|
أدباء مصريون من أجل التغيير .. موقف أم وجود ؟
أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 1241 - 2005 / 6 / 27 - 10:45
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
أدباء مصريون من أجل التغيير .. التعبير عن الموقف أم الوجود ؟ أحمد الخميسي
أصدرت كوكبة من الأدباء والفنانين المصريين المعروفين بيانا موجزا باسم " إعلان مبادئ " يعبرون بكلماته عن " أشواق المجتمع المصري إلي الحرية والتغيير " ، ووقعه الكاتب الكبير بهاء طاهر ، وشاعر الشعب أحمد فؤاد نجم ، والروائي المرموق محمد البساطي ، والكاتب محفوظ عبد الرحمن ، والروائي علاء الأسواني ، والشاعر محمد عفيفي مطر ، والمخرج المعروف على بدرخان ، وأسماء أخرى من بينها اسمي . وتضمن البيان تسع نقاط محددة ، تعبر إجمالا عن مطالب التغيير السياسي والاجتماعي ، المعروفة والملحة ، وفي مقدمتها : التأكيد على مبدأ الحرية ورفض الرقابة ، إلغاء القوانين المقيدة للحريات وخاصة قانون الطوارئ ، وإطلاق حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف ، والإقرار بحق المواطنين في الإضراب والتظاهر ، ورفض التمديد أو التوريث ، وتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية ، ورفض كافة أشكال التدخل الأجنبي ، والتطبيع مع العدو الصهيوني . ويأتي ذلك البيان المسمى " إعلان مبادئ " في سياق صحوة سياسية نسبية لفئة المثقفين شملت المحامين والقضاة والمهندسين والأطباء وأساتذة الجامعة والصحفيين والطلاب والمفكرين ، وهي صحوة بدأت منذ خمسة أعوام خلال الغزو الإسرائيلي البربري لجنين ، ثم تأججت مع الغزو فالاحتلال الأمريكي للعراق. فقد أحس الكتاب والفنانون مع غيرهم ، وربما قبلهم ، بخطر التوحش الاستعماري المتربص عند حدود الوطن وفي داخله معتمدا على طابور خامس من منظمات أهلية ممولة من المخابرات الأمريكية تحت أقنعة متعددة ، تبذل كل جهدها في سبيل تجزئة القضايا الكلية في الوعي العام ، وتحويل حقوق الأوطان إلي حقوق إنسان لا تجمعه بغيره قضية عامة ومشتركة هي قضية التحرر والتقدم . وقد حاول المثقفون التعبير عن موقفهم الوطني منذ عام 1981 حينما تحرك سعد الدين وهبة لإنشاء جمعية للمثقفين بديلا لاتحاد الكتاب ، ثم أصبح بفضل هذه الجمعية رئيسا لاتحاد الكتاب الرسمي ، وشهدت السنوات الخمس الأخيرة خمس محاولات لتجميع الكتاب لم يكتب لواحدة منها الاستمرار : أولا الإعلان عقب أزمة الروايات الثلاث عن تأسيس " جماعة الكتاب المستقلين " ، ثم " اتحاد كتاب مستقل " ، وسعى الأستاذ محمود أمين العالم لتكوين " جبهة المثقفين " ، ثم دعت بعض الجهات الحكومية إلي عقد " مؤتمر للمثقفين " لم ينعقد ، وأخيرا قام البعض عقب رفض صنع الله إبراهيم لجائزة الدولة بتأسيس سريع لجبهة كتاب تحولت بعد لحظات من الإعلان عنها إلي حبر على ورق . وكان الدافع الأول الطاغي خلال كل تلك المساعي هو أولا الشعور بالغضب مما يجرى ، والرغبة العارمة في الاحتجاج النبيل على ما يحدث من حولنا ، وكان السبب الرئيسي أيضا في تعثر كل تلك المساعي هو رغبة الكتاب في التعبير عن موقفهم ، وليس وجودهم . ويكفي للتعبير عن موقف الأدباء والفنانين بيان مثل الذي صدر ، لأنه يحدد بوضوح الأدباء والفنانين الوطني الذي ينطلق من أنه ليست هناك ثقافة محايدة ، وأن للأدباء موقفهم من الهموم العامة كموضوع الإصلاح السياسي ، والتطبيع ، والصراع العربي الإسرائيلي ، وثقافة السلام التي تحذف بموجبها خرائط فلسطين من برامج التعليم ، وأزمة الثقافة ، وأزمة الوطن الذي شهد أدباؤه كيف مرت سفن الغزو الأمريكية في قناته نحو العراق ، ويلمس أدباؤه كيف يعاني تسعة ملايين مواطن من البطالة ، وكيف يعيش 35 % من أبناء هذا الوطن في مساكن عشوائية ، وأربعة ملايين أسرة بدون مأوى ، وكيف يحيا 45 % من الفلاحين بلا أرض ولا سقف ، إنه وطن يتحرك على أرضه 18 مليون أمي ، ويضاف إلي ذلك مؤخرا هتك عرض النساء في المظاهرات ؟ . إن وطنا بهذه الصورة لابد أن يستفز ضمير الكتاب ليعلنوا موقفهم . ألم يقل يوسف إدريس ذات مرة موضحا سبب انشغاله عن الأدب بهموم الصراع الاجتماعي : " كيف يمكن أن أنشغل بالأدب وستائر البيت تحترق ؟ " . ثم هل عرف تاريخ الأدب كاتبا كبيرا ليس له مشروع لتغيير العالم ؟ . أليس الأدب في حد ذاته عملية إعادة صياغة للعناصر القائمة ؟ أي بناء العالم بشكل جديد ؟ وتخيله بصورة أجمل ؟ إن الأديب هو مواطن أولا وقبل كل شئ ، لكنه مواطن صاحب قدرات إبداعية خاصة ، يستقبل العالم بصفته صورا أدبية ، أو حالة شعرية ، أو مشاهد سينمائية ، أو شخصيات تنطوي على مغزى عام . ولهذا كان المواطن في كل أزمة وطنية عامة يغلب على الأديب ويدفعه إلي زحام الناس وحركة المجتمع . إلا أن " التعبير عن الموقف " ليس وجودا مستمرا لحركة الأدباء . فقد يشتعل ذلك التعبير ثم ينطفئ كالماغنسيوم ، ما لم يجد الأدباء والفنانون الصيغة التي تمكنهم من تحقيق تطلعاتهم الوطنية العامة في صورة محددة في مجال عملهم أي الأدب والثقافة . إن الأدباء الذين يعبرون عن " أشواق المجتمع المصري إلي الحرية والتغيير " لابد أن يجدوا صيغة لذلك التعبير في مجال عملهم النوعي ، أي بخلق منظومة عمل تسعى لبلورة التيار الوطني في الثقافة المصرية ، والتصدي للبنود الثقافية في معاهدة كامب ديفيد ، ومواجهة " ثقافة السلام " التي يريدون بها محو تاريخ المقاومة الوطنية للاستعمار ، ومكافحة الثقافة الرسمية المترهلة، وإعادة الاعتبار للكتاب ذوي التاريخ الوطني ، وغير ذلك من مهام هي بطبيعتها في صميم العمل الثقافي اليومي . إن ما نحتاجه الآن ، هو شئ أكثر من التعبير عن الموقف . إننا بحاجة للتعبير عن وجودنا ، من خلال شكل منظم ، ووسائل محددة ، تكفل لنا حركة مستمرة لمواجهة التوحش الاستعماري الذي يهددنا ، ومواجهة الاستبداد الاقتصادي ، والسياسي ، والاجتماعي . إننا بحاجة إلي تنظيم " ضمائرنا " لتعمل كل ساعة . وليكن البيان الذي صدر نقطة انطلاق .
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرقابة والثقافة في مصر
-
مسيحيون من أجل القرآن
-
حديقة - قصة قصيرة
-
المستشار محمد بك نور .. الذي برأ طه حسين
-
أيام واحات صنع الله إبراهيم
-
التمويل الأجنبي عمالة صريحة
-
جذور للكتابـة
-
المادة 76 في حياة مصر الثقافية
-
معرض القاهرة والكتب
-
طول لسان رياض النوايسة
-
في وداع كاتب شريف
-
كلمة سحرية تتحدى الزمن
-
-- قصة قصيرة - بط أبيض صغير
-
من تثقيف العسكر .. إلي عسكرة المثقف
-
كعك أمريكي لسكان الفالوجة
-
ياسر عرفات .. تغريبة أخيرة
-
ليلة القبض على العريش
-
عبد الحليم قنديل .. اختطاف الحقيقة
-
محطة الضبعة ومستقبل مصر
-
العالم يحتفل بمئوية تشيخوف
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|