|
عن موجة الارهاب الاخيرة : تعددت ِالغايات والمصير واحد
حيدر فاضل
الحوار المتمدن-العدد: 1241 - 2005 / 6 / 27 - 10:46
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
ليس صحيحا ما صرح به ابراهيم الجعفري ، أمس الجمعة في واشنطن ، عن انحسار أعمال العنف وتراجعها ، فقد شهد العراق وبغداد خاصة خلال الاسبوع الماضي ، موجة عنف متميزة وعمليات ارهابية وتخريبية لا تقل بشاعة وضررا، ان لم تتفوق عما كان قبل عمليات البرق التي يبالغ الجعفري ووزراؤه في مدى نجاحها. لن ينفع اخفاء الحقائق او التخفيف هنا والمبالغة هناك ، خاصة عند العراقيين ، فهذا يضعف المصداقية المهزوزة أصلا . ثمان سيارات مفخخة في ظرف 12 ساعة ، استهدفت أحياء شعبية مكتظة بالسكان والمارين ، الشعلة والكرادة الشرقية ، راح ضحيتها عشرات المدنيين . وعملية نوعية في حي الاعلام بالسيدية ، فجر الاثنين الماضي ، شارك فيها عشرات المجرمين المنظمين جيدا ، قدموا في موكب من عشرات السيارات وتوزعوا الى اربع فرق عمل ، مجهزون بأسلحة حديثة بينها قاذفات (( استرلا )) المضادة للطائرات ، ومعلومات جيدة اعانتهم كثيرا ، بخطة عسكرية وضعها محترفون يعرفون خصمهم ومنطقة الهدف جيدا ، خطة ناجحة من وجهة نظر حرب العصابات التي تقتضي احدى قواعدها بالانسحاب حين يهجم الخصم والهجوم على الحلقات الضعيفة حين يهدأ او ينسحب . وايضا العمل التخريبي الذي سبب قطع الماء عن اغلب احياء العاصمة بغداد ، لأيام متتالية ... وغيرها . موجة الارهاب الاخيرة لها مايميزها من دوافع واهداف سياسية ، فهي من جانب تأتي ردا واضحا على عمليات البرق والرمح والخنجر وغيرها ، التي وضعت الحكومة والقوات الامريكية الكثير من ثقلها الامني والعسكري فيها. وبتزامنها مع انعقاد مؤتمر بروكسل تكون قوى الارهاب قد وجهت ، بجرائمها هذه ، رسالة واضحة المقاصد وبأنهم مازالوا قادرين على القيام بعمليات كبيرة ومتعددة و في جعبتهم المزيد . ومع الاعلان عن مفاوضات واتصالات بين الامريكان والامم المتحدة والحكومة العراقية من جانب واطراف ارهابية بعثية واخرى تدعي تمثيل العرب السنة لديها الاستعداد لالقاء السلاح مقابل مكاسب سياسية ومنافع عملية ، والتهديد المعلن من جماعات ارهابية اخرى بانها ستضرب كل من يفاوض وينحى منحا سياسيا ، تبدو هذه الموجة من عمليات الارهاب محاولة لافشال هذه المساعي وردع المفاوضين . خاصة وان اغتيالات الاسبوع الماضي شملت شخصيات (( سنية )) بينها عضو في الوفد المفاوض ورئيس هيئة الافتاء المرشح للجنة كتابة الدستور واخر مسؤول في الحزب الاسلامي العراقي . لكنها في ذات الوقت تأخذ معنى مغايرا ، حين تعطي للمفاوضين قوة ضمنية ، لكسب المزيد وفرض تنازلات اخرى . وتبدو الحالة أشبه بتوزيع ادوار ، اطراف تتفاوض سياسيا واخرى تصعد العمليات كي يكتسب المفاوض قوة مضافة في مساوماته . وقد يربط البعض بين التصعيد الاخير وجلسات التحقيق القضائية مع الطاغية ورجاله ، التي اعلنت اعلاميا ، وبأن التصعيد يأتي ردا على تنشيط التحقيقات القضائية واستكمالها وتقريب زمن محاكمة المجرمين وانزال القصاص العادل بهم . العمليات الاخيرة تكشف مدى ما تستطيع عليه قوى الارهاب والجريمة من ايغال في سفك دماء العراقيين وان المخططين والقادة هم عراقيون وان كان معهم عرب واجانب ، لكن المواقع التي جرى استهدافها كلها عراقية وجلها مدنية سهلة المنال ولا تعطي للارهاب أي بطولة وشرف ، بل هي دلالات قاطعة على مدى جبنهم وسفالتهم ، وتقدم ادلة اخرى على بطلان الادعاء بوجود (( مقاومة شريفة )) . أي (( شرف )) واي (( بطولة )) حين يدخل انتحاري مغسول الدماغ مفخخا وحاملا لعبوة غاز الى مطعم كباب في كرادة مريم ، لم يكن فيه لحظتها سوى شرطيين ، ليفجر نفسه ويودي بالعشرات بين قتيل وجريح ؟! واي مقاومة للاحتلال هذه التي تكون اهدافها المطاعم الشعبية والحسينيات وانابيب مياه الشرب ومحطات تعبئة الوقود ومواقف لسيارات الاجرة في احياء مكتظة بالسكان ؟؟ ان كان المفاوضون مقاومين شرفاء ، فهؤلاء اعلنوا استعدادهم لوقف العمليات والقاء السلاح ان قبلت مطالبهم وشروطهم ، أي شرف واي مقاومة للمحتل تشترط مطالب سياسية لوقف سفك دم الأبرياء ، يتمترسون بحياتنا ويحتمون بدماء الاطفال والشيوخ والابرياء ، كما زعيمهم حين احتمى بالأبرياء وتاجر بحياتهم ، انهم أبناء المدرسة ذاتها (( صداميون )) . وسواء نجح المجرمون في ايصال رسالتهم الى المؤتمرين في بروكسل والاوساط الامريكية الضاغطة على بوش ، واستطاعوا الاعلان عن محدودية نتائج عمليات البرق والرمح وغيرها وبأن لديهم القوة والامكانيات لسفك المزيد من الدماء ، وسواء منحوا المفاوضين قوة او ارهبوهم . الا انهم لن ينتصروا ولن يكون لهم في الخاتمة ما يريدون . البعثيون لن يعودوا للحكم مرة اخرى ابدا ، اصبحوا شيئا من تاريخ مظلم لبلادنا وانتهى امرهم . والارهاب الاصولي لن يحكم العراق مطلقا ولن يستطيع على تحقيق مآربه ولن يصل لغاياته . انهم يؤذوننا بلا شك ، ويسفكون دماءنا ويشيعون الارهاب ويعرقلون الحياة ويؤخرون السير نحو عراق جديد ، ويمكن اضافة اضرار اخرى ، لكنهم في النهاية لن يفلحوا وقضيتهم خاسرة بلا شك أيضا .
#حيدر_فاضل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في تفسير العنف الراهن في العراق ... لماذا نذهب بعيدا ؟
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|