أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان مجادي - حمى ..














المزيد.....

حمى ..


مروان مجادي

الحوار المتمدن-العدد: 4363 - 2014 / 2 / 12 - 09:07
المحور: الادب والفن
    


هو لا يعلم لما تنتابه هذه القشعريرة التي تسري في كامل جسمه .. تصيبه بشيء من الخدر .. رغبة في النعاس أيضا .. ليس نعاسا عاديا .. يدرك ذلك .. لكن لا يدري لما ..
رائحة سجائره الملفوفة بعناية فوضوية تماما كمشاعره هي كل ما يربطه بالواقع ..
نزع ملابسه بسرعة .. بعصبية مفرطة .. ألقى بها على المكتب و الكرسي .. تناول سروالا قطنيا أزرق اللون من الخزانة .. تأمله .. لكنه سرعان ما عدل على ذلك...
و مع أنه .. مريض و مريض جدا .. و مع أن الحمى اثقلت جسده المنهك بالذكرى و بمخاوف و هواجس تعود أن يخفيها بإبتسامة لا إرادية أو حقيقية كما يحلو له أن يقنع نفسه بهذه الكذبة البذيئة حد الصدق المكشوف .. و مع أنه مريض تجول في أنحاء البيت عاريا .. كان لملمس الأرضية الباردة وقع ما في نفسه .. ود أن يبكي .. لكن حلقه متورم .. و حرارته مرتفعة .. كان يترنح في مشيته .. دخل المطبخ .. فتح الثلاجة و اغلقها .. بحث عن شيء ليس يدرك تماما ما هو ..
هو مريض .. منهك .. حزين ..
عاد إلى خزانة الثياب .. تأملها قليلا .. إنتقى ملابس داخلية زاهية اللون .. و لم يستطع أن يمنع نفسه من الإبتسام .. ربما فكرة ما راودته .. تدهورت صحته .. لم يمارس الرياضة منذ مدة .. تملكته نوبة سعال حادة .. مسح فمه بكفه .. ما هذا الذي أصابه .. عليه أن يقلع على التدخين ..
سحب نفسا عميقة من السيجارة و تمتم بكلمات بذيئة .. واصل تخير الملابس .. سروال قطني أسود اللون .. قميص أزرق غير سميك .. منشفته الزهرية ..
و الروب الأحمر " الروب دي شمبر " الذي يعشقه .. توجه رأسا إلى الحمام .. خيل إليه انه إستغرق دهرا كي يصل .. رأسه .. رأسه ثقيلة
أخذ دشا بماء فاتر .. ربما يشفى ..
***
نظر إلى كمية الأدوية أمامه .. و مع أنه مريض و مريض جدا .. كان على يقين بأن الوجع في القلب .. القلب تحديدا .. ندوب القلب .. التي مرت عليها بوجهها .. هاهي تعود كما كانت .. ليت الحبوب تمنع عنه حمل ثقل هذا الغياب القاتل ..
أشعل .. سيجارة .. تركها تحترق على مهلها .. لا يقوى على التدخين .. لا زال مريضا ..
تناول زجاجة النبيذ ملأ كأسا .. أدناها من أنفه .. يده ترتعش .. سكب الكأس في جوفه .. قطرة نبيذ متمردة افلتت .. تدحرجت من شاربه إلى شفته .. غيرت زاوية انسيابها و هي تتجه صوب لحيته مرورا بشفته السفلى ..
رفع رأسه كي يتيح لها مواصلة سفرها .. باردة .. عذبة ..
تمنى أن يقبلها كما لم يفعل ذلك من قبل .. أن يحتفي بكل تفاصيلها .. أن يشتم رائحة الأرض في شعرها ..
لما هي الآن .. ؟
لم يستطع أن يطرد خيالها لا من ذهنه فقط بل من الغرفة و البيت بكامله .. كان يدير عينه .. يهرب من شيء ما .. ضحك في البداية .. لكنه سرعان ما إستغرق في البكاء .. بكاء طويل و مؤلم ..
***
حين أفاق .. لم يحس بأي تحسن بل على العكس كان متوعكا أكثر من ذي قبل .. يبدو أنه ضل في الفراش بدون حراك يوما أو يومين .. أراد أن ينهض .. لم يستطع .. جسده منهك بالحمى و الغياب ..
زجاجة النبيذ كما هي .. لم يستطع أن يحرك يده نحوها ..
.. أنا ضلك و إنعكاسك .. لك ما شئت .. و لي ما شاء قلبك .. تمتم بهذه الكلمات .. كان يهذي و لم يكن يهذي ..
إرتكب منذ مرضه شتى اصناف الحماقات .. لكنه مع ذلك كان يضحك .. يسخر من هذيانه .. من الحمى التي استبدت به و مع أنه مريض .. حلقه متورم و ملتهب حرارته مرتفعة .. كان يردد بأن الألم في القلب ..
عاودته نوبة الهذيان ..
***
في الصباح الباكر و هو يهم بمغادرة المنزل بعد أن أقنع نفسه بأنه تعافى كان يردد جملا لم يفهم معناها .. لكنها نفس الحروف .. الغياب مرة أخرى ..



#مروان_مجادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الأبعاد الإشكالية لقضية الجمود العقائدي (1) الفرق بين الم ...
- وهم اشكال الموضوعية في العلوم الإنسانية .. أو حتى لا تقتل ال ...


المزيد.....




- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان مجادي - حمى ..