أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - عزلة














المزيد.....

عزلة


سماح عادل

الحوار المتمدن-العدد: 4364 - 2014 / 2 / 13 - 15:13
المحور: الادب والفن
    


وهي تغسل الأطباق تترك لذهنها العنان , دوما ما يصارعها هذا الذهن , ويفرض رغباته, يرغب دائما في غربلة الأفكار والتلاعب بها , وقد يدخلها في حالات نفسية متنوعة ومتناقضة , في فترات زمنية متقاربة .

فقرة غسل الأطباق هي أكثر الفقرات امتاعاً لذهنها, لأنها تعودت منذ الصغر على فعل ذلك , وأصبح الأمر ينجز بآلية تتيح لذهنها الحرية في الانطلاق , أما الفقرات الأخرى في الأعمال المنزلية قد تتطلب بعض الانتباه , لأنها لم تعتاد على القيام بها منذ الصغر , وإنما فرضت عليها بعد الزواج ..

أما فقرة رعاية الأطفال ومجالستهم فلا تترك لذهنها أية فرصة للتنفس, ربما يقاوم ويغربل أفكاره عندما ينشغل الأطفال بكرتون محبب لهم , وقد تسمح لنفسها بمتابعته معهم والاسترخاء, هي دوما ما تحتاج إلى الاسترخاء , كرتون "قط وفأر" يساعدها على ذلك , لأنه يذكرها بطفولتها , أما باقي أنواع الكرتون لا تريحها, لأن معظمها أمريكية مرسومة بشكل مشوه , وتمتليء بالعنف وتفاصيل المجتمع الأمريكي الغربية .

كل الأفكار التي حشت ذهنها طوال السنين تتزاحم , يتقدم بعضها ويتأخرالبعض ,حالتها المزاجية تتدخل في الأمر . لم تتورط كثيرا في علاقات اجتماعية مع الجيران , ربما لأنهم لا يشبهونها في شيء , سيدات في منطقة شعبية , لا هم لهن سوى أعمال المنزل والنميمة . رغم الدعوات المزعومة بقدسية الكادحين إلا أنها تفشل دوما في الاندماج معهن , وتتلعثم في الكلمات عندما تجالسهن , تحب دوما دور المثقفة الواعية , وعندما تخلعه تشعر بالغربة , فتفضل مجالسة ذهنها القلق , واللعب مع الأطفال بجنون .
طال الأمر , مرت السنين وهي طريحة المنزل , مل الاكتئاب من مجالستها , في لحظة إفاقة امتد خط المقاومة على استقامته , وساعدتها الصدفة في الخروج , اشتاقت لمخالطة الآخرين الذين يشبهونها , بدأ الأمر ب"الفاس بوك" فقد حرمت أيضا لفترة طويلة من الإنترنت , بعد وقت ليس بقصير رجع الإحساس القديم , الاغتراب , أو هو التصارع ما بين الانتماء والاغتراب , دوما ما تتمسك بإحساس واهي بالانتماء لهؤلاء , كوسيلة لحفظ التوزان النفسي , ثم ومع مخالطتهم يتصاعد إحساس الاغتراب , هي ليست منهم تماماً, هي لا تنتمي لأية جماعة في الواقع , معلقة في الهواء , تحسب نفسها دوماً عليهم , وتتمسك بماض معهم مليء بالاغتراب , ليست أيضا في المنتصف , إنها في منطقة "اللامكان ", " اللانتماء" . طبقياً تعد من الكادحين , لكنها لا تتآلف معهم , تتبنى أفكارا طوباوية لهم , وتهرب من ممارستها بدعوى خوفها من أن تترك طفليها يتيمين , تجمع أصدقائها في جماعة واحدة لها صفات نورانية مقدسة , وتغرق في الاحباط واليأس عندما تكتشف انتهازية أحدهم , وأنه لا يختلف كثيرا عن أي نفعي .
إنه التناقض هو الثابت الوحيد , تعيش في رحابة ذهنها , وعند التواصل الحقيقي تسكن تماماً , ولا تعرف ماذا تفعل , تتذكر دهشة بعض صديقاتها عند إعلانها أنها إنطوائية , وتؤكد إحداهن أنها اجتماعية جدا ومرحة .

فكرة التخلي عن الاهتمام بتصورات الآخرين عنها لا تتحقق , تعجز أيضا عن فرض تصورها الخاص عن ذاتها , في معظم أحواله متدني , تستسلم لآراء زوجها الاتهامية , وتتقمصها , ثم عند أسفل درجات الضعف تقاوم , تساعدها بعض مقتطفات من جمل البعض والتي تصفها بإيجابية , تصدق أنها في معظمها حقيقية , وتنسى مقتضيات المجاملات الاجتماعية .

تتأثر لأي حدث وتغرق في هوة الضعف , أصبح جسدها يستجيب ويعاني الألم , تنقذها بعض المصادفات , كأن يضيفها صديقين متزوجين , يفرحان لمحادثتها على الشات , ويحتفيان بجملها المكتوبة في إحدى قصصها , ويؤكدان أنها من نوع الناس الذي لا ينسى , أو فتاة قابلتها في الجامعة وتأثرت بها وظلت تتذكرها طوال هذه السنوات وهي تهتف في إحدى التظاهرات . ورغم أنها فرصة لتواصل إنساني ثري إلا أنها تتحجج بانشغالها بظروف أطفالها , وتتشبث بالفاس بوك كوسيلة وحيدة للتواصل , أدمنت العزلة كحماية .
10- فبراير 2014



#سماح_عادل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في داخلي قمر
- أصبحت سافرة
- بين خانتين
- رواية رائحة كريهة صوت البرجوازي الصغير المهمش
- ...............!!!
- يوم عادي لفتاة ليست عادية بما يكفي
- تضامنوا معنا ضد إفقار ال مصريين تضامنوا معنا لإلغاء تجارة ال ...
- عرض كتاب السيرة الهلالية لمحمد حسن عبد الحافظ
- لا ألم في حوض الماء
- بورترية لجسد محترق...أنة وجع من عفن الحياة المعاشة
- -العالم لنا- اشكاليات تجذر حركات مناهضة العولمة النيوليبرالي ...
- الحركة النسائية العالمية ..محاولة للاستلاب وتفريغ المضمون ال ...
- اروى صالح مناضلة احبطها العنت الذكوري
- في ظل تأريخ متشابك للحركة الشيوعية يضلل أكثر مما يكشف محاولة ...
- تنويعات ملل بشري
- الجهاز قصة قصيرة
- كل الهواجس حوله
- إشكالية المثقف في المجتمع
- يتحسس
- موت الاب الاخير


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سماح عادل - عزلة