أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - تركيا وسوريا: الإبن العَاق والإبن المُعاق














المزيد.....

تركيا وسوريا: الإبن العَاق والإبن المُعاق


سامي حرك

الحوار المتمدن-العدد: 4349 - 2014 / 1 / 29 - 22:41
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الدروس المستفادة من قراءة أحداث التاريخ بوعي وفهم, تشبه الحصول على تذكرة سفر مخفضة أو مجانية لكل مدن العالم, فما تقدمه تجارب الماضي هي إستشارات متخصصة مجانية أو لوحات إرشادية لازمة لمعرفة إتجاه السير على طريق المستقبل.
وثائق التاريخ ليست مجرد آثار ولفائف ثمينة نغلفها ونحفظها بعناية في المخازن أو نعرضها في المتاحف, بل هي أيضًا دراسات دقيقة في سلوك الأفراد والجماعات, الدول والإمبراطوريات, وليس فقط سيرة "أردوغان" و"بشار"!
ما أن إنحسرت مياه العصر المطير الأول, وبزغ "بن-بن" عالم جديد مكونًا أرض مصر, حتى حظىيت محمية الكنانة تلك بمزيج طلائع البشر الصيادين القادمين من الجنوب تحملهم مياه النهر العظيم, إضافة إلى دفقات المرتحلين من الغرب, وجماعات المتسللين من الشرق, فضلا عن قبائل وقوارب مغامري الشمال, من البر والبحر, حيث ما لبث فريق كناني كبير أن إستقر وإمتزج ببعضه بل إنصهر وذاب في طين أرض "كيميت" مكونًا سبيكة كبيرة إحتوت خريطة جينية وحضارية مستقلة عبر زمن بدأ من خمس وثلاثين ألف سنة, أو تزيد قليلا, وذلك على النحو والتفصيل المبين في كتابنا وسلسلة مقالات "الكنانة"!
عرف الوجود ملامح تلك السبيكة بإسم الجنس المصري, كما أن نتاج عملها هو ما يُعرف بالحضارة المصرية, ومنها تشكلت القومية المصرية وبها يبدو المكون الأساسي للهوية المصرية, بينما شهدت فورات البركان الحضاري الكناني خروج مستمر لمكوناته كهيئة اللّافا من الصخور والمعادن المذابة, في مظاهر حضارية متعددة, عبر كافة الأرجاء.
الآثار الحجرية القليلة في جوبكلي تيبي تركيا و أبلا وماري وأوجاريت سوريا محملة بملامح علامات الإنتماء الحصري للمظاهر الحضارية الكنانية, تمامًا كما يحمل الأبناء جدائل جينات الأجداد قبل الآباء والآمهات!
ثم نلمس في دراما قصة الإبن الضال أو العاق ملامح علاقة دول وحكومات الأتراك, قديمًا وحديثًا, في تعاملهم الإنتهازي ونظرتهم الجشعة إلى أم الدنيا.
كذلك نرى في دراما الفتاة اللعوب حكايات علاقة مصر بالشام, دماء زكية تُراق وأموال تُنفق وجيوش تُجهز لصد التتار وردع المغول ورد الصليبيين بعيد عنها, وطومان باي يُشنق بعد ما سلمته للعثمانيين, ومازال الثعبان الصهيوني يكمن لنا رابضًا مستدفئًا بين أحضانها.
مسيرة التاريخ الطويلة في علاقات "مصر" بشمالها الشرقي, أو ما كان يُعرف بالشام, هي عقد حماية مستدام ورعاية مستمرة, بينما كانت العلاقة مع الأتراك كلها مخالفات وجنح وجنايات سطو وإعتداء على الملكية والحيازة, مجسدة في مطامع سيطرة القمة الشمالية على بقاع المحميات المصرية, أزاحهم عنها تحتمس الثالث بقهره للخيتيين, وصدهم رمسيس الثاني بمعاهدة سلام مع ملك الحيثيين أوقفتهم عند حدودهم شمال سوريا لا يتجاوزوها, كما قبض رمسيس الثالث على متسلليهم وألقى بأمتعتهم ومراكبهم في عرض البحر, وحين شجعوا رحبعام حاكم أورشليم على الإنسلاخ بعيدًا عن السلطة المصرية, أدبهم وأعادها شاشنق.
لم يتوانَ الشمال عن أحلام السطو ومغانم الهيمنة, فقد شهد التاريخ بعد زمن بسماتيك ظهورٍ آشوري وفارسي وإغريقي ثم روماني وعربي, على التوالي, غزوات وتحالفات ومؤمرات عديدة, كان أقسى ما أصابنا منها الإحتلال العثماني, تحت زعم الخلافة أو الوكالة الحصرية للدين, فقد داست سنابك خيول جيوش الأتراك المحميات في الشام, ثم إستولوا على مصر نفسها وإغتصبوا ثرواتها وأهدروا مؤسساتها وعاثوا فيها فسادًا لما يقرب من ثلاثمائة سنة, حيث يحكي التاريخ أنهم قهروا المصريين وأسلموهم للفقر والمرض حتى تناقص عدد السكان في عهدهم ليصبح فقط مليونين ونصف المليون حين أحصاهم نابليون بونابرت, بينما كان الظاهر بيبرس يفاخر الدنيا بملايينها السبع, قبل ذلك الإحتلال الغاشم!
خلاصة: لا تستطيع مصر أن تبقى آمنة إلا بالإنتباه لما يجري في مجالاتها الحيوية, شمالاً وشرقًا وغربًا وجنوبًا, فما هُزمت مصر إلا بالغفلة عن تلك المجالات!
ملحوظة: على عكس تكرار نوبات التسلل والإستنزاف والإحتلال القادم غالبًا من الشمال والشرق, لم تشهد مصر –في الغالب- من أرض الجدود في الجنوب إلا الخير ممثلاً في عملاقها الطيب "حابي", يتقافز نحوها بخطواته الواسعة عبر صخور الجنادل وسط حيواناته وأسماكه وطيوره, حاملاً سلته النهرية المليئة دومًا بأصناف الحبوب والخضار والفواكه!



#سامي_حرك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر ليست شقة مفروشة
- الأخوان, لم ولن يكونوا حزب سياسي!
- الإقتصاد المصري القديم, والمستقبل
- تلات سلامات .. للستات!
- قيامة أوزير وميلاد المسيح
- رفع العَلَم - رفع عمود جد
- فعاليات موسم الحج إلى أبيدوس
- قصة شجرة الكريسماس
- لصوص ومسوخ الحضارة
- أفريقيا: بيت العيلة!
- عيد الأضواء .. شعب الله المجنون
- عيد الميلاد
- ذاكرة النجاح
- نعم لدستور الخماسين
- لعبة السنة
- آمون المستقبل .. الإيمان بالغيب
- عواصف دستور الخماسين
- التمييز الإيجابي .. بوليصة تأمين
- اللغة العربية في حالة الموت السريري
- بنتكلم مصري ؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - تركيا وسوريا: الإبن العَاق والإبن المُعاق