أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فاطمة ناعوت - إخناتون والعياط














المزيد.....


إخناتون والعياط


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4354 - 2014 / 2 / 3 - 08:21
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


فى مقبرة الملك الذهبىّ، «توت عنخ آمون» فى وادى الملوك بالأقصر، أقفُ الآن بين جلاليْن. أولا: «جلالِ الموت» المتجسِّد فى مومياء ملك صبىّ حيّر الدنيا، وكُتبتْ حوله آلافُ الرسائل الأكاديمية، وثانيًا: «جلال السَّلف» الخالد الذى كتب السطر الأول فى كتاب التاريخ، لكى نعتزَّ أبدَ الدهر بمصريتنا. وقتَ كانتِ الأممُ ترفلُ فى الهمجية والبداوة، يركضون وراء الطرائد، ويتقاتل الشقيقان من أجل قطعة لحم أو ثمرة فاكهة، لاهثين وراء شربة ماء، تاركين بئرًا جفّتْ ليبحثوا عن بئر أخرى نابضة بالرِّى، كان أجدادُنا يشيدون المعابدَ والأهراماتِ والمسلّات، ويُجرون العمليات الجراحية الدقيقة، ويحنطون المومياوات، ويبتكرون علومَ الهندسة والحساب واللوغاريتمات والفلك والطب والكيمياء، وفنون الشِّعر والرسم والنحت والرقص والموسيقى.

بتأملاتى تلك، كنتُ أسبحُ فى هذين الجلالين، وفجأةً، انتبهتُ على صوت المرشد السياحى يرمى بى من حالق المجد إلى قبح التزييف والضلالة. كان يتحدث عن إخناتون، والد توت عنخ آمون، قائلاً: «نلاحظ أن إخناتون كان يشبه مرسى»!!! استدعيتُ وجهَ إخناتون، كما صورته الجدارياتُ والتماثيل والموسوعات، فلم أجد أدنى تشابه، فأبديتُ اعتراضى. فإذا بالجهول يصعقنى قائلا بإعجاب: «ليس الشكل، بل كان إخناتون مثل مرسى يهتم بالدين، ويحارب الفنون! هنا مادت الأرضُ بى، وصرختُ: «مرسى شوّه الدينَ، وزيّف القرآن جاعلًا اللهَ يخشى البشرَ، حاشاه! مرسى الكذوب الخائن أسوأ نموذج لمسلم»! وهددته بإبلاغ شرطة السياحة إن استمر فى تضليل الناس جهلا، أو عمدًا.

فأما إخناتون العظيم، عابر الزمان والمكان، فكان أول الموحدين فى التاريخ قبل الرسالات السماوية. وحّد الآلهةَ فى إله واحد، أعطاه رمز: «قرص الشمس» آتون. هو الناسك المتصوف الذى كتب نشيدًا عملاقًا يمجّد فيه اللهَ دون أن يطلبَ منه شيئًا: «يا مَن يشرقُ بجماله فى أفق السماء/ أيها القوى الظاهر الباطن/ بعثتَ الناسَ من رقاد/ فتوجهوا لك بصلاة الشكر». وأما زوجته نفرتيتى، «الجميلة التى أتت»، فكانت تذهبُ يوميًّا إلى استديو نحّات البلاط الملكىّ «تحتمس» فى «تلّ العمارنة» عام 1340 ق م، لتقفَ أمامه كموديل، حتى صنع أعظمَ قطع الفن فى العالم، تلك التى يتباهى بها الألمان فى متحف برلين. فهل كان إخناتون خصيمَ الفن؟! أين منه العياط فاشل الفن والدين؟!

شبّهوا مرسى بالرسول الكريم، وأبى بكر فغضبنا، وشبهوه بنيلسون مانديلا، فضحكنا، وقالوا إن جبريل والسيدة البتول هبطا فى «رابعة» لنُصرته، فأشفقنا على عقولهم! لكن لم يخطر بخَلَدنا أن يغوصوا فى تاريخ أجدادنا، ليبثوا فى سموّه ركاكتَهم، فيخرّبوا وعى نشء نرجو أن يتعلّم عراقةَ سَلفه الخالد. أيها الأقزام، كفّوا عن الوثب فوق أكتاف عمالقة التاريخ.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأس نفرتيتي، أسرقُها؟!
- العوار والعماء
- كنْ صوت من لا صوتَ له
- العياط وأمهات مصر
- لغة أجدادِنا
- لماذا خدع يعقوب بسطاءنا؟
- ابتسامة جورج سيدهم
- موعدنا في كاتدرائية المسجد
- الدستور والسلفيون
- مصريةٌ رغم أنف مَن يكره!
- أطفالُ السماء
- الفارس -إبراهيم عيسى-
- البايونير عدلي منصور
- شكرًا للمصادفات!
- طفل اسمه سيف
- عام في منزلة بين منزلتين
- زيارة البابا
- الماريونيت تتمرد على صانعها
- ميري كريسماس يا مصر
- حكاية العمّ العجوز


المزيد.....




- العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
- بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4 ...
- احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر ...
- العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة ...
- رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
- مجلس الشيوخ الأمريكي يعرقل مشروع قانون لفرض عقوبات على الجنا ...
- انفجار في سفينة حاويات في البحر الأحمر
- إعلام إسرائيلي يكشف عن وعد -حماس- لأسرتي البرغوثي وسعدات
- رئيسة الحكومة الإيطالية تخضع للتحقيق القضائي بعد قرار الإفرا ...
- مصر.. الجامعات تحسم مصير طلاب المنح الأمريكية بعد تعليق إدار ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - فاطمة ناعوت - إخناتون والعياط