شجرة بغداد

عباس ساجت الغزي

الحوار المتمدن-العدد: 4348 - 2014 / 1 / 28 - 11:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية

شجرة بغداد
جمال الشجر حين يتسلق الى السماء مرتفعاً ليعانق ضوء الشمس طمعاً بقبلة اشراقتها لتعيد الحياة الى الاغصان التي تتراقص فرحاً بتلك النشوة وتتمايل مع الريح لتعزف بالرفيف اللحن الجميل المطرز بزقزقة الطيور والعصافير المعششة , لترسل نبض الحياة لانعاش العروق التي تعشق اديم الارض وملحها لتعطي الشجرة دعامة التمايل والشموخ في الانتصاب والثقة في الارتفاع .
وللشجر كبرياء حين يقرر الموت واقفاً يأبى السقوط الا في حضرة الزرُّاع , ومن هنا يكون للشجر ارتباط عميق في حلقة الوصل بين الارض والسماء والموت والحياة والوطن والعراء , فالشجرة في السماء جعلت ادم يتدلى بغرور وفي الارض كانت له وطن ومحط الرحال والراحة في الترحال , وكانت له الجليس والنديم حين يعتلي العشق والحزن والفرح النفس الانسانية .
وحين تسقط الشجرة الخضراء النَّضرة لابد من ان هنالك خطب جلل او رسالة من السماء الى البشر فيها عبرّة او تحذير , وحين قرأت ان الرياح العاتية تضرب بغداد وتسقط شجرة كبيرة على سيارة وسط منطقة الكرادة داخل ( ابو قلام ) , وان اسباب سقوط هذه الشجرة العملاقة الرياح العالية , وان الشجرة كانت بجانب بناية قديمة تم هدمها وحفر ارضها من اجل وضع اساس جديد لعمارة من المقرر انشائها في المكان والذي تسبب بقطع الجذور الممتدة والتي كانت موغلة في عمق الارض وتاريخ بغداد .
يعتبر البعض هذا السقوط نذير شؤم على بغداد لان الشجرة تتمتع بنمو جيد واغصان مخضرة مليئة بالأوراق ومن الغريب سقوطها بهذه الطريقة , في حين يعتبرها البعض رسالة لعدم التخلي عن الجذور التاريخية التي تعتبر الاساس والتي من دونها تسقط كل القيم مهما كان حجمها واعتباراتها , في اشارة للتفرقة والتشرذم الذي يعاني منه ابناء الشعب العراقي من الشمال الى الجنوب ولمختلف الطوائف في مشهد يوحي بالانقسام والتشتت.
ويصف اخرون العملية بانها انتحار من قبل الشجرة الام بعد ان اصاب اليأس مرافق الحياة في بغداد ليطال الاهمال الشجرة والتي صمدت في وجه التحديات على مر عقود من الزمن لتجد نفسها امام خيار العيش بذل من اهمال او الانتحار في ثورة على الواقع الفاسد المرير في العراق الجديد بدأ من اهمال البنى التحتية والجانب الخدمي وحتى جرف الساحات والحدائق والسكن العشوائي .
ويعتقد الحكماء من القوم ان سقوط الشجرة هو دليل عدم انسانية المسؤولين وهي اشارة لقرب نزول العقاب فيهم بعد ان دلاهم الشيطان بغروره ليهبطهم ربهم الى الدرك الاسفل من النار بسوء اعمالهم بعد ان نهاهم من اهمال تلك الشجرة .
عباس ساجت الغزي

#عباس_ساجت_الغزي (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات