أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البياتي - الموت يتجول














المزيد.....

الموت يتجول


جواد البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 4344 - 2014 / 1 / 24 - 01:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يعد غريبا او مفاجئا سماع اصوات الانفجارات او اخبارها ولم يعد يهمنا من استشهد او من سيستشهد، بل ربما يهمنا المكان ، فنبدأ بالسؤال عن فلان وبيت فلان ليس من باب الاطمئنان بل للتأكد من انهم كانوا خارج دائرة الموت او النار .. ولأن الامر اصبح طبيعيا جدا وعاديا جدا الى حد الاشباع، فقد اهمل الناس البحث عن مثل هذه الاخبار، فهي تاتي اينما نكون فالاخبار السيئة كما يقول شكسبير تصل سريعا ، بحيث اصبحت قابليتها على الانتشار اكبر من سرعة الصوت ، حتى ان معظم الناس الغى معرفة تفاصيل الزمان والمكان وراح يمر فقط على عدد الشهداء والجرحى ومن باب العلم بالشئ لاأكثر ولا اقل مع قناعته التامة بأن مايعلن لم يكن سوى ارقام رسمية فقط وليست الارقام الحقيقية .
ومن حسنات الثقافة الدينية وادبياتها الايمانية بالغيب ان جعل الانسان الشرقي يؤمن بالقسمة والنصيب ويحمل قدره معه اينما ذهب واينما حل كما يحمل جلده ، ومن طبيعيات الحياة الاجتماعية هذه الايام ان تجتمع الاسرة حول المائدة وتتحرك اياديهم بين الصحون وتتحرك كذلك الافواه بشكل ميكانيكي لا أرادي وبلامبالاة واعينهم مثبتة على ماتعرضه الاف القنوات الفضائية من كرنفالات القتل والدماء والتمثيل بالجثث وتخريب الحياة حيث الكاميرات تتجول بين البيوت المنهارة والكازينوهات المبعثرة المقاعد وجثث المصلين في بيوت الله وغيرها من المناظر البشعة التي معها تلفظ انسانيتنا انفاسها الاخيرة في الانتماء الى ركب الانسانية الحقيقية المكلل بالديباج والحلي والحلل ، وهذا يعني اننا غادرنا ابسط القيم والحدود الانسانية وما عدنا نشعر بقيمتها بعد ان فقدت قوافينا وعباراتنا في الشعر والنثر والنحو كل معانيها ، لقد خرجنا من دائرة الضوء الذي كذبنا وافترينا على العالم فيها لستة الاف سنة خلت بأننا قوم اصحاب تاريخ وحضارة واذا بنا قوم متخلفين لايهمنا من الحضارة سوى ماتعطينا وليس مانعطيها . خرجنا من هذه الدائرة المضيئة لأننا نعتقد بأننا اصحاب حقوق فقط وليس علينا واجبات في بناء التطور او دور في بناء الحضارة .. وليس جديدا ان يتجول الموت بيننا فيحصد مايحصد ويعّوق من يعّوق فلم نكن اول ضحايا السفاحين فقد عاشرنا الموت دهورا طويلة كنا فيها خرافا للجزارين في كل المواسم ، فقد نحروا منا اكثر من نحرهم الخراف في مواسم الحج والعمرة .
التاريخ لايرحمنا كعرب وكمسلمون او كعراقيون على وجه الخصوص ، وكأن قدرنا هو ان نكون مشاريع للذبح والدفن او اللادفن ، فما اكثر الاعداد التي ذبحت وقتلت وهجّرت وعذّبت وتقطعت اوصالها ، وما اكثر المساحات التي تزداد يوما بعد يوم من اجل ان تستوعب اجسادنا وكأن لعنة عصيان الرب في بداية الخليقة كانت على يد عراقي ....
لقد اصبحت الدروس والواجبات التي فرضت علينا كثيرة جدا ولا يحلو تاريخ العراقيون الاّ بوجود الرعب والسلاح والموت وها نحن ندفع اليوم ثمن ضعفنا التاريخي كأرض داستها ومرت فوقها كل الاقوام بين محتل ولص وعابر سبيل نحو مكان آخر . وخلّف ذلك الكثير من التأثير على حياتنا واولها اجادة صنعة الكذب الذي هو آفة السقوط لكل المجتمعات على مر التاريخ .
يقول احد قادة المهمات الامنية : سنحاول استعادة زمام المبادرة ولكننا نحتاج لبضع شهور لأستعادتها من جديد ثم الاجهاز على الارهاب في العراق . واليوم ومع اعلان وضع سقف زمني لأستعادة زمام المبادرة ، فهل كانت المبادرة بيد القطعات الامنية ؟ واذا كانت بيدها ، فكيف اختطفها منهم الارهابيين ؟ عموما .. هذا الكلام مخيفا لايمكن ان يصدر من مسؤول ، فقد استبدل عشرات المسؤولين الامنيين وكان لكلّ منهم خططه وتكتيكاته في وقف العنف وملاحقة الجريمة المنظمة والقضاء على الارهاب الاّ ان ذلك كله كان مجرد وهم ، حتى ان المشهد الامني اصبح كمشهد الرسوم المتحركة ضمن صراع المقالب المقالب بين القط توم والفأر جيري الذي يعكس لنا ضعف القوة وضخامة الجسم وطيبة القلب بمقابل ضآلة الجسم الذي يتمتع بالحكمة والذكاء وسعة الحيلة وهلامية الحركة . طابت اوقاتك ياعراق .



#جواد_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقلانية المواطنة
- استغلال طيبة البسطاء
- وطني الشمس


المزيد.....




- في دبي.. شيف فلسطيني يجمع الغرباء في منزله بتجربة عشاء حميمة ...
- وصفه سابقًا بـ-هتلر أمريكا-.. كيف تغير موقف المرشح الذي اختا ...
- كوبنهاغن تكافئ السياح من أصدقاء البيئة بالطعام والجولات المج ...
- بوتين خلف مقود سيارة لادا أثناء وصوله إلى افتتاح طريق سريع ب ...
- الدفاع الروسية تنشر مشاهد لقصف مواقع تابعة لقوات كييف باستخد ...
- إسرائيل.. شبان من الحريديم يعتدون على ضابطين كبيرين في الجيش ...
- ماذا تخبرنا مقاطع الفيديو عن إطلاق النار على ترامب؟
- إصابة 3 إسرائيليين في إطلاق نار في الضفة الغربية، والبحث جار ...
- مؤيدو ترامب يرون أن نجاته من الموت -معجزة إلهية-
- جو بايدن: أخطأتُ بالدعوة -لاستهداف- دونالد ترامب


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البياتي - الموت يتجول