أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هاجر زرّوق - وثنية الإسلام المعاصر














المزيد.....

وثنية الإسلام المعاصر


هاجر زرّوق

الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 11:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" من كان يعبد محمّدا فإن محمدا قد مات, و من كان يعبد الله فإنّ الله حيّ لا يموت".

تجسّد هذه القولة الشهيرة لأبي بكر الصدّيق كلّ ما نراه من التباس في الممارسات العقائدية المعاصرة و المنسوبة إلى الإسلام, إذ صار هذا الدّين يدعو إلى عبادة البشر من دون الله و كأنّ المجتمعات المسلمة - كجميع مجتمعات الأرض - لم تتخلّص بعد من رواسب العصور الوثنية. فجلّ التعاليم و النّواهي و المحرّمات و السلوك التي يحدّدها المسلمون لأنفسهم قيل عنها أنّها أنموذج من حياة الرسول محمّد و أتباعه, وذلك بالاعتماد على مراجع كتبها البشر بعد مئتي سنة من وفاة الرسول و التي تتعارض أحيانا و المرجع الإلاهي, أي القرآن الذي أصبح مرجعا ثانويّا.

إنّ معظم المسلمين جعلوا من السنّة مصدر إلهامهم الأوّل عوض القرآن, فيتحاملون على من يشكّ في مدى صحّتها و يحاولون "الاقتداء" بالرسول و أتباعه, وينزّهونهم عن كلّ خطئ و عيب, و كأنّ هؤلاء البشر عوضوا الإله في قداسته و كماله و شموله و أزليّته, حتى بات نقد الرسول و أتباعه أو النظر إلى تاريخهم بصفة موضوعية من الكبائر التي يجوز بمقتضاها إراقة الدماء.

لقد تجاوزت الذات المحمّدية قداسة الذات الإلاهية ليصبح الرسول الإله الذي يُعبد, فنرى عددا من المسلمين يقفون متأثرين أمام أثر "قدمه" العملاقة و المصفّحة بالذهب, وينبهرون بالأشياء المعروضة التي زعمت العقلية الجماعيّة أنّها كانت من أغراض الرسول, و يتخاصمون و يتدافعون في المطارات الدولية لرؤيتها أو للمسها حتّى يشعروا أنهم أقرب من الرسول أو لكي تعود عليهم هذه الاغراض بالبركة, و الويل لمن يتجرأ على الشكّ في تاريخها و في قداستها.

إن كان هذا السلوك يعكس عند بعضنا درجة الإيمان و التقوى, فهو يذكّر علماء الأجناس ببعض الطقوس الشعائرية الوثنية - المسماة في علم الانثروبولوجيا ب"الفيتيشيزم" - و التي تعود إلى العصور الحجرية, حيث كان الإنسان البدائي يفضي على الأصنام الصغيرة و الأشياء التي يصنعها بنفسه قوة خارقة. و الجدير بالقول أنّ هذا النوع من الطقوس الوثنية لا يزال قائما إلى اليوم في بعض المجتمعات الإفريقية مثل "الفودو" , كما نلمح تواجد ظاهرة "الفيتيشيزم" في المجتمعات المسيحية التي تؤمن بصحّة "الريليك" , تلك الأغراض التي تُنسب إلى النبيّ عيسى أو إلى أتباعه و التي تبقى تفتقر إلى البراهين الموضوعية لإثبات ذلك.

إلاّ أنّ عبادة الرسول لا تتجلّى في هاجس "الاقتداء" به أو في التبرّك به و بأغراضه فحسب, بل تتجلّى كذلك في كثرة استحضاره و المبالغة في الصلاة عليه والإفراط في استعمال التعابير التي تصف "عشق" المسلمين لرسولهم, كما يتفانون في الدّفاع عنه و تفيض مشاعرهم عندما تتعرض الشخصية المحمّدية إلى التهجّم و السخرية, فتتحوّل هذه المشاعر الدفاقة إلى أعمال عنف مدمرة و قاتلة, بينما كم من مرّة تسخر بعض الرسومات و الأفلام الغربيّة من الله و لا نسمع بأية موجة احتجاجية في الأراضي المسلمة.

إنّ هذه التصرفات - من تقديس الرسول و أتباعه و تقديمه على الله و الجهاد و الاستشهاد في سبيله - لعلّها تبيّن في الواقع أزمة كبيرة في الهويّة, إذ أصبح الرسول يشكّل "شيء" المسلمين, هذه الشخصية الرمزية و الروحانية التي موضعها المسلمون, و هذه الملكية المادية الجماعية التي يتشبثون بها اليوم تشبث المريض بطبيبه, و يصلون و يتضرّعون إليها ليلا نهارا, و يودعون فيها مجموع آلامهم و كبتهم و عُصابهم و قلقهم إزاء عجزهم عن مسايرة عالم يتقدّم.



#هاجر_زرّوق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاصولية الدينية و فشل النخبة المثقفة التونسية


المزيد.....




- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هاجر زرّوق - وثنية الإسلام المعاصر