مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 4367 - 2014 / 2 / 16 - 03:55
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مقدمة
" صوت مناد في البرية , أعدّوا طريق الرب واجعلوا سُبله قويمة " . " تمّ ذلك يوم ظهر يوحنا المعمدان في البرية , ينادي بمعمودية التوبة لغفران الخطايا ... فيعتمدون عن يده في نهر الاردن معترفين بخطاياهم . وكان يوحنا يلبس وبر الإبل وعلى وسطه زنار من جلد , وكان يأكل الجراد والعسل البري ........" . مرقص 1 -
" فجاؤوا إليه بجميع المرضى المصابين بمختلف الأمراض والأوجاع ... , فشفاهم , فتبعه جموع غفيرة كثيرة من الجليل والمدن العشر وأورشليم واليهودية وعبر الأردن " .
" الشعب المقيم في الظلمة أبصر نوراً عظيماً , والمقيمون في بقعة الموت وظلاله أشرق عليهم النور . من كفر ناحوم ونفتالي وطريق البحر عبر الأردن , و جليل الأمم " - إنجيل متى 4 : 14 - 25 -
بلادنا بلاد الجذور الحضارية والعلم والإيمان .. شعوبنا مؤمنة ومتدينة , لكنها غير متعصّبة , تعشق الحرية .
شعوبنا مُحبة ومُتحابّة متسامحة ومنفتحة على كل الديانات والعقائد . شعوب منطقتنا لا تعرف التقوقع والتعصّب , بل العكس ساحة للتلاقي والتعارف تاريخياً , طالما تؤمن بإله واحد وإن اختلفت الطقوس والأنبياء .
تحية للأردن وأرضه الطيبة .
الأردن .. إمتداد لفلسطين أرض الحضارة الكنعانية والرسالات الأولى والقداسة , يمر فيه ( نهر الأردن ) فيروي واديه المقدّس , وعلى ضفافه مشى الأنبياء وفي مائه تعمّدوا وتعمّد المؤمنون وأصبح مِحجّاً وجرناً للمعمودية يقصده العالم من كل اتجاه وصوب ليتبارك من مائه ورمزيته الروحية التي تنقي الجسد والفكر , لكي يتأهل للحياة الجديدة بين الناس بفرح وسلام ,, لان الدين محبة وإخاء وليس كما يُشوّه اليوم بأيادِ غريبة لها أبعاد خطيرة في سرقة أرضنا وتفرّيغها من أصحابها الأصليين وذلك بإفساد الدين وتوظيفه لأغراض سياسة غير نظيفة والتجارة به مع الأسف , مستغلين أنظمة الإستبداد وقمعها والتخلف الذي ولدته و الفوضى التي أفرزتها طوال العقود الماضية ..!
* * *
إن وجود المعابد والأديرة والكنائس قديم في الأردن كفلسطين وسوريا ولبنان وغيرها من بلدان المشرق .. فهي مهد الأنبياء وبرّيتهم التي اعتزلوا وعاشوا في فضائها ومغاورها وتلالها الصخرية النقية فكان أول صوت صدح في بريتها : " صوت صارخ في البرية ... توبوا فقد اقترب ملكوت الله " ..الشهيد يوحنا المعمدان !
لذلك تعتبر هذه المنطقة ملتقى الديانات كلها ( الصابئة واليهودية والمسيحية والإسلامية ) ..
كذلك كانت أقدم كنيسة فسيفسائية نادرة أشادها المسيحيون الأوائل في جنوب الأردن دلالة على عمق وتراث العبادة والإيمان والتدين في هذه البلاد ..
لذلك تعتبر الأردن حقل اّثار شاسع من العصر الحجري مرورًا بكل العصور التاريخية ولذلك كل شبر من أرضها مفروشا بالمزارات والقلايات والمغاور والكنائس القديمة والمساجد والجوامع والاّثار والموميات والمخطوطات و تعتبر متحفاً فريداً من نوعه .. فبلادنا حقاً جنّات الأرض لا نقدّر قيمتها كما يجب .
فالمغاور والكنائس والأديرة والمزارات والمعابد منتشرة من الشمال لأقصى الجنوب كما يلي من مدينة أربد حتى معان :
---------
الدير - والكنيسة الطائفة المحافظة / المدينة المنطقة
- دير السيدة العذراء / ينبوع - أرثوذوكس - جرش - دبين
- دير روتوريوس - أرثوذوكس – عمان
- كنيسة القديس جاورجيوس أو(الحارث عند القبائل العربية المسيحية --- أو الخضرعند المسلمين - ارثوذوكس - البلقاء – السلط
- كنيسة مار جريس – ارثوذوكس – مأدبا
- كنيسة دخول السيد الى الهيكل – ارثوذوكس – عمان – الصويفية
- كنيسة رقاد السيدة العذراء – ارثوذوكس – المفرق – وسط البلد
- كنيسة الأقباط – أقباط أرثوذوكس – عمان – العبدلي
- كنيسة مار افرام – سريان أرثوذوكس – عمان – الأشرفية
- كاتدرائية القديس جاوارجيوس المظفر – كاثوليك – عمان الغربية
- كنيسة يسوع الملك – لاتين – عمان
- كنيسة العهد الجديد الإنجيلية – الإنجيلية العربية – عمان
- الكنيسة البيزنطية ( أم القيس ) المثمّنة – إربد – أم القيس .
- كنيسة داريا ...... إربد ................... خربة داريا .
- كنيسة قصر البشارات --------- عمان ----- العبدلي
- كنيسة ماريا نوس ------------ جرش
- كنيسة جدرا ------------ منطقة إربد - شمال شرق نهر الأردن
- كنيسة البيزنطية ----- منطقة الجحفية – شمال الاردن
- دير يوسف ------- الجحفية ----- شمال الاردن
الأردن هي أرض الأنباط والغساسنة .. وأول كنيسة بنيت في الأردن هي اّية في الجمال والفن والذوق ..
يعتبر وادي الأردن في شرقه وغربه مسكن النساك والرهبان منذ القرن الثالث الميلادي . فقد سكنوا في البداية في الكهوف ثم في كوّات صغيرة في الصخر " قلاّية " وبعدها بدأوا في بناية الأديرة في القرن ( الخامس والسادس ) الميلادي , ثم بناء العديد من الأديرة ولكن دير سان جورج هو الوحيد الذي نجا من التدمير خلال فترة الغزو الفارسي سنة 614 ميلادي , تم تدمير هذا الدير وقتل العديد من الرهبان والنساك في داخله تم عرض العديد من الجماجم والموميات للرهبان القتلى فيه .
وبالقرب من كنيسة جدرا – وإلى الشمال من منطقة بيت إيدس والتي تقع جنوب غرب إربد يوجد مغارة تاريخية كان السيد المسيح يمر ويمكث بها , ووجد رسم السمكة " كلمة السر " بين التلاميذ ومعلمهم يسوع على جدار الكهف . على جانب كنيسة قديمة في تلك المنطقة تقع جدرا حيث كنيسة كفر جدرا -
إلى الجنوب من عمان وعلى طول الطريق السريع الذي يزيد عمره عن 5000 سنة ان الرحلة إلى مأدبا تعتبر واحدة من أكثر الرحلات التي تطبع في ذاكرة الزائر إلى الأراضي المقدسة . مدينة مأدبا تعتبر مدينة الفسيفساء البيزنطية وأجمل ما يلفت الإنتباه في هذه المدينة هي الخريطة الفسيفسائة البيزنطية الرائعة التي تظهر مدينة القدس والأماكن المقدسة الأخرى , , توجد هذه الخريطة داخل كنيسة ( القديس جورج ) التي تعود للكنيسة الأرثوذوكسية اليونانية .
- كنيسة جبل نيبو
كذلك على بعد مسيرة عشر دقائق إلى الغرب من مأدبا , يقع جبل نيبو المطل على بحر الميت والغور الذي يبجله ويحترمه الكثير من الناس حيث مدفن النبي موسى فيه – وقد تم بناء كنيسة صغيرة مربعة الشكل في ذلك الموقع من قبل المسيحيين البيزنطيين ثم توسعت فيما بعد وهي كنيسة جبل نيبو –
إلى الجنوب من مدينة مأدبا تقع ( قلعة مكاور) التي سجن فيها القديس والنبي يوحنا المعمدان ( يحيا ) ابن زكريا وفي هذه القلعة قطع هيرودوس رأسه وقدمه على طبق هدية للراقصة سالومي
الإيمان لدى شعوبنا كان جزءاً من طقوس الفرح والتلاقي والتواصل الإجتماعي والإنساني والثقافي . خُلقت وأوجدت الأعياد للفرح وتجديد الأيام وروتين الحياة بإقامة الشعائر والطقوس الدينية والشعبية من خلال نوع الغذاء والرقص والأناشيد والترانيم والأغاني وشعار العيد وارتداء الجديد من الأثواب والتزاور والراحة لإستراحة الجسد وتجديد الفكر من إرهاق العمل والكد طوال الأسبوع أو الفصل لإستقبال يوم جديد اّخر -
ما أرقاها شعوبنا النابتة من بين الصخور كاشجار جبالها الأبدية .. الأرز والسنديان والزيتون والنخيل .
عالم اليوم , عالم الرأسمالي المُخرّب العفن , التجاري المصلحي ( السمساري ) لا تروق له هذه العيّنات والتجمعات المتعددة من البشر وهذه الأوابد والجمال ونغم الأجراس ومعانقتها الماّذن والله أكبر مع المجد لله في العلى .. والله واحد والوطن للجميع -
قلبوا أرضنا وأوطاننا جحيماً وخراباً وتصحيرًا ودماء وشردوا أهلها في عصر النفط وهيمنة الوحش الأمريكي الصهيوني الذي زرع أنظمة الإستبداد الشمولية لإستعبادنا ونهب ثرواتنا وقتلنا,, فعلينا أن نثبت أصالتنا وانتماءنا وجذورنا ,, لنعيد تلك الصورة البهية مهما كانت التضحيات وإلى فصل اّخر .....
المصادر : العهد الجديد – دراسات متنوعة – مشاهدات شخصية .
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟