عبد الرزاق السويراوي
الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 17:28
المحور:
كتابات ساخرة
ليس غريبا على العراقيين أنهم في إستبيان دولي كانت النتيجة أنهم الشعب الأول على مستوى الشعوب العربية بمستوى الذكاء , فما تحتفظ به ذاكرتي عن هذا الشعب هو المثل الذي أطلقوه من قبل , بأنهم يقرأون الممحي , وبإختصار أسرد قصة هذا المثل الشعبي , في أيام العثمانيين يوم حكموا العراق , كان البريد اليومي يأتي ويذهب من والى بغداد والإستانة . وفي أكثر الأحيان كان أهل بغداد يتحدثون ويتندرون في المقاهي والجلسات الخاصة عن بعض الإمور الواردة في البريد قبل وصولها من الإستانة الى بغداد . فكان الوالي يستاء من ذلك بل وذهبت به الظنون الى وجود خيانة في مفاصل الدولة هي التي تسرب الأخبار للعراقيين قبل وصولها الى المركز أو الى الجهة المعنية بوصولها . فكان يضغط بهذا الإتجاه على المعنيين بالإمر ولكي يبرأوا ساحتهم من الشك الذي يساور الوالي , أفهموه بعدم وجود خيانة كما يتصور الوالي لكنه لم يقتنع بذلك فلجأوا الى إختبار عملي على ذكاء العراقيين وأنّ ما يتندرون به ليس أكثرمن إستنتاج لبعض معطيات الواقع فيحلّلونها على ضوء ذلك . إقترحوا عليه أنْ يرسل شحنة من البريد الآتي من الإستانة ببنود من الورق الفارغ من أيّ شيء ويُحمل كالعادة على البغال ويقوم الوالي بنفسه بعملية الرصد للعراقيين ليطلع على قوة إستنتاجهم. وبالفعل تمّ شحن بريد كبير على البغال لا يحتوى غير الورق الفارغ من أيّ كتابة ومضامين وأخبروه بذلك .قام الوالي بالتحرك على بعض مقاهي بغداد فور إنطلاق البريد من الإستانة ودخوله العراق . أكثر من مقهى جلس فيها الوالي , كان يسمع البغداديين يتكلمون مع بعضهم وكأنهم يعنونه دون غيره بالكلام : يابه تره إحنه نقره الممحي . والقصد من ذلك واضح بالتأكيد . هو أنّ البريد الآتي لا يعدو أكثر من ورق فارغ . وهنا تأكد الوالي إنَّ هذا الشعب فعلاً يقرأ الممحي , أيْ يقرأ ما بين السطور وما خلفها وبينها . وهنا أقول أنّ هذا الشعب هو ذاته , ما زال يقرأ الممحي ,فعلى الذين يحاولون إستغفاله أنْ يعيدوا النظر في حساباتهم عن القدرة العقلية والذهنية لهذا الشعب والتي ربما ضيّعتها أو بالأحرى تغيّبها أحياناً سلطة الحديد والنار , لكنها لا تموت . !!!!
#عبد_الرزاق_السويراوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟