حسن عطا الرضيع
باحث في الشأن الاقتصادي وكاتب محتوى نقدي ساخر
(Hasan Atta Al Radee)
الحوار المتمدن-العدد: 4346 - 2014 / 1 / 26 - 13:11
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
دراسة بحثية بعنوان الأزمات المالية العالمية : جذورها وأسبابها وتداعياتها وسبل علاجها
إعداد / حسن عطا الرضيع
مقدمة:
تلعب الأسواق المالية دوراً بارزاً فى الحياة الإقتصادية, من خلال تأمين السيولة وتجميع المدخرات للمساهمة فى عمليات التنمية والاستثمار من خلال تشجيع صغار المدخرين ومحدودي الدخل للدخول فى النشاط الاقتصادي, حيث تعتبر الأسواق المالية أسواقاً للتمويل, تتضمن عرض وطلب لرؤوس الأموال, ولقد ارتبط تطور الأسواق المالية بالتطور الاقتصادي والصناعي الذي مرت به معظم دول العالم, وتتفاوت الأهمية من دولة لأخرى حسب درجة التقدم الاقتصادي بها, ومع تطور الفكر الاقتصادي إزدادت الأهمية النسبية لقطاع الخدمات فى مساهمته بالناتج المحلى الاجمالي, وبالتالي فإن الاقتصاد العالمي اليوم هو اقتصاد أسواق مالية, لذلك فإن تعرضها للأزمات المالية تسبب أثار مأسوية ومادية للإقتصاد العالمي, وذلك لأن أزمة الاسواق المالية من أشد الأزمات الاقتصادية ؛ وهناك وجهات نظر مختلفة حول دور وأهمية الأسواق المالية فى تسريع عجلة التنمية الاقتصادية وتحقيق الرفاهية الإقتصادية للبشرية, فهناك من يرى بأنها اقتصاد فقاعة لا تضيف شيئاً للإقتصاد وتهدف فقط لتحويل رأس المال إلى رأس مال من أجل الربح والربح السريع (المال يلد مالا ), وفريق أخر يرى أهميتها الكبيرة فى تحقيق النمو الاقتصادي وجذب المدخرات من الافراد والمؤسسات والتوجه نحو مسارات وقنوات استثمارية مختلفة.
حاولت تلك الدراسة البحثية التطرق لماهية الأسواق المالية وتقسيماتها ووظائفها وتطورها التاريخي وأهميتها من الناحية الاقتصادية للدول المتقدمة والنامية على حد السواء, وكذلك البحث في جذور الأزمات المالية العالمية من خلال التعرف على ماهية الأزمة وأسبابها ونتائجها وتداعياتها وأثارها الاقتصادية وما يرافق ذلك من أثاراً إجتماعية, وكذلك النظريات المفسرة لها وتوصيف لكل أزمة مالية نظرية خاصة تفسرها, ومن ثم إيجاد الحلول المناسبة لها, والتطرق لأهم الأزمات العالمية التي عانى منها الاقتصاد العالمي منذ نهاية القرن السابع عشر, وخصوصا أزمتي الكساد الكبير في 1929-1933)) والتي شكلت فشلاً للنظرية الكلاسيكية القائمة على إفتراضات الحرية الاقتصادية والملكية الفردية لوسائل الإنتاج وعدم تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وسيادة المنافسة التامة وألية التشغيل التلقائي بالاقتصاد وسيادة قانون ساي للأسواق القائم الذي ينص على ( العرض الكلي يخلق الطلب الكلي), وكذلك الأزمة الأسيوية في العام (1997) والتي ضربت أسواق المال الأسيوية, والتي إنطلقت إلى الأسواق العالمية والتي تسببت بأزمة إقتصادية حقيقية أثرت على كل القطاعات الاقتصادية والإنتاجية وأبطئت النمو الاقتصادي, والأزمة المالية العالمية (2008), والتي انتقلت شرارتها من سوق العقار الأمريكي إلى أسواق المال العالمية, ثم إلى أزمة اقتصادية طالت مختلف القطاعات الاقتصادية الإنتاجية وغير الإنتاجية, وهي لا تقل ضراوة وشدًة عن أزمة الكساد الكبير, حيث تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي, وتراجع حجم الطلب العالمي, وإنخفاض الاستثمارات, وإرتفاع معدلات البطالة, وزيادة العجز في موازين المدفوعات, وإرتفاع الديون, وتخفيض التصنيف الإئتماني لبعض الدول, وما رافق ذلك من أثاراً إجتماعية كإرتفاع لمعدلات الفقر, وإتساع الفجوة بين الاغنياء والفقراء, وإتساع حدة المناهضة للنظام المالي العالمي ,وتزايد الاحتجاجات المناهضة للنظام المالي العالمي, وأبرزها ما عُرفت بحركة احتلواوول إستريت, والتي إنطلقت في قرابة (200) مدينة صناعية في العالم, والتي تنادي بإصلاح النظام المالي وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستويات المعيشة.
أولا : تعريف السوق المالي
تعددت تعاريف السوق المالي, ولكن معظمها يشير إلى الألية التي يتم من خلالها تداول السلع والخدمات بين البائعين والمشترين خلال فترة زمنية معينة وتوفر وسيلة اتصال مناسبة بين الطرفين بغض النظر عن وجود مكان جغرافي, وكان مفهوم السوق قديما يعُرف بأنه المكان الذي يلتقي فيه البائعون والمشترون وتتبادل فيه السلع والخدمات, ومن ثم تتحدد فيه أثمانهما, أي أن مفهوم السوق كان مادياً يشير إلى مكان محدد, أما الأن فإن السوق ياخد مفهوماً معنويا إذ يشير إلى العلاقات التبادلية بين البائعين والمشترين نظراً لتلاقي إرادتهم ورغباتهم لتبادل السلع والخدمات المعينة, حيث لم تعد هناك أهمية للمكان, وأصبحت السوق تتحدد وفقا للسلعة التي تتداول فيها(1).
وللسوق المالي عدة تعريفات منها, أنه المكان الذي يتجمع فيه طلبات بيع وطلبات شراء الأدوات المالية والتي يؤدي تنفيدها إلى تحريك عمليات التداول في الأسواق المالية(2).
ويعُرف أيضا بأنه السوق الذي يتم فيه تداول الأوراق المالية بيعاً وشراءاً إلى جانب الأدوات الاستثمارية طويلة الأجل(3).
أو هو المكان الذي يتم من خلاله تبادل الأوراق المالية بين أطراف التبادل من بائعين ومشترين(4)؛ أو هو ذلك الإطار الذي يجمع بائعي الأوراق المالية بمشتري تلك الأوراق بغض النظر عن الوسيلة التي يتحقق بها هذا الجمع أو المكان الذي يتم فيه, ولكن يشترط توفر قنوات اتصال فعالة بين المتعاملين في السوق، بحيث تجعل الأثمان السائدة في أي لحظة زمنية معينة بالنسبة لأي ورقة مالية متداولة, وتعتبر حلقة الوصل بين القطاعات المختلفة في الاقتصاد.
وهناك من يربُط تطور السوق المالي بمراحل تطور النقود ويعتبرها نتاج التطور في النظام النقدي العالمي, وبذلك فبعد قيام النقود بوظيفته مخزناً للقيمة وتحويل النقود إلى أصل قابل للعرض والطلب بعيداً عن مجرد القياس (أي تحول النقود إلى أصل مالي نتيجة وظيقته مخزنا للثروة), ولحاجة المعاملات ولدت الحاجة لظهور الأسواق المالية لتداول الادوات المالية والنقدية بيعاً وشراءاً (5).
(1) عبد الرحمن, بن عزوز, دور الوساطة المالية في تنشيط سوق الاوراق المالية حالة بورصة تونس,رسالة ماجستير غير منشورة,جامعة منتوري قسطنينية, الجزائر, 2012,ص1.
( (2صالحة هاني, شركات الوساطة وأثرها على تنمية سوق فلسطين للأوراق المالية, رسالة ماجستير غير منشورة, الجامعة الإسلامية, غزة, فلسطين, 2007, ص14.
(3) الشمري، ناظم وآخرون، أساسيات الاستثمار العيني والمالي، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 1999م، ص187.
(4) السمهوري، محمد، اقتصاديات النقود والبنوك، الطبعة الثانية، غزة، فلسطين، 2000م، ص71.
(5)الداغر,محمود, الأسواق المالية مؤسسات أوراق بورصات, ط1, دار الشروق للنشر والتوزيع,رام الله , فلسطين,2005,ص 20.
والتعريف الأكثر شمولية للسوق المالي يعُرف بأنه الألية أو النظام الذي يتم بموجبه الجمع بين البائعين والمشترين لنوع معين من الأوراق أو لأصل مالي معين, يتمكن بذلك المستثمرون من بيع وشراء عدد من الأسهم والسندات والأدوات الأخرى داخل السوق أما عن طريق السماسرة أو الشركات العاملة في هذا المجال خارج السوق نظراً للتطور الكبير في التكنولوجيا(1).
ويعرف أوليفر بيكون السوق المالي بأنه السوق الأم للأسواق التي تتعامل في الأصول والأدوات المالية القصيرة والطويلة الأجل وتحقق مزايا لكل من وحدات الفائض ووحدات العجز(.(2
ثانيا : التطور التاريخي لنشأة الأسواق المالية
يعود تاريخ نشأة الأسواق المالية إلى عهد الرومان الذين كانوا أول من عرف الأسواق المالية في القرن الخامس قبل الميلاد(3)؛ حيث قامت الامبراطورية الرومانية بتجميع الأموال من المدخرين لبناء روما, فالمشاريع الضخمة ولدت الحاجة لتجميع أموال ضخمة فكانت فكرة اللجوء للأفراد بالمجتمع وتوزيع عبئ الاستثمار عليهم, (4) ولكن السوق بشكله المنظم ظهر بعد قرون من إنهيار الإمبراطورية الرومانية, وفي العصور الوسطى اعُتبرت كلاً من بروج وأنفيرز وليون وأمستردام ولندن مراكز مالية مهمة, وظهر أول سوق للأوراق المالية بشكله المنظم عام (1611م) في أمستردام حيث تم لأول مرة إصدار أسهم تم تحديد سعرها وفقا لقانون العرض والطلب, وأصُدرت من طرف الشركة الألمانية للهند الشرقية. وهناك من يرجع نشوء الأسواق المالية تاريخياً إلى فرنسا في القرن الثالث عشر الميلادي, حيث أوجد فيليب ملك فرنسا في ذلك الوقت مهنة سماسرة الصرف من أجل تنظيم هذه العملية, كما ظهر أول سوق للأوراق في فرنسا سنة (1724م)، وكان هذا السوق خاضع للقانون بصورة مباشرة, أما بورصة باريس فقد تأسست سنة (1808م).(5)
وتلاها سوق لندن للأوراق المالية عام (1711م) وأول بورصة ظهرت بالولايات المتحدة الأمريكية هي بورصة فيلادلفيا عام (1790م)(6). ثم تم بورصة نيويورك عام (1821م) في شارع وول استريت والتي تعتبر أكبر سوق للأوراق المالية في العالم (7)
(1) الزيادات,على, الخرابشة,فارس, أثر الأزمة المالية على الأسواق المالية العالمية: حالة تطبيقية على سوق الأوراق المالية الأردنية, دراسة منشورة, مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الاقتصادية والإدارية, المجلد الحادي والعشرون, العدد 1, يناير 2013, ص402.
(2) حجاج, محمد, أثر الأزمة المالية العالمية على أداء الأسواق المالية العربية: دراسة حالة سوق الدوحة للأوراق المالية للفترة 2007-2009, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة قاصدي مرياح, ورقلة, الجزائر, 2012,ص 13.
(3) رشيد، بوكساني، معوقات أسواق المال العربية وسبل تفعيلها، أطروحة دكتوراة غير منشورة، جامعة الجزائر، الجزائر، 2004م، ص28.
(4) زيطاري,سامية, ديناميكية أسواق الأوراق المالية في البلدان الناشئة : حالة أسواق الأوراق المالية العربية, اطروحة دكتوراه غيرمنشورة, جامعة الجزائر, الجزائر,2004, ص12.
(5) فرح، غازي وآخرون، الأسواق المالية، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 2001م، ص19.
(6) زيطاري سامية, مرجع سبق ذكره, ص13.
(7) كويل برايان, التمويل المالي للأسهم, ترجمة خالد العامري, دار الفاروق للاستثمارات الثقافية, ط1, الجيزة, مصر, 2007, ص84.
وظهر السوق المالي في بريطانيا في القرن السابع عشر عندما قامت بريطانيا بتجميع الأموال عن طريق بيع الأسهم والسندات, وتأسست بورصة لندن عام (1806م) (1).
وأول بورصة للبضائع أنشئت في باريس عام (1304م) على جسر الصداقة حيث كان يجرى تداول الكمبيالات والأذونات, وأول مبنى للبورصة كان في بلجيكا ونشأت بورصة هونغ كونغ عام(1891م).(2)
وتستند فكرة الأسواق المالية على نظرية "أدم سميث" التي تقوم على فكرة تقسيم العمل والتخصص, حيث تعتمد فكرة تقسيم العمل على كبر حجم السوق, ويعتمد كبر حجم السوق على حجم الإنتاج, ويترتب على ذلك إيجاد نوع من التخصص في الإنتاج تبعا للمزايا النسبية, وقد انعكست هذه العلاقة على التطورات المالية، وبصفة خاصة على الأوراق المالية، والتي مرت بعدة مراحل يمكن إيجازها كالتالي(3):
- المرحلة الأولى: تميزت هذه المرحلة بوجود عدد كبير من البنوك الخاصة ومحلات الصرافة وإرتفاع نسبي في مستوى المعيشة، وإقبال الأفراد على إستثمار مدخراتهم في مشاريع تجارية وزراعية وعقارية، مما أدى إلى إتساع المعاملات التجارية وبالتالي الاقتراض من البنوك، وكان للبنوك حرية كبيرة في الإقراض بسبب عدم وجود بنوك مركزية.
- المرحلة الثانية: تميزت بظهور البنوك المركزية والتي تسيطر على البنوك التجارية, وأصبحت القروض التي تقدمها البنوك محُددة بالرغم من زيادة طلب الأفراد عليها، وذلك بسبب سياسات البنك المركزي.
- المرحلة الثالثة: تميزت تلك المرحلة بظهور البنوك المتخصصة في الإقراض المتوسط والطويل الأجل مثل البنوك الصناعية والزراعية وبنوك التنمية والاستثمارات.
- المرحلة الرابعة: تميزت بظهور الأسواق النقدية وهي التي تتعامل مع الأدوات قصيرة الأجل كشهادات الإيداع القابلة للتداول والأوراق التجارية, وفي هذا المرحلة إزداد التعامل بهذه الأدوات، وهذا يعتبر بداية إندماج السوق النقدي مع السوق المالي.
- المرحلة الخامسة: تميزت تلك المرحلة بإندماج الأسواق النقدية مع الأسواق المالية, والأسواق المحلية مع الأسواق الدولية نتيجة تطور وسائل الاتصالات المختلفة وظهور البورصات المالية, وأصبحت الأسواق المالية تهتم ببيع وشراء الأوراق المالية طويلة كالأسهم بنوعيها ممتازة وعادية والسندات.
(1) فرح, غازي وأخرون, مرجع سبق ذكره, ص21.
(2) محمدعربي,خلف الله, دور سوق الخرطوم للأوراق المالية في النمو الاقتصادي, دراسة منشورة , مجلة جامعة بحث الرضا, السودان,2010, ص3
(3)خريوش، حسني وآخرون، الأسواق المالية مفاهيم وتطبيقات، جامعة العلوم التطبيقية، عمان، الأردن، 1998م، ص8.
ثالثا: أنواع الأسواق المالية
يمكن تقسيم الأسواق المالية إلى نوعين، وهما كالتالي:
1- أسواق رأس المال: وتتكون تلك الأسواق من مجموعة من المؤسسات ذات وظيفة أساسية تتلخص في نقل الأرصدة من المدخرين إلى قطاع الأعمال أو المستهلكين والحكومة أحياناً, وتشمل أسواق الأسهم والسندات والوسطاء الماليين مثل البنوك ومؤسسات الادخار, إذن هو السوق الذي يتعامل بالأدوات المالية طويلة الأجل كالأسهم بنوعيها والسندات، وتتقسم إلى أسواق فورية وأسواق مستقبلية( ).
2- أسواق النقد: وهي تلك الأسواق التي يتم من خلالها تداول مختلف الأدوات الاستثمارية قصيرة الأجل والتي أمدها سنة فأقل, وفي بعض الأحيان سنة ونصف فأقل تحقيقاً للعائد، وهو بذلك يعتمد على المبالغ الضخمة ذات الأحجام الكبيرة, وتتأثر هذه الأسواق بالسياسة النقدية المتبعة، وترتكز على عامل أساسي هو سعر الفائدة بناءً على العرض والطلب، وتمتاز هذه الأسواق بدرجة عالية من الأمان وبالمرونة العالية وإنخفاض درجة المخاطرة وإنخفاض التكاليف وسرعة التسييل, وهدفها الرئيسي هو تمويل المشاريع الإنتاجية ومدها بالقروض وأهم الأدوات الاستثمارية التي يتم تداولها في هذا السوق هي أذونات الخزينة والقبولات المصرفية وشهادات الايداع وغالبا لا يوجد لها مكانا محددا(2).
وظائف الأسواق المالية:
1- تتمثل الوظيفة الأساسية للسوق المالي في تيسير حصول وحدات العجز المالي على الأموال اللازمة لها من وحدات الفائض المالي بطريقة مباشرة وغير مباشرة(3).
2- تقديم المعلومات المالية اللأزمة إلى الأفراد والمشاريع التي تتعلق بالأصول المالية المختلفة بالسوق المالي, بالإضافة إلى المعلومات المتعلقة بالوضع المالي للشركات، وبذلك تقلل تكلفة الحصول على تلك المعلومات من حيث الجهد والوقت والمخاطر(4)، بالإضافة إلى امتلاكها قدراً من الدقة المتعلقة بتوقعات الأرباح في المستقبل كونها مؤسسات مالية متخصصة(5).
3-تعتبر الأسواق المالية مؤشراً للأحوال الاقتصادية في البلد ومرآة عاكسة لما يحدث في الاقتصاد.
رابعا: ماهية الأزمات المالية العالمية وأسبابها
عانى الاقتصاد العالمي من العديد من الأزمات الاقتصادية منذ نهاية القرن السابع عشر, وتراوحت تلك الأزمات ما بين أزمات مصرفية وأزمات عملة وديون خارجية وميزان مدفوعات وأزمة الأسواق المالية وهي الأكثر خطورة والأكثر سرعة وتأثيراً على قطاعات الاقتصاد ككل؛ وعليه فالأزمة المالية ما زالت محل جدلاً واسعاً من قبل الإقتصاديين والذين حاولوا تفسير أسباب هذه الأزمة وتداعياتها ونتائجها وكيفية الحد منها باتباع عدة اجراءات ووضع العديد من الخطط والتي تعتمد على أدوات السياسة الاقتصادية المالية والنقدية والتجارية وغيرها.
وتعددت تعريفات الأزمة المالية وأسبابها العامة والخاصة, ويمكن تعريف الأزمة المالية بأنها
الإنخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من الأصول, والأصول قد تكون رأس المال المادي الذي يُستخدم في العملية الإنتاجية مثل الألات والمعدات والأبنية, أو أصول مالية مثل حقوق ملكية لرأس المال أو المخزون السلعي مثل الأسهم وحسابات الإدخار, أو أنها حقوق ملكية للأصول المالية تُعرف بالمشتقات المالية ومنها العقود المستقبلية, فإذا إنهارت قيمة أصل ما فجأة فإن ذلك يعني إفلاس أو إنهيار قيمة المؤسسات التي تملكها, فإذا حصل إنهيار مفاجئ في سوق الأسهم أو في قيمة عملة دولة ما أو في سوق العقارات أو مجموعة من المؤسسات المالية فإن الأثر سيمتد بعد ذلك إلى باقي قطاعات الاقتصاد.
وللأزمات المالية العالمية خصائصاً أساسية ملازمة لها كحدوثها بشكل عنيف ومفاجئ والإهتمام بها من الجميع وسيادة أجواء من الخوف والذعر بين المتعاملين في الاسواق المالية (1)
وكذلك الدورالرئيسي لمؤسسات التصنيف الإئتماني التي منحت الاوراق المالية درجات عالية على أساس أن هذه الاوراق قليلة المخاطر الائتمانية؛ وفي هذا تضارب واضح في المصالح , إذ أن وكالات التصنيف تحصل على رسومها من المؤسسات المُصدرة للأوراق المالية.(2)
وزيادة حجم القروض العقارية وسوء الادارة الاقتصادية وزيادة حجم النفقات الحكومية وإنعدام الرقابة على الاسواق المالية, وسيادة المضاربة والمقامرة والمعاملات الوهمية غيرالحقيقية وكذلك جدولة الديون بسعر فائدة أعلى والتوسع والافراط في تقديم تسهيلات ائتمانية, وهذا التوسع في الإقراض كانت سبباً في إرتفاع الأسعار وخصوصا أسعار العقارات, والتي نجم عن أسعارها غير الحقيقية إنفجار لفقاعة العقار وإندلاع الأزمة المالية العالمية 2008, والتي أصبحت أزمة اقتصادية عالمية, أثرت على كافة القطاعات الحقيقية, وكان لها أثاراً اقتصادية كإرتفاع لمعدلات البطالة وتباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع حجم الطلب الكلي وتراجع الاستثمارات وزيادة العجز في موازين المدفوعات وإفلاس عدة دول وتخفيض التصنيف الائتماني لدول اخرى وما رافق ذلك من تزايد حدة الفقر والتفاوت في الشرائح الاجتماعية, إضافة لإندلاع الإحتجاجات المطالبة بإصلاح النظام المالي العالمي والتي عُرفت بحركة احتلوا وول إستريت والتي انطلقت في 200)) مدينة صناعية عبر العالم.
(1) كورتل, فريد, الازمة المالية العالمية وأثرها على الاقتصاديات العربية, جامعة سكيكدة, الجزائر,2010,ص2.
2)) موسى, عماد, ورقة بعنوان أثر الأزمة المالية العالمية على الدول العربية:قناة أسواق رأس المال, المؤتمر الدولي حول (القطاع الخاص في التنمية: تقييم واستشراف) المنعقد بالفترة من 23-25 مارس 2009, بيروت, الجمهورية اللبنانية,ص4.
كذلك فإن للتوريق دورً رئيسياً في إندلاع الأزمات المالية العالمية من خلال مراحلها كسندات رهون عقارية بفوائد وبيعها بالاسواق المالية العالمية, وبالتالي إنتشارها الواسع أدى لسرعة انتقال الأزمة من سوق العقار إلى أسواق المال الأخرى ثم إلى قطاعات الاقتصاد الحقيقي.
وتعددت تعريفات الأزمة المالية العالمية والتي تعبر عن الإسهامات الفكرية المختلفة لعدد من الاقتصاديين, وحاولت الأدبيات الاقتصادية تحليل ماهية الأزمات المالية العالمية وأسبابها وجذورها وتداعياتها وكيفية التخفيف من حدتها, فلا يوجد تعريف محدد للأزمة ومنها :
1- أنها حالة تمس أسواق البورصة وأسواق الإئتمان لبلد معين أو مجموعة من البلدان, وتكمن خطورتها في أثارها على الاقتصاد مسببة بدورها أزمة اقتصادية ثم انكماش اقتصادي عادة ما يصاحبها إنحصار القروض وأزمات السيولة والنقدية وإنخفاض الاستثمار وحالة من الذعر والحذر في أسواق المال.(1)
2- هي فترة زمنية تشهد انقلاباً حاداً في الاتجاه النزولي في مؤشرات الأسواق المالية.
3- هي فترة تشهد اضطراباً حاداً ومفاجئاً في بعض التوازنات الاقتصادية يتبعه إنهيار في عدد من المؤسسات المالية تمتد أثاره إلى القطاعات الأخرى.
4- هي فترة تشهد الانخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من الأصول، والأصول مالي أو أصول حقيقي، فإذا إنهارت قيمة أصول ما فجأة، فإن ذلك قد يعني إفلاس أو إنهيار قيمة المؤسسات التي تمتلكها.
5- هي عبارة عن خلل يؤثر تأثيرا مادياً على النظام بأكمله كما أنه يهدد الإفتراضات, وتُعرف أيضا بتوقف الحوادث المنتظمة والمتوقعة, ومن الناحية الإدارية يُقصد بها إضطراب في كيان المنظمة أو المؤسسة يؤدي إلى إختلال مجموعة من العلاقات المنظمة وبالتالي يفقد متخد القرار قدرته على السيطرة عليها أو التعامل معها تعاملاً سليم (2).
6- هي تلك التذبدبات التي تؤثر كليا أو جزئيا على مجمل المتغيرات المالية كحجم الإصدار وأسعار الأسهم والسندات وإعتمادات الودائع المصرفية ومعدل الصرف, هذا يعني حدث مفاجئ غير متوقع له نتائج سلبية يرتبط بها حدوث خسائر في الموارد البشرية والأموال والثروات الخاصة بالنظام موضوع الازمة (3).
(1) الشيخ, الداوي, ورقة علمية بعنوان الأزمة المالية وانعكاساتها وحلولها, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس, 2009,ص2.
(2) سهو محمد, نزهان, الأزمة المالية العالمية الراهنة: المفهوم والاسباب والتداعيات, مجلة الادارة والاقتصاد , العراق, العدد 83, 2010, ص254.
(3)كواش, خالد, كواش ,زاهية, ورقة علمية بعنوان الازمة المالية (2008) وعلاقتها بالاقتصاد الافتراضي, الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, الجزائر , بدون سنة نشر,ص2
مما سبق يمكن تعريف شامل للأزمة وهو الإنخفاض المفاجئ في أسعار نوع أو أكثر من الأصول, والأصول قد تكون رأس المال المادي الذي يستخدم في العملية الإنتاجية مثل الألات والمعدات والأبنية أو أصول مالية مثل حقوق ملكية لرأس المال أو المخزون السلعي مثل الأسهم وحسابات الإدخار أو أنها حقوق ملكية للأصول المالية تعرف بالمشتقات المالية ومنها العقود المستقبلية والعقود الخيارات والتوريق وغيرها, فإذا إنهارت قيمة أصل ما فجأة فإن ذلك يعني إفلاس أو انهيار قيمة المؤسسات التي تملكها, فإذا حصل إنهيار مفاجئ في سوق الأسهم أو في قيمة عملة دولة ما أو في سوق العقارات أو مجموعة من المؤسسات المالية فإن الأثر سيمتد بعد ذلك إلى باقي قطاعات الاقتصاد الحقيقي.(1)
ويعتمد تعريف الأزمة المالية على عدد من المعايير يمكن ايجازها كالتالي (2):
_ نوع ومضمون الأزمة :
هناك أزمات تقع في المجال الاقتصادي, وتُعرف الأزمة بالاقتصادية سواءأً حدثت في المجال المالي أو النقدي وغيرها .
_ النظاق الجغرافي للأزمة :
إستخدام هذا المعيار يؤدي إلى ما يُعرف بالأزمات المحلية أو الأزمات الإقليمية أو الأزمات الدولية.
_ حجم الأزمة :
يُستخدم معيار الحجم أو الضخامة في تصنيف الأزمات, فهناك أزمة صغيرة, وأزمة متوسطة, وأزمة كبيرة, ويعتمد معيار الحجم أو الضخامة على معاييرمادية كالخسائر أو الأضرار الناجمة عنها.
_المعيار الزمني لظهور وتأثير الأزمة:
يُمكن التمييز بين نوعين من الأزمات وهي الأزمة الإنفجارية السريعة والتي تحدث وتختفي بسرعة, وبين الأزمة البطيئة الطويلة والتي تتطور بالتدريج ولا تختفي هذه الازمة بسرعة.
(1) سهو, محمد, نزهان, مرجع يبق ذكره, ص257.
(2) نفس المرجع السابق,ص252-255.
أنواع الأزمات المالية(1):
يتم تصنيف الأزمات المالية طبقاً للقطاع الذي بدأت منه إلى ثلاثة أنواع أساسية وهي كالتالي:
أولاً/ الأزمة المصرفية
تظهر تلك الأزمات عندما يواجه بنك ما زيادة كبيرة ومفاجئة في طلب سحب الودائع من قبل المودعين, وإذا لم يستطيع البنك تغظية ومواجهة طلب سحب الودائع وحدثت أزمة سيولة لذى البنك وإنتششرت إلى بنوك أخرى تسمى هذه الحالة أزمة مصرفية, وإذا حدث العكس أي رفض البنك تقديم قروض خوفاً من عدم قدرتها على الوفاء بطلبات السحب رغم توفر ودائع لديه تحدث أزمة في الإقراض و تسمى أزمة إئتمان, وشهد الاقتصاد العالمي العديد من الازمات المصرفية منها انهيار بنك Gurney over end)) في بريطاينا و بنك الولايات المتحدة Bank of united states)) عام (1931) وبنك Bear stearns)), وتفسرها نظرية الفقاعة.
ثانياً/ أزمة العملة وأسعار الصرف
وتسمى هذه الأزمة أيضاً بأزمة ميزان المدفوعات, وتحدث عندما تتغير أسعار الصرف بصورة بالغة بشكل يؤثر على قدرة العملة على أداء مهمتها كوسيط للتبادل أو مخزن للقيمة, وتحدث هذه الأزمة عندما تقوم السلطات النقدية بخفض قيمة عملتها بسبب المضاربات و بالتالي تحدث أزمة قد تؤدي لإنهيار هذه العملة, كما حدث عام (1997) بدول جنوب شرق أسيا عندما زاد المضاربات على عملة الباهت التايلندي, وتتفاوت أثار هذه الأزمة فقد يكون تأثيرها محدوداً على القطاع غير المالي, وقد يلعب دورا أساسيا في تباطؤ النمو الاقتصادي, وحدوث انكماش وقد يصل في بعض الأحيان إلى درجة الكساد, وتفسرها نظريتي أثرالعدوى والفقاعة.
ثالثا : أزمات أسواق المال (حالة الفقاعات)
تحدث العديد من الأزمات في الأسواق المالية نتيجة لما يعرف اقتصاديا بظاهرة الفقاعة (bubble), وتتكون الفقاعة عندما يرتفع سعر الأصول بشكل يتجاوز قيمتها العادلة على نحو ارتفاع غير مبرر, وهو يحدث عندما يكون الهدف من شراء الأسهم هو تحقيق الربح الناجم عن ارتفاع سعره وليس قدرة الأصل على توليد الدخل,وفي هذه الحالة يصبح إنهيار أسعار الأصول مسألة وقت عندما يكون هناك اتجاها قويا لبيع هذا الأصل فيبدأ سعره بالهبوط وعندها تبدأ حالات الذعر والخوف في الظهور فتنهار الأسعار, ويمتد هذا الأثر نحو أسعار الأسهم الاخرى في نفس القطاع أو القطاعات الأخرى, وتفسرها نظريات الفقاعة والأحمق الأكبرومينسكي.
رابعا /الأزمات التوأم
إذا كانت الأزمة في شكل إنهيار أسعار وعوائد الأوراق المالية وإفلاسات وفشل البنوك أو في شكل انهيار قيمة العملة فتسمى بالأزمات التوأم, وتفسرها نظريات الفقاعة وأثرالعدوى والأحمق الأكبر.
خامسا : النظريات المفسرة للأزمات المالية
وهناك العديد من النظريات المفسرة للأزمات المالية يمكن إيجازها كالتالي(2):
(1) نفس المرجع السابق , ص255-256.
(2)عبد القادر، السيد متولي، مرجع سبق ذكره، ص69.
1- نظرية انفجار الفقاعة: وتُعرف بالفقاعة السعرية والفقاعة المالية أو فقاعة المضاربات، وتتكون الفقاعة عندما يرتفع سعر الأصل بشكل يتجاوز قيمته العادلة على نحو غير مبرر, وهذا يحدث ، ومن ثم تبدأ حالة الذعر في الظهور فتنهار الأسعار. ويمتد هذا الأثر نحو أسعار الأسهم الأخرى سواء في القطاع نفسه أم في القطاعات الأخرى, ويحدث الانهيار المفاجئ في أسعار الأصول المالية والمادية نتيجة انفجار الفقاعة، والناتجة عن بيع وشراء كميات ضخمة من نوع أو أكثر من الأصول والأسهم والعقارات بأسعار تفوق أسعارها الطبيعية، كما حدث في فقاعة العقارات الأمريكية عام (2007).
2- نظرية مينسكي: وتدور هذه النظرية في تفسير الأزمات المالية في النظام الرأسمالي على أن الاقتصاد يمر بالدورات الاقتصادية من الكساد ولغاية الرواج, وبعد مرور الاقتصاد بمرحلة الكساد تُفضل الشركات تمويل أنشطتها بحرص وعدم تحمل مخاطر كبيرة, وهو ما يسمى بالتمويل المتحوط. أما في مرحلة النمو فتبدأ التوقعات المتفائلة بتحقيق الأرباح وتبدأ الشركات بالحصول على التمويل والتوسع في الاقتراض بافتراض القدرة المستقبلية على السداد, وتنتقل عدوى التفاؤل إلى السوق المالي, ويبدأ المقرضون في التوسع في إقراض الشركات دون تحوط كافي أو التحقق من قابلية استرداد القروض مجدداً, ومع حدوث أزمة مالية لدولة معينة يبدأ القطاع المالي بالإحساس بالخطر، وهذا يؤثر على قدرة الشركات على السداد, وتبدأ الأزمة المالية والتي تتحول إلى أزمة اقتصادية تؤدي لحدوث الكساد.
3- نظرية المباريات : تفترض هذه النظرية وجود علاقات موجبة بين القرارات التي يتخذها لاعبو الحلبة الاقتصادية (المضاربون والمستثمرون)، فقد يكون قرار المستثمر في كثير من الأحيان متأثراً بتوقع مستثمرين آخرين, يعني يكون قرار شراء الأصل بناءا على التوقع بأن قيمة الأصل ستزداد, بينما في أحيان أخرى يتخذ المستثمر القرار نظراً لتوقعه قيام المستثمرين الآخرين بأخذ القرار ذاته.
4- نظرية الأحمق الأكبر: تحدث نتيجة أفعال المضاربين بشراء أصول بأسعار أعلى من قيمتها الحقيقية لاعتقادهم بأنهم سوف يبيعوا تلك الأصول بأسعار مرتفعة لمضاربين آخرين (حمقى)، وتستمر الفقاعة طالما بقي حمقى عندهم الاستعداد لشراء الأصول بأسعارها العالية, وتتوقف الفقاعة عند آخر أحمق (الأحمق الأكبر) الذي لن يجد من يشتري منه الأصل بسعر مرتفع.
5- نظرية الجشع: طبقاً لهذه النظرية فإن المستثمرين سوف يميلون إلى استقراء العوائد الاستثنائية لطائفة معينة من الأصول, وهو الأمر الذي يجعلهم يستمرون في المزايدة على شراء الأصول الأكثر خطراً للحصول على أقصى عائد.
6- نظرية القطيع: تقوم هذه النظرية على ميل المستثمرين بالشراء والبيع في اتجاه السوق, ويلعب المستثمر المحلي والأجنبي دوراً هاماً في تفجير الأزمة المالية، وتشير الدراسات إلى أن المستثمر المحلي هو أول من يهرب عند حدوث الأزمة لأنه لديه معلومات أكبر من المستثمر الأجنبي, وفي الغالب فإن المستثمر الأجنبي يتبع المستثمر المحلي, أي أن المستثمرون الأجانب يكونون عرضة لسلوك القطيع أكثر من المستثمرين المحليين.
7- نظرية السيولة الزائدة: تلعب السيولة الزائدة الناتجة عن زيادة الدخول أو سهولة الائتمان من الأجهزة المالية إلى التشجيع على شراء الأصول عالية السعر, وهذا يعني أن تطارد كمية كبيرة من الأموال عدداً محدوداً من الأصول المالية.
8- نظرية أثر العدوى: أي انتقال الأزمات المالية والخاصة بأسعار العملة أو انهيار أسواق الأسهم وانتشارها في دول أخرى.
سادساً :الأسباب العامة للأزمات المالية العالمية
لا يوجد سبباً محددا يمكن إعتباره أساسياُ للأزمات المالية العالمية, ولكن هناك عدداً من الأسباب تتضافر معاً في وقت واحد لإحداث الأزمات ويمكن إيجازها كالتالي :
_ عدم استقرار الاقتصاد الكلي:
ويعود ذلك إلى التقلبات في أسعار الفائدة العالمية كأحد أهم المصادر الخارجية المسببة لإندلاع الأزمات, والتقلبات في أسعار الصرف الحقيقية حيث تعتبر أحد أهم الاضظرابات على مستوى الاقتصاد الكلي سواءاً كان ذلك سببا مباشراُ أو غير مباشر(1),ففى كثير من الأحيان تؤدي السياسات النقدية والمالية التوسعية إلى إنتعاش النشاط الإقراضي بشكل خطير وإلى تراكم شديد للديون وإلى الاستثمار المفرط في مجال العقارات دافعة بذلك أسعار الأسهم والعقارات إلى الارتفاع الشديد, كذلك في حال إتباع السياسات المالية والنقدية الإنكماشية والتي تستهدف كبح جماح التضخم وإختلال الميزان الخارجي وتصحيح أسعار الأصول قد تؤدي إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي وإلى صعوبة خدمة الديون وإلى إنخفاض قيمة الضمانات وإلى تزايد نسبة الديون المعدومة والتي تهدد البنوك بالإفلاس (2)
(1)عباد,جمعة, ورقة بعنوان الأزمةالمالية الاقتصادية العالمية وأثارها الحالية والمتوقعة على الجهاز المصرفي الأردني, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس,2009, ص6.
(2) هناء, عفيف, علية, ضياف, ورقة بعنوان معالم الاقتصاد الافتراضي سبب الأزمة المالية, , الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, الجزائر , بدون سنة نشر,ص7.
.
_إضطرابات القطاع المالي وتشوهاته :
حيث التوسع في منح الإئتمان والتدفقات الكبيرة لرؤوس الأموال من الخارج وإنهيار أسواق الأوراق المالية الناجم عن إنتشار ظاهرة العولمة والإنفتاح الاقتصادي والتجاري والتحرر المالي غير الوقائي وغير الحذر تؤدي إلى إندلاع الأزمات المالية العالمية.
_مكونات رأس المال :
كان لمكونات رأس المال الأثر البالغ في إندلاع الأزمات المالية ومنها أزمة العملات كما حدث ذلك في أزمة جنوب شرق أسيا عام (1997م) وأزمة المكسيك عام (1994م), حيث أدى الإعتماد الشديد على القروض قصيرة الأجل المستخدم لتمويل العجز الجاري الضخم لإندلاع الأزمة الاقتصادية, وعليه فإن الاستثمار الأجنبي المباشر أكثر أمانا من الاقتراض الأجنبي قصيرة الاجل لما تضيفه من تزايد القدرة الانتاجية للإقتصاد المُضيف.
_ اتباع أسعار الصرف الثابتة:
تعتبر أسعار الصرف الثابتة بيئة ملائمة للأزمات, حيث تشجع على الاقتراض الاجنبي لسبب تجاهل المقترضين لمخاطر سعر الصرف وسواءاً تم الاقتراض الخارجي مباشرة بمعرفة المشروعات المحلية أو بطريقة غير مباشرة من خلال وساطة المؤسسات المالية المحلية, فإن تزايد القروض بالعملات الأجنبية يساهم في تعرض الاقتصاد لمخاطر الصدمات الداخلية والخارجية ومن ثم لمخاطر الأزمات المالية.
_ العولمة المالية :
تشكل ظاهرة العولمة الاقتصادية من أهم التحولات والتطورات الاقتصادية على الصعيد العالمي في نهاية القرن العشرين, وهذا يعني بروز تقسيم عمل جديد للإقتصاد العالمي الذي يخضع للرقابة التقليدية, ولم يعد يؤمن بتدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وخاصة فيما يتعلق بإنتقال السلع والخدمات ورأس المال على الصعيد العالمي, واهمها العولمة المالية والتي تُعرف بالإستثمار المالي؛ وهي ظاهرة مرتبطة بالنمو والتطور الرأسمالي أو التراكم المضطرد في رأس المال وتعني زيادة حركية أو حرية إنتقال رؤوس الأموال وبدون قيود بين الدول أو على الصعيد العالمي(1).
(1) زعزوع, زينب, العولمة والأزمة المالية العالمية, جامعة مصر للعلوم الحديثة والأداب, مصر, 2010,ص4.
وتاريخياً وُجدت العولمة المالية تطورها الفكري لأول مرة في كتابات عالم السوسيولوجي الكندي مارشال ماك لوهن, الذي صور العلاقات في إطار مفهوم القرية الكونية.(1) وكذلك إنتقال العالم من مرحلة القرية العالمية إلى مرحلة المدينة العالمية التي يقطن فيها الفقراء والأغنياء ويوجد فيها الاستقرار والاضطرابات والتنظيم والعشوائية.
ويُعرف برهان غليون العولمة المالية بأنها يمكن تلخيصها في كلمتين؛ كثافة انتقال المعلومات وسرعتها إلى درجة أصبحنا نشعر أننا نعيش في عالم واحد موحد.
والعولمة لغة : هي مصدر للفعل "عولم"المشتق من كلمة عالم كما أن القولبة مصدر للفعل قولب, وكلمة عولمة في اللغة الأوروبية والانجيلزية معناها الكوكبة أي العملية التي تملك أليات التطبيق, أي تحويل العالم إلى شكل مُوحد يلغي الحدود بين الدول والأمم بمعنى أنها صياغة جديدة للعالم تُلغى فيها ذاتية الشعوب(2), وهناك من يُعرفها بأنها التوسع المتزايد في تدويل الإنتاج وتحول العالم بفعل التكنولوجيا وثورة المعلومات إلى سوق واحدة بلا قيود وبلا حدود ومرحلة تاريخية متقدمة من عالمية دائرة التبادل والتوزيع والسوق وعالمية الإنتاج(3).
ويرى الباحث أن هناك أسباب أساسية لإندلاع الازمات المالية العالمية ترتبط بالأساس بأسس النظام الاقتصادي الرأسمالي ويمكن أيجازها كالتالي:
- الملكية الخاصة لوسائل الانتاج:
والتي بسببها وُجدت الفائدة ونظام القروض والتي فقد الجدوى الحقيقية منه, والذي إنحرف عن المسار الحقيقي له .
وفي هذا الصدد يقول سيد قطب في الفيلم الوثائقي, الغرب والنفق المُظلم((4 (( البنوك يقرضون الصناعة والتجارة بالفائدة المحددة المضمُونة ويجبرون الصناعة والتجارة أن تسير في طريق معين ليس هدفه الأول, سد حاجات البشروالتي يسعد بها الجميع والتي تضمن عملاً منتظماً ورزقاً محدداً وتأمينات إجتماعية وإنما هدفه إنتاج ما يحقق له أكبر قدراً من الربح ولو حطم الملايين وحرم الملايين وأفسد حياة الملايين وزرع الخوف والشك في حياة البشرية جمعاء)), وبتطور تلك القطاعات تطور القطاع المالي, وإنحرف أداء الأسواق المالية لتسود المضاربة والمقامرة والتي كانت سبباً لمعظم الأزمات المالية العالمية.
(1) الفتلاوي, كامل, مرزوق, عاطف, العولمة ومستقبل الصراع الاقتصادي, ط1, دار صفاء ,عمان, الأردن,2009,ص29.
(2) حسين, وداد, العولمة بين الماضي والحاضر, المكتبة المصرية للطباعة والنشروالتوزيع, مصر,2004,ص5.
(3) عبد الحميد, عبد المطلب, العولمة الاقتصادية : منظماتها –شركاتها-تداعياتها, الدار الجامعية, الاسكندرية, مصر, 2006, ص25.
(4) قطب, سيد, الفيلم الوثائقي الغرب والنفق المظلم, مؤسسة السحاب, https://www.youtube.com/watch?v=aRVMG1yrVhM, تاريخ الزيارة للموقع10-11-2013.
-انفصال راس المال المنتج المادي الحقيقي عن راس المال التجاري:
وهذا أدى إلى اعتبارالنقود سلعة تباع وتشترى دون أي إضافة حقيقية في الاقتصاد, فإنتقل من معادلة سلع نقود سلع إلى سلع نقود نقود أكثر وينُظر للنقود كغاية في ذاتها وكسلعة تباع وتشترى(1) , وهذا يعرف بالاقتصاد الرمزي او الوهمي,فاقتصاد العالم اليوم هو اقتصاد مالي غيرحقيقي حيث يُحرك الاقتصاد رموز ومؤشرات البورصات, فعند النظر إلى حجم الانتاج العالمي الحقيقي وحجم التوظيفات بالأسواق المالية, نلاحظ الفرق فالناتج العالمي الإجمالي ( مجموع القيم النقدية لما ينتجه العالم من السلع والخدمات خلال فترة زمنية عادة تاخد سنة) هو (78) تريليون دولار لعام (2012) نجد أن ما يتم توظيفه في الاسواق المالي يتعدا ال(700) تريليون دولار أي أن الإنتاج الحقيقي يشكل فقط 10)%) من الناتج العالمي, ويصفها الدكتور سمير أمين بالاقتصاد غير المنتج حيث كمية هائلة ومتنامية من رأس المال موجودة في الأسواق لا تجد مكانا لها في المجال الإنتاجي(2), وهذا يعني الإنتقال من الاقتصاد الحقيقي إلى اقتصاد الفقاعة.
-اي نظام اقتصادي انما يقوم على ما لديه من موارد متاحة (3):
فالرأسمالية قامت على مورد مهم, وهو إتساع الأسواق وإتساع الأسواق يعتمد على حجم الطلب الكلي وعليه ما دام النظام الحالي لم يستطيع تحفيز الطلب العالمي ولم يحقق الرفاهية وإسعاد البشرية ولم يتخلص من الأزمات الدورية المستمرة فإن إمكانية استمراه ستكون محدودة والعالم مقبل على نظام بديل لا يخرج عن ثوب الرأسمالية, وغنما نظام بديل أكثر عدالة واكثر إنصافا للبشر, فقانون ساي للأسواق والمنافذ نص على أن (العرض الكلي يخلق الطلب الكلي) والدخل يؤول للإنفاق وعليه فإن المشكلة الراهنة لا تُعبر عن نقص أو عجز للسلع وإنما يوجد فائض في الإنتاج, وتراجعاً في الطلب وتراجع في قدرة الافراد على الإنفاق الإستهلاكي والإستثماري .
- تراجع دور الدولة الاقتصادي:
إنتقال الدولة من الدولة المنتجة الى دولة الخدمات والتي تشكل عبئا على أفراد المجتمع, وإقتصار دورها على توفير الأمن والقضاء وتمويل نفقاتها عبر فرض الضرائب.
- الدورات الاقتصادية :
وفي هذا الصدد يرى الخبير الاقتصادي الروسي اندريه كوبياكوف والذي توقع حدوث الأزمة المالية والاقتصادية العالمية مبكرا, واستندت معظم تنبؤات الاقتصاديين إلى التصور الذي وضعه كوبياكوف حيث يرى بأن النظام الراسمالي يتأرجح بين الصعود والهبوط في كل مرحلة تدوم خمسين عاماً ابتداءا من العام (1926م). ويتنبأ ببقاء النظام الحالي لغاية العام (2015م(.
(1) مرسي, فؤاد, مقتطفات من كتاب رأس المال لكارل ماركس, إعداد غازي الصوراني, مركز دراسات وأبحاث الماركسية واليسار, مجلة الحوار المتمدن الإلكترونية,12-06-2013, تاريخ الزيارة للموقع الإلكتروني,13-12-2013, http://www.ahewar.org/debat/s.asp?aid=363904&t=4
(2)هناء, عفيف, علية, ضياف, مرجع سبق ذكره, ص8.
(3)خازين, ميخائيل, مقابلة تلفزنونية برنامج قراءاة بين السطور, روسيا اليوم, https://www.youtube.com/watch?v=G85g_SxW45g, تاريخ الزيارة للصفحة10-11-2013.
(4)سهو, محمد, نزهان, مرجع سبق ذكره, ص257
ويعتقد أن الأزمة الاقتصادية الراهنة أخر أزمات الرأسمالية وأن العالم مُقبل على نظام اقتصادي بديل غير معروف ملامحه وطبيعته وشكله ويعزو السبب الى نظام الفائدة والقروض والاقتصاد الافتراضي.(4).
ويعزو الدكتور رمزي زكي سبب الأزمة المالية إلى اختلال في بنية وهيكل النظام الرأسمالي, ويرى ( فكل أزمة تنفجر هي نقطة النهاية لدورة وُضعت ونقطة البداية لدورة مُقبلة وتصبح الأزمة أداة تصحيح تلقائية لمسار الدورة) ولأن التصحيح لا يحدث في البداية وعما يقع في النهاية فإنه يبدو مفاجئ,ا ويُحدث هزة عنيفة في الاقتصاد ويؤدي في واقع الأمر إلى تدمير كميات هائلة من الثروات والدخول1)). وهذا لايعني أن الرأسمالية غير قادرة على الاستمرار, وكذلك ليس من مصلحة العالم إنهيار الاقتصاد الامريكي او الرأسمالية الراهنة, ولكن هناك تغير واضح بامكانية نشوء نظام جديد غير معروف المعالم حتى الأن وغالبا سيكون أكثر عدالة وإنسجاماً مع مصالح البشرية و لايخرج من ثوب الرأسمالية.
سابعا : أزمة الاسواق المالية العالمية
شهد الاقتصاد العالمي العديد من الأزمات المالية منذ نهاية القرن السابع عشر وأبرزها أزمة عشرينات القرن الماضي, إذ اندلعت الأزمة العالمية في العام (1929) بإنهيار بورصة وول ستريت وحدوث أزمة الكساد الكبير، وما حملته تلك الأزمة من أثار كبيرة على الاقتصاد العالمي، والتي جاءت جنياً لثمار الحرية الاقتصادية المطلقة, وأدت تلك الأزمة إلى إعادة النظر في أسس النظام الرأسمالي والمتعلقة بمبدأ الحرية الاقتصادية ودور الدولة في النشاط الاقتصادي, ويلاحظ أنه عند اندلاع الأزمات تسارع الحكومات إلى التدخل في النشاط الاقتصادي وتقوم بعملية الإنقاذ، كما حدت في الأزمة المالية العالمية عام (2008)، ويكون التدخل فقط لعلاج المشاكل وليس لإصلاح النظام نفسه وهي بمثابة ضخ الدم لمريض النزيف دون البحث عن أسباب المرض.
ويمكن تقسيم الأزمات المالية التي تتعرض لها الأسواق المالية إلى ثلاثة أنواع وهي كالتالي(2): انهيار أسواق المال (يعني انهيار أسعار الأسهم والسندات في البورصات)، وانفجار فقاعة العقارات (انهيار أسعار المساكن بعد فترة ارتفاع غير طبيعية تؤدي إلى صعوبات مالية للشركات والبنوك المقرضة إلى هذا القطاع)، والأزمات المصرفية (أي تعرض البنوك لصعوبات مالية تهددها بالإفلاس نتيجة القروض المتعثرة),وتؤدي تلك الأزمات إلى نتائج سلبية كثيرة تتمثل في انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وفقدان التحويلات من الأسواق المالية العالمية، وتفشي ظاهرتي الفقر والبطالة، وعدم القدرة على تسديد الديون المستحقة(3)
(1)زعزوع, زينب, مرجع سبق ذكره, ص54.
(2)مسعود، سميح، الأزمة المالية العالمية نهاية الليبرالية المتوحشة، المركز الكندي للدراسات، عمان، الأردن، 2010م، ص117.
((3 حداد، منير، مجلة إيلاف، الموقع الالكتروني: http://www.elaph.com تاريخ الزيارة: 09/11/2013م
ونظراً لتعرض الاقتصاد العالمي لعشرات الأزمات المالية والاقتصادية, وبسبب إختلاف أسبابها ومداها, فسيتم تحليل أهم الأزمات العالمية التي ضربت أسواق المال وتحديد أسبابها وتداعياتها وطرق علاجها والتركيز على أزمات الكساد العظيم (1929-1933م) وأزمة جنوب شرق أسيا (1997م) وأزمة ((2008 .
وخلال العقود الماضية حدثت العديد من الأزمات المالية ويمكن إيجازها البعض منها كالتالي(1):
_أزمة 1637 م:
وهي أولى الأزمات المالية العالمية الناتجة عن عمليات المضاربة, ونتيجة للمضاربة في أوروبا على السندات لأجل حدث إنخفاض في الأسعار فجاة والتي أدت لإفلاس المضاربين.
_ أزمة 1720م:
هي أزمة نشأت في أسواق الأسهم في فرنسا وإنجلترا حيث تعرضت أسهم الشركات التي تستغل موارد العالم الجديد للتراجع .
_الأزمة النقدية 1797م:
هي أول أزمة مالية ناتجة عن حالة الذعر الجماعي, حيث تعرض بنك إنجلترا في 26_02-1797 إنحصارا شديد في حجم الاحتياطي أدى ذلك إلى انتشار الذعر بين المواطنين والشركات الذين سارعوا إلى سحب مدخراتهم من البنوك والتسبب في إفلاس جماعي .
_إنهيار 1820م:
هي أول أزمة مالية بالولايات المتحدة الأمريكية نتجت عن صرف الاموال في حرب 1820م وسياسة التقشف التي فرضها البنك المركزي الأمريكي .
_ أزمة 1825م:
بعد المضاربة الشديدة على الاستثمارات المتواجدة بامريكا اللاتينية ( البنوك – التامينات-تسليح السفن- بناء القنوات), انحدرت قيم الأسهم انحدارا شديدا في بورصة لندن, فأفلست عدة بنوك وأكثر من 3300 مؤسسة,
وعالرغم من ان الأزمة تركزت في بريطانيا إلا أنها تعتبر أولى الأزمات التي مست البورصة.
(1) الشيخ, الداوي, مرجع سبق ذكره,ص4-8 .
_ إنهيار 1836م:
شهدت إنجلترا انهيارا في البورصة بعد قرار الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون اشتراط بيع الأراضي مقابل معادن نفيسة, وهو ما شكل ضربة قاضية للمضاربة في سوق العقار الأمريكي, وبما أن البنوك كانت تقترض من بريطانيا فقد تلقت بريطانيا الجزء الأصعب من الصدمة قبل أن تنتقل الأزمة إلى أمريكا عام1837م.
_أزمة 1837م:
ظهرت تلك الأزمة في 09-05-1837م, حيث دخلت بورصتي فينا والنمسا ما يسمى بفترة الكساد الكبير للاقتصاد العالمي بسبب المضاربات الضخمة التي لم تقابلها سوى ضمانات متدنية, بالإضافة إلى أنها لم تكن مغطاة بإنتاج اقتصادي حقيقي, مما سبب الى إنهياراً كليا إنتشر في ألمانيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
_ أزمة الكساد الكبير(1929-1933م) (1).
أدى انهيار بورصة وول ستريت في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أزمة الكساد الكبير في الولايات المتحدة الأمريكية وإلى أزمة مالية عالمية أثرت خصوصاً على أوروبا, حيث أدى انهيار مؤشر "داو جونز" إلى انهيار السوق المالي الأمريكي، حيث انصهرت أمام أعين ملاك الأسهم ثرواتهم، وحسب وصف الاقتصادي الأمريكي هيلبرونر "ذابت الثروات أمام أعين السماسرة كما تذوب الحلوى الهشة"، ونتج عن ذلك تلاشي (40) بليون دولار, أي ما يعادل (55%) من الناتج المحلي الأمريكي الذي قدر عام (1929) بحوالي (87) بليون دولار، وبعد هذا الإنهيار دخل الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود طويلة استمرت حتى العام (1940), وترتب عليه تراجع الناتج المحلي الإجمالي من (87) بليون دولار عام (1929) إلى (39) بليون دولار عام (1933), بالإضافة إلى ذلك ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى (25%), ويعود السبب في الأزمة هو التوسع الضخم في الإقراض بدون ضمانات كافية وإقبال غير محسوب المخاطر للمضاربة في البورصات سعيا للربح السريع وسلوك الفرد الأمريكي إزاء الانتعاش وبشكل جنوني وشراء كميات كبيرة من الأوراق المالية.
(1) عبد القادر، السيد متولي، مرجع سبق ذكره، ص321.
والجدول رقم (1) تطور أسعار الأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية من الفترة1926 -1938
1926 1927 1928 1929 1930 1931 1932 1933 1934 1935 1936 1937 1938
يناير 102 106 137 193 149 103 54 46 84 81 114 148 100
فبراير 102 108 135 192 156 110 53 43 88 80 120 154 99
مارس 96 109 141 196 167 112 54 42 85 75 124 154 96
ابريل 93 110 150 193 171 100 42 49 88 79 124 144 86
مايو 93 113 155 193 160 81 38 65 80 86 118 138 86
يونيو 97 114 148 191 143 87 34 77 81 88 119 134 92
يوليو 100 117 148 203 140 90 36 84 80 92 128 142 106
اغسطس 103 112 153 210 139 89 52 79 77 95 131 144 103
سبتمبر 104 129 162 216 139 76 56 81 76 98 133 124 104
اكتوبر 102 128 166 194 118 65 48 76 76 100 141 105 114
نوفمبر 103 131 179 145 109 68 45 77 80 110 146 96 114
ديسمبر 105 136 178 147 102 54 45 79 80 110 144 95 112
والشكل البياني التالي يبين معدل الناتج المحلي الاجمالي الامريكي للفترة 1920-1940
http://www.borsaat.com/vb/t119448.html
ويمكن تلخيص خصائص الأزمة العالمية عام (1929) في النقاط التالية:
أ- تسببت في زعزعة الاستقرار في النظام الرأسمالي بكامله، وكان لها صفة دورية انطلاقاً من ارتباطها الوثيق بالأزمات الاقتصادية الدورية في النظام الرأسمالي.
ب- استمرار هذه الأزمة لفترة طويلة نسبياً حيث استغرقت أربع سنوات.
ج_عمق وحدة هذه الأزمة بشكل إستثناني ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً إنخفضت الودائع لذى البنوك بمقدار 33))%, كما أفلس منذ بداية عام 1929)) حتي منتصف 1933)) أكثر من( (10000 بنك أي حوالي (40)% من إجمالي عدد البنوك الأمريكية.
د_الإنخفاض الكبير من منتجات أسعار الفائدة.
ه_إختلاف أمن ودرجة حدة الأزمة من بلد لأخر بشكل كبير.
و- إنخفاض شديد في الاستهلاك وانخفاض شديد في الاستثمار من جانب القطاع الانتاجي.
ز- ارتفاع معدلات البطالة لتصل إلى ثلت قوة العمل الأمريكية سنة 1932)), حيث ارتفعت معدلات البطالة من 3.2))%للعام 1929)) الى ((24.9%للعام ((1933.
خ- إمتداد هذه الأزمة لخارج الولايات المتحدة الأمريكية لتضرب دول أوروبا الغربية والعالم بأسره, وبهذه الأزمة فقدت النظرية الكلاسيكية جدواها ولتحل محلها النظرية العامة لكينز والتي دعت لزيادة تدخل الدولة بالنشاط الاقتصادي.
علاج الأزمة :
اعتمد الرئيس الأمريكي روزفلت على التدخل لزيادة الطلب الفعال وتوسيع الانفاق فى القطاع الحقيقي للاقتصاد عبر بناء أكبر شبكة من الطرق والسدود والموانئ ومشروعات الإسكان فى أمريكا وأكبر شبكات البنية الأساسية فى العالم, واتبع بذلك نظرية جون كيينز والمعروفة باسم النظرية العامة للنقود وأسعار الفائدة.
ومن نتائج الأزمة:
إنهيار النظام المصرفي, وتهاوي نشاط البناء فى قطاع الإسكان بمقدار 95))% , وفقدان ((9 بلايين دولار من حسابات الادخار, وإفلاس 85)) ألفا من المشروعات, وبلغ الهبوط فى حجم المرتبات ((40% والأجور (60)%, وارتفعت حجم البطالة فى الولايات المتحدة الأمريكية عام (1933) الى (25)% , وبلغ الانهيار فى توسعات القطاع الخاص حوالي (94)%(من 15 بليون الى 886 مليون).
_ أزمة 1974م:
وهي أزمة مصرفية أفلس من خلالها البنك الألماني هير ستات بسبب التفاوت في التوقيت بين ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية, ولأول مرة يتم التعرف على مفهوم الخطر النظامي.
_أزمة 1979م:
نشأت الأزمة عندما قام البنك الفدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة تدريجيا, وكل يوم حسب الحاجة من أجل إمتصاص التضخم وهي سياسة نقدية أثبت نجاحها أنذاك.
_ أزمة الديون البنكية 1982م:
بعد إرتفاع أسعار النفط في العام ((1973م, بعد ثورة النفط التي أعلنت عنها السعودية ودول الأوبك إرتفعت أسعار المحروقات, وعلى أثر هذا الارتفاع تراكمت ديون الدول النامية وبالإضافة إلى ذلك لم تستعمل تلك القروض في الإستثمار وإنما في تغطية العجز في موازين المدفوعات, وزاد من حدة الأزمة إرتفاع أسعار البترول عام ((1978م, حيث أجبرت تلك الدول على الأستدانة بأسعار فائدة عالية وعلى المدى القصير مما أثقل كاهلها وجاءت أزمة المكسيك كأول رد فعل وسببت الديون المعلقة حالة من الذعر بالأسواق.
_أزمة 1985:
بسبب توقف نظام التشغيل ببنك نيويورك لمدة ((28 ساعة توقفت عمليات السحب والدفع للقروض الحكومية مما إستدعى التدخل المستعجل للبنك المركزي ب 20)) مليار دولار وهي سابقة تاريخية.
_ أزمة الأثنين الأسود 1987م:
إنتقل الهبوط الحاد في أسعار الأسهم في فرنسا ونيوزيلندا وأسبانيا إلى السوق الأمريكي, وبلغ الانخفاض في أسعار الأسهم (22.6%) بشكل عام, وهبطت أسعار الأسهم الأمريكية (26%)، ولقد بلغت خسائرها (800) مليار دولار(1), وتعد هذه الأزمة أشد وأعنف من الأزمة الاقتصادية الكبرى عام (1929) بسبب الخسائر الكبيرة في الثروات وزيادة العجز التجاري بشكل كبير.
وبسبب إنخفاض قيمة الدولار كسعر صرف, إرتفعت أسعار الفائدة المتعلقة بالمدى الطويل, ومع ذلك واصلت أسواق الأسهم بالنمو ولكن عند وصول أسعار الفائدة إلى ((400 نقطة, جاء الانهيار مسجلاً أكبر إنهيار تاريخي في يوم واحد في بورصة الأسهم وتم علاجها بتدخل البنك المركزي.
(1) رشيد، بوكساني، مرجع سبق ذكره، ص181-184.
والجدول رقم (2) خسائر الثروات بالمليار دولار على أثر انهيار أسعار البورصات(1) .
الدولة خسائر الثروات الدولة خسائر الثروات
أمريكا 690 تيلاندا 1.7
اليابان 384.5 ايطاليا 19.2
بريطانيا 2.7 بلجيكا 51.7
استراليا 83.8 السويد 14.2
كندا 60.1 المكسيك 11.7
المانيا الغربية 55.9 سنغافورة 11
فرنسا 41.8 النرويج 5.2
هونغ كونغ 37.7 نيوزيلاندا 4.6
سويسرا 24.7 الدانمارك 2.1
هولندا 25.5 فلندا 1.7
نتائج أزمة الاثنين الأسود:
تعد هذه الأزمة أشد وأعنف من الأزمة الاقتصادية الكبرى عام (1929)م, ذلك لأنها تجاوزتها من حيث خسائر الثروات الى ما يقارب الضعف بالإضافة عجز تجاري كبير .
_ أزمة 1990م:
هي أزمة في المحروقات بسبب إندلاع حرب الكويت والتي أدت إلى إرتفاع أسعار النفط وزيادة العجز في موازين المدفوعات لبعض الدول.
_ أزمة 1992م:
هي أزمة في النظام النقدي الأوروبي بسبب إعادة الهيكلة في فرنسا.
. (1) نفس المرجع السابق, ص184.
_ أزمة المكسيك 1994م:(1)
شهدت المكسيك في بداية التسعينات فترة تحرير شملت إزالة القيود على تدفقات رؤوس الأموال وكذلك خصخصة المؤسسات العامة ورفع القيود على التجارة الخارجية وإصلاح النظام المالي وتقديم إصلاحات أخرى في السياسة المالية, وبسبب إرتباط العملة المكسيكية بالدولار الأمريكي والذي شكل ضمانة وهمية شجعت المكسيك على الإستدانة الأجنبية مما سبب عجزاً في ميزان المدفوعات وبسبب الاضطرابات في أسعار الصرف تعرضت المكسيك للأزمة والتي جاءت بسبب إرتفاع أسعار الفائدة والدين العام قصير الأجل.
_أزمة الأسواق الأسيوية (1997م):
بدأت هذه الأزمة من تايلاند في يوليو سنة (1997) بتراجع قيمة عملتها المحلية "الباهت" على نحو كبير بسبب زيادة المضاربات عليه, وأدى ذلك إلى انتشار الهلع في الأسواق المالية، وإمتد إلى الدول المجاورة وإنهارت على أثره أسواق المال، وإزدادت أسعار الفائدة, وخلال سنة تحولت الأزمة الأسيوية إلى أزمة مالية عالمية عكست آثارها على أسعار النفط فهبط سعر البرميل إلى (8) دولارات عند نهاية (1998), الأمر الذي أدى إلى حدوث أزمة وسط دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (الأوبك), وعند حدوث الأزمة كان اقتصاد دول جنوب شرق أسيا في حالة نمو مستمر، لذلك أطُلق عليها النمور الأسيوية بسبب سيادة نموذج تنموي بها منذ العام (1975), ولكن عادت تلك النمور إلى قطط بسبب الأزمة الآسيوية, وكان لتلك الدول أرصدة نقدية هائلة من العملات الأجنبية استخدمتها الحكومات لوقف تدهور العملة المحلية، وإستخدمت الحكومات تلك الأرصدة من النقد الأجنبي في تقديم قروض للشركات التي عانت من أزمة السيولة وشراء حصص في أسواق الأسهم.
وترتب على الأزمة تراجعاً حاداً في أسعار صرف عملات الدول الأسيوية تجاه عملات الدول الرئيسية كالدولار مثلاً, ويعني ذلك أن تصبح صادرات دول الأزمة أكثر تنافساً, أي زادت المقدرة التنافسية للصادرات الأسيوية في السوق العالمي وخاصة في الدول المستوردة لهذه المنتجات الأسيوية, ومن ناحية أخرى ترتب على تراجع سعر الصرف أن تصبح الواردات السلعية من الخارج سواء من الولايات المتحدة الأمريكية أو غيرها أقل تنافساً في أسواق دول الأزمة, بمعنى يصعب على الدول الأخرى التي ارتفعت أسعار صرف عملتها بالنسبة للعملات الأسيوية أن تصدر إلى دول أسيا حيث تواجه صادراتها إلى هذه الدول منافسة شديدة, وأدت الأزمة إلى إنخفاض الطلب العالمي على المواد الأولية ومن ثم تراجع أسعار المواد الأولية في السوق العالمي ولم يقتصر على النفط فقط بل إمتد إلى السلع الأخرى الزراعية والصناعية والمعادن المختلفة, كل ذلك أدى إلى انخفاض الطلب على النفط الخام في دول الأزمة ما يزيد عن (500) ألف برميل يومياً.
(1) عبدالغني, حريري, أثر التحرر على اقتصاديات الدول العربية, رسالة ماجستير غيرمنشورة, جامعة حسيبة بن بو علي, الجزائر, 2007, ص94-95
وانخفض الرقم القياسي لأسعار المواد الأولية بنسبة (20.6%)، والمواد الأولية الصناعية بنسبة (23.5%)، وانخفض الرقم القياسي لأسعار المواد الأولية غير الغذائية بنسبة (20.9%), وتجدر الإشارة هنا أن هذا الانخفاض في أسعار المواد الأولية لا يرجع فقط إلى انخفاض الطلب نتيجة الانخفاض بالدخل وتباطؤ حركة النشاط الاقتصادي والإنتاج الصناعي، ولكنه يعود إلى وجود فائض في العرض, أي زيادة الطاقة الإنتاجية عن مستوى الطلب السائد( ).
وترتب على هذه الأزمة هجرة رؤوس الأموال إلى الدول الصناعية المتقدمة خصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها واحة أمان للمستثمر, ولم تقتصر الهجرة على رؤوس الأموال من دول الأزمة، بل امتدت لتشمل العديد من الدول النامية في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وأدت إلى انخفاض أسعار الفائدة طويلة المدى على أدوات الدين العام للدول المتقدمة.
وكان تأثير سعر الصرف كبيراً على المتغيرات الاقتصادية الكلية لدول الأزمة, ففد انخفض الناتج المحلي الإجمالي، وانخفض مستوى الاستهلاك النهائي الخاص، وانخفض حجم الاستثمار الثابت الإجمالي الحقيقي وتراجعت القيم السوقية لأسهم الشركات المدرجة في أسواق الأسهم، وزادت المديونية الخارجية، وانخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي.
_ أزمة 1998م:
هي أطول أزمة اقتصادية في تاريخ روسيا والاتحاد السوفيتي وكانت سببا رئيسياً في تدهور النظام المالي العالمي
أزمة 2000 :
تباطؤ عالمي وانخفاض كبير فى الطلب العالمي على التقنية والتكنولوجيا أدى لانخفاض أسهم الإنترنت والتكنولوجيا وتراجعت بنسبة 39.3% وانعكس ذلك على جميع الأسواق المالية, وبلغت خسائرها 93 مليار دولار .
_أزمة 2001 :
بسبب اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر على مركزي التجارة العالمية بنيويورك والتي تسببت بمقتل ثلاثة ألاف شخص, تراجع مؤشر السوق الأمريكى بانخفاض قدره 7.3))% واستمر الانخفاض لمدة أسبوع, وحدث أيضا أزمة ركود فى المكسيك بسبب انتقال المستثمرين الاجانب منها الى الصين حيث الأجور أقل(1).
_أزمة 2002 :
أدى تزوير حسابات شركة الطاقة الأمريكية وشركة الاتصالات الأمريكية "ورلد كوم "
إلى تراجع أداء الأسواق المالية بشكل كبير وخصوصا بالدول الصناعية المتقدمة , فشهدت بورصة فرنكفورت تراجعًا بنسبة (43.9)% , وباريس بنسبة (33)%, ولندن (24.8)%
_أزمة 2003 :
انفجار فقاعة طوكيو مخلفةً عقداً من الزمن من التباطؤ والتراجع بالأسعار والنمو البطئ, وسارعت الحكومة اليابانية للتدخل على صعيد المصارف .
_أزمة 2004-2005:
وهي أزمة فقاعة العقارات حيث إرتفعت أسعار القطاع العقاري وبشكل جنوني, حيث بلغ سعر المتر المربع من الأراضي ( (5.1مليون دولار, وعندها لجأت المصارف إلى منح قروض عقارية عالية المخاطر.
_أزمة اليونان 2008 :
أزمة مالية تمتلث بزيادة العجز والديون والتعثر,إذ وصلت الديون الى قرابة ((830 مليار دولار أي ما يعادل 113))% من ناتجها المحلي الإجمالي, ووصل العجز فى الموازنة الى مانسبته((12.7 % من الناتج المحلى, وهي نسبة مرتفعة جدا حيث ان الاتحاد الأوروبي لا يسمح لأي دولة أن يتعدى العجز بها لنسبة تزيد عن ((3% وكان لليونان حالة خاصة, وعندما ظهرت بوادر الأزمة سارعت دول الاتحاد وخصوصا ألمانيا وفرنسا بمطالبة حكومة اليونان بإتباع سياسة اقتصادية تقشفية للحد من العجز ولتخفيف حدة الديون التي كانت سببا للأزمة, وذلك بسبب زيادة النفقات الحكومية واللجوء للمؤسسات الدولية .
وبعد عدة أسابيع من الأزمة اجتمعت الدول الأوروبية وخصصت تريليون دولار لتحقيق الاستقرار المالي فى اليونان وتفاديا لانتشار الأزمة لدول الاتحاد كإيطاليا وأسبانيا وغيرها بسبب الاندماج والعولمة المالية .
(1) بول بوركت, الصين والاشتراكية, ترجمة مازن الحسنيني, دار التنوير للترجمة والتنشر والتوزيع, رام الله , الطبعة الأولى,2005, ص71.
وكان من نتائج الأزمة هو تخفيض التصنيف الائتماني لليونان ثلاثة درجات من BBB+ الى BB+ , وهذا يعني أن الاستثمارات تعاني من مخاطرة مرتفعة والتعثر وعدم القدرة على السداد, مما أثار موجة ذعر فى الأسواق المالية, وأعلنت الحكومة إجراءات تقشفية جديدة وخفضت المعاشات ورفعت سن التقاعد, ودمج وإلغاء عشرات الهيئات والمؤسسات الحكومية .(1)
_ الأزمة المالية العالمية 2007-2008:
في أوائل الثمانينات تم تحرير أسواق الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبا، وذلك بإلغاء القواعد التنظيمية التي وضعت في الحقبة الكينزية، والتي تنص علي وضع حدود قصوى لقيمة القروض العقارية ولأسعار الفائدة وفترات السداد، وقواعد ملزمة لترشيد استخدام الائتمان في أسواق الرهن العقاري.
مع بداية العام (2000) توسع وبشكل ملحوظ تطبيق سياسة تحرير الأنظمة البنكية، وإتباع سياسة نقدية توسعية لزيادة وتيرة النشاط الاقتصادي، حيث تم خفض سعر الفائدة إلى مستويات متدنية وأدت إلى زيادة السيولة في الأسواق، وزيادة فترة السماح للقروض (ثلاثة أعوام) أدت إلى توسع المصارف التجارية في منح القروض العقارية وزيادة حدة المنافسة فيما بينها لاجتذاب المقترضين من خلال تسهيل وتبسيط إجراءات وشروط الحصول على القروض العقارية، مما أدى إلى توسع كبير في الائتمان العقاري وزيادة عدد المقترضين وظهور حركة كبيرة في سوق العقارات الأمريكية خلال الفترة (2001- 2007)، وكل هذا نتج عنه ارتفاع أسعار المنازل وظهور المضاربات في السوق، حيث بلغت قيمة القروض التي قدمتها البنوك والمؤسسات الكبرى الأمريكية للمؤسسات العقارية وشركات المقاولات في ثلاثة شهور عام (2005) ما يزيد عن تريليون دولار, مما أدى إلى زيادة قروض الرهن العقاري إلى نحو (10.5) تريليون دولار أي ما يعادل (71%) من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي في العام (2007)، وهكذا تراكمت قروض الرهن العقاري وبلغت مستويات غير مألوفة مع الازدهار المتواصل لسوق العقارات الأمريكية، حيث كانت البنوك والمؤسسات العقارية تقدم قروض بدون ضمانات كافية وبمخاطر كبيرة مقابل سعر فائدة أعلى مع التعويل، وبشكل أساسي على كون المنازل المرهونة لها دون الاهتمام بقدرة المقترضين على سداد أقساط القروض والفوائد(2)
(1) مسعود، سميح، الأزمة المالية العالمية نهاية الليبرالية المتوحشة، المركز الكندي للدراسات، عمان، الأردن، 2010م، ص117.
(2)قنطقجي، سامر، ضوابط الاقتصاد الإسلامي في معالجة الأزمات المالية العالمية، الطبعة الأولى، شعاع للنشر والعلوم، حلب، سوريا، 2009م,ص95.
ويرى الباحث أن السبب الرئيسي لإندلاع الأزمة المالية العالمية هو إنفجار فقاعة العقارات, حيث إرتفعت أسعار العقارات بشكل كبير لا يعبر عن قيمتها الحقيقية ولا على قدرتها على توليد الدخل, واستمرت تداعياتها من خلال نقص السيولة في سوق المعاملات ما بين البنوك, وإنتشار حالات نقص السيولة بصورة أوسع نطاق هددت الأسواق, وتلك التطورات أدت إلى انهيار وإفلاس أكبر المؤسسات المختصة بإعادة تمويل التسليفات العقارية في الولايات المتحدة الأمريكية, ومع استمرار التدهور في أوضاع سوق المساكن في الولايات المتحدة زادت حالات توقف المقترضين عن الدفع، وبلغ حجم القروض المتعثرة للأفراد فقط قرابة مائة مليار دولار, مما أدى إلى زيادة ظاهرة استيلاء المقرضين على العقارات وكثرت بذلك المواجهات ما بين المقترضين والبنوك, والذي زاد من صعوبة الأمور هو انخفاض أسعار المنازل وزيادة عدد المنازل المعروضة للبيع في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية العام (2007) بنسبة (75%) وبلغت (2.2) مليون منزل، وتزامن مع هذا ظهور ضعف كبير في مقدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد الأمر الذي أدى إلى توقف عمليات الإقراض العقاري، وظهور أزمة مالية في سوق العقارات وعملت على تهديد قطاع البنوك والأسواق المالية في العالم بأسره, واستمرت تداعيات الأزمة العالمية، وألقت بظلالها على أغلبية دول العالم وأفلست على أثرها مؤسسات مالية كبرى, حيث قدرت خسائر المصارف الأمريكية بنحو (2.7) تريليون دولار, كما فقدت الأسهم الأمريكية جراء الأزمة نحو (7) تريليون دولار من قيمتها وتراجعت القيمة السوقية لكل البورصات العالمية بمقدار (29) تريليون دولار. وتأثرت من الأزمة مختلف القطاعات الاقتصادية الحقيقية من خلال تأثيرها على مستوى التشغيل والإنتاج والأرباح والاستهلاك والاستثمار.
وصاحب ذلك إنخفاض حاد في أسعار النفط وانخفاض حاد في أسعار الأسهم في غالبية الأسواق المالية العالمية، وكذلك شح السيولة بالقطاع المالي, واستمر التباطؤ الاقتصادي في الدول المتقدمة مما أدى إلى انخفاض أسعار العقارات على المستوى الأمريكي والعالمي، وأدت تلك الأزمة إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل وانخفاض الطلب والعرض معاً.
ودخلت معظم اقتصاديات الدول الرأسمالية في فترة انكماش اقتصادي، وهذا أثر على معدلات النمو الاقتصادي، إذ سجل معدل النمو الحقيقي للاقتصاد العالمي خلال العام (2008), نحو (3.2%) مقارنة مع (5.2%) في العام (2007) منخفضا بمقدار (2%), وفي المقابل تراجع معدل النمو الاقتصادي للدول الصناعية المتقدمة بنحو (0.9%) ليصل إلى (2.7%), وانخفض معدل النمو في الولايات المتحدة الأمريكية من (2%) عام (2007) إلى (1.1%) عام (2008)، وذلك بالرغم من تدخل البنك الاحتياطي الفدرالي من خلال الخفض المستمر لأسعار الفائدة, كما تقلص معدل النمو في منطقة اليورو من (2.7%) عام (2007) إلى (0.9%) عام (2008).
وصاحب إنخفاض معدلات النمو في الدول الرأسمالية المتقدمة ارتفاع معدلات البطالة من (5.4%) في عام (2007) إلى (5.8%) في العام (2008), كما أدى في الوقت نفسه تباطؤ النشاط الاقتصادي في تلك الدول على نطاق واسع إلى انخفاض طلب تلك الدول على المواد الأولية والنفط, كما أدى الركود الذي بدأ يمس اقتصادياتها إلى إنخفاض مستويات الاستهلاك، وإنعكس هذا على أسعار النفط وانخفاض معدل نمو التجارة العالمية من السلع والخدمات ليبلغ (3.3%) في العام (2008) مقابل (7.2%) في العام (2007).
وأبرز تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008 يكمن في النقاط التالية(1) :
_ إنكماش الناتج العالمي ب 1.7))% في سنة ((2009.
_دخول الدول المتقدمة في مرحلة الركود الاقتصادي, بانخفاض في معدل النمو ب 03))%
_بقاء الدول النامية محققة لمعدل نمو إيجابي عند متوسط 2.1))%
_ إنكماش في التجارة الدولية بنسبة ((6.1% عام 2009)), وانخفاض في أسعار البترول بمقدار ((50%عن أسعار 2008)) ليصل سعر البرميل الواحد ((47 دولار أمريكي.
وعلى أثر هذه الأزمة سارعت الدول والحكومات إلى اقتراح عدداً من الحلول للخروج من الأزمة كان أهمها الخطة البريطانية، وخطة دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى، والخطة الأمريكية للإنقاذ، والحل العربي للأزمة(2)، وتعتمد تلك الخطط على ضخ المليارات من الدولارات لانقاد البنوك والمؤسسات المتعثرة وشراء الأصول الهالكة غير القادرة على الوفاء بالتزاماتها لإعادة الاستقرار لأسواق المال العالمية.
(1)كواش, خالد,كواش,زهية, ورقة بعنوان الأزمة المالية 2008 وعلاقتها بالاقتصاد الافتراضي, الملتقى العلمي الخامس بعنوان الاقتصاد الافتراضي وانعكاساتها على الاقتصاد, جامعة الجزائر, الجزائر,2009, ص5.
(2) قنطقجي، سامر, مرجع سبق ذكره, ص95
ويمكن الحديث عن تلك الخطط الاقتصادية لعلاج الأزمة المالية العالمية 2008 كالتالي:
1- الخطة البريطانية: اعتمدت تلك الخطة على ضخ المليارات من الجنيهات الإسترلينية، وتقدر بحوالي (470) مليار دولار من أموال الحكومة لإنقاذ أكبر البنوك المحلية، وتوفير (50) مليار دولار من أموال دافعي الضرائب لضخها بالبنوك، وعرض سيولة مالية قصيرة الأجل على البنوك،
وإتاحة رؤوس أموال جديدة لها، بالإضافة إلى توفير أرصدة كافية للنظام المصرفي من أجل مواصلة تقديم قروض متوسطة الأجل.
2- خطة دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى: اتفق وزراء مالية وحكام البنوك المركزية في دول مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى وهي (اليابان والولايات المتحدة الأمريكية وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا) على خطة لإعادة الثقة في أسواق المال في العالم، وتتضمن النقاط التالية:
أ- اتخاذ إجراءات حاسمة وإستعمال جميع الوسائل لدعم المؤسسات المالية الكبرى، وهي تلك المؤسسات التي يؤدي إفلاسها إلى حالات إفلاس أخرى والحيلولة دون إفلاسها، وذلك بتملك حصص من البنوك لإعادة الثقة في الأسواق المالية.
ب- اتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لتحريك القروض والأسواق النقدية كي تتمكن المؤسسات المالية من الحصول على السيولة ورؤوس الأموال.
ج- استعادة ثقة المودعين من خلال تأمين ودائعهم عن طريق ضمانات قوية ومتماسكة من قبل السلطات العامة، وتمكين المصارف من جمع رؤوس الأموال الكافية من القطاعين العام والخاص، لتتمكن من مواصلة إقراض العائلات والشركات.
د- مواصلة التحرك من أجل إحلال الاستقرار في أسواق المال وإعادة تدفق الأموال لدعم النمو الاقتصادي العالمي.
3- الخطة الأمريكية للإنقاذ: سعت الإدارة الأمريكية لإنقاذ القطاع المصرفي من خلال قيام الدولة بشراء أصول هالكة بقيمة (700) مليار دولار مرتبطة بالرهون العقارية، بهدف تأمين حماية أفضل للمدخرات والأملاك العقارية التي تعود إلى دافعي الضرائب، وحماية الملكية، وتشجيع النمو الاقتصادي، وزيادة عائدات الاستثمارات إلى أقصى حد ممكن.
وجاءت الخطة الأمريكية للانقاد والتي تضمنت أساسيات مهمة وهي ( الإقراض, والتاميم , والدمج) للبنوك والمؤسسات المتعثرة بهدف إنقاد هذه المؤسسات وإنقاد الاقتصاد والحيلولة دون انهيار القطاع المالي والمصرفي وبالتالي انهيار الاقتصاد الكلي, وهذه الخطط هي بهدف الحد من الأزمة وليس معالجة الأزمة وأسبابها من خلال البحث عن الحقيقة وراء هذه الإنهيارات وطريقة إدارة الاقتصاد والمنطلق الفكري الرأسمالي والذي يشكل المحور الأساسي في النشاط الاقتصادي القائم على فلسفة أن الدولة (تحكم ولا تملك ) أو على مبدأهم الشهير(دعه يعمل – دعه يمر), إضافة للاقتصاد الأمريكي القيادي للنظام الرأسمالي والقائم على مبدأ الخصخصة وحرية التجارة وتهميش دور الدولة الاقتصادي. (1).
ويرى الباحث أن تلك الحلول هي روشته ووصفة طبية مؤقتة لعلاج وإنقاذ البنوك والمؤسسات والطبقات الرأسمالية على حساب دافعي الضرائب من الفقراء ومحدودي الدخل الذين يتحملون القسط الأكبر من أعباء السياسات التقشفية المتمثلة بزيادة الضرائب وخفض النفقات الحكومية وخفض الإعانات، وعليه فإن الفقراء ومحدودي الدخل (دافعي الضرائب) يسددون فاتورة أخطاء السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي يرتكبها الرأسماليون التي تحدث نتيجة المضاربة والمقامرة في أسواق المال العالمية وخصوصا الأسواق المالية الأمريكية.
ويرى الباحث أن الأزمة المالية((2008 هي إمتداد أساسي ورئيسي لأزمة العجزالتجاري الأمريكي عام (1971), والتي تخلى الرئيس الامريكي نيكسون بموجبها عن قاعدة الذهب ورفض تغظية الدولار بالذهب وقال "من قبل كان يأتينا شخص حاملاً 35 دولاراً، فنعطيه بدلاً منها أوقية من الذهب. كنَّا ملتزمين هذا؛ أمَّا الآن فلا"
_وإتباع سياسة الاصدار الحر من الدولار دون اي تغظية من الذهب, وكذلك اتبع سياسة المدرسة النقدية لميلتون فريدمان والتوسع الكبير في الاقراض والإعتماد على نظام القروض, وإتباع سياسات نقدية توسعية أدت بالنهاية الى ازمة الركود التضخمي, وعلى أثر هذه الأزمة قامت الولايات المتحدة الامريكية بإطلاق موجة من التكنولوجيا لتحسين مستواها الاقتصادي ونقل أزمتها للعالم عبر ابتكارها للادوات المالية كالمشتقات والتوريق والهندسة المالية والتي استطاعت امريكا من خلالها نقل ازمتها للخارج عبر المناداة بالحرية التامة وازالة القيود على انتقال العمالة ورؤوس الاموال(العولمة ), حيث بدا الحديث عن اقتصاد الدولار. والان العالم وقع في فخ الدولار والذي ما زال يتراجع بفعل الازمة الحقيقية التي يعانيها النظام الراسمالي القائم, حيث تؤكد كل المؤشرات الاقتصادية بحدوث أزمة بنيوية في النظام الرأسمالي يتمثل ذلك بإرتفاع العجز في موزاين المدفوعات للدول وخصوصا المتقدمة (دول المركز أو الشمال)
_وكذلك تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري, حيث تراجع الطلب الكلي الامريكي ب (3)تريليون دولار سنوياً, وهذا يعني أن دخول الامريكان تتساوى مع استهلاكهم أي الدخل يؤول للاستهلاك ((وعليه فان الميل الحدي للاستهلاك يقترب من الواحد صحيح وبهذا فالمجتمع الامريكي استهلاكي )) وعالرغم من انخفاض سعر الفائدة الى صفر بالمائة فلم يحفز اي استثمار, ويعود ذلك لتراجع الطلب الكلي ولغرق الأمريكان في الديون والقروض, فالفرد الامريكي ما زال يدفع ثمن وفاتورة الاخطاء القائمة.
_ وتراجع الاستثمارات وانخفاض التصنيف الإئتماني لبعض الدول وافلاس أخرى.
_ كذلك ارتفاع معدلات البطالة لمستويات كبيرة وما دام تزيد عن 5% في دول المركز فهذا يؤكد بانها ليست ازمة طارئة,
(1) الخزرجي, ثريا, الأزمة المالية العالمية الراهنة وأثرها على الاقتصاديات العربية: التحديات وسبل المواجهة , كلية الادارة والاقتصاد, جامعة بغداد, العراق, ص297.
وانما هيكلية حيث فلسفة النظام الراسمالي تعتبر ان معدل البطالة ب 5% تكون طبيعية وسرعان ما تتلاشى مع ميكانيكة اليد الخفية (قوى العرض والطلب).
وعليه فان الاسباب الحقيقية للازمات الاقتصادية تعود لازمة العجز الامريكي ((1971 ووقف التعامل بقاعدة الذهب والتوسع الكبير في اصدار الدولار وانتشار العولمة وخصوصا المالية منها .
ثامناً/ النتائج والتوصيات
النتائج :
يمكن إيجاز النتائج التي توصل إليها الباحث في النقاط التالية:
1- عكست الأزمة المالية العالمية أثارها على الدول العربية وخاصة بلدان الخليج رغم عدم تطور أسواق هذه الدول, ويعود السبب في ذلك إلى هيمنة الأسواق المالية الأمريكية والأوروبية على نشاطات أسواق مال هذه البلدان, وعدم استثمار الأموال الفائضة لديها في تنمية اقتصادياتها الوطنية.
2- اتجه العالم بعد الأزمة المالية العالمية عام (2008) نحو تشكيل أقطاب وتكتلات اقتصادية جديدة مثل مجموعة البريكس، والتي تضم خمس دول وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا.
3- والتي تشكل نحو (40%) من إجمالي سكان العالم، وتشكل الصين والهند وروسيا من الدول العشرة اقتصاديا بالعالم من حيث إجمالي الناتج المحلي مع إمكانية اندلاع الحرب الباردة بعد عقدين من الهيمنة الاقتصادية والسياسية الأمريكية على العالم، والتي كانت سبباً في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي.
4- إنشاء مجموعة البريكس الاقتصادية ستؤدي إلى تراجع دور الاقتصاد الأمريكي مستقبلاً، وإلى تراجع التعامل بالدولار، وإحلال عملة اليوان الصينية كعملة عالمية بديلة عن الدولار، بسبب عدم استقرار صرف الدولار.
5- تركت الأزمات المالية العالمية أثارها الاقتصادية المتملثة بارتفاع معدلات البطالة وانخفاض حجم الطلب العالمي وتراجع النمو الاقتصادي وانخفاض الانتاج وما رافق ذلك من اثارا اجتماعية كارتفاع معدلات الفقر واتساع حدة التفاوت بين الشرائح الاجتماعية.
6- أدت الازمات المالية العالمية الى اعادة نظر الحكومات بدورها في النشاط الاقتصادي مما ساهم بزيادة دورها وتدخلها واعدادها لخطط الانقاد, والعودة مجدداً لمبادئى كينز والمتعلقة بتحفيز الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري.
7- عكست الأزمة المالية العالمية أثارها على الدول العربية وخاصة بلدان الخليج رغم عدم تطور أسواق هذه الدول, ويعود السبب في ذلك إلى هيمنة الأسواق المالية الأمريكية والأوروبية على نشاطات أسواق مال هذه البلدان, وعدم استثمار الأموال الفائضة لديها في تنمية اقتصادياتها الوطنية..
8- إنشاء مجموعة البريكس الاقتصادية ستؤدي إلى تراجع دور الاقتصاد الأمريكي مستقبلاً، وإلى تراجع التعامل بالدولار، وإحلال عملة اليوان الصينية كعملة عالمية بديلة عن الدولار، بسبب عدم استقرار صرف الدولار.
9 – أدت الأزمة المالية العالمية إلى ازدياد حجم البطالة والفقر في كل دول العالم بما فيها البلدان الصناعية المتقدمة ، وذلك باعتمادها على تقليص تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق عملية الخصخصة وتحرير كافة الخدمات المالية
10 _ اندلاع الازمات المالية العالمية يبرز مشكلة في اسلوب الانتاج الرأسمالي .
ثانيا :التوصيات
توصل الباحث إلى العديد من التوصيات يمكن إيجازها كالتالي :
1- يستحسن للدول العربية إعطاء قطاع التنمية الاقتصادية مزيداً من الاهتمام من خلال إقامة المشاريع التنموية التي تستطيع من خلالها مضاعفة الإنتاج والدخل وخفض معدلات البطالة.
2- يتوجب على الدول العربية ذات الفوائض المالية إلى ضرورة توجيه تلك الفوائض لاستثمارها في بلدانها بدلاً من توجيها نحو الأسواق المالية الغربية، وذلك لتفادي الأزمات المالية والاقتصادية المستوردة من الدول المتقدمة.
3- يستحسن للاقتصاديات إعطاء قطاع التنمية الاقتصادية مزيداً من الاهتمام من خلال إقامة المشاريع التنموية التي تستطيع من خلالها مضاعفة الإنتاج والدخل وخفض معدلات البطالة.
4- يستحسن تضافر الجهود عند تنفيد السياسات الاقتصادية المتملثة بالسياسات المالية والنقدية والتجارية بما يخدم الاقتصاد عبر التنسيق بين الحكومات والبنوك المركزية والقطاعات الانتاجية .
5- يجب الاهتمام اكثر بقطاعات الاقتصاد الحقيقي والذي يخلق ويضيف قيما حقيقية تزيد من القدرة الانتاجية وتوسع قاعدتها وتحد من مشكلة البطالة وتوفر دخولا جديدة.
6- فرض قيود واجراءات تشديدية لعمل الاسواق المالية عبر الزام المتعاملين بعدم المضاربة والمقامرة وتفاديها وتخفيف العمل بادوات التوريق والهندسة المالية.
7- ضرورة البحث عن نظام اقتصادي بديل عن النظام الحالي يكون اكثر ندية وسوية في العلاقات الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية على حد السواء, نظاما قوامه العدالة الاجتماعية يستطيع استغلال كافة الموارد الاقتصادية المتاحة ويوفر الخيرات المادية ويسعد البشرية جمعاء.
8- ضرورة إتباع سياسات مالية ناجعة تستطيع تحفيز الطلب الكلي الفعال بشقيه الاستهلاكي والاستثماري.
9- إعادة النظر بعملة الدولار والبحث عن وسائل أخرى كحقوق السحب الخاصة وايجاد بديل عن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
10- ضرورة إيجاد حلول فورية وسريعة لأزمة المديونية الخارجية للدول النامية وعلاج مشكلة الفقر والبطالة المنتشرة وتخفيف حدة التفاوت بين الدول المتقدمة والنامية على حد السواء لتحفيز الطلب ولاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة .
11- يستحسن للإقتصاديات العالمية عدم الإعتماد على الدولار كعملة رئيسية, والتوجه نحو سلة من العملات تشمل الذهب واليورو واليوان وعملات بعض دول الفوائض النفطية وعملات الهند والبرازيل التي تمتلك إحتياطيات كبيرة في ميزان مدفوعاتها.
قائمة المراجع
أولا : الكتب
(1) الشمري، ناظم وآخرون، أساسيات الاستثمار العيني والمالي، الطبعة الأولى، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 1999.
(2) السمهوري، محمد، اقتصاديات النقود والبنوك، الطبعة الثانية، غزة، فلسطين، 2000.
(3)الداغر,محمود, الأسواق المالية مؤسسات أوراق بورصات, ط1, دار الشروق للنشر والتوزيع,رام الله ,
(4) فرح، غازي وآخرون، الأسواق المالية، دار وائل للنشر، عمان، الأردن، 2001.
(5) كويل برايان, التمويل المالي للأسهم, ترجمة خالد العامري, دار الفاروق للاستثمارات الثقافية, ط1, الجيزة, مصر, 2007.
(6)خريوش، حسني وآخرون، الأسواق المالية مفاهيم وتطبيقات، جامعة العلوم التطبيقية، عمان، الأردن، 1998.
(7) العجلوني، محمد، والحلاق، سعيد، النقود والبنوك والمصارف المركزية، دار اليازوري للنشر، عمان، الأردن، 2010.
(8) عبد القادر، السيد متولي، الأسواق المالية والنقدية في عالم متغير، الطبعة الأولى، دار الفكر، عمان، الأردن، 2010.
(9) العجلوني، محمد، والحلاق، سعيد، النقود والبنوك والمصارف المركزية، دار اليازوري للنشر، عمان، الأردن، 2010.
(10) الفتلاوي, كامل, مرزوق, عاطف, العولمة ومستقبل الصراع الاقتصادي, ط1, دار صفاء ,عمان, الأردن,2009.
(11) حسين, وداد, العولمة بين الماضي والحاضر, المكتبة المصرية للطباعة والنشروالتوزيع, مصر,2004.
(12) عبد الحميد, عبد المطلب, العولمة الاقتصادية : منظماتها –شركاتها-تداعياتها, الدار الجامعية, الاسكندرية, مصر, 2006.
(13) مسعود، سميح، الأزمة المالية العالمية نهاية الليبرالية المتوحشة، المركز الكندي للدراسات، عمان، الأردن، 2010.
(14) بول بوركت, الصين والاشتراكية, ترجمة مازن الحسنيني, دار التنوير للترجمة والتنشر والتوزيع, رام الله , الطبعة الأولى,2005.
((15 قنطقجي، سامر، ضوابط الاقتصاد الإسلامي في معالجة الأزمات المالية العالمية، الطبعة الأولى، شعاع للنشر والعلوم، حلب، سوريا، 2009.
ثانيا : رسائل الماجستير وإطروحات الدكتواره
_رسائل الماجستير:
(1)عبد الرحمن, بن عزوز, دور الوساطة المالية في تنشيط سوق الاوراق المالية حالة بورصة تونس,رسالة ماجستير غير منشورة,جامعة منتوري قسطنينية, الجزائر, 2012,ص1.
(2)صالحة هاني, شركات الوساطة وأثرها على تنمية سوق فلسطين للأوراق المالية, رسالة ماجستير غير منشورة, الجامعة الإسلامية, غزة, فلسطين, 2007.
(3) حجاج, محمد, أثر الأزمة المالية العالمية على أداء الأسواق المالية العربية: دراسة حالة سوق الدوحة للأوراق المالية للفترة 2007-2009, رسالة ماجستير غير منشورة, جامعة قاصدي مرياح, ورقلة, الجزائر, 2012.
(4) عبدالغني, حريري, أثر التحرر على اقتصاديات الدول العربية, رسالة ماجستير غيرمنشورة, جامعة حسيبة بن بو علي, الجزائر, 2007.
_ رسائل الدكتواره:
(1) رشيد، بوكساني، معوقات أسواق المال العربية وسبل تفعيلها، أطروحة دكتوراة غير منشورة، جامعة الجزائر، الجزائر، 2004.
(2) زيطاري,سامية, ديناميكية أسواق الأوراق المالية في البلدان الناشئة : حالة أسواق الأوراق المالية العربية, اطروحة دكتوراه غيرمنشورة, جامعة الجزائر, الجزائر,2004.
ثالثا: الندوات والمؤتمرات العلمية
(1) الزيادات,على, الخرابشة,فارس, أثر الأزمة المالية على الأسواق المالية العالمية: حالة تطبيقية على سوق الأوراق المالية الأردنية, دراسة منشورة, مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الاقتصادية والإدارية, المجلد الحادي والعشرون, العدد 1, يناير 2013.
(2) محمدعربي,خلف الله, دور سوق الخرطوم للأوراق المالية في النمو الاقتصادي, دراسة منشورة , مجلة جامعة بحث الرضا, السودان,2010.
(3) الشيخ, الداوي, ورقة علمية بعنوان الأزمة المالية وانعكاساتها وحلولها, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس, 2009,ص2.
((4 سهو محمد, نزهان, الأزمة المالية العالمية الراهنة: المفهوم والاسباب والتداعيات, مجلة الادارة والاقتصاد , العراق, العدد 83, 2010.
(5) كواش, خالد, كواش ,زهية, ورقة علمية بعنوان الازمة المالية (2008) وعلاقتها بالاقتصاد الافتراضي, الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, جامعة الجزائر, الجزائر , 2009.
(6)عباد,جمعة, ورقة بعنوان الأزمةالمالية الاقتصادية العالمية وأثارها الحالية والمتوقعة على الجهاز المصرفي الأردني, مؤثمر الأزمة المالية العالمية وكيفية علاجها من منظور النظام الاقتصادي الغربي والإسلامي, جامعة الجنان, طرابلس, لبنان, مارس,2009.
(7) هناء, عفيف, علية, ضياف, ورقة بعنوان معالم الاقتصاد الافتراضي سبب الأزمة المالية, , الملتقى العلمي الدولي الخامس حول الاقتصاد الافتراضي وانعكاساته على الاقتصاديات الدولية, الجزائر , بدون سنة نشر.
(8) موسى, عماد, ورقة بعنوان أثر الأزمة المالية العالمية على الدول العربية:قناة أسواق رأس المال, المؤتمر الدولي حول (القطاع الخاص في التنمية: تقييم واستشراف) المنعقد بالفترة من 23-25 مارس 2009, بيروت, الجمهورية اللبنانية.
(9) الكردوسي, عادل, ورقة بعنوان الأثار الاجتماعية للأزمة المالية العالمية,مجلة شؤون اجتماعية, العدد105,السنة27, 2010.
(10) الخزرجي, ثريا, الأزمة المالية العالمية الراهنة وأثرها على الاقتصاديات العربية: التحديات وسبل المواجهة , كلية الادارة والاقتصاد, جامعة بغداد, العراق.
(11) كورتل, فريد, الازمة المالية العالمية وأثرها على الاقتصاديات العربية, جامعة سكيكدة, الجزائر,2010.
رابعا : المواقع الالكترونية
(1) حداد، منير، مجلة إيلاف، الموقع الالكتروني: http://www.elaph.com تاريخ الزيارة: 09/11/2013م
(2) الموقع الالكتروني: http://www.altawasul.com تاريخ الزيارة: 01/04/2013م.
(3) خازين, ميخائيل, مقابلة تلفزنونية برنامج قراءاة بين السطور, روسيا اليوم, https://www.youtube.com/watch?v=G85g_SxW45g, تاريخ الزيارة للصفحة10-11-2013
(4) قطب, سيد, الفيلم الوثائقي الغرب والنفق المظلم, مؤسسة السحاب, https://www.youtube.com/watch?v=aRVMG1yrVhM, تاريخ الزيارة للموقع10-11-2013.
(5) http://www.borsaat.com/vb/t119448.html.
#حسن_عطا_الرضيع (هاشتاغ)
Hasan_Atta_Al_Radee#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟