|
الانتفاضات الورقية للنقابات
المامون حساين
الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 14:48
المحور:
كتابات ساخرة
سأنطلق من العنوان "الانتفاضات الورقية " لأ ذكر بأن مناسبة هذا الحديث هو نقاش مع أحد النقابين الجهبذين الذي أفنى عمره المديد في الدفاع عن الشغيلة ، و بما جرد ما سألته عن ما قدمته النقابات لمواجهة ما يسمى "اصلاح صندوق التقاعد" وكذا موقف النقابات من الحملة الشرسة اتجاه الاساتذة المقصيين من الترقية بالشواهد وما قدمته للشغيلة في السنين الاخيرة...و بمجرد طرحي لسؤالي أخرج لي من جيبيه "بيان" ورقي" مختوم " عاش....للشغل، عاشت....للتعليم". ثم انتقل الى الحديث عن الانجاز التاريخي للنقابات من خلال اصدار بيان مشترك لمواجهة اصلاحات صندوق التقاعد، وبدأ في الحديث عن الانجازات "الورقية" والبيانات المدبجة في هذه القضية وتلك ، وكأن مهمة النقابات هي اشعال فتيل انتفاضات ورقية موجه إلى السلطات الحاكمة، في حين قواعد النقابات من منخرطين ومأجورين ظلت بعيدة عن هذا الموضوع، باستثناء مريدي البيروقراطية وبعض "المناضلين" الفعليين المحاصرين من البيروقراطية النقابية وحلفائها. مختلف النقابات أتخمت عقولنا وجداريات المؤسسات المخصص للنقابات بالبيانات التي تتحدث عن عجز الصندوق وهو نفس لغة ناهبيه ، في حين المطلوب توضيح الطابع الاستغلالي لأنظمة التقاعد القائمة التي تحملت الشغيلة لوحدها تبعات النهب الذي تعرضت له صناديق المعاشات، والتمييز الذي يتعامل به المخزن مع مطالب الفئات الواسعة من رجال التعليم ونسائه، مقابل السخاء الذي تقابل به متطلبات المتنفذين وأصحاب المال.، ولا عجب في ذلك ، وما برنامج "مسار" الا خير مثال على حالة البؤس التي وصلت اليها نقابتنا الورقية. إن ترويج الأكاذيب حول أزمة أنظمة التقاعد، بالشكل الذي يسوقها الإعلام الرسمي، تشويه لحقيقة المشكل ومداراة للأسئلة الحقيقية التي تجد جذورها في نهبه مجموعة من الشرهين والمضاربين وليدفع بعد ذلك أبناء الشعب التكلفة. ففي الوقت الذي اتخذت فيه قرارات مصيرية، في مقدمتها الرفع من سن التقاعد، وخفض قيمة المعاشات وقيمة الاقتطاع ابتداء من السنة المقبلة تدريجيا.... نجد أصحابنا "الزعماء" النقابيون يتحدثون في انتفاضتهم الورقية بنبرة أخلاقية معاتبة تنم عن عجز عن الرد أو موالاة و مداراة بشكل غير مباشر. فجلسات ما يسمى بالحوار الاجتماعي للسنة الماضية أبانت عن معطى رئيسي يتمثل في تجاوز الحكومة المغلوبة على أمرها لأخلاقيات الحوار التي لا تزال النقابات تتوههما وتحاول إقناعنا بها. أين نحن من مفهوم ميزان القوى ؟ ومن هجوم على الفقراء ؟ من دعم أجهزة المخزن للأبناك مقابل التخلي عن دعم وتقوية الميدان ألاجتماعي ؟ أم أن المعركة تتجاوز أصحاب البيان، وليس في مقدورهم مجاراة القواعد الطامحة لانتفاضة واقعية حتى إقرار حقوق الشغيلة السياسية والاقتصادية والاجتماعية كاملة ؟ ألا تعتبر هذه النقابات الورقية بمتابة قوى قمع تحمي قوى الجشع كلما انفضحت ديماغوجية وجشع المخزن ويصبح دورها محبط لجذوة النضال الفعلي في صفوف الشغيلة. السؤال الذي يطرح نفسه من أوصل النقابات "الورقية" لهذه الانتفاضات الورقية ؟ من أوصلنا للبؤس النقابي ؟ يمكن أن نجيب بكل اختصار بأن ما تستفيد منه هذه الاخيرة من امتيازات من قبيل مداخيل البطائق و رشاوى تقدمها الباطرونة من ورائها المخزن مقابل ضمان الاستقرار داخل الشركة او بعض الإدارات تجنبا للمشاكل والإضرابات وهذه الفئة تعيد إنتاج كل قيم وثقافة البيانات الورقية محليا أو وطنيا في القطاعات التي تسيرها وتعمل بكل الوسائل لحماية مصالحها، غير أنها ضعيفة لأنها مرتبطة برضا البيروقراطية المركزية وهي تشتغل لوحدها بدون قواعد بسبب نفور الشغيلة منها لكونها تعتمد تغييب الديمقراطية كليا، فاجتماعات الأجهزة المسيرة لا تتم والمؤتمرات تنعقد بعد عشرات السنين وهي مصابة بالتكلس وتفتقد لأي روح نضالية وأسلوبها في حل المشاكل هي المساومة أو التواطؤ و "الكولسة" التي تستخدم تتحكم فيها بنفس أسلوب البيروقراطية المركزية أي إفساد مسؤولي المكاتب القطاعية المحلية بدفعهم إلى الارتباط بأجهزة الادارات والباطرونة عبر مصالح شخصية.و قد خضعت هذه الفئة لترويض طويل من طرف البيروقراطية المركزية الفاسدة المتحكمة في النقابات ، لتجعلها تقبل بجميع أشكال الاهانة وتنزع منها أي إرادة للمقاومة ، وقد شكل تاريخيا فضاء "النقابات الورقية" مدارس متميزة لزرع الخنوع وإضعاف الوعي النقابي وتحويل الممارسة النقابية إلى أهواء تنقلب حسب رغبات القيادة المتحكمة في المركزية وتحولت المطالب النقابية بالنسبة لهذه الفئة تعادل الدسائس والمؤامرات ـ فمواقفهم وانتماءاتهم النقبية تتغير حسب الجو العام السائد داخل دار المخزن ، الشيء الذي جعله يستريح لأنه يعلم أن أقصى ما تستطيع هذه النقابات أن تقوم به هو انتفاضات ورقية.
#المامون_حساين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تخليد الذكرى بالثانوية التأهيلية بئر أنزران
-
لا وصاية لكم على عقولنا
-
هل أصبحنا عنصريين؟
-
نحو تعريف لعلم الاجتماع
-
المدرسة كفضاء للتربية الديمقراطية
-
الدارجة مجددا؟؟
-
هل المبدع مجنون؟
-
عشوراء بين-الشعالة-و-الكديدة-
-
خبث السياسة
-
هل هناك فعلا ارادة في اصلاح التعليم ؟
-
التمثلات والفلسفة : اتصال أم انفصال
-
تأملات
-
أوهام الربيع العربي تتهاوى
-
حكم الردة سياسي وليس ديني
-
هرسوا هرسوا الحكومة تخلصوا
-
الدورة الثانية للأيام الربيعية للثانوية التأهيلية بئر أنزران
-
عملية تشجير بثانوية بئر أنزران بالجديدة
-
عميد كلية الحقوق بمراكش يحاضر حول الجريمة الاخلاقية
-
لماذا لا يفرض الحجاب على الرجال؟
-
من يوقف المهزلة؟
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|