أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - الناس على دين إعلامهم














المزيد.....

الناس على دين إعلامهم


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 16:47
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


قديما قالوا: الناسُ على دين ملوكهم، وكان ذلك يعني أن الملوك هم مَن يصوغون ثقافة شعوبهم، ومن يعلمونهم تقاليد البلاد، وعادات أهلها.
أما اليوم فقد تغير المثلُ السابق ليصبح: "الناس على دين إعلامهم"
فبعد أن تخلَّصَ الإعلام، من تعريفه السابق:" الإعلام ناقلٌ للحدث"، وصار الإعلامُ في الألفية الثالثة: "صانعا للحدث" يكونُ بهذا قد انتقل من ترتيبه (الرابع)المعتمد في كتب الإعلام،بعد السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ليحتل المرتبة الأولى بلا منازع، بعد أن أثبت تفوقه على السلطات الثلاثة!!
وكما صاغ الحكام والأباطرةُ السابقون شعوبهم، وفق رغباتهم، وطوَّعوهم لأوامرهم، وجعلوا منهم تارةً عبيدا محاربين أشداء، كأهل إسبرطة اليونانيين، أو مطيعين كاليابانيين لتراث الآباء والأجداد، أو زاهدين عابدين كالهنود و الصينيين؛ أو متكئين على أرائك الأجداد، ولابسي دروعهم وعباءاتهم كالعرب؛ كذلك فعلَ الإعلامُ في ألفيتنا الثالث، فقد سخَّر أعلام الألفية الثالثة البشر لخدمته واستهلاك منتجاته، فقد استولى على رقاب البشر ِكلِّهم، ولم يستولِ على أمةٍ واحدة، أو بلد واحدٍ فقط، وصار الاختلاف بين أمة وأخرى، يكمن في شكل الإعلامِ وتوجهاته، وليس في طريقة الحكم والرئاسة، فلم تعد تصنيفات الدول، كما كانت سابقا:
دولا جمهورية، وملكية، وبرلمانية، ورئاسية، وديكتاتورية؛ فقد أصبحت اليوم دول الأزياء والوجبات الجاهزة، ودول المسلسلات والموسيقى، ودول التوك شو، ودول قراءة الطالع والحظ والتخاريف وتفسير الأحلام، ودول الرياضات!!ّ!!
وهكذا حلَّ إعلامٌ جديد هو، الإعلامُ الديكتاتوري، محل الحكام الديكتاتوريين، وسلب من الديكتاتوريات السياسية نفوذها العسكري القمعي، ليفرض نفوذه الإعلامي الإدماني المُغري!
فقد قسَّم الإعلامُ أممَ البسيطة، عدةَ أقسامٍ، منها، أممُ الصدارة والعلوم، ومنها، أممُ السمسرة والوساطة والتجارة، ومنها شعوبُ المستهلكين من العبيد والخدم، ممن يعززون مخزونات شعوب الأسياد من الثروات، فيستهلكون ويسمنون ويمرضون.
إنها الدائرة الجديدة، التي جلبها إمبراطور الألفية الثالثة، الإمبراطور، الذي أرسى قواعدَ السطوة الإعلامية، والتي بموجبها يمكن تغيير كل شيء،
أنا لستُ من أعداء هذا الإمبراطور الجديد، ولكنني ضد كل المقعدين، الذين لم يحاولوا حتى الآن ركوب صاروخِهُ السريع، وأن يحجزوا لهم مقعدا فيه ليؤثروا ويتركوا بصماتهم، لتفخر أجيالهم بإنجازاتهم، فما تزال أممٌ كثيرةٌ، ومنها نحن، نفتح أفواهنا مستغربين مندهشين خائفين، من رياح هذا الصاروخ السريع، وضجيجه وراكبيه، وحين فشلنا في ركوبه، قام بعضُنا بالتنفير منه في العلن، واستهلاكه في السر، وصاروا يُحلُّون لأنفسهم، بعض مستحضرات الألفية، ويحرمون بعضها الآخر، لأنها تمسُّ بمهنهم، واعتبروها محرمةً، خارجةً عن معتقداتهم.
واستهلك بعضُهم الآخرُ مستحضرات هذه الألفيةَ، بدون أن يشاركوا في إنتاجها، وظن هذا البعض، أنهم حين يستخدمون مستحضرات الألفية المتقدمة، ولا يساهمون في إبداعها،أنهم سيصبحون متقدمين حضاريين، فهؤلاء هم أهل القشور الخارجية!
ولعل أخطر ما في إعلام الألفية الثالثة، هو صياغة الشعوب صياغة ثقافية جديدة،وصياغة ديمقراطية جديدة، تختلف عن مفهومي، الثقافة، والديمقراطية، بمعناهما العلمي والثقافي والسياسي!
إن وسائل الإعلام اليوم، أصبحتْ قادرةً على تغيير وجهات نظر الشعوب من النقيض إلى النقيض في فترة قصيرة جدا، لذا، فإن الشعار الديمقراطي والثقافي الذي ترفعُهُ كثيرٌ من وسائل الإعلام ، في الألفية الثالثة، بحاجة إلى دراسةٍ وأبحاث، لنتمكن من وضع تعريفات جديدة لثقافة وديمقراطية هذه الألفية الإعلامية.
فثقافة إعلام الألفية الثالثة، تعني اليوم: مجموع قدرات الفرد على متابعة وسائل الإعلام، وسرد الأحداث، ومتابعة تقاليده، وتوزيع منتجاته على الآخرين.
أما ديمقراطية وسائل إعلام الألفية الثالثة، فقد أصبحت تعني نقيضا صارخا لمفهوم الديمقراطية الحقيقي، والذي يعني حكم وسلطة الشعب، فأصبح التعريف الجديد هو حكم وسلطة وهيمنة وسائل الإعلام!
وأصبح مقياسُ الدول، ليس بمخزوناتها من الثروات الطبيعية، بل بمخزونها من الثروات التكنولوجية الإعلامية!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضيحة عاشق من شرطة إسرائيل
- تصفية اللاجئين خطة رقم 2
- تصفية المخزون النضالي الفلسطيني في اليرموك
- رسالة خاصة إلى العوليم ليبرمان
- من هو القائد الذي هزم شارون؟
- من هو حاخام الإكس ري؟
- مؤتمر مستقبل جيش إسرائيل
- الفنانة نجوى كرم لاسامية
- ملفات جاسوسية إسرائيلية جديدة
- قصاصو الأثر في الجيش الإسرائيلي والدروز
- هل بيتكم كبيتي مخزن لأدوات الكهرباء؟
- قصة مدرسة أمريكية
- التنقيب عن النساء في القمر
- ميادين العربان ومياديان الخيام
- رسالتان عن عرفات بين مانديلا وفريدمان
- سلاح الحفريات والآثار
- كيف تتجنبون الاختطاف؟
- إشارة البسمة الإلكترونية
- غضب إسرائيل من اتفاقية جنيف
- نهب الآثار في وضح النهار


المزيد.....




- الثلوج الأولى تبهج حيوانات حديقة بروكفيلد في شيكاغو
- بعد ثمانية قرون من السكون.. بركان ريكيانيس يعيد إشعال أيسلند ...
- لبنان.. تحذير إسرائيلي عاجل لسكان الحدث وشويفات العمروسية
- قتلى وجرحى في استهداف مسيّرة إسرائيلية مجموعة صيادين في جنوب ...
- 3 أسماء جديدة تنضم لفريق دونالد ترامب
- إيطاليا.. اتهام صحفي بالتجسس لصالح روسيا بعد كشفه حقيقة وأسب ...
- مراسلتنا: غارات جديدة على الضاحية الجنوبية
- كوب 29: تمديد المفاوضات بعد خلافات بشأن المساعدات المالية لل ...
- تركيا: نتابع عمليات نقل جماعي للأكراد إلى كركوك
- السوريون في تركيا قلقون من نية أردوغان التقارب مع الأسد


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - الناس على دين إعلامهم