|
الحيرة كانت من اقوى الاسباب (16)
خسرو حميد عثمان
كاتب
(Khasrow Hamid Othman)
الحوار المتمدن-العدد: 4342 - 2014 / 1 / 22 - 22:27
المحور:
الادب والفن
استمراراً لكرونولوجيا صعود (حسين أحمد الرضي) في الحزب الشيوعي العراقي. بهدف إعطاء صورة أوضح لما (أنجزه) حسين أحمد الرضي في البصرة خلال الأشهر الأخيرة لعام 1953 وتَكْلِفَةْ هذا (الإنجاز)، نشير إنتباه القارئ الى ما كتبه جاسم المطير، في مناسبتين مختلفتين، حول اضرابات العمال في البصرة، نتائجها ومكاسبها ودور حسين الرضي فيها. يبدوا من ما كتبه جاسم المطير بأن حسين الرضي كان يتصرف بدون أن يرجع الى قيادة الحزب في بغداد أو حتى التنسيق معها عند خلقه حالة من الضغط الشعبي، لدعم إضراب عمالي محلي، الذي خلق توتراً لم يكن يتناسب مع حجم المشكلة لدرجة عبرت الحدود الدولية و وصلت الى الدول المنتجة للنفط التي تحيط بجنوب العراق من جانب، ورغم هذه المهمة الخطيرة كان حضوره و تحركاته أشبه بالعلنية، كما يبدو من ما كتبه جاسم المطير، من جانب أخر. وفي تقديري لم ينتفع من هذه (الإنجازات) غير الجناح المتشدد في التشكيلة الحكومية المتمثل بالوزير سعيد قزاز الذي كان، كما يبدو، يتحين الفرصة لاعداد المسرح العراقي لأمرار إتفاقية حلف بغداد عن طريق القمع على جرعات، بالاضافة الى إبعاد شركة النفط من خط المواجهة كليا، أما على الجانب الأخر فكان الإنجاز ضروروياً، أيضاً، لرفع شأن حسين الرضي في الحزب الشيوعي على المستوى المحلي والوطني والدولي مما أهلته ( هذه الانجازات) للدخول الى اللجنة المركزية وللسفر الى لندن وإقامة علاقات متعددة الجوانب أثناء حضوره، ممثلاً عن الحزب الشيوعي العراقي، في مؤتمر لندن للأحزاب الشيوعية لدول الكومنويلث عام 1954، رغم تلقي تنظيمات الحزب الشيوعي و مختلف الشرائح الإجتماعية في البصرة ضربات موجعة وغُلقت جرائدهم، وفُرِضَتْ عليهم الحكم العرفي من دون أن يتحقق للعمال المضربين أبسط مطالبهم، هكذا تحولت الإخفاقات ومأسي الأخرين الى إنجازات كبيرة سُجلت في السجل النضالي ل( حسين الرضي) بتأثيرالبرباغاندا! أولاً- مقاطع من مقال جاسم المطير: منهج تضييع الحقائق التاريخية / مسلسل آخر الملوك نموذجا -4- تعـلـّموا الحرية من مجتمع الفقراء ونضالهم وليس من قصور الملوك:- ((كنت قريبا جدا من بعض قادة الحركة العمالية في الموانئ وفي شركة نفط البصرة بحكم عملي الصحفي في جريدة الناس البصرية من جهة ، وبحكم وجودي عضوا في القيادة الطلابية بالبصرة . بدأ تحرك عمال الموانئ وعمال النفط بوقت واحد تحت قيادة العمال الشيوعيين ( أكثرية 90% ) بالتعاون مع العمال من أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي ( أقلية 10% ) . كان النقاش يجري هل يتم إضراب عمال الموانئ أولا أم عمال النفط أولا ..؟ هل يتم إعلان الإضرابين في وقت واحد ..؟ أراء متعددة حسمها حسين احمد الرضي ( سلام عادل ) الموجود في البصرة على رأس التنظيم الشيوعي فيها وقد كنت مكلفا في الترويج الإعلامي للإضراب والمضربين . صار القرار إعلان الإضراب في الموانئ أولا . لكن صار نقاش طويل وعميق أيضا بين القيادات العمالية لإعلان الإضراب في كل مؤسسات الموانئ دفعة واحدة لكن حسين الرضي كان رأيه مختلفا تماما من حيث التكتيك الاضرابي . كان رأيه إعلان الإضراب في (أهم) حلقات الموانئ لكن (أضعفها) من حيث العدد العمالي ، كي لا تكون خسائر القمع البوليسي المحتمل كبيرة وواسعة ، خاصة وانه كان من المحتمل أيضا أن لا يكون هناك موقف مغاير لدى الجهات القمعية البوليسية إزاء الشعب رغم وجود ملك جديد على عرش العراق . كان هذا النوع من الاختيار يكشف عن فهم عميق للسلطة البوليسية وامتحانا عسيرا لزمان الملك الجديد إزاء مصالح أجنبية في العراق وإزاء مطالب شعبية عراقية . تمّ اختيار نقطة الإضراب في ميناء الفاو الصغير من قبل حسين الرضي لعدة أسباب ، سمعتها منه مباشرة في وقت لاحق ، كلها تتعلق بالموقف القمعي البوليسي المحتمل ، الذي لا يتوقع تغيره بوجود الملك فيصل على العرش حديثا ، خاصة بعد أن هدد الإيرانيون عرش محمد رضا بهلوي في زمان الدكتور محمد مصدق . .......... ............ بدأ الإضراب بإعلان من قبل عمال اللاسلكي في مدينة الفاو يوم 15 تشرين الثاني 1953 وفق خطة حسين الرضي ، الشاب المتزوج حديثا ، مطالبين بالمخصصات الليلية وزيادة علاوة الاشتغال في العمل الإضافي بنسبة تتراوح 5- 10 دنانير وقد قدم وفد من عمال اللاسلكي مطالبهم إلى (المستر كلت) وكيل مدير الموانئ العام (انظر جريدة الثغر البصرية 17 تشرين الثاني 1953) وقد نجح الإضراب منذ بدايته حيث نال تأييدا جماهيريا واسعا في البصرة وبغداد إذ وردت برقيات التأييد للمضربين من كثير من النقابات العمالية في بغداد ( عمال معمل سيكاير) . كما نال الإضراب في يومه السادس تأييد ومشاركة جميع (عمال اللاسلكي) في الفاو والسيبة والمعقل . غير أن السلطات المحلية في المعقل والسلطات البوليسية السرية في البصرة (الشعبة الخاصة) بدفع من وزير الداخلية امتنعوا عن الاستجابة لمطالب المضربين والاتجاه نحو كسر الإضراب وقد أدى إلى نيل تأييد بعض عمال الموانئ الكويتية والإيرانية والسعودية ، التي سارعت بإرسال برقيات تأييد مما شجع عمال الحفارات في الفاو يوم 20 – 11 – 1953 على إعلان الإضراب تأييدا لرفاقهم عمال اللاسلكي وتوقفت الحفارات كليا عن العمل مما أدى إلى توقف حركة دخول وخروج البواخر من والى شط العرب (انظر جريدة الدستور البصرية يوم 23 تشرين الثاني 1953).
تصادف الإضراب العمالي مع الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة تشرين 1952 إذ اضرب بالمناسبة نفسها طلاب ثانوية البصرة وخرجوا بتظاهرة تأييد لعمال الموانئ المضربين . نفس الحال جرى في كليات بغداد ومدارسها وقد نجح الضغط العمالي – الطلابي في أنحاء مختلفة من العراق على نجاح عمال اللاسلكي بنيل جميع مطالبهم يوم 1 – 12 – 1953 (انظر جريدتي الثغر والدستور يوم 7 كانون الاول 1953)..........
كانت خطة الإضراب قد أحدثت هزة كبرى في الشارع العراقي كله ........ . كما كان لقيادة الإضراب بكفاءة عالية من قبل حسين احمد الرضي دور كبير في تحفيز عمال شركة نفط البصرة الاحتكارية على تقديم عرائض المطالبة بتلبية حقوقهم المغدورة غير أن الشركة البريطانية ، مدعومة من قبل السلطات المحلية العراقية في البصرة والسلطة المركزية في بغداد ، رفضت الاستجابة للمطالب العادلة ، مما دعا القيادة العمالية في شركة نفط البصرة إلى عقد الاجتماعات المتتالية لإعلان الإضراب أيضا . نوقشت قضية البدء في نقطة انطلاق الإضراب هل تبدأ من (قلب) الشركة في قسم المكينة في منطقة الجبيلة أم تبدأ من (شرايينها) الإنتاجية في حقول نفط الزبير ..؟ كان الجواب الذكي واضحا من نفس العنصر القيادي حسين احمد الرضي بتحديد زمان ومكان الإضراب من (العصب الشرياني) النفطي في الرميلة - الزبير .
تم الاستعداد لإعلان الإضراب بتشكيل 3 لجان :
(1) لجنة قيادة الإضراب .
(2) لجنة المفاوضة من العمال هاشم طعمة وشاكر علوان القيسي وطه ياسين وحسن المظفر يشاركهم فيها المحامي سالم الوجيه المتطوع للدفاع عن حقوق العمال .
(3) لجنة الدعاية والإعلام وقد تم اختياري عضوا فيها لكتابة التقارير الصحفية وضمان نشرها في الصحف البصرية والبغدادية . منذ هذا الموقع فأنا اعرف اغلب تفاصيل الإضراب .
من هنا فأنا على معرفة دقيقة وكاملة بأشياء كثيرة عن ما يتعلق بالإضراب وتفاصيله ومعرفتي الشخصية بغالبية قادته...............
في 4 كانون الأول أعلن عمال شركة نفط البصرة إضرابهم عن العمل في حقول نفط الزبير احتجاجا على عدم استجابة الشركة لمطالبهم التي تقدموا بها ، التي تضمنت حق تأسيس نقابة خاصة بهم وزيادة أجورهم وتحسين ظروف معيشتهم ، حتى بلغ عدد المطالب 14 مطلبا بعد يومين أو ثلاثة أعلنت الشركة موافقتها على تلبية المطالب الثانوية فقط خاصة ما يتعلق بتخفيض أسعار وجبات الطعام في مطاعمها ..! لكنها رفضت تلبية 12 مطلبا أساسيا فتوسع الإضراب ، شاملا كل حقول النفط في منطقة الرميلة وميناء الفاو لتصدير النفط وفي الإدارة بمنطقة الجبيلة أي في (شرايين) الشركة وفي (قلبها) وقد تظاهر العمال المضربون في مسيرة سلمية من منطقة الجبيلة إلى منطقة العشار أمام مبنى المتصرفية المحافظة وقد جرى تفريقها من قبل قوات الشرطة . في نفس الوقت قام العمال بمظاهرة سلمية في حقول الزبير أيضا ، احتجاجا على عدم الاستجابة لمطالبهم ، واحتجاجا على اعتقال بعض العمال المتظاهرين في الجبيلة ، فما كان من الشركة وشرطتها إلا التصدي للعمال بإطلاق النار عليهم مما أدى إلى جرح ستة عمال توفي احدهم متأثرا بجراحه (انظر جريدة لواء الاستقلال البغدادية في 17 كانون الأول 1953) وكان المستر موني معاون مدير الحقول النفطية في الزبير قد أطلق الرصاص من بندقية صيد على بعض العمال فقتل واحدا منهم هو العامل جاسم محمد حسن وقد دافع المتصرف(المحافظ) عن هذا الإجراء إذ صدر التحقيق القضائي مشيرا أن القتل لم يكن متعمدا بل بالمصادفة فأوقف المستر موني بضعة أيام ثم جرى تسفيره إلى لندن مما دعا فرعا حزبي الاستقلال والوطني الديمقراطي في البصرة إلى كتابة البيانات الاحتجاجية الصارخة في جريدتيهما بالبصرة . كذلك فعلت الجريدتان المركزيتان لهذين الحزبين في بغداد وقد استمر العمال في إضرابهم بتأييد مباشر من الطلاب الذين أعلنوا إضراباتهم في البصرة والعشار وأبي الخصيب والقرنة .
كان صدى الإضراب كبيرا جدا في إيران حيث اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات بوليسية واسعة في جميع الحقول والمؤسسات النفطية . نفس الشيء فعلته السلطات السعودية والكويتية في منشأتهم النفطية ، خاصة بعد انتقال صدى الإضراب إلى الصحافة العالمية في باريس ولندن خشية اتساع فعالية المضربين وتحولها إلى مطالبة شعبية عراقية لتأميم النفط . لذلك اهتمت حكومة بغداد بهذا الأمر فأوفدت ، أولا ، وزير العمل والشئون الاجتماعية حسن عبد الرحمن لمعالجة الموقف وإنهاء الإضراب ثم وصل بعده وزير الداخلية سعيد قزاز . اختلف الوزيران في الموقف بين مطالب عمال عراقيين ومصالح شركة احتكارية أجنبية . كان الوزير حسن عبد الرحمن مع تلبية اغلب المطالب العمالية (10) مطالب ودراسة بقية المطالب لاحقا ، بينما كان موقف سعيد قزاز مصرا على عدم الاستجابة لمطالب العمال وقمع إضرابهم بالقوة البوليسية الفورية . على أثر هذا الموقف المتشدد للوزير قزاز انسحب الوزير حسن عبد الرحمن عائدا إلى بغداد بينما أصر سعيد قزاز على رئيس الوزراء محمد فاضل الجمالي بضرورة إعلان الأحكام العرفية في لواء (محافظة) البصرة وقمع الإضراب ، ومحاكمة المضربين ، وزجهم بالسجون ، خاصة بعد أن أضربت مدارس وأسواق ودوائر الدولة كافة تضامنا مع عمال النفط . بالفعل كان لسعيد قزاز ما أراد فأعلنت الأحكام العرفية بالبصرة وحوكم المضربون وزجوا في السجون كما اتخذ مجلس الوزراء قرارا بإحالة كل من جريدة (لواء الاستقلال) الناطقة بلسان حزب الاستقلال وجريدة ( صوت الأهالي ) الناطقة بلسان الحزب الوطني الديمقراطي إلى المحكمة العرفية .)) http://www.akhbaar.org/home/2010/09/97557.html?-print- ثانيا- مقال جاسم المطير في الحوار المتمدن: http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=272205&r=0 (يتبع)
#خسرو_حميد_عثمان (هاشتاغ)
Khasrow_Hamid_Othman#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاهد من عاصمة الواحات العربية (1)
-
الحيرة كانت من أقوى الأسباب (15)
-
الحيرة كانت من أقوى الاسباب ( 14)
-
الحيرة كانت من اقوى الاسباب (13)
-
الحيرة كانت من أعظم الاسباب ( 12)
-
الحيرة كانت من أقوى الاسباب (11)
-
الحيرة كانت من أقوى الاسباب ( 10)
-
الحيرة كانت من أقوى الاسباب ( 9)
-
كانت الحيرة من اقوى الاسباب (8)
-
الحيرة كانت من أقوى الأسباب ( 7 )
-
الحيرة كانت من أقوى الاسباب (6)
-
الحيرة كانت من أقوى الاسباب (5)
-
الحيرة كانت من أقوى الأسباب ( 4 )
-
الحيرة كانت من أقوى الأسباب (3)
-
الحيرة كانت من أقوى الاسباب (2)
-
الحيرة كانت أقوى الاسباب (1)
-
هل يقع مسعود البارزانى فى الفخ؟
-
بعد قراءة متأنية لأخر أقوال مسعود البارزانى
-
حكاية تصفية أول برميل نفط فى كوردستان (1)
-
أنا و زوجتى وأمى فى المشمش (3)
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|