أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - كراسي في استراحة














المزيد.....

كراسي في استراحة


فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 00:29
المحور: كتابات ساخرة
    


(الأضواء مطفاة وأبواب القاعة الكبيرة مغلقة...تعمّ فوضى خشبية داخلها ثم تهدأ، تتمطى كراسي متناثرة هناك، تتمدد على أرض الصالة، تسود حالة استرخاء بعدها تحلو فيها الأحاديث، يمدّ أحدهم أربع سيقان له، بعد أن يضحك ضحكة خشبية...هش هش هش...يفرقع عالياً بصوت خشن:)
- لنسترح الآن قليلاً من عناء هذا اليوم، خذوا نفساً خشبياً عميقاً ممدوداً، أو كما يقول البشر، تنفسوا الصعداء...أقسم بالخشب أن هؤلاء البشر متعبون ومعقدون، حتى الجلوس علينا له أتكيت خاص عندهم، تتحدد عبره شخصياتهم وسلوكهم، فالجلوس على حافتنا له معنى يختلف عن الجلوس بطريقة مائلة أو مسترخية...هيا قولوا لي، كيف هي أحوالكم مع هؤلاء البشر الليلة؟
- لم أستمتع بأمسية اليوم مطلقاً، الرجل الذي أستضفته يتحرك على الدوام متململاً، ينظر الى ساعته أكثر من مرّة متأففاً...أكاد أسمعه يردد مع نفسه: (ما الذي جاء بي الى مكان بارد كئيب كهذا، لو بقيت في داري، لكنت الآن أشرب الشاي وأتصفح الفيس بوك، أليس ذلك أفضل من سماع هراء فارغ من كذا شويعر متثاقف؟)
- ومع ذلك نراه يصفّق للشاعر ويستحسن شعره، بل يطلب ودّه ويتمنى أن يوقع له على ديوانه، منافق غير نافق، أو معقّد على مقعد...حلوة هذه، أليس كذلك؟ هش هش...
- أنا كنت أستضيف امرأة لا أظنها تجيء للإستماع والاستمتاع بالشعر والأدب، تتلفت كلما يدخل رجل الى القاعة، تفتح حقيبة معبأة بأدوات تجميل، وتنظر خلسة الى مرآة، ربما كانت تفكر،( أين هم الرجال؟ ماذا جرى لأبصارهم؟)
- هش هش هش...أضحكتنا يا خشبي المزاح...لكن هل تعلم أن للنساء مشاكلهن التي لاحصر لها؟ وآخرها، هناك جماعة من البشر يحظرون ويمنعون جلوس المرأة علينا.
- حتماً في عقول هؤلاء دود وعطب يتلف الحياة والخشب، أسمعُ أنهم لا يعترفون بنا، مصيبة لو تترسخ أقدامهم في هذه الأرض، ساعتها، نندثر ويندثر البشر معنا.
- هم سيئون كما هؤلاء الذين يحملون لقب (رجال الكراسي)، سفسطائيون مضللون، نقاشاتهم جدل سقيم وعقيم، وأقوالهم تطغي على أفعالهم، يسببون لحرمة خشبنا صداعاً ولمساميرنا مغصاً.
- ومع ذلك، لم يمرّ أي منكم بخيبتي وتجربتي ومصيبتي، لم يجلس على أحدكم مثلما جلس عليّ شخص أطلق ريحاً خنقتني، وراح بعدها يتلفت ويتململ ويتنحنح ويعتدل في جلسته كأنه لم يفعل شيئاً ( تغمر المكان ضحكات خشبية وقهقهات...هش هش هش)...حقاً كرهت نفسي وقدري في أكون كرسياً على الدوام، أنتهي في قمامة أو محرقة...كم أتمنى أن أجلس على أحدهم ولو لمرة واحدة! أو أكون مائدة مثلاً.
- لا تستهين بنفسك صديقي، ألا تعلم أن هناك آية يقولون أنها من السماء باسمنا؟ وهناك واحد من جماعتنا، يسع السموات والأرض، يجلس عليه شخص مهم يحكم هذا الكون والبشر الذين صنعونا؟
( تند صرخة دهشة من الجميع) - يا بوية !!! ( يقومون بحك ظهورهم علامة على اضطرابهم وانفعالهم)
- أنت تستذوق الأكل وتتمنى أن تتحول الى مائدة...وأنتم أصحابي، ماهي أمنياتكم؟
- أمنيتي أن أكون كرسياً معدنياُ أو جلدياً أو زجاجياً مع احترامي ومحبتي لأصلي. - أنت كرسي متواضع خجول، طموحك محدود، كما يقول البشر.
- أنا أتمنى أن أكون كرسياً حراً على بلاج مشمس، أرجلي مغروسة في رمال ناعمة باردة، تهب عليّ من حين لآخر ريح ناعمة منعشة، تجعلني أحدّق في المدى وأحلم...مللت قاعات رطبة ومظلمة.
- أمنيتي أن أكون كرسياً هزازاً، أو كرسياً متحركاً دواراً ، أحب الهزّ والحركة...وأجمل من ذلك لو أصبح كرسي أعراس وأفراح وليالي ملاح، مزيّن بدانتيلا باذخة وقماش حريري وألوان جميلة، تصاحبني الموسيقى أينما أثبت أقدامي الخشبية.
- لو يسمعك الذين يحرمّون الموسيقى من البشر، ليحطمونك بفأس يجعلك حطباً أو نشارة وتراباً.
- أما أنا، أريد أن أكون كرسياً لمشاهير من البشر، ياجماعة لهؤلاء مؤخرات لينة معطرة طرية، ربما تكون خاضعة لعمليات تنجيد وحشوات.
(تعلو صيحات إعجاب وضحكات، يصفر أحد الكراسي ويحك آخر مؤخرته بينما يغمز كرسي شبق لكرسي آخر ويبتسم)
- ألا تعلم أن أحد المشاهير من رؤساء البشر، اقترن اسمه بنا؟ يقولون عنه أنه سرق أحد منا...لكن أخبروني، لماذا لم يتمنَ أي أحد منكم أن يكون عرشاً أو كرسياً فخماً في قصر رئاسي؟
(يصخب البعض ويضجّ، يتأفف البعض الآخر، تصدر عفطة خشبية من كرسي خبيث مشاكس)
- لنحمد الشجرة، أمّنا التي في الغابات، على أن ضيوفنا يغادوروننا على الدوام، غير أني أعرف بعض من زملائي في السلطة وفي خشب مراكز قرارات بشرية مصيرية، يشكون من أناس لا يودّون مغادرتهم في كل الأوقات والأزمات، ويظلون ملتصقين بهم لسنين طويلة...
- ليكن شعارنا الخشبي والأخلاقي إذاُ، "لا تكن كرسي سلطة على الدوام ولا كرسي كهربائي للإعدام"
(تنطلق قهقهات وصرخات استحسان خشبية وضوضاء ولغط...يفتح حارس القاعة فجأة ضوء ممر مؤدي الى القاعة، يضع أذنه على بابها ويتنصت الى ضجة آتية من ورائه...تنتبه الكراسي لوجوده...تصمت...يطفئ الحارس النور ويغادر)



#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزان الدم
- شيء من ذلك
- هل تنحصر -الانسانية- في مهرجان؟
- (حمار وثلاث جمهوريات) من يروي ومن يرى؟*
- تفاحة الذاكرة
- فصل
- 1979
- جهشات الفراشات
- في الطريق
- مسرحية (ليالي عربية) بسماء ثورية
- عاتم أنوار
- سينما من اجل التغيير
- هلاوس
- المقامة الدمشقية 2-3/3
- المقامة الدمشقية
- المضطرمات في العُقد
- كل النساء جميلات
- روميو وجوليت في بغداد، مسرحية تثير الجدل
- شعارنا، لا حرامي ولا اوبامي
- آنيت هينمان...صوت يعلو على أصواتنا


المزيد.....




- دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا ...
- الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم ...
- “عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا ...
- وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
- ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
- -بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز ...
- كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل ...
- هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
- -بوشكين-.. كلمة العام 2024
- ممثلة سورية تروي قصة اعتداء عليها في مطار بيروت (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فيحاء السامرائي - كراسي في استراحة