عبدالحكيم سليمان وادي
الحوار المتمدن-العدد: 4343 - 2014 / 1 / 23 - 21:39
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
آليات تنفيذ قواعد حماية الأعيان المدنية الفلسطينية
من دراسة: المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة "العدوان الإسرائيلي على غزة 2008-2009- نموذجا
د.عبدالحكيم سليمان وادي
الحلقة 10
المبحث الثاني: آليات تنفيذ قواعد حماية الأعيان المدنية زمن النزاع المسلح.
إن الحروب كانت ولا تزال السمة البارزة التي تحكم العلاقات بين المجموعات البشرية،بما فيها الوحدات السياسية,حيث طبعت مختلف أشكال الصراع فصول التاريخ الإنساني منذ الأزل، مخلفة ورائها الويلات
والدمار والوحشية على بني البشر، حتى أضحت صفحات التاريخ ملطخة بالدماء والدمار كشاهد
على آثار هذه الحروب.
وعلية فإن تحقيق فعالية لقواعد القانون الدولي الإنساني لا بد وان يدعم باليات تسهر على تنفيذها وحسن تطبيقها في جميع الأوقات زمن السلم وزمن النزاع المسلح لتنسجم مع قواعد حماية الأعيان المدنية على ارض الواقع.ولتتوافق مع القوانين الوطنية الداخلية.
من هنا فقد سعي المجتمع الدولي إلي إقرار آليات قد تساعد في وضع هذه النصوص القانونية موضع التنفيذ في محاولة لتقليل الانتهاكات التي تتعرض لها بنود القانون الدولي الإنساني بشكل عام,وقواعد حماية الأعيان المدنية بشكل خاص.
وتنقسم هذه الآليات أو التدابير الواجب اتخاذها لحسن تنفيذ بنود الحماية هذه إلي نوغين: الآليات الداخلية لتنفيذ قواعد الحماية للأعيان المدنية زمن النزاع المسلح وسنتناول هذا الموضوع في المطلب الأول من المبحث الثاني في الفصل الأول.
وكذلك سنتناول النوع الثاني : الآليات الداخلية لتنفيذ قواعد الحماية للأعيان المدنية زمن النزاع المسلح ضمن المطلب الثاني من نفس المبحث.
المطلب الأول: الآليات الداخلية لتنفيذ قواعد الحماية للأعيان المدنية زمن النزاع المسلح.
تعتبر الآليات الداخلية عبارة عن مجموعة من التدابير التي يجب على الدولة اتخاذها من اجل الوقوف على حسن تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني عامة و قواعد حماية الأعيان المدنية خاصة زمن السلم والحرب معا.وبالنظر إلي كثرة الانتهاكات التي تتعرض لها هذه القواعد,فقد سعت الدول جاهدة إلي محاولة منها للتقليل من هذه الانتهاكات,والسهر على حسن تنفيذ هذه القواعد والمطالبة بضرورة توفير تدابير داخلية تنسجم مع القوانين الوطنية وبنود الحماية المقررة لهذه الأعيان.
ولعل من التدابير الداخلية هو دعوة الدول إلي الانضمام للاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني عامة وقواعد حماية الأعيان المدنية خاصة.وبهذه المناسبة ندعو الدولة الفلسطينية بسرعة الانضمام لهذه الاتفاقيات بعد أن أصبحت عضوا مراقب في الأمم المتحدة منذ سنة 2012.مع ضرورة انخراط المستوى الدبلوماسي الرسمي الفلسطيني وأيضا الدبلوماسية الفلسطينية متعددة المسارات في الدفاع عن هذه الاتفاقيات ومساعدة الطرفين معا في نشر القواعد الإنسانية الخاصة بهذه بالحماية.
وسنحاول تناول هذه المواضيع كلا على حدي على النحو التالي:
الفقرة الأولي: الانضمام للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأعيان المدنية زمن النزاع المسلح.
يعتبر الانضمام إلي كل اتفاقيات القانون الدولي الإنساني الخطوة الأولي التي يجب اتخاذها حتى يمكن للدولة أن تلزم بإحكامها وبالتالي العمل على البدء في تنفيذ الالتزامات المترتبة عليها.47
أن الانضمام للاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأعيان المدنية لا يتوقف على اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 والبرتوكوليين الإضافيين لسنة 1977,بل يتعداها إلي الاتفاقيات الخاصة المتعلقة بحماية أعيان محددة بعينها.
وللإشارة فإننا لم نتناول اتفاقيات لاهاي لسنة 1899 واتفاقية 1907 رغم أهميتهما بوصفهما أول محاولة لتقنين قواعد تسيير العمليات العدائية في موضوع منفرد,نظرا لان هذه الاتفاقيات قد ظهرت في حقبة تاريخية محددة تميزت بالنزاعات المسلحة المختلفة وبالحرب العادلة وكثرة الدول الاستعمارية وسياسة التوسع الجغرافي على حساب الدول الصغيرة.حيث أن هذه الاتفاقيات لم تحظ إلا باهتمام وموافقة ومصادقة بعض الدول التي سعت لوضعها وبالأخص الدول الأوروبية.
من هنا كان جل اهتمامنا في دراستنا المتواضعة التركيز على اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949,والبرتوكولين الإضافيين لسنة 1977التي تعد هي الأساس والجوهر في القانون الدولي الإنساني الحديث .حيث حظيت باهتمام جل دول العالم,مما يؤكد إنها اتفاقيات ذات صفة دولية عالمية واجبة التطبيق في اغلب أنحاء العالم وبالتحديد داخل دولة فلسطين التي أصبحت العضو المراقب في الجمعية العامة سنة 2012 حيث ما زالت تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلي الرافض تنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة المتعلقة بالتقسيم وبعودة اللاجئين وبفرض السيادة الفلسطينية برا وبحرا وجوا فوق إقليمها المحتل.
وللإشارة تتصف قواعد اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 بالطابع الآمر.وكذلك الطابع العرفي لقواعدها وهذا الطابع لا يتأتي فقط من إرادة ضمان تطبيق الاتفاقيات في جميع الأحوال,بل كذلك الشعور بالزاميتها في كل الأوقات زمن السلم والحرب.أي هي ملزمة لجميع الدول حتى وان لم تنضم إليها بما فيهم إسرائيل.فهي واجبة التطبيق بسبب شعور الدول بطابعها الإلزامي,وكذلك نظرا للأهمية التي تحظى بها لكونها توفر الحماية للإنسان في أصعب الظروف أثناء العدوان والنزاعات المسلحة والأعمال العدائية. 48
وبالعودة إلي الطابع الأمر الذي تتصف به اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1977 والبرتوكولين الإضافيين لسنة 1977.فان إي انتهاك لقواعدها يعد جريمة دولية يعاقب عليها القانون,فقد نصت الفقرة الأولي من المادة 19 من مشروع لجنة القانون الدولي بشان قواعد المسؤولية الدولية بقولها : ان كل دولة تخالف التزاما معتبرا بواسطة الجماعة الدولية في مجموعها كضرورة لحماية مصالحها الأساسية ترتكب جريمة دولية.49
وللإشارة فان دولة فلسطين ما زالت تفكر في الانضمام والمصادقة على اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949 التي ننصح بسرعة التوقيع والمصادقة عليها.بدلا من إضاعة الوقت في المفاوضات العبثية مع إسرائيل.وبالرغم من عدم انضمام دولة الاحتلال الإسرائيلي على هذه الاتفاقيات فان اغلب قيادتها العسكرية والأمنية والسياسية من المتورطين في سفك الدماء الفلسطينية وتدمير الأعيان المدنية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية,جميعهم ملاحقون من طرف منظمات حقوق الإنسان في الدول المصادقة على اتفاقية روما لسنة 1998 والسارية التنفيذ سنة 2002 وفق نظام المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحق كافة الأشخاص المتورطين شخصيا في ارتكاب جرائم الحرب ضد الفلسطينيين.وغالبا ما يهرب هؤلاء الأشخاص بالخفاء عند زيارتهم للدول الأوروبية الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية.
يتبع في الحلقة 11
الفقرة الثانية: مصادقة الدول بالانضمام للبرتوكولين الإضافيين لسنة 1977
د.عبدالحكيم سليمان وادي
رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية
http://rachelcenter.ps/index.php
#عبدالحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟