أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد قانصو - أمي الشهيدة














المزيد.....

أمي الشهيدة


محمد قانصو

الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 19:59
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


أمي الشهيدة ..

على أبواب الذكرى يتجدّد الموقف الصعب, وأراني مثقلاً بهمّ الوقوف أمام هيبة الحدث, فأجمع أوراقي المشتاقة لأكتب لك رسالتي الثالثة ..
سلام لروحك يا أماه وبعد ..
أستعيد معك آخر الأيام قبل أن يبحر مركبك نحو البعيد في رحلة اللاعودة ..
حين دخلتُ عليك مساءً حجرة المشفى وأخبرتك بأنَّ طاغوتاً عربيا ً قد سقط ..
لا أعرف حينها ما الذي دفعني لأزفّ لك تلك البشارة, وأنا أدرك أنّك تستعدّين للسفر نحو عالم لا مكان فيه للطواغيت, ربما فعلت هذا لأني أعرف تماماً أنك عشت أيامك ناقمة على كلّ تجّار الدّين والسياسة والوطنيّة, وأنّ رحيل طاغوت سيكون نسمة باردة ترافق فراشة روحك إلى براعم الحريّة .
..وأعرف أنّ أمراء الحروب كانوا سبباً لحزن استوطن قلبك حتى تبضّع هذا القلب, ومنبعاً لينبوع من الدمع ما جفّ حتى الإغماضة الأخيرة ..
كنت أسمع ترددات الغضب, وكلمات السخط على لسانك, وكنت مؤمناً بكفرك بكلّ العصابة التي حكمت وتحكم بلدنا الصغير المُغتَصب, وتحتلّ حتى زوايا أحلامنا, وتقتل الفرح في جبّ المخيّلة .
مذ كنت صغيراً ما زلت وفيّاً لعقيدتك ـ المحفورة بدماء زوجك وولديك ـ بأن البراءة من المتكالبين على المصالح والمرتهنين لها دِين, ولا عجب أنّ تلك حقيقة يردّدها كثيرون في صمتهم, ويجهرون بها في غرف عقولهم المغلّقة بقرار سلطانيّ .
في السنويّة الثالثة يا أمي .. أستعيد حزنك, ودمعك, ووجعك, وصبرك, وأصبّ لعناتي المحمومة على الذين ألبسوك السواد في شباب العمر, وجعلوا أعيادك حزينة على طرقات المقابر, وبين اللحود المسكونة بالصمت القاتل .
في السنوية الثالثة يا أمي أُعلنكِ شهيدة .. والشهادة رتبة تليق بك .. يا زوجة الشهيد, وأم الشهيدين, والشهود الذين ما برحوا يروون تفاصيل رحلة العذاب الطويلة .
نعم يا أميّ الشهيدة .. يا من قتلك صنفان من الناس ويقتلاننا كلّ يوم, صنف يقتل بسيف الجهل, وصنف يقتل بالتصفيق ..
سامحيني أيتها الحبيبة.. فأنا لا أقصد نكأ الجراح, ولا أريد لمارد حزنك أن يستفيق, ولكننيّ في يوم ذكراك أستعيدك كلّك, ومساحة الأوجاع في تفاصيل عمرك طويلة, فتستوقفني الأيام وتستفزّني المواقف, وأعود صبيّاً لأسمعك صراخك يصّعد للسماء في وداع الأحبة, وبكلا الكفيّن أراك تمسحين الوجه بسواد ليس أقلّ اسوداداً من ماضينا وحاضرنا وربما مستقبلنا ..
أيتها الحبيبة الشهيدة ..
ليس لعدّاد الأيام والسنين, أو لحسابات الموت والحياة, أن تمحو قضيتنا, قضية الإنسان الذي ذنبه أنّه عاش في مجتمع تحكمه وحوش وتقوده غرائز, والقيمة البشريّة فيه رقميّة بخسة, قضية الأمّ التي أثخنت روحها وقلبها جراح يتفطّر لها كبد الجماد, فعاشت أيامها بين ألم وهمّ, ثم غادرت الدنيا ساخطة حانقة ..
أيتها الحبيبة الشهيدة ..
أنّى للغضب أن يسكن إلا بين يديّ المنتقم الجبار غداً, وأنّى لوجودك أن يفارق وجودي, فورود ذكراك لن يعتريها الذبول, ونجمك الأشعّ لن يعرف الأفول ..



بقلم الشيخ محمد أسعد قانصو



#محمد_قانصو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليس بين الله وبين أحد قرابة ..
- الأعمى ..
- إنا تطيرنا بكم .. ( الغراب )
- وحيداً على رصيف الوجع ..
- نشرة الأخبار!..
- حكومة إنقاذ او على البلد السلام ..
- للمرأة كل الأيام ..
- الدم الضائع بين القبائل ..
- الحكمة أيها اللبنانيون
- يا زمن الحسين !..
- لسان العرب!..
- الجوع ..
- مياومون ..
- الكتابة رسالة ..
- آباء الشعب المحترمين
- الديموقراطية صنيعة الأمة ونتاج وعيها ..
- قانون سكسونيا !..
- ! whatsapp
- أقنعة ..
- وطن الوصاية .. لست هنا !!..


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد قانصو - أمي الشهيدة