أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - أول لص فى التاريخ














المزيد.....


أول لص فى التاريخ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4368 - 2014 / 2 / 17 - 08:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فى البَدء، كان إنسانٌ. فجاء إنسانٌ وتلصّصَ على الإنسان، فاخترع الإنسانُ الباب. فجاء إنسانٌ وفتح البابَ وسرق شيئًا. فاخترعَ الإنسانُ القِفلَ والمفتاحَ. ثم اخترع الأسوارَ والسياجَ والأصفادَ والخزائن والأرقام السرية وغيرها من أدواتٍ اخترعناها لنتحايل على لصٍّ زرع زهرة الشرّ الأولى التى لوثت الأرض وجعلتنا نبتكرُ القانونَ والمحاكم والسجون والمشانق.

أصلُ الحياة أن تكون خالية من مهن لا محلّ لها فى عالم «كان» يحكمه قانون البراءة. القاضى والسجّان والجلاد وسواها من وظائفَ ابتكرها الإنسانُ لكى يقتصَّ من إنسانٍ تلصَّص أو سرق أو قتل أو اغتصب. مهنٌ ما كنّا سنعرفها لو حافظنا على فطرتنا النقية حين قررنا أن نكون بشرًا.

فى البدء، كان عالمنا بسيطًا بلا أوراق. إن احتاج إنسانٌ بعض المال، دقّ بابَ جاره وسأله، فأعطاه. لكن إنسانًا ما، أنكر أنه أخذ، فاخترع أجدادُنا أشياءَ بغيضة مثل وصل الأمانة والكمبيالة وغيرها من أوراق سخيفة تقول بصوت غليظ: «احترسْ، ثمة لصٌّ يسرق».

فى البدء كان السفرُ بالطائرة سهلاً، مثل القطار. يصعد إنسانٌ إلى طائرة، وتلوّح له حبيبتُه من شرفة المطار، كما كانت نادية لطفى تلوّح لحبيبها فى أفلامنا القديمة. لكن إرهابيًّا حقيرًا خطف طائرة وروّع مسافرين، فارتفعت الأسوارُ والحواجزُ والأشعة السينية، وكُتب على المسافر، إلى الأبد، أن يُعامل كإرهابىّ مُحتمَل: يخلعُ حذاءه وساعته ومعطفه ويخضع للتفتيش الدقيق، ويُحرم من أن تكون عينا حبيبته، آخرَ ما يرى فى أرض الوطن.

إنه اللصُّ الأول والقاتلُ الأول والنصّابُ الأول والإرهابىُّ الأول. أولئك مَن أفسدوا براءتنا وعقّدوا حياتنا وسرقوا أعمارنا.

كلُّ سجن، كان يمكن أن يكون حديقة. كلُّ سورٍ يعطّل الشمس، كان ينبغى أن يكون أيكةَ ورد تغازلُ شعاع نور وترسمُ معه دانتيللا الظلال. كلُّ ثقبِ مفتاح فى كلِّ بابٍ، كان بوسعه أن يكون عُشًّا يسكنه عصفور، أو شرنقة حرير تخرج منها فراشة. كلُّ قِفْل كان يجب أن يكون مفتاح حياة فرعونيًّا. كلُّ محامٍ وقاضٍ وسجّان، كان يمكن أن يكون شاعرًا أو رسّامًا أو موسيقاراً أو نحّاتًا أو عاشقًا يسهرُ الليلَ ليصنعَ هديةً لحبيبته. كلُّ ساعة تُسرق من أعمارنا فى نقطة تفتيش، كان لابد أن نغرس فيها شجرةً أو نقرأ كتابًا أو نكتب قصيدة أو نداعبُ طفلاً أو نداوى مريضًا. زهور الشرّ حرمتنا من عازف بيانو يغسلُ قلوبنا بالفرح، واستبدلت به عشماوى يقصُّ أعناقَ الأشقياء.

أيها اللصُّ الأول فى التاريخ، أختصمُك أمام الله لأنك أفسدتَ حياتى وأدخلتَ فى معجمى مفرداتٍ لا أحبّها ولن أقبلَها، ولو عشتُ ألفَ عام.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن يخافُ فيلم-حين ميسرة- ؟
- الفرح يليق بك يا فينسنت
- زنقة الرجالة
- صانعُ الفرح، وصُنّاع الهلاك
- ليلةٌ تضيئُها النجوم - فان جوخ
- إخناتون والعياط
- رأس نفرتيتي، أسرقُها؟!
- العوار والعماء
- كنْ صوت من لا صوتَ له
- العياط وأمهات مصر
- لغة أجدادِنا
- لماذا خدع يعقوب بسطاءنا؟
- ابتسامة جورج سيدهم
- موعدنا في كاتدرائية المسجد
- الدستور والسلفيون
- مصريةٌ رغم أنف مَن يكره!
- أطفالُ السماء
- الفارس -إبراهيم عيسى-
- البايونير عدلي منصور
- شكرًا للمصادفات!


المزيد.....




- استسلام مجموعة من الجنود الأوكرانيين في لوغانسك (فيديو)
- سياسي تركي: دولتان فقط هما المستفيدتان الرئيسيتان من زعزعة ا ...
- Rogbid تعلن عن ساعة ذكية مزودة بشاشة ثلاثية الأبعاد
- المكسيك تقر تعديلا دستوريا لمكافحة التدخلات الأجنبية
- باكستان.. تحرير 155 رهينة ومقتل 27 مسلحا انفصاليا اختطفوا قط ...
- تركيا.. العثور على فسيفساء فريدة من نوعها!
- تحذير جديد.. مخاطر قاتلة لعقار -المعجزة-
- علماء يكشفون عن تهديد مفاجئ لتغير المناخ
- -لوريال- تسحب أحد أشهر منتجاتها بسبب مادة كيميائية مسرطنة
- سر القوة المذهلة لخيوط العنكبوت!


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - أول لص فى التاريخ