|
الهم ..تالق الحلم..ومرارة الواقع ..قراءة نقدية في المعرض التشكيلي المشترك للفنانان (رضا فرحان وشداد عبد القهار)
علي جبر البغدادي
الحوار المتمدن-العدد: 4370 - 2014 / 2 / 19 - 08:21
المحور:
الادب والفن
لم يكن معرضا تشكيليا عاديا والسبب يكمن بزمانه ومكانه فلا الزمان قادرا على التوثيق ولا المكان يستطيع تجاوز جراحاته اليومية فالموت يحيط الاشياء في بلد الرافدين، فمن هذه البيئة يعلن التشكيل العراقي انتصاره حاملا خطابه على يد اثنان من ارض سومر مفاده (تشكيلنا بخير) وانا باقون نحيا امتدادا لذلك الارث الفكري العظيم .....لست اليوم بصدد مدح اسم او تجميل صوره لكن استشعرت كوني معني بمسح اتربت الاقدار المؤلمة عن نتاجات الابداع الحقيقية التي فرضت وجودها واعلنت عن حياتها رغم كل الجراحات،فالطالما كان التشكيل العراقي يحمل على اكتافه هموم وطموحات مبدعيه ونرجسيتهم واصرارهم على البقاء في حلقة الابداع والجمال ،فانا اليوم اصبحت اكثر ايمانا بان المجتمعات الحية لايمكن ان تموت مادام فيها فنا يرتقي القا نحو السمو.. ان المعرض التشكيلي المشترك ل(شداد عبد القهار ورضا فرحان) الذي احتضنته قاعة مدارات للفنون التشكيلية جاء بامضاء اثنان من انبل التشكيليين فنا ووخلقا، فهما اليوم اعادوا الثقة بحجم التشكيل العراقي الذي لطالما تفاخرنا به وانتمينا له ،انها تجربة اعادتنا الى الذاكرة القريبة والقها الجميل، حينما كانت بغداد مركزا للابداع والمبدعين ،فما عرض من نتاجات في هذا المعرض تجلت بمضامين الهم العراقي الذي لايعدو كأي هم انه هم الصراع نحو البقاء وصولا الى الحفاظ على القيمة والهوية والبعد الانساني .. وانا احاول الانتقال من هم لهم اخر في ثنايا القاعة متاملا بين الاعمال المعروضة وكاني غادرت خطوات الواقع المحسوس للسفر الى عوالم الجمال متناسيا ذلك الحزن الذي انتابني لحظة دخولي القاعة حينها ادركت اني مانحا نفسي الحرية متناغما مع ذاتي محاورا همومي التي احالها شداد بالوانه رسما واصاغها رضا بلمساته برونزا، فهم بذلك تخطوا الخطوط الحمراء لعتبة الجرءه من خلال تجسيدهم لواقع اصبح اليوم بعيدا عن ماكانا ينتظرانه متفائلين املا بسعيهم ايصال الخطاب الذي لم يعد هاما للسواد الاعظم ممن يشاركوهم الحياة ،الا النخب القليلة الذين يعيشون الهم معهم ،فهما اشبة بطائرين على اغصان شجرة خاوية ،فلم تعد الحياة تسحرهم رغم حبهم لها ولجمالها ..فما لوحات شداد الى استذكار للحظات عاشها بصورة الحلم هروبا من واقع ماكان الا وجها للقساوه والالم واما منحوتات رضا فرحان الا افكار وذكريات متناثرة تجلت بثيمة الراس الذي نحمله عبا ثقيلا على اكتافنا ،يرهقنا تاره ونتامل من خلاله تارة اخرى لنخلق فنا يحيلنا الى منطقة النقاء والصدق مع انفسنا وان نعبر عن حقيقة الاشياء بصورة تماثل قساوة الحياة وجفافها ان اعمال شداد عبد القهار ورضا فرحان هي بالحقيقة بحث دائم عن منفافذ تبحث عن فضاءات واسعه في بلورة التجربة التشكيلية العراقية سواء من الناحية الشكلية او التقنية، فالتجديد لديهم يعتمد بشكل اساس على التكنيك والقدرة على استعمال الخامات واليات عرضها والتنوع في معالجة المواضيع بالاسلوبية التي تميزا نتاجاتهم فكل عمل من نتاجاتهم يحمل سر وجوده لكن اغلب اعمالهم تشترك في الحضور الجسدي الانساني وهومرتبط لديهم بمجموعةغير متناهيه من التداعيات الجمالية في توظيف تلك الأشكال من خلال الانسجام والقيمة اللونية، فهم يمتلكون الجرأة في تقديم منجز بصري يحاكي مايدور في ذهنية المتلقي، فيحاولان ان يدخلا عناصر جديدة في كل مرحلة مستفيدين من سعة افق التجريب، وهذا يقودهم الى فضاء مفتوح لإيصال سلسلة من الأفكار والرؤى المستحدثه، فلم يعد الأسلوب وحده الشيء الذي يميزاً اعمالهم بل التغير الموضوعي والبحث الدائم عن تقنيات التعبير تلك التي تلبي الهدف الأساس ببصمه خاصة يشيع فيها الحس الجمالى وروح الابتكار مع الحرص على جوهر القيم التشكيلية. فهم يؤكدان على دور الايحاء والتعبير والانطباع الفكري والبصري مضاف الى الواقع الذي لايسعان الى تجسيده بل الى ازدراءه.
علي جبر فنان تشكيلي وناقد بغداد2014
#علي_جبر_البغدادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دراسة تحليلية لتحديات -العمل الشعبي الفلسطيني في أوروبا- في
...
-
مكانة اللغة العربية وفرص العمل بها في العالم..
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|