أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - لولا ( أمُّ الحبوكرِ ) لكُنَّا بخيرٍ، منْ زماااااان...














المزيد.....

لولا ( أمُّ الحبوكرِ ) لكُنَّا بخيرٍ، منْ زماااااان...


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 4343 - 2014 / 1 / 23 - 10:23
المحور: كتابات ساخرة
    


العبيد في الكون أنواع، اختلفت في أشكالها، واتفقت في جوهرها المبني على إلغاء الإرادة الإنسانية، وجعلها ملكا لمن استعبدها، سواء بفعل السيف، أم بمحض الإرادة، والأخير أحقر أنواع العبودية حين يعي الإنسان أنه قد تخلى عن شخصيته وكيانه وقراره لصالح طرف آخر، يملي عليه ما يفكر به هو، ويوجه فعله، خيرا أم شرا، كيفما يشاء، وكلما كثر عدد العبيد، كلما كان كبيرا حجم الطغيان؛ إذ لا طغاة على الأرض مالم يكن هناك من يحني القامات، ولغير من يعبد يجيد الركوع، يتفنن بهز الأكتاف والرقص في حضرة السلطان، يجيد رصف الحروف كي يجعل إماماً من الكافر، وشيخا صالحا من الزنديق، وكريماً حاتمياً ممن من لحم ثيرانهم يُطعم المساكين، أحقرالعبيد من يعير آذنه لسيد جائر بها يتنصت على أهله والجيران، مع أنه يردد في المسجد أن الله بسابع جار أوصى، وأن خير الناس من نفع الناس، ولعل شر ما يفعل المرء أن بكامل وعيه يمد المعصمين كي بقيده يطوقه الجلاد.
مشحوت عبد مطيع من عبيد والي بغداد المخلصين، والولاة في كل زمان يتبعهم جوارٍ وعبيد، إما مملوكون بصكوك بيع وشراء، أو طالبو لقمة من فتات السلاطين، ومنهم من يتلذذ ببيع نفسه طوعا طمعا فيما يراه جاهاً وهو سراب، ليس من مهمة ( لمشحوت ) سوى أن يسهر على راحة سيده، في الصحو والمنام، يعد له مائدة الطعام إذ يتفنن في تزيينها بما لذ وطاب، من الثمار والأرطاب، وعليها يرصف الكؤوس وما منه ينتشي الوالي من فاخر الشراب، وهذا يطربه نقر طبل، وهزُّ بطون الصبايا السبايا الراقصات، وإن أغدق بالعطاء وأدى الصدقات، وعلى جبينه الأسمرقد كوى ثلاث كياَّت.
الوالي يغط بنوم عميق بعد ليلة حمراء، خيوط الفجر خجلى تبسمت، يتصبب العرق من كل جسمه مشحوت وهو واقف قرب السرير بانتظار أن يصحو من نومه ويأمره بحاجة، يكاد ريقه يتيبس من شدة العطش، لم يسعفه لسانه في ترطيب بلعومه والشفتين، يقطع الغرفة جيئة وذهابا، بصوت خفيض يردد مع نفسه ( علوواه سيدي يطلب اميَّه، علوواه سيدي يطلب اميَّه ) تحرك سيده وأدار وجهه نحوه، يا ( مشحوت )، اجلب لي شربة ماء، لم يصدق ما سمع مشحوت، أطلق للريح ساقيه وأحضر زير الماء، اشرب يا هذا، لالا سيدي لا يجوز أن يعلو على سيده العبدُ، قلتُ لك اشرب وهذا مني أمر واجب وعليك التنفيذ، لم يصدق ما أخبرت به أذناه، شرب الزير كله من شدة عطشه، رفع بالدعاء كفَّيه للسيد الذي بعد عطش قاتل سقاه،
تعال، أيها العبد الكسول، لقد كاد أن بك يفتك العطش القاتل، والماء عنك بُعد بضع خطوات؛ فما الذي حال بينك وبين ما يبعث فيك الحياة؟ والله ياسيدي، بكل صراحة، كلما أحاول التحرك من مكاني تمنعني ( أم الحبوكر ) و ( أم الحبوكر ) تلك هاجس يحول بيني وما لي رغبة به، وإن كان لي فيه حياة؛ لكنني انتظرت أمرك الذي ما منه مناص، ومن هناك أقضي ما أريد.
استحضرت اليوم تلك القصة الطريفة التي لم أفقه وقتها أن المُحدِّثين بها في مجالسهم، ورغم بساطتهم كانت تورية فطرية؛بل وعياً سياسياً مبكراً لم تسمح بإظهاره طبيعة أنظمة الحكم آنذاك؛ وقد تبادر إلى ذهني أكثرمن سؤال ونحن نعيش حرب الدواعش للدواعش، وحرب الدواعش أجمع لشعب على أمره مغلوب، مسكين، بين مطرقة الإرهاب المتوحش الخالي من أية ذرة من الشرف الإنساني، يسفك الدماء، بيوت الناس يهدم، وبيوت الدين؛ باسم الدين، وبين سندان سلطة فاسدة، ومن يسندها من الأحزاب، وميليشياتها، والنواب، كذلك باسم الدين؛ وملايين العبيد، أخوة ( مشحوت ) عطاشى للحرية يلهثون، يلهثون؛ وخطوة واحدة نحوها لا يستقدمون؛ لأن ( أم الحبوكر ) تمنعهم، وهي لهم واقفة بالمرصاد.



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجمع المدني الديمقراطي ضرورة حتمية
- عادتْ ليلى... شِعر
- ليلةُ حُبٍّ فيسبُكِّيَّة... قِصَّةٌ قصيرةٌ
- هل يعودُ السنونو؟ نص شعري
- في رحابِ الإمام عليٍّ، عليهِ السلامُ
- قَسَمٌ ... نص شعري
- قَسَمٌ
- لقاءٌ على رصيفٍ رطبٍ
- نداء، نداء استنهاض الهِمم لأهلنا في الداخل العراقي
- امرأةٌ مِن ماءٍ وطين
- أضغاث أحلام
- موجز سيرة حياة المناضل، طيب الذكر، نعمة فضل عبد الزهيري
- يا محلا النصر بعون الله، هه هه ها
- لو.. لو .. لو..؛ لمناسبة يوم الشهيد الشيوعي
- شباطُ الأسودُ، نصفُ قرنٍ، ذكرياتُ الزمنِ المُرّ
- الأخرَسُ لَنْ يَخرَس.. لمناسبة مرورِ عامٍ على اغتيال الشهيد ...
- الصِّياغةُ اللُغَويِّةُ للخِطابِ قد تُشعِلُ حرباً، وقد تُخمِ ...
- خيطُ الدِما من بغدادَ إلى الشامِ... قصة قصيرة
- أوَّل شِيخته شَرَّم تراجيها
- عَزفٌ مُنفرِدٌ على الناي.. قصَّة قصيرة


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - مديح الصادق - لولا ( أمُّ الحبوكرِ ) لكُنَّا بخيرٍ، منْ زماااااان...