أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - موعدنا في كاتدرائية المسجد














المزيد.....

موعدنا في كاتدرائية المسجد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4341 - 2014 / 1 / 21 - 10:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



’عزيزتي، بالأمس، حلمتُ بكِ. في هذا الشتاء الكَنَديّ القارس، رأيتُني معكِ، نُصلّي صلاتنا، وجوارنا مسيحيون يُصلّون صلاتهم. فقلت لكِ هذه القدس، حيث يجاور الأقصى القيامة؟ فقلتِ لي: «هذا هو الجمالُ والتحضّر! تُرى، أيكونُ موعدنا القادم في القدس؟‘

وصلتني الرسالةُ السابقة من صديقتي البحرينية الكاتبة «شيماء البلّوشي» المهاجرة إلى كندا. التقينا على الورق منذ دهرٍ، ولم نلتق وجها لوجه إلا قبل أعوام في كندا. فوجدتُ طفلةً تحبُّ العالمَ والبشر كما يحبُّ الأطفالُ كلَّ ما حولهم ومَن حولهم دون حسابات أو شروط أو تراكُم معرفيّ يُفسدُ براءةَ الانصهار في الآخر. طفلة مثقفة عليك أن تبذل الجهد حتى تميّز بينها وبين طفلتها الجميلة «هبة».

أحببتُ حُلمَها الذي كنتُ بطلتَه. أحببته؛ فآثرتُ أن أرد عليه لا في رسالة، كما وصلني، ولا عبر حلمٍ عكسي أحلمه وأجعلها بطلتَه، بل عبر شرفتي هنا في «نصف الدنيا»، ليكون حلمُها الجميل هديتي لقرّائي.

لن أحدّثها عن المسجد الأقصى الذي يفصله عن كنيسة القيامة عدة أمتار، ولا عن الحارات الأربع التي تعمُرُ القدس: حارة الأرمن، حارة النصارى، حارة اليهود، وحارة المسلمين، ولا سأحكي عن مسجد «عمر بن الخطاب» الذي يواجه الكنيسة ولا يفصله عن قبر السيد المسيح عليه السلام سوى خطوات معدودات، ولن أخبرها عن «طريق الآلام» الذي قطعه السيدُ المسيح حاملًا صليبَه، ولابد أن يمشيه كلُّ مسلم قبل أن يصل إلى المسجد ليصلي صلاته. ولن أتكلم عن مفتاح الكنيسة الذي لا تحمله أيٌّ من الطوائف المسيحية الكثيرة، بل استودعه المسيحيون أمانةً لدى عائلة مَقدسية مسلمة تتوارثه جيلاً بعد جيل، إنما سأحكي لها عن كنيسة ومسجد في بناية واحدة! شاهدتُ فيها المحرابَ لصقَ المذبحَ، والآياتِ القرآنيةَ تحتضنُ جسدَ السيد المسيح والسيدة العذراء وتماثيل القديسين.

كاتدرائيةُ المسجد CatedralMezquitaفي قرطبة بأسبانيا. كانت في الأصل معبدًا وثنيًّا، تحوّل إلى كنيسة في زمن القوط الغربيين بالقرن الثالث، وخلال الحكم الأمويّ بالأندلس، تحولت الكنيسةُ إلى مسجد، ومع حروب الاسترداد وخروج المسلمين من الأندلس، أعادوا المسجدَ كنيسةً كاثوليكية. لكن الإسبان متحضّرون، من حسن الحظ، فاحتفظوا بكامل ما بداخلها من رموز وإشارات إسلامية مثل المحراب والآيات القرآنية تزيّن جدرانها، لهذا مكتوب على تذكرة الدخول: «لا تنسَ أنك في كنيسة»، لكيلا يختلط الأمرُ على الزوار فيظنون الكنيسةَ مسجدًا.

كتبتُ في بيت الله المزدوج ذاك قصيدة «قرطبة»:

[حين نُسلِّمَ الأرضَ إلي الله/ سيكون علينا أن نُعيدَ الكونَ سيرتَه الأولى:/ نزرعُ الغاباتِ التي أحرقناها/ وننفخُ من أرواحِنا/ في الهياكل العظميّة/ التي وأدنا الروحَ فيها،/ نُعيدُ للطير أمانَه/ وزقزقتَه/ تلك التي تعلّمَ أن يُسكتَها/ كلمّا مررنا/ -نحن البشر-/ جوارَ شجرة،/ نُعيدُ الصحراءَ/ صحراءَ/ والمروجَ فراديسَ/ ثم نلصقُ التفاحةَ المأكولةَ/ في شجرة الخطيئة الأولى/ كي يحبَّنا الله،/ ندرّبُ أنفسَنا/ أن نسيرَ فوق الرمال/ دون أن تدهسَ أقدامُنا الطولى/ أسرابَ النمل الطيبة،/ سيكونُ علينا/ أن نفكِّكَ نهرَ قرطبةَ/ ثم نعيدُ الكاتدرائيةَ مسجدًا/ والمسجدَ / كنيسةً رومانيةً./ سيقفُ «ابنُ رشد» بين المذبح والمحراب / ليقول:/ «الحقُّ لا يضادُّ الحقَّ!»/ ثم نقف أمام الله في صفٍّ طويل/ لنشهدَ/ كيف نحنُ/ جعلنا الحقَّ/ يُضادُّ الحقّ.]

والآن صديقتي الطيبة، هل يحقُّ لي أن أردَّ إليك حُلمَك بحلم؟ أحلمُ أن نلتقي المرة القادمة مع أصدقائنا المسيحيين داخل كاتدرئية المسجد بقرطبة ليصلّي كلٌّ منّا صلاته، ثم نتصافح جميعًا. ثم أحلم بأن يكون لقاؤنا التالي في مصر لنؤدي الطقس نفسه في المساجد والكنائس، قبل أن نعلن أننا جميعًا نعبد إلهًا واحدًا لهذا الكون، كلٌّ عبر تصوّره وطقسه. موعدنا القادم، إذن، بالقاهرة.

---
* قصيدة "قرطبة" من ديوان "صانع الفرح" | فاطمة ناعوت | دار "ميريت 2012


(استمع إلى قصيدة (قرطبة
(بصوت الشاعرة فاطمة ناعوت)
https://soundcloud.com/fnaootfans/cordoba



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدستور والسلفيون
- مصريةٌ رغم أنف مَن يكره!
- أطفالُ السماء
- الفارس -إبراهيم عيسى-
- البايونير عدلي منصور
- شكرًا للمصادفات!
- طفل اسمه سيف
- عام في منزلة بين منزلتين
- زيارة البابا
- الماريونيت تتمرد على صانعها
- ميري كريسماس يا مصر
- حكاية العمّ العجوز
- إخوان صهيون
- صورة السيسي وحطّة فلسطين
- اقتلْ واحرق بس بسلمية
- دولة الأوبر
- أراجوزات الإخوان
- عود الثقاب الإخوانىّ
- نحتاج عُصبة من المجانين
- لماذا أُسميها: -دولة الأوبرا-؟


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - موعدنا في كاتدرائية المسجد