أحد تمفصلات المخزن المغربي خلال القرن التاسع عشر -البيعة- نموذجا

عبد الصمد فروات

الحوار المتمدن-العدد: 4357 - 2014 / 2 / 6 - 03:40
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

شكلت البيعة أحد القضايا المهمة في تاريخ المغرب خلال القرن التاسع ومـــا ســــبقه من قرون قد مضت ،باعتبارها رمز للنظام السياسي في المغرب ، والمنبثقة بالأساس من الأصول الإسلامية و القائمة على عقد يربط بين السلطان باعتباره حامي حمى الأمة والدين ،وأهل الحل والعقد الذين يقومون بدور تولية السلاطين المغاربة
إذن مـا هــي الـبيـعـة وهل شكلت البيعة أحد تمفصلات المخزن المغربي خلال القرن التاسع عشر
قبل الجواب عن هدا الإشكال المطروح سنحاول تفكيك المفاهيم المستعملة في السؤال لكي تتضح لنا الرؤيا .وأول هذه المفاهيم نجد مفهوم البيعة والتي تعني بالأساس عقد يربط بين شخص السلطان ورعايه المكونين بالأساس من الفقهاء و الوزراء و العلماء وشيوخ القبائل ،والذين يلتزمون بالوفاء وخدمة السلطان والتضحية من أجل الوطن ،مقابل أن يوفر لهم الاستقرار ويحاول تطوير المجتمع والرقي به إلى ماهو أفضل .كما نجد مفهوم المخزن والذي يعني بالأساس السلطة المكونة من السلطان وحاشيته ،وهو عبارة عن مؤسسة سلطانية ،أما الفترة الزمنية التي يتمحور حولها السؤال فهي المغرب خلال القرن التاسع عشر ،وهي فترة تبدأ من سنة 1801 وتنتهي سنة 1900 م،إذا أمعنا النظر في هذه الفترة الزمنية سنلاحظ على أنها فترة غنية بالأحداث ،بحيث تعاقب على حكم المغرب في هذه الفترة خمس سلاطين ،أولهم السلطان المولى سليمان (1792-1822) و ثانيهم السلطان عبد الرحمان بن هشام (1822-1859) وثالثهم السلطان محمد بن عبد الرحمان (1859-1873)و رابعهم السلطان الحسن الأول (1873-1894) وخامسهم السلطان المولى عبد العزيز (1894-1908) .
وعلى هذا الأساس تعتبر البيعة من بين أهم الأحداث التي كانت تؤزم وضع الحكم في المغرب، بحيث أنه مباشرة بعد وفاة السلطان تظهر أزمة الحكم التي تتجلى في صراع أبنائه حول الحكم وكنموذج على ذلك أزمة الحكم التي عاشها المغرب بعد وفاة السلطان محمد بن عبد الله ودخول أبنائه في صراع دامي ، انتصر فيه المولى سليمان 1792م على مسلمة والمولى هشام وهذا راجع إلى أن المولى سليمان أخد البيعة من فقهاء فاس الذين يعتبرون أنفسهم أصحاب الشرعية في اختيار الإمام المناسب لهذا الأمة، هذه من جهة ومن جهة أخرى يمكن القول بأن البيعة تعتبر أحد تمفصلات السلطة المغربية خلال القرن التاسع عشر، خاصة وأنها تمنح حق السيادة للسلطان وتعتبره حاكما للمجتمع المغربي وحامي الأمة والدين ،كما يستعمل هذا الأخير البركة والشرف كرأسمال يستثمر فيه ويسير به قوى كبرى تتجلى في القبائل المكونة للمجتمع المغربي ،بحيث يلتزم السلطان من خلال هذه البيعة على أنه سيحفظ الدين وسيحمي المسلمين .
وأصبحت الـبيـعة خلال القرن التاسـع عشـر، تـشكل جانـباً مـن نظـم الـدولـة ،خاصة لما تمثله هذه الأخيرة من رمزيات منها محاولة خلق النظام السياسي للبلاد من خلال مبايعة السلطان واعتبار البيعة بمثابة العقد الذي يربط السلطان برعايه .
بناء على ما تقدم يمكن القول بأن البيعة اعتبرت بمتابة الدستور الذي يقوي سلطة السلطان الذي يستعمل البركة و الشرف من أجل بلوغ الهدف ، و الهدف هو الوصول إلى الحكم ،وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن البيعة قد شكلت أحد تمفصلات المخزن المغربي خلال القرن التاسع .

#عبد_الصمد_فروات (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات