سعد محمد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 4352 - 2014 / 2 / 1 - 19:10
المحور:
الادب والفن
الارنب والقمر
سعد محمد موسى
مابين قساوة المجتمع وتهديد الدين بشرائعه وطغيان السلطة والوصايا العشائرية والقمع الاجتماعي عشنا حياة معاقة ومربكة في الطفولة ومابعد الطفولة أيضاً والامثلة كانت كثيرة على ذلك ومن ضمنها !!!
حين بحذرنا المجتمع من تعلم السباحة ويخيفنا من تواجد ذكور السلاحف الضخمة (الرفوش) التي سوف تلتهمنا عندما نسبح في النهر .
وكنا نغطي أيضاً وجوهنا بالبطانيات ليلاً حين ننام فوق السطوح خشية من الخفافيش التي تمتص الدماء وتفقأ العيون.
أو يرعبوا طفولتنا البريئة بكوابيس الطناطل والسعالي .. وحتى كان الوهم السائد عن تخويفنا من زواحف مسكينة مثل (كَراص الخصاوي) والتي هي لم يقرص خصوة اي طفل.
وكان المجتمع الديني أيضاً ينفخ بسمومه وأوهامه المرعبة عن عذاب القبر وجهنم ..
والعشيرة هي الاخرى كانت تمجد فينا سلطة الذكورة والعنجهية
هذا بعض مما كنا نتعلمه قسراً في اوطان قاسية مثل العراق .
لكن كانت هنالك أيضاً حكايات شعبية وأساطير جميلة مستوحاة من الارث الحضاري لبلاد وادي الرافدين مثل الحكايات التي كانت ترويها لنا أمهاتنا آنذاك
...
كان القمر يدهشني دائماً بسكينته وبضوئه البهي لاسيما وأنا أتأمله بفضول من فوق سطح دارنا في ليالي الصيف حين تكتمل إستدارته ويكون بدراً.
كنت أسأل أمي في سنوات الطفولة عن لغز صورة الارنب في وجه القمر!!
فكانت أمي تروي لي حكاية المساء وأنا اقاوم النعاس وهي تهمس في روحي الصغيره
ياولدي العزيز !!
كان هنالك أرنب في قديم الزمان إستدان ذات يوم عانة من ابليس.
فاتفق معه على يوم محدد لاسترجاع الدين.
وحين جاء موعد التسديد لم يكن بمقدور الارنب ان يفي بوعده ويسدد دينه!!
فغضب ابليس من الارنب.
ثم إنهزم الارنب مذعوراً وهو يتقافز في الاحراش والبساتين والبراري وابليس يتعقبه في كل مكان.
وأثناء رحلة الارنب المفزوع وهو يسأل ويستجير بكل الاشياء التي كانت تصادفه.
توسل حينها الى النخلة أن تخبئه بين سعفها وأعذاق أرطابها ،أو النهر أن يعطيه قارب، او الطائر ان يمنحه أجنحة، أو الجبل أن يخفيه في كهوفه أو الصحراء المترامية في رمالها أو الانسان في جبروته .
لكن الجميع رفض حماية الارنب خوفاً من بطش ابليس .
وحين أضناه التعب وبعد ان حل المساء وأوشك أن يستسلم الى مصيره .. إشرأب الى القمر متوسلاً أن يأويه من لعنة ابليس، حينها شفق القمر فقط على الارنب المسكين فقفز الارنب الى السماء.
حينها عرفت بعد أن أنهت أمي حكايتها لم كانت صورة الارنب دائماً توشم وجه القمر !!!
#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟