|
جنيف (2) : محطة لإدارة الصراع مع القوى المتآمرة على سوريا
عليان عليان
الحوار المتمدن-العدد: 4342 - 2014 / 1 / 22 - 19:01
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
جنيف (2) : محطة لإدارة الصراع مع القوى المتآمرة على سوريا
عقدت اليوم الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف (2) الذي تم التوافق عليه بين الراعيين الروسي والأمريكي في الثامن من مايو من العام الماضي ، في ظروف جديدة تملي وبالضرورة ( أولاً) إعادة النظر في قضية خلافية وردت في جنيف (1) 2012 وفقاً لمتغيرات عسكرية وسياسية عديدة ، على امتداد الفترة الفاصلة من حزيران 2012 وحتى كانون ثاني 2014 ، وتملي (ثانياً ) إعادة النظر في جدول أعمال وأولويات المؤتمر بحيث تكون الأولوية الرئيسية مجابهة الارهابيين في سوريا وفي عموم المنطقة. القضية الخلافية على امتداد الفترة السابقة ، والتي ظهرت جلية في خطاب وزير الخارجية السوري وليد المعلم في المؤتمر ، وفي كلمة الجربا ، تمثلت ولا تزال تتمثل في الموقف من تشكيل حكومة انتقالية من طرفي الصراع بصلاحيات كاملة والتي وردت في جنيف (1) ، وهذه الحكومة من وجهة نظر دمشق ، أصبحت وراء ظهر سوريا العروبة ونظامها الوطني ، في سياق أولويات يحددها الشعب السوري وليس مجاميع المرتزقة الممولة ومدعومة من قبل دول الامبريالية الغربية وأدواتها الخليجية التابعة وبيدقها الإقليمي تركيا. مجاميع مرتزقة ما يسمى بالجيش الحر ، وبناها الفوقية العميلة في ما يسمى بالائتلاف ، رفعت عقيرة مطالبها في باريس عشية انعقاد المؤتمر ، فراحت تتحدث عن حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات ، وبسلطات على الجيش والأمن ، وتزعق برحيل النظام القومي في سوريا ، وتشترط تلبية هذه المطالب للمشاركة في مؤتمر جنيف (2) حيث لقيت نوعاً من التطمينات والضمانات الشكلية من قبل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ، التي راحت تطمئن هذه الأدوات بأن لا مستقبل للرئيس الأسد في الحقبة القادمة. لقد غاب عن عقل ومخيلة هؤلاء العملاء وعرابيهم ، أن ميزان القوى على الأرض هو الذي يقرر نتائج أية مفاوضات ، وهو الذي يقرر جدول الأعمال ، وغاب عن عقلهم المهزوم أن مياه كثيرة جرت على مدار الأربعة شهراً الماضية ، وأن متغيرات عسكرية وسياسية كبيرة قلبت الطاولة على جنيف 1 واستحقاقاته ، وأن الرئيس الأسد والنظام العروبي في سوريا هو الرقم الصعب في معادلة موازين القوى والإرادات في المنطقة. فعلى صعيد المتغيرات العسكرية تدرك مجاميع المرتزقة في الائتلاف ومشغلوها ما يلي : أولاً: تغير المعادلة العسكرية في سوريا ، بشكل متسارع لصالح الجيش العربي السوري وحلفائه ، وانتقال هذا الجيش منذ معركة القصير الاستراتيجية في مايو/ أيار الماضي من العام الماضي ، من حالة الدفاع والصمود إلى حالة الهجوم في سلسلة انتصارات تكتيكية ، يحرر من خلالها العشرات من البلدات والقرى في الغوطتين الشرقية والغربية ، وفي ريفي درعا وحمص والبلدات المحيطة بشرقي حلب وجنوبها ، ناهيك عن معارك الحسم في سلسلة جبال القلمون ضد عصابات آل سعود ، وصولاً إلى الهزائم التي يلحقها بالجماعات التكفيرية في منطقة دير الزور توطئة لدحرها من منطقة آبار النفط في شرق سوريا. ثانياً : تراجع ما يسمى بالجيش الحر إلى حد التلاشي ، في مواجهة العصابات التكفيرية وبخاصة " جبهة النصرة وداعش " وفي مواجهة ما تسمى " بالجبهة الاسلامية " التي ألحقت به هزائم متتالية ، والاقتتال المستمر بين مختلف هذه العصابات ، التي لم تصمد في أي معركة في مواجهة الجيش العربي السوري. ثالثا : دخول السعودية بشكل كبير على خط تحطيم ما يسمى بالجيش الحر الذي دعمته سابقا ، وتشكيل بديل إسلاموي إرهابي له حمل مسمى ( الجبهة الإسلامية ) من عدة مجموعات تكفيرية ، وذلك عقاباً لقيادته السياسية والعسكرية ( أحمد الجربا وسليم إدريس ) التي وافقت عملياً على المشاركة في جنيف "2" نزولاً عند إملاءات الإدارة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا ، ذلك المؤتمر الذي كانت ترفضه السعودية من منظور إصرارها البائس على إسقاط النظام في سوريا.
رابعاً : التنسيق ما بين الجبهة الإسلامية وجبهة النصرة ، بترتيب استخباراتي سعودي ، الذي يعني فيما يعنيه أن السعودية دخلت على خط التنسيق مع تنظيم القاعدة لإفشال جنيف "2" ، حيث تؤكد الأنباء الواردة من سوريا أن هنالك غرفة عمليات مشتركة ما بين الطرفين ، ولم يحدث صدام بينهما كتلك التي حدثت بين مختلف تلك الفصائل في شمال وشرق سوريا. وعلى صعيد المتغيرات السياسية يمكن الإشارة إلى ما يلي : أولاً: تنامي الدور الروسي بشأن التعامل مع الأزمة السورية ، في إطار تنسيق مشترك مع ايران وسوريا ، يعطي الأولوية لسيادة سوريا ، ولمكافحة الإرهاب وأن الحل في سوريا يتم فقط من خلال صندوق الاقتراع ، يقابل ذلك تراجع الدور الأمريكي وأدواته العميلة جراء هزائمهم في الميدان أمام الجيش العربي السوري . ناهيك أن أجهزة الاستخبارات الغربية باتت تخشى من تنامي حضور تنظيمات القاعدة في سوريا مستقبلاً على أمن بلدانها ، وقامت بإرسال مندوبين عن هذه الأجهزة لسوريا للتنسيق المعلوماتي بشأنها وبشأن مواجهتها .
ثانياً: تراجع الدورين القطري والتركي في الأزمة السورية ، فقطر باتت في حالة من الارتباك فأحيانا تحاول الالتحاق بالدور السعودي في دعمه لما يسمى " بالجبهة الإسلامية" وأحياناً تبحث عن سبل لإعادة العلاقة مع النظام السوري ، وتسعى لتوسيط حزب الله بهذا الشأن ، وتركيا أسقط في يدها بعد انفلاش جيشها الحر المزعوم وباتت السياسة التركية تعيش حالة من التخبط السياسي وتستجدي إيران وروسيا لإعادة الاعتبار لها ثالثا: وفي مقابل انحسار دور القوى الاقليمية والدولية الداعمة للعصابات المسلحة التي تقاتل النظام في سوريا – باستثناء السعودية - نرى تماسكاً في الحضور التحالفي لسوريا عسكرياً وسياسياً ، فالأسلحة الروسية لا تزال تتدفق على سوريا وحزب الله يقاتل بشكل رمزي إلى جانب النظام بصلابة ، في منطقتي حمص والغوطة ، وإيران لم تبخل على سوريا بشيء لا سياسياً ولا عسكرياً ، ولا يغير من واقع الصورة والنتائج عدم دعوتها للمشاركة في المؤتمر. باختصار شديد أن مؤتمر جنيف (2) يجب أن يعكس في نتائجه موازين القوى على الأرض ، التي هي في ضوء ما تقدم تميل لصالح سوريا العروبة ، ما يعني أن التوجيه الاستراتيجي الذي سلح به الرئيس الأسد الوفد المفاوض ممثلاً بالارتقاء إلى مستوى التفويض الشعبي بآلامه وآلامه بالمحافظة على سيادة سوريا وعدم التنازل عن ثوابت سوريا الوطنية ، ومنع ورفض أي تدخل خارجي ، هذا التوجيه هو الذي يجب أن يعكس نفسه ، في مخرجات المؤتمر الذي قد يستغرق شهوراً بل سنوات ، وأن أية حكومة وطنية تشكل ستمثل فيها فقط أطراف من المعارضة الوطنية الداخلية وهي التي ستشرف على الانتخابات . وباختصار شديد أيضاً فإن طروحات مجاميع المرتزقة والعملاء بشأن الحكومة الانتقالية لا تعدو كونها – وعلى حد تعبير الرئيس الدكتور بشار الأسد - نكتة ونكتة سمجة ،إذ كيف يمكن السماح لأدوات الغرب والسعودية أن تكون جزءاً من حكومة سوريا الوطنية ، خاصةً وأن بعض هذه الأطراف التي ستتواجد في جنيف – وكما أشار الرئيس الأسد لم تكن موجودة بل وجدت خلال الأزمة من خلال أجهزة الاستخبارات الأجنبية سواءً في قطر أو السعودية أو في فرنسا أو في الولايات المتحدة أو تركيا . لقد غاب عن عقل الجربا والأخوان المسلمين وغيرهم ، وعن عقل مشغليهم في واشنطن ولندن وباريس والرياض والدوحة ، أن ما لا يستطيعوا تحقيقه سياسياً في ميدان المعركة ، لا ولن يتمكنوا من تحقيقه في ميادين المؤتمرات والمفاوضات وأن ما يطرحونه بشأن حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات هو درب من أحلام اليقظة وركض وراء سراب الصحراء ، وحلم ليلة صيف لا علاقة له بمعطيات موازين القوى على الأرض.
#عليان_عليان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العرب المسيحيون في مواجهة الإرهاب التكفيري
-
بعد فشل مشروعها التآمري على سوريا.. السعودية تلقي بثقلها في
...
-
سيناريوهات جنيف -2- السوري في ضوء المتغيرات السياسية والعسكر
...
-
كيري وأولوية الجانب الأمني (لإسرائيل) في خطته المنحازة لها
-
الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة (5 +1 ) إنجاز استراتيجي لإي
...
-
في مواجهة المبررات المتهافتة للاستمرار في المفاوضات
-
في ذكرى وعد بلفور : نحو إستراتيجية تحدد بوضوح معسكر الأعداء
-
حذار من النهج النيوليبرالي ومن أدوات العولمة القاتلة
-
إرهاصات ثورة اجتماعية وسياسية في السودان
-
الرابحون والخاسرون من الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن الكيماوي
...
-
بوتين أذل أوباما في قمة العشرين حيال الأزمة السورية
-
تماسك القيادة السورية يربك الادارة الأمريكية
-
العدوان الامبريالي الرجعي المرتقب على سوريا سيفشل في تحقيق أ
...
-
ثورة 23 يوليو المجيدة : ثورتان في ثورة واحدة
-
كفى رهاناً على جون كيري وعلى خيار المفاوضات البائس
-
حملة مكارثية ظالمة ضد الفلسطينيين المقيمين في مصر
-
اغتيال القائد الميداني رائد جندية استحقاق لتحالف حماس مع قطر
-
في مواجهة الإجراءات التهويدية للنقب
-
مرسي يتسول ود أمريكا بقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق
-
انكفاء مصر في عهد مبارك والأخوان سهل مهمة (إسرائيل) في حوض ا
...
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|