|
دار الشباب مرفق عمومي متخصص في التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج صفوف المدرسية
عبد الله أبو إياد العلوي
الحوار المتمدن-العدد: 4366 - 2014 / 2 / 15 - 18:45
المحور:
المجتمع المدني
دار الشباب مرفق عمومي متخصص في التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج صفوف المدرسية عبد الله أبو أياد العلوي أستاذ بالمعهد الملكي لتكوين الأطر
الشباب مجال نفسي وبيولوجي واجتماعي يشكل حضورا هاما في الحياة الإنسانية، ففي ظله يحتدم الصراع بين أقطاب الأنا الثلاثة التي تؤطر حياة الفرد وتشكل أساليب تواصله مع الآخرين وتديرها، وهي الأنا الطفلية والانا الأبوية والانا الراشدة. ففي هذه الفترة قد يغلب على المرء تأثير الأنا الطفلية فيستسلم للأهواء والإغراءات مع جهود للتخلص من ضغوط الأنا الأبوية وما تتميز به من تركيز على الضبط والترويض والتنميط، والبحث أنا راشد قوي على الإدراك وتطوير، وتوظيفه في فهم وتدبير الحياة بكل تناقضاتها. فالشباب مجال صعب الإدراك نظرا للتعقيدات التي تطال نمو الفرد بصفة عامة خلال العقدين الثاني والثالث من حياته بالخصوص، وهي فترة جديرة بالدراسة العلمية في ظل واقع عالمي ومحلي يتسم بالتغير السريع على كافة الأصعدة والمستويات. فقد يكون صحيحا أن الشباب القروي في الخمسينيات والستينيات القرن العشرين كان يسهل تنميطه والتخلص من متاعبه ولو باستعمال القوة، لكن لم يكن ذلك الشاب ولا أسرته قادرا على إيجاد من الوقت أو الجهة أو صاحب المهارة التي تساعده على إدراك هويته ورصد مشكلاته التي تعبر في عمقها عن إرادة كفاح داخلي من أجل الرشد النفسي والنضج الاجتماعي. واليوم نحن في أشد الحاجة إلى هذا الصنف من الناس لتأمين الحياة وتطويرها، نجد أن كثير من السياسات ما زالت تحن إلى إلهاء الشباب وإغراقه في أناه الطفلية أو التعامل معه بقمع وتشدد إذا حاول النزوع نحو الرشد بكل أبعاده. فالمرء هنا يتعامل مع عدة تحولات في هذه الفترة منها الفسيولوجي والنفسي والجنسي والمعرفي، وتتسع دائرة احتياجاته الاجتماعية التي تتسم هي الأخرى بالتغيير المستمر، ومنها الحرية والاستقلالية والرغبة في الاستطلاع وبناء العلاقات وتكوين التمثلات والاتجاهات والسعي نحو تحقيق التوافق العادل على كافة المستويات الشخصية والمهنية والاجتماعية. في هذا العمل نطمح في توسيع نطاق المعرفة بالتغيرات الكثيرة التي تطال الشباب وأساليب مواجهتهم لها واستعراض مستوى إدراك العاملين مع الشباب لتلك التغيرات والمهارات التي يوظفونها في تعاملهم مع الشباب على ضوء ذلك الإدراك. إنها مشكلة تطارد الباحث منذ سنين الأولى لانخراطه في العمل الجمعوي التربوي والسوسيوثقافي المعتني بالأطفال والناشئين والشباب، واتسعت هذه المطاردة عندما اختار الباحث مهنة الاشتغال مع هذه الفئات خارج الصفوف المدرسية ومراكز التكوين المهني. تعول الأمر إلى قضية محورية تستنفر عناية تخصصات معرفية متعددة في دراسة الظاهرة الإنسانية، بغرض صياغة مقدرات أكثر علمية في صياغة مناهج وبرامج التي تعنى بالشباب بشكل استباقي، تؤمن بلورة الشخصية الشبابية تنمي تمثلاتها واقتداراتها وتنضج اتجاهاتها وتفعل حيوياتها وتطور مهاراتها. وهذه مسؤولية السياسات المتخصصة في التربية والتكوين والتنمية الذاتية عامة ومهام مؤسسة العناية بالشباب الخصوص. فالشباب كمجال يقتحم كافة القطاعات له مجموعة من السمات المشتركة من حيث الجنس والانتماء الاجتماعي والانحدار الجغرافي، لكن رغم هذا لا يمكن القول بالشاب النموذج أو المعياري الذي يمكن اتخاذه مثالا لكل من عداه من الشبان. صحيح أن الشباب كلهم عرضا للتغيرات الفسيولوجية التي تتجلى عند البلوغ الجنسي ولدى الفترة المتأخرة من المراهقة. أكيد أن الشباب في حاجة ماسة إلى اكتساب هوية محددة لهم والى دعم لإعداد أنفسهم للعضوية المستقلة داخلة الحياة الجماعية والمجتمعية. لكن هؤلاء الشباب ليسوا بمتشابهين ولا ينبغي في عملنا اعتماد أسلوب واحد. فهم لا يعانون من نفس المطالب البيئية والشخصية، وهذا يدعوا إلى العمل معهم على قاعدة الموقفية المؤسسة على قيم التقبل والفردية والسرية. لقد ساعدنا التكوين التخصصي الأساسي والمستمر داخل المعهد الملكي لتكوين أطر الشباب والرياضة الذي اعتز بالأنساب إليه كطالب سابقا وكمكون وباحث حاليا على أن إدراك تغيرات التي لا يمكن تجنبها في العمل مع الشباب ومنها التغيرات الجسمية وما تتم به من سرعة في النمو. والتغيرات الجنسية وكذا تطور القدرات المعرفية، كما مكننا هذا التكوين من استيعاب التفاوتات الواسعة للاتجاهات المجتمعية والحضارية نحو الشباب. فالواقع الحضاري للمجتمع هو الذي يحسم في ما إذا كانت فترت الشباب طويلة أم قصيرة وهل تمثل مطالبهم الاجتماعية قدرا من النزوع نحو التعبير الفجائي أم أن الأمر مجرد انتقالات تدريجية من مرحلة إلى أخرى في عملية. فالعامل مع الشباب يتوفر على المهارات المطلوبة لرصد ودعم مطالب تطور النمو الجسدي لدى كل فرد في هذه المرحلة. ففي دراسة استطلاعية لرصد احتجاجات الشباب المغربي تتكون من ألف شاب وشابة من بينهم 450 أنثى تتراوح أعمارهم ما بين 20 و35 سنة 70% منهم ينتسبوا إلى الحواضر وهوامشها، في تنحدر نسبة 30 % منهم من المناطق القروية، أما المستوى التعليمي لهؤلاء فيتراوح بين المستوى الجامعي بنسبة 43% والتعليم الثانوي بنسبة % 37 والمستوى الإعدادي بنسبة 11% والمستوى الابتدائي بنسبة 9 %. أما الحالة العائلية لأفراد هذه العينة فتصل إلى انتساب 85 % منهم إلى فئة العزاب، في حين أن 15% منهم متزوجون وغالبيتهم من الإناث. وفي حرية التعبير والتعليم الجيد والعيش الكريم بنسبة 80 % من بينهم 30% من الإناث. ويرون تأمين هذه الحاجيات يجب أن ينبني على النهوض بأساسيات التربية والتكوين خارج الصفوف التعليمية وخاصة دور الشباب التي يجب أن تكون فعاليات أساسية للتربية والتكوين والتنمية الذاتية. والتي تحتوي على مناهج وبرامج تدعيم مهارات وقدرات المشاركة في التفكير والتقدير والانجاز، وإعطاء التركيز على التربية السياسية والمدنية التثقيف بالشأن العام وحقوق الإنسان والحريات، على قواعد علمية تقوي الفرد على الإسهام في النهوض الحضاري والتقدم السوسيوتنموي بكفاءات متجددة ويعتبر هؤلاء أن هذه الحاجيات شأن عمومي يجب تأمينها على مسؤولية الدولة بشكل مباشر التي يجب عليها اعتبار مهمة دار الشباب أقوى وأفضل أهمية في التنمية الإنسانية وصيانة الأفراد والجماعات والمجتمع من كل صنوف الضياع والحرمان والجهل والاضطرابات النفسية والسلوكية المخالفة للقيم والمعايير الاجتماعية. فهم يرون في أدوار دور الشباب ومهام أطرها أقوى من المهام الأمنية الإدارية والقضائية. فدار الشباب حسب 75 % من هذه العينة التي تنتسب لجهتي الرباط سلا زمور زعير، والدار البيضاء الكبرى، هي الأقدر على تأمين حاجيات النفسية الداخلية التي يحتاج إليها الفرد خاصة حاجة الثقة في النفس والسلوك المستقل والقدرة على المبادرة وربط العلاقات والتواصل والانجاز والإبداع والاستمتاع بالتقدير والإحساس بالانتماء والأمان والاطمئنان والتطلع إلى تحقيق الذات. وفي استطلاع ثاني لرصد مستوى قدرة دار الشباب على تأمين هذه الخدمة العمومية الأساسية وخاصة من حيث بنيات الاستقبال ونظم التدبير ومناهج وبرامج التدخل الخدماتي ومهارات العاملين يتبين بأن أغلب السياسات التي اعتمادها في هذا العدد لا تعطي الاهتمام الكافي لهذه الفئة ولا تأبه بدور الشباب كمرافق عمومية للتربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج الصفوف الدراسية. فهي منشئة تعاني من غياب تصميم هندسي ينبني على الأسس العلمية المعتمدة مع الأطفال والناشئين والشباب، والمستجيبة لمتطلبات النهائية لهذه الفئات. ويمكنها من التواصل الفعال والتعامل الممأسس مع باقي مكونات التربية والتكوين والتنمية الذاتية على قواعد التكامل من أجل إنتاج الإنسان الأقوى علميا وفكريا وحضاريا. كما تفتقر دار الشباب إلى التأطير الجيد والقار على الصعيدين الكمي والنوعي. القوي على الاستقبال والتشخيص والبرمجة والتدخل، لأن غالبية الذين يتسلطون على تدبير هذا القطاع إداريون كانوا أم سياسيون يعتبرون دار الشباب مجال لقضاء وقت الفراغ وليست مرفق للتربية والتكوين والتنمية والذاتية. وعليه نجد أن غالبية دور الشباب في المغرب لم تأخذ بعد الاعتبار والمكانة المناسبة داخل السياسات الحكومية ولدى الفاعلين السياسيين وداخل الثقافة السائدة. ومنى الدلالات القاطعة هو في الوقت الذي كانت فيه الجهود مبذولة من أجل صياغة القوانين جديدة للعناية بالعاملين في مهن التربية والتكوين والتنمية الذاتية تم إلغاء القانون الأساسي الخاص بالأطر التربية والتكوين المنتسبون لوزارة الشباب والرياضة، والذي كان يصنفهم إلى مرشد ومربي ومفتش، وتم تحويلهم إلى مجرد أطر إدارية ضمن نظام أسلاك مشتركة، حيث تحول المرشد التربوي إلى مساعد إداري وأصبح المربي محرر إداري والمفتش إلى متصرف. وهذا قد أسهم في درب هوية القطاع الحكومي المكلف بالشباب والرياضة. وعليه نجد إطار واحد في دور الشباب بدون أي مؤهل علمي ومهني متخصص يستطيع رصد حاجيات الشباب في محيط هذه المنشئة، ويعمل على صياغة آليات التعامل معه والحرص على تفعيلها وفق المنظورات العملية المتطورة في مجال التربية والتكوين والتنمية الذاتية. وإذا كانت مناهج وبرامج التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج الصفوف الدراسية وفق عمليات التنشيط السوسيوثقافي التي توظف كافة العلوم والمعارف والتقنيات من أجل العمل مع الفرد والجماعة لتقوية الإرادة وتفعيلها وإحداث التغير الايجابي الشخصي والجماعي والمجتمعي للمستهدفين من عمليات التنشيط السوسيوثقافي، فإن غالبية دور الشباب لا تتوفر على ميزانية سنوية لتسيير تستطيع من خلالها من تمويل أعمالها، مما يسهم في إضعاف منتوجاتها وتقييد قدراتها على الفعل الايجابي وتكامل مع باقي مكونات التربية والتكوين داخل محيطها المحلي. ففي دار الشباب نحتاج إلى المرشدين في التنشيط والتنمية الذاتية، والتنشيط على المصالحة مع التعلم، والتنشيط على التركيز والتنمية الذكاءات المتعدد. والتنشيط على توازن الطبع والتنشيط على معالجة الإدمان على التدخين والكحول والمخدرات، والتنشيط على التربية الجنسية والعلاقات الزواجية المتوافقة، والإنجاب الصحي السليم، والتنشيط على التوجيه والإرشاد الاجتماعي المهني، والتنشيط على التنشئة السياسية وحقوق الإنسان، والتنشيط على التكنولوجيا الحديثة والتواصل والإعلام، والتنشيط على تدبير المهام الأمومة والأبوة الجيدتين. وكل ذلك بالتركيز على الإرادة الشخصية للمستهدف التي تعتبر تقويتها وتنشطها وتمكينه من تحكيمها في حياته أساس كل تغيير إيجابي. وهذا يتطلب موارد بشرية متخصصة وبمعارف علمية وتقنية متجددة تمكنهم من دراسة الاتجاهات والوضعيات ومهارات الملاحظة، ومهارات الاتصال، ومهارات التماسك، ومهارات المشاركة، ومهارات حوارات جماعية ومهارات التفاوض، ومهارات دعم إدراك الذات. فقد تكونت عينة عملنا من 500 إطار من بينهم 45 إطار نسوي يعملون بدور الشباب في المغرب التي لم يتجاوز عددها 575 دار للشباب كمجتمع للدراسة لا تتجاوز موارده البشرية 600 إطار 100 منهم ينتسبون لإدارات المجالس الجماعية. وهذا في حد ذاته حيف في حق الأطفال والناشئين والشباب يظهر في الضعف النوعي والكمي للبنيات وفي تأطيرها فهل هو صحيح القول بأن ما يزيد عن ثلثي سكان المغرب يعانون الحرمان من الحق في التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج الصفوف الدراسية. والتي تحتل أوسع فضاء زمني في الحياة اليومية لهذه الفئة. فهل صحيح أننا في المغرب نعيش نقطة تحول نحو المواطنة وتصنيع الحضارة اعتماد على إمكاننا البشري في ظل سياسات تجتهد بشكل كبير في توسيع السجون والرفع من عدد حراسها. وتبدل جهودا في تقوية آليات الأمن في الشوارع. ولم تأبه بدور ما يلعبه أو يمكن أن يلعبه من أدوار سوسيوتنموية وأمنية العاملون في مجال التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج مدارس ومراكز التكوين المهني. وخاصة في ظل المظاهر السلبية التي يتسم بها واقع الأطفال والناشئين والأطفال في المغرب. والتي منها ما يتطلب بصحة الشباب أو المهنية بأسرته أو بيئته أو ظروفه التعليمية والاجتماعية أو المهنية والمعيشية.. وبرعايتهم التربوية وتنشئتهم الثقافية والسياسية والمجتمعية، ومنها اتساع السلوك الانحرافي كما ونوعا مقارنة مع السنين السابقة وانخفاض قدرات الشباب في بناء العلاقات الاجتماعية الناجحة على مستوى العالمين الواقعي والافتراضي، وهيمنة مشكلة الطموحات غير الواقعية جراء التربية والتنشئة على نزعة التملك بدل التربية على كينونته. فتحقيق أكبر ربح بأقصر وقت وبدون جهد كثير ما يسهم في إهدار الإرادة وتبديد الطاقات، وضآلة الخبرات والمؤهلات اللازمة لانجاز الطموحات وتحقيق الرغبات. ناهيك عن ظاهرة تعطيل الطاقات الشابة التي يبررها البعض بعدم الارتباط بين ما يتعلمه هؤلاء الأطفال والناشئين والشباب وبين ما يوجد في سوق العمل وكأنما سوق العمل ينتمي إلى عالم غير العالم الذي تنتسب إليه منظومة التربية والتكوين والتنمية الذاتية التي من المفروض أن يسهم في إنتاج عالم الشغل وتطويره عبر البحث العلمي والتكوين وتطوير للموارد البشرية وتقويتها على قيادته بدل هيمنة فئات قليلة على عالم الشغل بسبب ما تمتلكه من أموال وجراء ارتباط مصالحها بالخارج، ولا تعمل في المغرب إلا في الطابع الرخيص لأجورها وهشاشة القوانين والضوابط المتعلقة بحمايتها الاجتماعية. فما هو دور العاملين في دور الشباب في ظل هذا الوضع. وفي سياق التحولات الجذرية التي تطال النظم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تطال العالم، بالإضافة إلى ثورة المعلومات والفضاءات المفتوحة، وفي نطاق التقدم الذي يطال وسائل الاتصال والعولمة الكونية. وما أنتجته من ظواهر جديدة أسهمت في خلق العديد من صعوبات في الحياة العملية أثرت على القيم والمعايير الاجتماعية. إن العمل بدور الشباب يحتاج أولا إلى التنصيص السياسي والقانوني على أنها مرفق عمومي المكلف بأعمال سياسية الدولة في مهن التربية والتكوين والتنمية، وفق مناهج برامج وميزانيات مادية وزمنية تستمد روحها من تطلعات المجتمع المغربي ومستجدات البحث العلمي. فدار الشباب كمرفق للتربية والتكوين والتنمية يحرص بشكل علمي على تلبية حاجيات مستهدفيه، وذلك بالتركيز على: -;- اكتشاف وتشخيص وتطوير القدرات والمهارات الشخصية -;- استثمار برامج المانحين الدوليين والوطنيين من اجل تقوية التعلم وتوسيع نطاق الإبداع وصقل المواهب واكتشاف وتطوير وتنمية الذات. -;- تقوية الاتجاهات الايجابية نحو الدين والتفكير العلمي والتقني والوطن والمشاركة في تدبير الحياة العامة -;- الرصد المتواصل لتطلعات الأطفال والناشئين والشباب بالتركيز على المناهج والبرامج التي تحترم إنماء الإرادة الحرة للفرد، وتدعيم الأدوار التي يمكن أن يقوم بها في تنمية الإنسانية الذاتية والوطنية -;- استحداث آليات دعم مراكز التكوين والتدريب المفتوح للاستمرار في التعلم واكتساب المعارف -;- توسيع وتقوية فرص نمو الأطفال والناشئين والشباب بكل أبعاده وفي كافة الميادين المختلفة إن هذه الحاجيات لا تتم بإعداد وتوفير الموارد البشرية القوية على رفع التحديات التي تواجه المجتمع بكافة مؤسساته في الحاضر والمستقبل على المستويات والأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية. لدى يجب النظر إلى هذا الصنف من الموارد البشرية من حيث المسؤولية والإعداد والتوظيف أكثر من باقي الموارد الأخرى لان هؤلاء يجب عليهم تحصين الفرد وتقوية المشاعر الايجابية لديه من خلال إشباع احتياجاته للأمن والاطمئنان الداخلي والانتماء وتمكينه من شعور بالتقدير ودعم تطلعاته نحو تحقيق ذاته بشكل واقعي. وهي مهام يصعب على من يركز على مادة تعليمية أو ثقنية حرفية إشباعها. كما يصعب على رجال الأمن في الشوارع والقيمون على السجون. فالعاملون في مهن التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج الصفوف الدراسية هم المسئولون الميدانيون عن مسار المستوى الحضاري لمجتمع المستقبل وعن أوضاعه المعرفية والسوسيواقتصادية والتقنية وعن استقراره السياسي ونهضته المدنية فعلى هؤلاء تقع مسؤوليات: -;- تشكيل الأفكار والاتجاهات والمعتقدات بشكل ايجابي لدى الأطفال والناشئين والشبابنحو ذواتهم وإزاء أسرهم واتجاه المجتمع والماضي والحاضر والمستقبل -;- إكساب هذه الفئات مهارات الوصول الى المعارف والمعلومات التي تمكنهم من القدرة على معالجة الصعوبات التي تواجههم بكفاءة ودون أي احساس بالفشل. -;- التركيز على تقوية الارادة لدى الفرد والسعي على تنشئتها في ظل قيم احترامها وتقديرها -;- الاسهام في تقوية جسور التواصل والتعامل والتضامن والعمل التأهيلي التكاملي مع أسر الاطفال والناشئين والشباب ومع محيطهم الاجتماعي بكل فعالياته الصحية والامنية والادارية والثقافية والاجتماعية من أجل منتوج تربوي وتكويني وتنمية ذاتية جيدة. وهذا يتطلب إعادة الاعتبار للمرافق العمومية المتخصصة والمختصة بتنفيذ السياسات العمومية في قطاع التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج صنوف المدارس ومراكز التكوين المهني. فمن غير المقبول القول بمجتمع يعول في بناء نهضته على قراراته البشرية وثلثي هذه الثروة يتم تدبيره في الحرمان والضياع ومتاهات العالم الافتراضي وما يهيمن عليه من مواقع بيع الوهم في غياب العناية التربوية والتنشئوية الجيدة داخل البيت وفي دور الشباب. وإذا كانت القناعة العميقة بأهمية دار الشباب في التربية والتكوين والتحصين جد عميقة بالنسبة للحركة الجمعوية المعتنية بالأطفال والناشئين والشباب وكدا الباحثين المهتمين بدراسة الظاهرة الإنسانية، فإن هذا الأمر ما يزال يعاني من الرفض ونبذه من قبل الكثير من المتسلطين على الشأن العام بالمغرب على المستويات السياسية والإدارية والمالية التي تشتغل مع الأطفال والناشئين والشباب بهدف التسلية الفارغة من أي محتوى. لذلك نجد مستوى تطور بنيات تقديم خدمات التربية والتكوين في انخفاض متواصل. فهل صحيح أن 575 دار الشباب كافية لتقديم خدمات التربية والتكوين والتنمية الذاتية لفائدة فئات في مقتبل العمر يتجاوز عددها ثلثي المغاربة؟ لعل من المنطق أن ينحصر عدد العاملين بدور الشباب في 600 موظف نصفهم لا علاقة له بمهن التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج الصفوف الدراسية. هل صحيح أن المجتمع يهتم بالأطفال والناشئين والشباب على مستوى الخطابات السياسوية، ويمارس التقتير عليهم في تمكينهم من الموارد البشرية المتخصصة وذات المهارات الفكرية والتقنية الأساسية والمتخصصة في التعامل مع المستفيدين، في أحوال معينة بالتركيز على الجوانب الصحية العامة والجوانب النمائية والذهنية والفكرية والنفسية والاجتماعية، اعتمادا على مهارات الملاحظة والتواصل وبناء التماسك لتقوية المشاركة والحوار والتفاوض، بالإضافة إلى مهارات إدراك الذات. إلى حين إصدار عملنا العلمي في شان مهارات العاملين مع الشباب داخل دور الشباب نؤكد على أهمية هذا الموقف العمومي والمكون الأساسي من مكونات التربية والتكوين والتنمية الذاتية خارج الصفوف المدرسية. والذي يمكن التعويل عليه وفق مناهج وبرامج تدخلية وإشعاعية، والإسهام الجيد في إعداد الثروات الإنسانية المواطنة القوية على بناء النهضة الحضارية إذا تم التملك من دمجه بشكل علمي ودقيق داخل منظومة التربية والتكوين والتنمية الذاتية التي تحتاج بدورها إلى تطوير علمي يعيد عن الارتجال الذي يعطل أدوارها في قيادة التطوير الايجابي.
#عبد_الله_أبو_إياد_العلوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا حكامة في ظل الإستبداد ولا تغيير في ظل إستمراريته
-
علاقة القلق بالسلوك الإجرامي لدى المترددين على السجون
-
نوعية الحياة وواقع الصحة النفسية لدى المترددين على السجون وا
...
المزيد.....
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا
...
-
إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد
...
-
مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
-
مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك
...
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|