أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض الدليمي - قصة قصيرة















المزيد.....

قصة قصيرة


رياض الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 4356 - 2014 / 2 / 5 - 14:41
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة
من طوروس الى الرشراش
رياض الدليمي

الاجداد سلعُ معمرةُ خبأ ت من شظايا حروب المياه والنيازك والاغتصاب , الأجداد مفردة معطلة وأفعال ناقصة وحروف مشبهة بالفعل , هم كالثعابين والجرذان والسحالي , وضعت في زجاجات المختبرات والمتاحف, تراهم ....... ولكن لن تمسك بهم .
اللغة هي ليست معجزة الشعوب المتحضرة , بل أية حالة جماع أو تحالف حروف ودول لتشكل مفردات كالناتو , والأطلسي , والحلفاء , أو أية جماعة هربت من قسوة الشمس وارتفاع الرطوبة لتجلس في صالات مكيفة وتخرج بإنشاء مجلس أو كارتل ........
اللغة ناتج تهذيب لأصوات النعيق والخوار والعواء , أو أصوات اللهاث عند الركض والمضاجعة .
***************
لم يكن مصرٍِيا كنا ندعوه حسن المصري , كان يسأل تتبع اللقمة من الفم حتى ( ..........) ؟
حسن المصري يتقن اللغة العربية المنطوقة بلسان مصري , لا بالولادة أو التجنس إكتسب مصريته بالعينين الجاحظتين والشفاه المفلطحة , كان يتحدث في السياسة أكثر من حديثه عن درس العلوم , يخيل لنا أن إمبراطور القبطيين الذي فتح شارة المرور السفلى هو الذي يتحدث , بعد تجاوز الدقيقة الثلاثين من الدرس يتحول حسن إلى خطيب ويتسأل – لِمَ هجرَ الإمبراطور الفاتح الجراد والحمير ؟ ..
نعجب لأمر معلمنا " ومن ثم بعد رنين الجرس يتمتم مع نفسه ( باللات والعزى , ومناة الثالثة الأخرى , فإنهن الغرانيق العلى , وان شفاعتهنَ لترتجى ) .
**************
اللغة تصنم وتوثن أو أية وسيلة لمقايضة السلع والنساء .
( ياإله الخصب والرزق والسعادة , ياإله الود والطمأنينة , لم اتفق العرب أن تتساوى حروف لغتهم مع قطع الدومينو ) إنني أدهش لأمر ( عمرو بن لحي ) ِلمَ لا ينقل للجزيرة الإلياذة بدلا من هبل ؟ أو لِمَ لا يسرق سرَ النحت بدلا من سرقة اللات ؟ .
****************
اللغة (سيناريوهات ) تلوَ ( سيناريوهات ) وإستلاب لمقدرات الذهن والأرض .
هي محاولتي الأخيرة للفتك والهتك والامتصاص , هي إعادة تشكيل المياه النازفة من العيون وذوبان الجليد من (طوروس) إلى ( أم الرشراش ) والتنقيب عن عظام وأوان والبحث عن أرث وانتشال التلموذ الذي غطته الرمال والأشجار .
****************
اللغة هي إنفجارات وغضب وفرن لإحتراق الجسد , هي نقاء الشعوب المضطهدة .
يندفع حسن المصري بخطاه الثقيلة – أثقلها ألهم والحزن والتحسب فتكلست فيها إثنتان وستون سنة .
في غرفة الاستراحة إختط لنفسه طقسا بعد نهاية الدرس الخامس, يجلس على كرسيَه الذي ما عاد يحتمله / يسترخي / يغمض عينيه , بين اليقظة وشرود الذهن فزع للرؤوس الستة التي يحملها جسد فارع بطول تجاوز الستة ألاف ميل , وبتجاويف ستة , وعصر يناهز ستة عصور . / غرق / في غفوته وأطلق العنان لجسده المتعب , لم يكن بحسبانه أن يرى ديناصورا بهذه الهيئة المروعة والباحث عن الإرث والبئر والنهر , تصبب العرَق من رأسه المصلع , فاض خريره على جسده المحطم منذ ثلاثين عاما . / تكور / خبأ رأسه المصلع بزنده .
يصرخ بصمت ( تركتٌ اللات والعزى جميعا , فلا العزى أدين ولا هبلا أزور ).
****************
اللغة هي تشابك حروف وأقطاب مكونة مفردات متلاصقة ومتنافرة , كالحب والموت , أو رعاية المصالح , والحروب المثلجة , أو حروب المدن العارية .
الديناصور يجتاح المدن مثلما تجتاح الشهوة الجسد , او مثلما ينزف الدم من عنق خروف .
من فوق قمم طوروس يحدق حسن المصري / يتأمل / يعثر على حذاء الإمبراطور المهزوم إبن ( الذئب الأزرق ) و ( الغزالة المفترسة ) , ثم يلتقط محفظة بداخلها أوراق متآكلة لوصية من ( هو إيلوان ) إلى ابنها البار ( جنكيز ) لم يبق من الوصية سوى بضعة كلمات ...( لا تتخل عن إرادة التنغري , وبنود اليسعاق يا ولدي جنكيز ) .
إثأر لأحلام أبيك ( ياسوغاي ) الذي قتل لينشر( التيبت ) المقدس ,ازحف نحو العالم لتحرر الأجساد الشبقة للسوط , ستنحر الفتيات المقدسات تحت قدميك .
إحمل ( النسر وغوث وعوق وهبل ) إرسلها إلى ( خنسا وخان بالق ) كي يدفنها مع كل الديانات والكتب في قبر ( ياسوغاي ) .
****************
اللغة هي تورم الجسد ساعة القحط .
يلعق الديناصور المياه العذبة / يجف الفرات / يتعرى / يخــلع رداءه المائي , تتقافز الأسماك بكل الألوان والإحجام , صخور تنفصل عن الجسور والسدود وحافات الشواطئ .
عشتار ما عاد الجفاف يستر عرَيها , ستشتعل فيه الحمية , بعدما كان الفرات يخفي شبقها لفحولة ( كلكامش) , لم يعَد ( التنغري ) يأد وحشية أنوثتها .
****************
اللغة هي العجز عن إبادة الشعوب المختارة , اللغة ليست وسيلة للتفاهم , بل هي وسيلة لإشعال الحٌروب والفتن لحظة الغضب .
يجف الفرات , الأسماك تتراكم فوق بعضها البعض كأكواخ الاسكيمو , الجاموس / يخور/ يبكي , الإوز يتطاير كالجراد (يسقط) , النسوة تتضرع إلى " هبل " , يرميًن الأطباق الشهية في سدة الهندية , الأطفال يوقدون القناديل والشموع في باطن الفرات لتلتهما الفتيات المقدسات / يلطمن ً/ يمزقنً الصدور , يقذفنً مناة بالحجارة .قطعان الحمير والجمال والكواسر تتجه صوب النهر , يتكئ أحدهم على الآخر .
دعوات , عنـــاوين بخطوط حمـــــراء تغص بـــها الصــحف , اتصالات ( دبلسة ).
******************
اللغة هي إنجراف دماء الشعوب النقية عبر الفرات نحو الجزيرة .
اللغة هي إتفاقات تبرم على الطاولات المستديرة , وتعلن عن مصطلحات براقة ( كالفيتو وحفظ الأمن والسلام , وتسويق الزنوج , وطمس الهوية ).
( ليس ثمة أجناس نقية نقاوة مطلقة , لكن الديناصور أنقى سلالة بين سلالات الأرض ).
يلتف الديناصور حول سلسلة طوروس وأرمينيا , يتزيت بزيت الزيتون المهدى من البلاد الخضراء ورام الله . يحتسي جرعات من مياه الجليد الذائبة من قمم أرمينيا وبئر زمزم ونهر العاصي .
يستعد لرحلته التي ستكلفه تسعة أصفار إلى يمين المائة وعشرين دولار , والتي سيتكلف بنصفها ( عمر بن لحي ) . يملاءٌ تجاويفه الستة بحبات الجوز والفستق وعناقيد الكروم والبلح والكباب الحلبي وأثداء النوق .
******************
حسن المصري لا يستطيع أن يتخيل هذا الديناصور ممتدا بطوله من (طوروس )حتى ( أم الرشراش ) . يقلع الجسور والسدود والمدن , ربما سيتلوى بين العمارات الشاهقة , سيعبر العاصي , سيتخطى غور الأردن , سيمر على رمال ( تهامة ) الساخنة , وسيحمل ( بنو قريضة والآوس والخزرج وهبل ) , سيعبر بهم البحر الأحمر إلى ( أم الرشراش ) , ولكن كيف سينجو من صرخات مئتا مليون فرد غاضب , ربما نسي إن ( عمرو بن زيد ) و ( كلكامش ) و( بلقيس) و ( حسن المصري ) إجتمعوا مابين ( يثرب ) و( الخرطوم ) وقرروا ( لا صلح ..ولا..ولا .., لا تنفيذ لوصايا ( بن لحي ) بعمل ذراع من ذهب لذراع ( هبل ) المكسورة .. وحذار من أحلام ( كورش الأخميني ) بإ جتزاز مقاطعة لدفن الموتى من أصدقائه وجنده .
****************
حسن المصري يجد نفسه قاطع طريق . يعترض قوافل ( بلقيس ) المتجه إلى ( أورشليم ) والمحملة بالطيب والبخور والحناء , تحملها هبة" لسليمان الحكيم .
حسن المصري يقذف بالقوافل جوف البحر الأحمر , يختلط الحناء والطيب والبخور بالماء المالح .
تيَقن المصري إن الديناصور في هذه المنطقة الساخنة المالحة تشح مؤنه , وسيغرف من هذا المزيج المتنافر الذي سيتحول إلى ماء نــــاري فـــي تـجاويفه .
سيأكل كل أحشائه , ستتضارب رؤوسه الستة فيما بينها مما ستزيح المياه مدينة ( أم الرشراش ) وتطفوا فوق أمواجه المتلاطمة , ستسيل المياه مغرِقة أشجار الزيتون والبرتقال والنخيل المهجَن , ستنفذ تحت رمال (ديمونة ) وسيفيض نفق ( الخليل ) , ستتساقط النجوم السداسية في الآبار والأنفاق لتجرِفها سيول البحر .



#رياض_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رياض الدليمي - قصة قصيرة