون إذن من رقيب أو حسيب ، لتزرع الخوف هديراً وقنابل وتنثر الموت المنفلت من عقاله و بعض الدمار في أروقة الذاكرة التي استباحها جنون الدكتاتورالمتربع على عرش الجريمة ، وحدها النجوم تغدو ينابيعا للضوء المتدفق كاللصوص حين ينساب على قارعة الدروب ناشرا ظلاً لأحجار الطريق الصامدة رغم التعب مع طيوب الياسمين في أزقة قريتنا المهمشة والمهشمة كرأس أفعى حين يهشمها القروي النبيل بالحجارة لتتحول إلى شاهد عيان على رحيل الاقحوان وموت أناس كانوا قد ولدوا أحراراً . حين يغادرنا النهار كعادته وسط ضجيج طلقات المدافع المندفعة نحو البراءة من كل حدب وصوب تخرج الصبية من العتمة لتعتلي درج بيتها وتحدق صوب طريق كروم التين غرباً علُها تحظى بشبح حبيبها قادماً، لم تنسى قط لحظة توديعها بقبلة بريئة آخر مرة حين حمل كلاشنكوفه الذي ورثها من ابيه مع بعض الرصاصات المتبقية من معارك الأمس عل تخوم حلب المدينة حين قال : - سنتزوج قريباً يا حبيبتي بعد أن يتم إسقاط النظام ويرحل الطغاة من أرض الوطن وتنطلق آهازيج الفرح من كل مكان ، لم تنسى قط نظرات أمها الشذرة حين كانت تقطب حاجبيها لحظة الوداع في كل مرة فالبرغم من حشرجات الوداع كان لذلك وقعاً جميلاً في نفسها كيف لا ولها في كل مرة قبلة مع تغيير المكان ..؟ عندما يأتي المساء ويرمي بمنديله الأسود على قريتنا يلملم الأطفال دفاترهم المدرسية دون رتابة مودعين وديان الحروف والكتابة كما ودعوا مقاعدهم المدرسية والتي تحولت إلى مساند للبنادق في النهار ووقودا لطرد البرد ليلاً... إنها طقوس الحرب حين تضع أوزارها على موائد الفرح وتقصف الجمال في غمرة الزمن المستباح دون إذن من أحد ، حينها فقط تبدو الأشياء على غير عادتها وتبدل من وظائفها كل لحظة وتغدو قوانين الأمور مهملة ، مهمشة ، ثانوية وحدها المقابر تنتعش في إستقبال المزيد من الزوار التائهين وسط ركام المجازر وقتل ظل القتيل ...؟ وحين ينتعش الهدوء بعد حين وتبيض على أئرها وجه السماء معلنةً بداية يوم جديد تعود الشمس بدفئها المعهود إلى باحة السماء لتعلن سلامة من تبقى ويخرج القرويون إلى حقولهم من جديد في تحد للموت المتربص بهم ليل نهار ويحلمون بنهار طويل وبليلة جميلة يسودها نور المصابيح التي فقدت القدرة على تكرار الرحيل ...؟



#علي_مسلم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشروع الاتحاد السياسي هو بمثابة إعادة لصياغة المشروع السياسي ...
- خطوة الألف ميل
- جنيف2 – نهاية نفق الموت
- عابر ثورة – والسجود في محراب جنيف
- خفافيش فوق حلب
- هل سيجيد الأكراد قراءة جنيف2 ؟
- عجوز يمثلنا في جنيف2 – هل شاخت حركتنا إلى هذا الحد
- ثرثرة دبلوماسية أم تبدل في الموقف الأمريكي
- في تعقيدات وحدة الموقف الكوردي
- برهة في أحضان سلوبي
- في هودج الوطن
- جنيف 2 – الخيار السوري الصعب
- جنيف2 وضرب حائط الائتلاف بجدار الداخل
- جنيف2 وترحيل الحل لحين آخر
- في مجالس القادة
- صالح مسلم – رحيل نحو الوهم
- ذبول الأقحوان
- طبول الصمت...؟
- عودة الروح – في انضمام الكورد إلى الائتلاف
- معبر وعابر وعبور


المزيد.....




- النهج الديمقراطي العمالي يدين الهجوم على النضالات العمالية و ...
- الشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب تدين التصعيد ا ...
- -الحلم الجورجي-: حوالي 30% من المتظاهرين جنسياتهم أجنبية
- تايمز: رقم قياسي للمهاجرين إلى بريطانيا منذ تولي حزب العمال ...
- المغرب يحذر من تكرار حوادث التسمم والوفاة من تعاطي -كحول الف ...
- أردوغان: سنتخذ خطوات لمنع حزب العمال من استغلال تطورات سوريا ...
- لم تستثن -سمك الفقراء-.. موجة غلاء غير مسبوقة لأسعار الأسماك ...
- بيرني ساندرز: إسرائيل -ترتكب جرائم حرب وتطهير عرقي في غزة-
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال ... دفاعا عن الجدل --(ملحق) دف ...
- اليمين المتطرف يثبت وجوده في الانتخابات الرومانية


المزيد.....

- ثورة تشرين / مظاهر ريسان
- كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي مسلم - رحيل المصابيح