|
مقطع فيديو قصير من وحي عصر التَكبير
أحمد كريم الحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 22:16
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
وانا اطالع موقع (يوتيوب) الشهير استوقفني مقطع فيديو لرجال أمن وجنود سوريين وهم محاصرين داخل احد المباني الحكومية وعلى مايبدو قد نفذت ذخيرتهم الى حد الصفر وتجمعوا في زاوية في غرفة أشبه بالصفوف المدرسية لكنها بلا أي اثاث بانتظار الموت المحتوم على ايدي الارهابيين الذين تسمع اصواتهم وتكبيراتهم .. فهم يحملون الموت بين ايديهم وينثرونه حيث ما حلوا على هامش ربيع التكبير (الربيع العربي) ،، هذه المشاهد كانت مصورة من قبل احد الجنود الذي على ما يبدو انه امتشق هاتفه وفتح كاميرا الهاتف بعد ان تهاوت بندقيته ونفذ رصاصها هذا الجندي قرر ان يخلد مأساته ورفاقه الى الأبد قرر ان يعرض لنا قصة رجال عاشوا دقائق ليست ككل الدقائق وثواني كأنها السنين العجاف ،، الجندي اخرج هاتفه وصور رفاقه وبدت وجوههم صفراء لكنها باسمة كأن عيونهم تقول ايها الجالسون خلف الشاشات تحت سقوف بيوتكم الآمنة في احضان عوائلكم لاتخدعكم هذه الابتسامة انها ابتسامة اليأس الممزوج بالألم والخوف والحزن والحسرة على حياة ستسرق خلال دقائق .. هم يعرفون انهم وقعوا في شباك صيادي الارواح وقراصنة الحياة لذلك فرص بقائهم على قيد الحياة معدومة ان لم تكن مستحيلة الجنود عندما شاهدوا زميلهم وهو يبدأ بتصويرهم قاموا بتعديل ياقات قمصانهم وبدلاتهم العسكرية وكأنهم في لقاء تلفزيوني وأبى احدهم ان لا يتم تصويره الا وهو في كامل قيافته العسكرية فلبس خوذته على عجل وشد رباط بوطه العسكري يأبى ان يتواجد في حضرة الموت دون ان يكون انيقاً .. أي انُاس انتم ..!!! ووقفوا جميعا في صورة تذكرني بالعشاء الأخير للسيد المسيح لكن للأسف لم يكن عشاءً .. ثم بدأوا بنقل تحياتهم الى ذويهم فهذا يقول لأمه لاتحزني في موتي وهذا يقول لزوجته سأموت حتى تعيشي بكرامة انتي والاطفال والاخر يقول لأخيه اعتني بأبي وامي واختي الصغيرة فهي مريضة وهذا يقول والدمع يتموج في عينيه ومؤكد انها ليست دموع الخوف انها دموع الفراق واما اوجعها من دموع ثم يقول لأبيه لاتدع اختي تترك الدراسة قم ببيع اغراضي وادفع لها قسطها لتكمل دراستها الجامعية ....!! فجأة يصبح صوت الرصاص قريبا جدا يقترب صوت التكبير اكثر فأكثر الكل بدأ يكبر الضحية والجلاد ،، تحدث ربكة الكل بدأ يتحرك اليد التي تحمل الكاميرا فقدت توازنها ،،، احد الجنود يطلب من رفاقه مسامحته على الاخطاء التي ارتكبها بحقهم عندما كانوا في دورة التدريب العسكري يدير المصور الكاميرا على وجهه المرتبك ويحاول ان يقول شيئاً لكن لسانه يعجز عن النطق امام صخب لحظات الموت وتكبيرات الذئاب البشرية، تتجه الكاميرا نحو الباب الوحيد في الغرفة الذي سيأتي منه رجال الموت فجأة تلمح ماسورة بندقية متوسطة المدى ثم تختفي وهناك يسمع صوت يقول انهم في الداخل،، انهم في الداخل ،، تمر الثواني وكأنها الدهر ،، الضابط الاعلى رتبة بينهم يقول لا تخافوا انا سيكون اول من يقتل ساكون في مقدمتكم يتقدم الضابط باتجاه الباب يبدأ الجنود بالتزاحم في زاوية الغرفة يقومون بتلاوة الشهادة ووجوهم نحو الباب ثم يغمضون اعينهم بانتظار الرصاص الذي سينهي مأساتهم ،، تسمع اصوات اقدام ويبرز صوت سحب بندقية وتلقيمها ،، وماهي الا لحظات ليطل مسخ بلحية كثة حليق الشارب وهو يكبر فيعلو صوت رصاص بندقيته وتختفي اصوات من في الغرفة وتسقط كاميرا الهاتف معلنة سقوط الانسانية في هذا العصر ومعلنة انتصار الشر في واحدة من ابشع المجازر التي تحدث في سوريا والعالم على حد سواء إيذاناً ببدء عصر جديد في حياة العرب هو عصر التكبير .. عجزنا ان نُكبر افكارنا واذهاننا وعقولنا فكبرنا سيوفنا ولِحانا وتَطرفنا لم يعد أحد يسمع شيئاً في نشراتنا الاخبارية سوى التكبير والموت ،، في اوروبا بدأت حياتهم بنهاية عصر التنوير اما نحن فبدأ موتنا ببداية عصر التكبير ،،، يتفطر قلب اي انسان وهو يشاهد اخر لحظات بني جنسه نظرائه في الخلق وإخوانه في الدين وهم يغادرون ركب الحياة الى غير رجعة ومن اجل ماذا ... الكل يجهل السبب.. عجيب أمركم ايها العرب؟؟ بعد الحزن والمرارة على من قتلوا قلت لنفسي وانا اتخيل حجم المأساة التي خلدها هذا الفيديو القصير ماذا سيكون انعاكسه على نفوس ذوي الشهداء ماذا سيكون شعور الزوجة وهي تشاهد زوجها مرتين مرة في صورة الزوج المبتهج في حفل الزفاف ورفاقه حوله يزفونه الى عش الزوجية وفي صورة اخرى ترى زوجاً شاحباً يصرع امام عينيها ذنبه الوحيد انه وقف مع الشرعية ولبس زيها الرسمي واخذ على عاتقه شرف الدفاع عن الوطن،، فعيونها ترى روحه تهدر على مذبح العبث العربي الاسلامي ورفاق الامس الذين زفوه هم نفسهم رفاق اليوم الذين يشيعوه ،،كيف سيكون بكاء الام وهي تذكر اللحظات المؤلمة التي انجبت فيها ابنها والنساء حولها يباركون لها مولودها البكر ومن ثم ترى نفس النسوة وهن يلطمن الخدود على فقد الشهيد بأي اللغات يمكن ان تُعزى الام واي كلمات في بطون قواميس اهل الارض ستخفف وجعها وألمها،،،،، ماذا سيقول أخ الشهيد عندما يرى أخيه في ملابس بيضاء مؤكد إنها ليست ملابس الزفاف او الولادة انها ملابس الموت والشهادة ماذا سيشعر وهو ينظر الى ذرات ذات التراب الذي كان يلقيه على اخيه في مزاح عندما كانوا صبية هو ذاته التراب الذي سيمنعه من رؤية اخيه والى متى ،، الى الابد،،، ماذا سيقول الأب الوالد الذي اضناه التعب ومشقة العيش الذي انتظر ان يَكبر ابنه ليعينه على الدنيا ويتحمل جزء من اعباء الحياة الثقيلة وهو يرى ولده في ابتسامته الاخيرة التي يستطيع وحده ان يفسرها ويفك طلاسمها أيلعن الأبوة ام يتحسر على حكمة رهين المحبسين ابو العلاء المعري الذي رفض ان يكون له ذرية حتى لا يتوجعوا في حياة نهايتها مقدرة سلفاً ،، ماذا سيقول ابن الشهيد عندما يساله اقرانه الاطفال ببراءة الطفولة أين والدك لماذا لا يصطحبك الى حديقة الالعاب .. لماذا لم يشترِ لك ابوك ثياباً جديدة للعيد ... لماذا لا يأتي والدك ليوصلك الى المدرسة ،،، او عندما تطلب منه المعلمة احظار والده بسبب تلكؤه في الدراسة ماذا سيقول لها ،،،؟ هل سيقول لها ان هنالك رجل ذو لحية اشبه بالمسخ قد ارتآئ ان والده خطر على الاسلام والحرية فقرر ان يتخذ قرارا بازالة هذا الخطر من الوجود ،،،!!
اعتقد انه من الافضل ان يدعوها لمشاهدة مقطع الفيديو الذي يؤرخ حياة ومجد والده. اعتقد انه سيكون كافيا للاجابة على اي سؤال ،، وبضمنها السؤال الازلي ايهما اكبر واقدس شأنآ عند الله الانسان ام التكبير !!! تكبير .. الله اكبر
[email protected]
#أحمد_كريم_الحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة من مجرد انسان الى السيد بلاتر
-
انا أسف يا آمنة باوزير
-
سأخبر الله بكل شيء
-
عاجل .عاجل . عاجل . قتل 100 تمثال موالي للنظام !!!
-
ذاهب لمقابلة التأريخ
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|